المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تعقيبات على بعض كلام أبي ميمونة في وقفاته مع الشيخ الددو في شرحه لنخبة الفكر



أهــل الحـديث
31-10-2012, 03:40 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



تعقيبات على بعض كلام أبي ميمونة في وقفاته مع الشيخ الددو في شرحه لنخبة الفكر









بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

وبعد: فقد جمع الأخ أبو ميمونة أوهاما (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=260585) تتبع بها الشيخ محمد الحسن بن الددو، وقد وجدت في تتبعه شدة، مع توهيمه للشيخ -أحيانا- بما لا يتحصل منه وهم، فكتبت حواشي أذب فيها عن الشيخ، اعتمدت فيها الاختصار، لا أقصد ذكر ما لأبي ميمونة من أوهام، معاذ الله، بل غاية الأمر الجمع بين ما يمكن جمعه، بادئا كلامي بـ قلت، ثم أختمه بانتهى، وأرجو من الله تبارك وتعالى التوفيق والسداد، كتبه العبد الفقير، أبو عمرو، عفا الله عنه:

الوهم الرابع: ذكر أن الحافظ ابن حجر عقد مجالس للإملاء في مصر وقد وجد الناس يقرؤون الحديث في الكتب ولا يروى سماعا.
تصحيحه: سبقه إلى ذالك شيخه الحافظ أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي فقد ذكر ابن فهد المكي أنه شرع في الإملاء من سنة خمس وتسعين إلى أن مات، ولم يزل الحفاظ يعقدون مجالس للإملاء في كل عصر، ومن تتبع كتب التراجم علم صحة ذالك .
قلت: ليس في كلام الشيخ ما يوجب توهيمه مع صحته، وإنما النظر إلى حيثية الأولية انتهى.
الوهم الخامس: ذكر أن الحافظ ابن حجر من تلامذة الذهبي وكرر ذالك وأضاف إليه الحافظ المزي والهيثمي والبلقيني وابن الملقن وإبراهيم التنوخي.
تصحيحه: أما البلقيني، والتنوخي، والهيثمي، وابن الملقن، فهم من شيوخ ابن حجر، وأما أبو الحجاج المزي وأبو عبد الله الذهبي فلا يذكرهما في شيوخ ابن حجر إلا من لا علم عنده بالتاريخ؛ فإن المزي توفي في ثاني عشر صفر سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة, والذهبي في ليلة الاثنين ثالث ذي القعدة سنة ثمان وأربعين وسبعمائة.
وولد ابن حجر سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة، أي بعد موت المزي بإحدى وثلاثين سنة, وبعد موت الذهبي بخمس وعشرين سنة!!!
قلت: لعله اصطلاح يقصد به إمامتهم إياه في الحديث، فقد عُرف عنه الاعتناء بكتبهم والإعحاب بها، وم يدرك الأخذ عنهم يقينا. انتهى
الوهم السابع: ذكر أن الحاكم أبا عبد الله زاد في كتابه على كتاب الرامهرمزي وأنه حسن ترتيبه وتنسيقه.
تصحيحه: لما ذكر الحافظ ابن حجر تصنيف الحاكم وصفه بأنه "لم يهذب ولم يرتب."
قلت: لا تعارض بين القولين، فلعله عمد إلى كتاب الرامهرمزي فحسّن ترتيبه وتنسيقه، فما أكمل عمله، ولعل ابن حجر أراد أنه لم يفلح في التهذيب والترتيب انتهى

الوهم التاسع: سمى الشيخ كتاب القاضي عياض في المصطلح بالإلماع بآداب الرواية والسماع. تصحيحه: أعلم الناس بهذا الكتاب هو مؤلفه وقد سماه في شرحه لصحيح مسلم في آخر كلامه على مقدمة مسلم "الإلماع لمعرفة أصول الرواية والسماع" ويقع للشيخ مثل هذا في أسماء بعض المؤلفات الأخرى.
قلت: لا يتحصل من هذا توهيمه انتهى.
الوهم العاشر: ذكر أن ابن الصلاح جمع في كتابه بين الكفاية والجامع للخطيب البغدادي والإلماع لعياض.
تصحيحه: أن ابن الصلاح اعتنى بتصانيف الخطيب المتفرقة فجمع شتات مقاصدها وضم إليها من غيرها نخب فوائدها فاجتمع في كتابه ما تفرق في غيره كما قال الحافظ ابن حجر , فموارد ابن الصلاح في كتابه أكثر مما ذكر الشيخ .
قلت: لا يتحصل من هذا توهيم أيضا، ويحمل كلام الشيخ على الاختصار، ولم يُخل انتهى
الوهم الحادي عشر: ذكر أن لابن الصلاح شرحا على مقدمته، لكنه لم يصل إلينا.
تصحيحه: لم أقف على ذكر لهذا الشرح بعد البحث، فأخاف أن يكون وهما من الشيخ.
قلت: لا يتحصل من عدم الوقوف عليها وهم الشيخ، فمن علم حجة على من لم يعلم، وكان يمكن الاستدراك على الشيخ تسميته كتاب ابن الصلاح بالمقدمة، وهو خطأ شائع انتهى
الوهم الثاني عشر: ذكر أن طلاب ابن الصلاح شرحوا كتابه من بعده وقال : فقد شرحها زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي في شرح سماه " التقييد والإيضاح في شرح مقدمة ابن الصلاح " .
تصحيحه: توفي ابن الصلاح سنة ثلاث وأربعين وستمائة, وولد العراقي سنة خمس وعشرين وسبعمائة فلا يصح أن يكون من طلابه أبدا ، وما أظنه لقي أحدا لقيه والله أعلم.
وأما شرح العراقي على كتاب ابن الصلاح فقد سماه هو في مقدمة شرحه، ص: (12):"التقييد والإيضاح لما أطلق وأغلق من كتاب ابن الصلاح".
قلت: يفهم من كلام الشيخ أن العراقي من طلاب ابن الصلاح، ويفهم غير ذلك، فالحمل على الصواب أولى، وقوله: في شرح مقدمة ابن الصلاح، إنما عمد إلى الاختصار المعهود، والمقدمة لم تعرف بهذا الاسم إلا في فترة متأخرة انتهى
الوهم الرابع عشر: ذكر أن إطلاق السنة على المرفوع والموقوف يترتب عليه أمر عند الأصوليين وهو إذا قال الصحابي مثلا: "من السنة كذا" أو "كان من السنة كذا" هل هذا في قوة المرفوع أم لا ؟ الراجح أنه ليس في قوة المرفوع.
تصحيحه: الخلاف في قول الصحابي: "من السنة كذا" ونحوها هل له حكم الرفع أم لا, مشهور بين أهل الحديث، والذي عليه جمهور المحدثين أن له حكم الرفع، وخالف في ذالك جماعة منهم: أبو محمد ابن حزم، وأبو الحسن الكرخي, و أبو بكر الصيرفي, و أبو بكر الرازي.
قلت: ذكر الشيخ ما يترتتب عليه عند الأصوليين، والمستدرِك ذكر الخلاف عند المحدثين، فما وجه التوهيم؟! انتهى
الوهم الخامس عشر: قال ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره في الصلاة.
تصحيحه: في ثبوت لفظة "على صدره" نظر, فقد تفرد بها مؤمل بن إسماعيل وليس بالقوي إذا تفرد وله شاهد عند أحمد، لكن في سنده: قبيصة بن هلب، وهو ـ وإن وثقه العجلي وابن حبان ـ فقد قال عنه ابن المديني والنسائي: مجهول، وللحديث شاهد آخر مرسل.
قلت: لا يتحصل من هذا الكلام توهيم الشيخ، فلفظ (على صدره) تشبه أن تكون صحيحة، ولعلها حسنة، فيحمل على أن الشيخ يرى جواز إطلاق الثابت على الحسن، وهو رأي بعض المحدثين انتهى.
الوهم العشرون: قال الشيخ: إذا أخرج البخاري في الصحيح عن ابن وهب عن الليث بن سعد مثلا فهذا يسمى أثرا.
تصحيحه: البخاري إنما يروي عن ابن وهب بواسطة واحدة كأحمد بن صالح, و أحمد بن عيسى, وأصبغ بن الفرج, وسعيد بن أبي مريم, وعثمان بن صالح, وغيرهم, وقد وجدت له حديثا رواه عن شيخه محمد بن عبد الرحيم عن هارون بن معروف عن ابن وهب.
قلت: الذي يفهم من كلام الشيخ أن البخاري إذا روى من طريق ابن وهب عن الليث بن سعد، فهذا يُسمى أثرا إذا كان من كلام الليث، وهذا على ما يبدو مثال من الشيخ لا على سبيل الحصر، ولا يفهم من كلام الشيخ أن البخاري روى عن ابن وهب بدون واسطة، فلا وجه للتوهيم، ولو كان بُحث في دلالة كلام الشيخ كان أولى وأنفع والله أعلم انتهى
الوهم الحادي والعشرون: قال الشيخ: إذا روى أحمد عن ابن لهيعة عن الليث فهذا يسمى أثرا.
تصحيحه: أحمد لا يروي عن ابن لهيعة مباشرة وسنذكر البرهان على ذلك ـ إن شاء الله ـ لا حقا.
قلت: الكلام على هذا مثل سابقه، ومقصود الشيخ أن الأثر الموقوفات والمقطوعات، وليس فيه رواية أحمد عن ابن لهيعة مباشرة انتهى
الوهم الثاني والعشرون: ذكر أن ابن الصلاح ذكر أن الأثر يشمل المرفوع وغير المرفوع وأن هذا مصطلح نادر إنما يقصد به إطلاقات نادرة لدى بعض أهل الحديث يطلقون الآثار على السنن وليس هو الذي عليه اصطلاح أهل الحديث فإنهم يميزون ، يقولون : الأحاديث والآثار فالأحاديث المرفوعات والآثار الموقوفات والمقطوعات.
تصحيحه: ابن الصلاح لم يذكر هذا في كتابه، وقد قال النووي: "وعند فقهاء خراسان تسمية الموقوف بالأثر، والمرفوع بالخبر، وعند المحدثين كله يسمى أثراً." ,وقد قال العراقي في أول شرحه لألفيته: "الأثري بفتح الهمزة والثاء المثلثة نسبة إلى الأثر وهو الحديث"، و قال السخاوي: "الأثري بفتح الهمزة والمثلثة نسبة إلى الأثر وهو لغة البقية واصطلاحا الأحاديث مرفوعة كانت أو موقوفة على المعتمد ومنه شرح معاني الآثار لاشتماله عليها وإن قصره بعض الفقهاء على الموقوف" وقال السيوطي في ألفيته:
............................. ........... والحــــديث قـــيدوا
بما أضيف للنبي قــولا أو فعلا وتقريرا ونحـــــوها حكوا
وقيل لا يختص بالمرفوع بل جاء للموقوف و المقطوع
فهو على هذا مرادف الخبر وشهروا ردف الحديث والأثـر.
قلت: كلام الشيخ هنا يشرح ما أراده بذكر رواية ابن وهب وابن لهيعة عن الليث انتهى.
الوهم الثلاثون: ذكر أن حديث: "من كذب علي متعمدا" رواه مائتان من الصحابة, ورواه عن كل واحد من المائتين عدد من الناس, فتواتر بلفظه.
تصحيحه: قال النووي: وقال بعضهم رواه مائتان من الصحابة ثم لم يزل في ازدياد, وتعقبه العراقي, فقال: ولعل هذا محمول على الأحاديث الواردة في مطلق الكذب لا هذا المتن بعينه.
وقال العراقي أيضا: وقد زاد بعضهم في عدد هذا الحديث حتى جاوز المائة ولكنه ليس هذا المتن وإنما هي أحاديث في مطلق الكذب عليه, كحديث: (من حدث عني بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين), ونحو ذالك, فحذفتها لذالك, ولم أعدها في طرق الحديث.

وقد سرد العراقي أسماء الصحابة الذين رووا هذا الحديث, فبلغوا خمسة وسبعين؛ وذكر أنها يصح منها نحو عشرين.
وذكر ابن الجوزي طرقه في مقدمة كتابه الموضوعات , فجاوز التسعين، وقال العراقي: وقد جمع الحافظ أبو الحجاج يوسف بن خليل الدمشقي طرقه في جزأين, فبلغ بهم مائة واثنين, وأخبرني بعض الحفاظ أنه رأى في كلام بعض الحفاظ أنه رواه مائتان من الصحابة وأنا أستبعد وقوع ذالك , والله اعلم
وقال الحافظ ابن حجر ـ بعد ذكره لجمع من العلماء الذين جمعوا طرق هذا الحديث ـ : وتحصل من مجموع ذالك كله رواية مائة من الصحابة , على ما فصلته من صحيح وحسن وضعيف وساقط , مع أن فيها ما هو في مطلق ذم الكذب عليه , من غير تقييد بهذا الوعيد الخاص , ونقل النووي أنه جاء عن مائتين من الصحابة , وذكر زكريا الأنصاري أنه رواه فوق تسعين .
قلت: له سلف فيما ذكر، فلا وجه لتوهيمه انتهى

الوهم الثاني والثلاثون: ذكر أن حديث المسح على الخفين رواه خمسة وسبعون صحابيا.
تصحيحه: قال العراقي: رواه أكثر من ستين من الصحابة , ومنهم العشرة , ذكر ذالك أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن إسحق بن منده في كتاب له سماه "المستخرج من كتب الناس" , وقال الحافظ ابن حجر: وقد صرح جمع من الحفاظ بأن المسح على الخفين متواتر, وجمع بعضهم رواته, فجاوزوا الثمانين, ومنهم: العشرة , وقال زكريا الأنصاري: رواه جمع فوق ستين صحابيا، منهم: العشرة , بل روي من طريق الحسن البصري أنه قال: حدثني سبعون من الصحابة بالمسح على الخفين.
قلت: لا يتحصل من مجموع الأقوال توهيم الشيخ انتهى

الوهم السادس والأربعون: ذكر أثناء كلامه على إعلال حديث أنس في البسملة أن الأوزاعي قال: كتب إلي قتادة, قال الشيخ: والكتابة علة.
تصحيحه: الكتابة ليست علة, بل هي نوع من أنواع التحمل, وقد ذكر ذالك الشيخ في آخر الدورة, وإنما العلة ـ هنا ـ جهالة الكاتب, فلو علم الكاتب وعرف أنه ثقة لانتفت العلة.
قلت: ذكر أن الكتابة من أنواع التحمل دليل على أن قوله: والكتابة علة، أي: أنها علة في هذا المحل بعينه لجهالة الكاتب، وهذا وجه مقبول يمكن صرف كلام الشيخ إليه بدل توهيمه، والله أعلم انتهى.
الوهم السابع والأربعون: ذكر أن صحيح البخاري ليس فيه شيء من الشاذ , وأن الشاذ في صحيح مسلم بموضعين فقط : لفظ "فليرقه" ولفظ "الشمال" , فهذان لفظان فقط في داخل حديث , فالحديث بطوله صحيح , لكن كلمتان فيه , لفظان فقط شاذان.
تصحيحه: يوجد في صحيح البخاري مواضع أعلها بعض العلماء بالشذوذ, منها: حديث "آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع الإيمان بالله وشهادة أن لا إله إلا الله..." الحديث, والمحكوم عليه بالشذوذ هو حرف العطف الواو في "وشهادة" إذ تفرد بذكره حجاج بن منهال, وخالفه سليمان بن حرب وأبو النعمان, فأسقطا حرف العطف, نبه على ذالك البخاري في كتاب الزكاة من صحيحه.
وقال البخاري: حدثنا آدم حدثنا ابن أبي ذئب حدثنا الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنهما قالا: جاء أعرابي فقال يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله فقام خصمه فقال صدق اقض بيننا بكتاب الله فقال الأعرابي إن ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته فقالوا لي على ابنك الرجم ففديت ابني منه بمائة من الغنم ووليدة ثم سألت أهل العلم فقالوا إنما على ابنك جلد مائة وتغريب عام فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لأقضين بينكما بكتاب الله أما الوليدة والغنم فرد عليك وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام وأما أنت يا أنيس - لرجل - فاغد على امرأة هذا فارجمها)، فغدا عليها أنيس فرجمها.
فقوله "فقال الأعرابي" قال ابن حجر: هذه الزيادة شاذة
وقال البخاري: حدثنا سعد بن حفص حدثنا شيبان عن يحيى قال: أخبرني أبو سلمة قال: جاء رجل إلى ابن عباس وأبو هريرة جالس عنده فقال أفتني في امرأة ولدت بعد زوجها بأربعين ليلة؟ فقال ابن عباس: آخر الأجلين، قلت أنا: (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن), قال أبو هريرة: أنا مع ابن أخي يعني أبا سلمة فأرسل ابن عباس غلامه كريبا إلى أم سلمة يسألها فقالت: قتل زوج سبيعة الأسلمية وهي حبلى فوضعت بعد موته بأربعين ليلة فخطبت فأنكحها رسول الله صلى الله عليه و سلم وكان أبو السنابل فيمن خطبها.
قال ابن حجر: كذا هنا, وفي غير هذه الرواية أنه "مات" وهو المشهور.
وقال في موضع آخر: فالمعتمد أن الرواية التي فيها "قتل" إن كانت محفوظة ترجحت لأنها لا تنافي "مات" أو "توفي" وإن لم يكن في نفس الأمر قتل فهي رواية شاذة.
وكذالك صحيح مسلم, ففيه مواضع أعلت بالشذوذ, كقوله: حدثني سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأُمَوِىُّ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِى الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ زَعَمَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (يأتي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يُبْعَثُ مِنْهُمُ الْبَعْثُ فَيَقُولُونَ انْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ فِيكُمْ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَيُوجَدُ الرَّجُلُ فَيُفْتَحُ لَهُمْ بِهِ ثُمَّ يُبْعَثُ الْبَعْثُ الثاني فَيَقُولُونَ هَلْ فِيهِمْ مَنْ رَأَى أَصْحَابَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَيُفْتَحُ لَهُمْ بِهِ ثُمَّ يُبْعَثُ الْبَعْثُ الثَّالِثُ فَيُقَالُ انْظُرُوا هَلْ تَرَوْنَ فِيهِمْ مَنْ رَأَى مَنْ رَأَى أَصْحَابَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ يَكُونُ الْبَعْثُ الرَّابِعُ فَيُقَالُ انْظُرُوا هَلْ تَرَوْنَ فِيهِمْ أَحَدًا رَأَى مَنْ رَأَى أَحَدًا رَأَى أَصْحَابَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَيُوجَدُ الرَّجُلُ فَيُفْتَحُ لَهُمْ بِهِ).
والمحكوم عليه بالشذوذ قوله: "ثُمَّ يَكُونُ الْبَعْثُ الرَّابِعُ..."إلخ, قال ابن حجر: وهذه الرواية شاذة, وأكثر الروايات مقتصر على الثلاثة.
وقال مسلم ـ أيضا ـ : حدثني يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ جَمِيعًا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِى سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا الْحَدِيثِ نَحْوَ حَدِيثِ مَالِكٍ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ". أَوْ "دَخَلَ الْجَنَّةَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ".
قوله : "وأبيه", هذه اللفظة معلولة, قال أبو عمر ابن عبد البر: هذه لفظة غير محفوظة في هذا الحديث من حديث من يحتج به وقد روى هذا الحديث مالك وغيره عن أبي سهيل لم يقولوا ذلك فيه وقد روي عن إسماعيل بن جعفر هذا الحديث وفيه أفلح والله إن صدق أو دخل الجنة والله إن صدق , وهذا أولى من رواية من روى "وأبيه" , لأنها لفظة منكرة تردها الآثار الصحاح , وبالله التوفيق.

وقال أبو عمر في موضع آخر: وهذه لفظة إن صحت فهي منسوخة لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحلف بالآباء وبغير الله
وقال مسلم: وحدثني يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِىُّ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتَوَائِىِّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرِّ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَصْحَابِهِ فَأَطَالَ الْقِيَامَ حَتَّى جَعَلُوا يَخِرُّونَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَالَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَالَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ قَامَ فَصَنَعَ نَحْوًا مِنْ ذَاكَ فَكَانَتْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ ثُمَّ قَالَ « إِنَّهُ عُرِضَ عَلَىَّ كُلُّ شَىْءٍ تُولَجُونَهُ فَعُرِضَتْ عَلَىَّ الْجَنَّةُ حَتَّى لَوْ تَنَاوَلْتُ مِنْهَا قِطْفًا أَخَذْتُهُ - أَوْ قَالَ تَنَاوَلْتُ مِنْهَا قِطْفًا - فَقَصُرَتْ يدي عَنْهُ وَعُرِضَتْ عَلَىَّ النَّارُ فَرَأَيْتُ فِيهَا امْرَأَةً مِنْ بني إِسْرَائِيلَ تُعَذَّبُ فِى هِرَّةٍ لَهَا رَبَطَتْهَا فَلَمْ تُطْعِمْهَا وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ وَرَأَيْتُ أَبَا ثُمَامَةَ عَمْرَو بْنَ مَالِكٍ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِى النَّارِ. وَإِنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لاَ يَخْسِفَانِ إِلاَّ لِمَوْتِ عَظِيمٍ وَإِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يُرِيكُمُوهُمَا فَإِذَا خَسَفَا فَصَلُّوا حَتَّى تنجلي ».
قال النووي: قوله في رواية أبي الزبير عن جابر "ثم ركع فأطال ثم رفع فأطال ثم سجد سجدتين" هذا ظاهره أنه طول الاعتدال الذي يلي السجود ولا ذكر له في باقي الروايات ولا في رواية جابر من جهة غير أبي الزبير وقد نقل القاضي إجماع العلماء أنه لا يطول الاعتدال الذي يلي السجود وحينئذ يجاب عن هذه الرواية بجوابين:
أحدهما: أنها شاذة مخالفة لرواية الأكثرين فلا يعمل بها.
والثاني: أن المراد بالإطالة تنفيس الاعتدال ومده قليلا وليس المراد إطالته نحو الركوع.
فبان بهذا بطلان قول الشيخ: إن صحيح البخاري ليس فيه شيء من الشاذ، وقوله: إن الشاذ في صحيح مسلم بموضعين فقط : لفظ "فليرقه" ولفظ "الشمال"، وليس معنى هذا إسقاط الثقة بما في الصحيحين حاشا وكلا، فما يقصد إلى ذالك إلا كائد للإسلام وأهله.
وقول الشيخ: "فهذان لفظان فقط في داخل حديث، فالحديث بطوله صحيح، لكن كلمتان فيه، لفظان فقط شاذان". وهم فاحش، فليست الكلمتان من حديث واحد.
قلت: إنما اجتهد المتعقب هنا في توهيم البخاري وحشد النقول دفاعا عن رأيه، ولا يوجب كل هذا توهيم الشيخ بنفيه أن في صحيح البخاري أي لفظ شاذ، وما عمد إليه الشيخ أصوب إن شاء الله انتهى.



يتواصل إن شاء الله