المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أبيات الشافعي وقصة الملك وخادمه فيروز



أهــل الحـديث
29-10-2012, 11:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



سـأتـرك حـبـكـم من غير بغض



وذاك لـكـثـرة الـشـركـاء فـيــه



وإذا سقـط الـذبـاب عـلى طعـام



رفـعـت يـدي ونـفسـي تشتهيـه



وتـجـتـنـب الأسـود ورد مــاء



إذا كـان الـكـلاب ولـغـت فيـه



إذا شرب الأسد من خلف كلب



فذاك الأســد لا خـيــرفــيـــه



ويـرتـجـع الكريم خميص بطـن



ولا يـرضـى مساهمـه السفـيـــه






يحكى أن بعض الملوك التفت وهو في أعلى قصرهفرأى امرأة على سطح دار وكانت جميلة جدًا , فقالالملكلبعض جواريه : لمن هذه المرأة .
فقالوا للملك : هذه زوجة غلامك فيروز .
فنزلالملكوقد شغفه حبها فاستدعى غلامه وقال له : يا فيروز .
قال : لبيك يا مولاي .
قال : خذ هذا الكتاب وامضٍ به إلى البلد الفلانية وأتني بالجواب .
فأخذ الغلامالكتاب وتوجه إلى منزله , فوضع الكتاب تحت رأسه , وجهز نفسه للسفر , فلما أصبح ودعأهله وسار طالبًا حاجةالملكولميعلم بما دبره الملك .
أماالملكفإنه توجه إلى دار غلامه فقرع الباب قرعًا خفيفًا .
فقالت امرأة الغلام : من بالباب ؟
قال : أناالملكسيدزوجك .
ففتحت له فدخل , فقالت له : أرى مولانا عندنا اليوم .
قال : جئت زائرًا .
فقالت : أعوذ بالله من هذه الزيارة وما أظن فيها خيرًا .
فقال لها : ويحك إننيأناالملكوسيد زوجك وما أظنك عرفتيني ؟
فقالت : بل عرفتك يا مولاي ولكن سبقك الأوائلفي قولهم : سأترك ماءكم من غير ورد , وذلك لكثرةالوارد فيه ,إذا سقط الذباب على طعام , رفعت يدي ونفسيتشتهيه , وتجنبت الأسود ورود ماء , إذا كان الكلاب ولغن فيه .
ثم قالت : أيهاالملكتأتي إلى موضع شرب كلبك تشرب منه .
فاستحىالملكمنكلامها وخرج وتركها ونسى نعله في الدار .
أما الغلام فإنه لما خرج لحاجة سيدهوسار تفقد الكتاب فلم يجده معه , فتذكر أنه نسيه تحت فراشه , فرجع إلى داره فوافقوصوله عقب خروجالملكمنداره , فوجد نعلالملكفيالدار فطاش عقله , وعلم أنالملكلميرسله في هذا السفر إلا لأمر يفعله , فسكت ولم يبد كلاما وأخذ الكتاب وسار إلىحاجةالملكفقضاها , ثم عاد إليه فأنعمالملكعليه بمائة دينار , فمضى إلى السوق واشترى ما يليق بالنساء , وهيأ هديـة حسنـة , وأتـى إلى زوجتـه فسلـم عليهـا وقال لهـا : قومي إلى زيارة بيت أبيك .
قالت : لماذا ؟
قال : إنالملكأنعم علي وأريد أن تظهري لأهلك ذلك .
فقامت وتوجهت إلى بيت أبيها ففرحوابها وبما جاءت به معها , فأقامت عند أهلها شهرًا , فلم يسأل عنها زوجها ولميذكرها , فأتى إليه أخوها , وقال : إما أن تخبرنا بسبب غضبك وإما أن تحاكمنا إلىالملك .
فقال فيروز : إن شئتم الحكم فافعلوا فما تركت لها علي حقًا , فطلبوه إلىالحكم .
فأتى معهـم إلى القاضي وهو إذ ذاك جالس إلى جوارالملكفقال أخو الزوجة : مولانا قاضي القضاة إني أجرت هذا الغلام بستانا سالمالحيطان , ببئر ماء معين عامرة , وأشجار مثمرة , فأكل ثمره وهدم حيطانه , وأخرب بئره , فالتفت القاضي إلى الغلام وقال له : ما تقول يا فيروز .
فقال : أيها القاضي قدتسلمت البستان وسلمته إليه أحسن ما كان .
فقال القاضي : هل سلم إليك البستانكما كان .
قال : نعم ولكن أريد معرفة السبب لرده .
قال القاضي : ما تقول يافيروز .
فقال : والله يا مولاي ما رددت البستان كراهة فيه , وإنما جئت يوما منالأيام فوجدت فيه أثر الأسد (يعني نعل الملك) , فخفت أن يغتالني الأسد , فحرمتدخول البستان إكرامًا للأسد , وكانالملكمتكئًا فاستوى جالسًا وقال يا غلام : ارجع إلى بستانك آمنًا مطمئنًا , فوالله إن الأسد دخـل البستان ولم يؤثر فيه أثرًا , ولا التمس منه ورقًا ولاثمرًا , ولا شيئًا , ولم يلبث فيه غير لحظة يسيرة وخرج من غير بأس , ووالله ما رأىالأسد مثل بستانك ولا أشد احترازًا من حيطانه على شجره , فرجع الغلام إلى داره ورد إليه زوجته , ولم يعلم القاضي بشيء مما حدث.