المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الله أشدّ فرحاً أم عبده ؟



أهــل الحـديث
29-10-2012, 10:00 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




الله أشدّ فرحاً أم عبده...



كتبتها أم عبد الرحمن بنت خليل




مضت عشرُ ذي الحجةِ حاملةً معها الخير، والعمل الصالح ... فهنيئاً لمن توّجهها بتوبةٍ صادقةٍ ، وعزمٍ شديد، وندمٍ أكيد ،أن لا يعودَ لما اقترفته نفسه الضعيفة من سوءٍ ومعصيةِ المنّان.



هنيئاً لمن انتصر على شهوةٍ طالما هوت به الى حيث القلق ،والخوف والضياع...هنيئاً لمن ظفر بسمو الرّوح الى العالم العلويّ وتزكيتها...



اليك أقولُ : اثبت أخي فالبحر لن يتوقفَ عن هيجانه، والأمواج لن تهدأ عن تلاطمها وتكسرها على صخور الشاطئ، والتّيارات الشديدة لن تفتأ تجرف الى الأعماق ما وجد في الآفاق ، فانتبه أخي وتذكر هذه الكلمات...ولاتضيّع ما تعبتَ به من الصالحات في أيام الخيرات...



يقول ابن القيّم رحمه الله تعالى في كتابه "طريق الهجرتين وباب السعادتين"

في فصل مقام التوبة :"...أن كلّ تائبٍ لابدَّ له في أول توبته من عصرةٍ وضغطةٍ في قلبه من همٍ أو غمٍ أو ضيقٍ أو حزنٍ ، ولو لم يكن إلا تألمه بفراق محبوبه فينضغط لذلك وينعصر قلبه ، ويضيق صدره ، فأكثر الخلق رجعوا من التوبة ونكسوا على رؤوسهم لأجل هذه المحبة. والعارف الموفق يعلمُ أنّ الفرحة والسرور واللذة الحاصلة عقيب التوبة تكون على قدر هذه العصرة، فكلما كانت أقوى وأشدّ كانت الفرحة واللّذة أكمل وأتمّ....".



فاستعن بالله وعليه توكّل فالألم سيعقبه راحة ، والحزن سيندثر مع ولادة الفرحة، ودموع الفراق والوجع ستتحول دموع فرح ولقاء ورضا وشكر...اثبت قليلاً لتعيشَ سعيداً في الدارين واعلم أنّ الحياة دار ابتلاء..عندها ستجد:



أنّ صلاتك صارت خاشعة ومانعة لك عن الفحشاء والمنكرات...

أنّ أذكارك تنساب من قلبك قبل شفتاك....

أنّ عملك مبارك فيه من ربّ الأرض والسموات...

أنّ ما في الدنيا مسخر لك يامن رضي عنه ربّ الكائنات..

أنّ عائلتك ستسقيم وجو من المحبة والسؤدد سيلف الأفراد...

أنّ القبول والمحبة ستكتب لك في الأرض لأنّ ربّك وعد بهذه المبشرات...

أنّ أكف والديك سترفع داعيةً راجيةً مترضيةً عنك ولن ترجع تلك الأكف الطاهرات خائبات...

أن كلّ من حولك(وكأنّه على علم بتوبتك) فرحٌ بلقاك وسعيدٌ بنجاتك من المهلكات...



ستحسّ وقتها أنّك ولدت من جديد فتتساوى والعائد من الحجّ المبرور كيوم ولدته أمّه...قال النبي صلّى الله عليه وسلّم :"من حجّ هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه"رواه البخاري ومسلم.



لاذنوب ولا خطايا بل فطرة سليمة وربٌّ غفور، وبل عطايا وهدايا من الكريم الجواد القائل في محكم التنزيل:{ إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدّل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً}سورة الفرقان 70

{إنّ الذين قالوا ربّنا الله ثم استقاموا تتنزّل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولاتحزنوا وأبشروا بالجنّة التي كنتم توعدون* نحن أولياؤكم في الحياة الدّنيا وفي الآخرة ولكم ما تشتهي أنفسكم ولكم ما تدعون} سورة فصلت 30-31.



هذه الفرحة واللّذة أخي التي ستغمرك ان صبرت على مرارة التّوبة ما هي الا دليل على قبول التّوبة ممّن أكرمك وتاب عليك لتتوبَ. والجزاء من جنس العمل ، قال شيخنا ابن عثيمين " يفرح الله بتوبة عبده إذا تاب اليه، وأنّه يحبّ ذلك سبحانه وتعالى محبة عظيمة ، ولكن لا لأجل حاجته إلى أعمالنا وتوبتنا ، فالله غنيٌّ عنّا ، ولكن لمحبته سبحانه للكرم فإنّه سبحانه وتعالى يحبّ أن يعفوَ ويغفرَ ، أحبّ اليه من أن ينتقم ويؤاخذ. ولهذا يفرح بتوبة الإنسان"... وتأمّل معي حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم...

عن أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري _خادم النبي صلى الله عليه وسلم- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:"لله أشدّ فرحاً بتوبة عبده حين يتوب اليه، من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلّها ، وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ، ثمّ قال من شدة الفرح : اللهم أنت عبدي وأنا ربّك، أخطأ من شدّة الفرح".



سبحان الله...يفرح الله بتوبة عبده إذا عاد وأناب...ألا يفرح العبد بالحياة بعدما اعتقد أنه مات !؟...فحريّ بك أن تفرح أخي لفرح ربّك واترك جانباً حُزنَ من سيحزن لفرحك...فسيعوضك الله...



وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول:" من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة النّاس، ومن التمس رضا النّاس بسخط الله وكله الله إلى النّاس".أخرجه الترمذي ، كتاب الزهد، باب منه رقم(2414)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة رقم(2311).