تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الحج وحدة إسلامية عظمى



معلم
28-10-2012, 08:30 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحج وحدة إسلامية عظمى

يمثل الحج أعظم وحدة إسلامية يشهدها العام والعالم أجمع , ففي بقعة صغيرة من الأرض يجتمع ملايين المسلمين على صعيد واحد وفي وقت واحد وبلباس واحد وذكر واحد وقصد واحد وتوجه واحد يدعون إلها واحدا وهذا يمثل أعظم وحدة إسلامية على الإطلاق دون تنسيقات وبرتوكولات دولية أو سياسية , وحدة جمعها الدين واجتماع عظيم حدده ركن عظيم من أركان الإسلام , إنه الحج هذا الركن العظيم الذي يجتمع فيه ملايين المسلمين في كل عام ليؤكد لهم أن بالإمكان أن يتوحد المسلمون وأن تجتمع كلمتهم وتتألف قلوبهم , فلا محال إذا آل الحال إلى الرجوع لله بقلوب خالصة متوكلة راغبة وراهبة والتمسك بكتابه وسنة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - .

ها هو الركن الخامس من أركان الإسلام يثبت للعالم أجمع وللمسلمين قبل غيرهم أنه بإمكان المسلمين أن تتوحد صفوفهم وتجتمع كلمتهم وتقوى شوكتهم ويعلو شأنهم كما كان سابق عهدهم , وأنهم ليسوا بحاجة في ذلك لمعاهدات دولية واتفاقيات سياسية ومؤتمرات دورية لمناقشة عوائق الوحدة الإسلامية والتي تأتي بعوائق أشد من سابقاتها وأكثر تشعبا وأنكل خلافا وأشرس عداء , فمتى ما غلبت النواحي السياسية على النواحي الدينية زادت الفرقة واتسع الخلاف وتمزق الشتات .

إن النظر إلى منظور وحدة المسلمين في إطار الدين الإسلامي الحنيف يحقق سلاسة التآلف وجمع شتات المسلمين , حيث أن أركان الإسلام تدعو جميعها للوحدة واجتماع الكلمة وتوطيد علاقة التآخي والمحبة والتآلف والتكاتف والتعاون بين المسلمين , فشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله هي شهادة التوحيد التي لا يكون المرء مسلما إلا بلفظها والعمل بمقتضاها وبذلك يتوحد جميع المسلمين باللفظ والعمل , وفي الصلاة يجتمع المسلمون في اليوم والليلة خمس مرات في صف واحد وقبلة واحدة وحركات واحدة من قيام وركوع وسجود وليس بينهم خلاف ولا تفرقة كأنهم بنيان مرصوص , والزكاة وما فيها من تآلف وتكاتف وتآخي وتكافل اجتماعي عظيم يجسد أسمى العلاقات الإنسانية والأخوية الصادقة بين المسلمين , وصيام رمضان الذي يجمع المسلمون فيه على الإمساك عن الملذات والطيبات من مأكل ومشرب وغير ذلك في شهر واحد طاعة لله وتعبدا له وامتثال لأمره في شهر رمضان دون سواه من الشهور , وأما الحج فهو وحدة المكان والزمان والهيئة والقصد والدعاء في أعظم اجتماع على الصعيد العالمي , وبهذا نجد أن أركان الإسلام الخمسة تدعو إلى وحدة المسلمين واجتماع كلمتهم .

إن من يؤدي فريضة الحج أو يشاهد الحجاج عبر وسائل الإعلام ليعجب كيف تنصهر الفوارق الجنسية وتذوب الحدود المكانية في تمازج هو الأندر عبر الزمان والمكان , إنه تمازج وامتزاج حجاج بيت الله بمختلف أجناسهم وألوانهم ولهجاتهم وبيئاتهم حين أداءهم مناسك الحج في طوافهم وسعيهم ووقوفهم وتنقلاتهم ودوي دعائهم وانهمار مدامعهم , فما الذي جمعهم في هذا المكان وهذا الزمان دون مواعيد بينهم , إنها وحدة الدين التي تغلب على أي شعارات قومية وسياسية أخرى والتي لم نجني من ورائها إلا الشتات والذل والهوان والهزيمة والعار .

إن الحج يبين حقيقة أصل وحدة المسلمين وجمع كلمتهم والذي لن يتحقق إلا به إنها وحدة الدين وحدة العقيدة والعودة إلى التمسك بكتاب الله وسنة نبيه محمد – صلى الله عليه وسلم - , فلن تكون لنا قوة ولن تكون لنا عزة ولن تكون لنا منعة ولن تكون لنا سيادة إلا إذا سرنا وفق مبتغى ديننا الحنيف وإقامة أركانه والتحلي بأخلاقه وامتثال أوامره واجتناب نواهيه والقناعة بأنه الحق الذي رضيه الله لنا وأعزنا به , فمتى ما نظرنا إلى معيار الأمور من منظور الدين الإسلامي الحنيف سنحقق الوحدة العظمى وتجتمع كلمتنا وتقوى شوكتنا ونقهر ضعفنا ونبني صفنا وننتصر على أعدائنا , { ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون }.

لقد صور لنا حجاج بيت الله الحرام أجمل صورة للوحدة الإسلامية وأكد لنا الحج أنه بالإمكان أن تكون هناك وحدة إسلامية حقيقية صادقة ثابتة إذا ما نهجنا منهج الإسلام وتمسكنا بتعاليمه وسرنا على صراطه المستقيم بهدى وبصيرة , فالأمر يتضح بجلاء ولا يخفى إلا على من عميت بصيرته واعتصم لهوى نفسه وقلب الأمور ليدحض به الحق , والله غالب على أمره وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .



بقلم / ياسر حكمي