المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماذا يجب على المضحي في يوم العيد؟



أهــل الحـديث
24-10-2012, 06:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




أيها الأحبة هذه مقالة بعنوان ماذا يجب على المضحي في يوم العيد لشيخنا أبي عبد الله حمزة النائلي حفظه الله نشرها فضيلته في جريدة الشرق القطرية بتاريخ اليوم




بسم الله الرحمن الرحيم



ماذا يجب على المضحي في يوم العيد؟

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين ، نبينا محمد و على آله، و صحبه أجمعين .
أما بعد :
لقد أبدل الله الأمة الإسلامية بيومي اللعب و اللهو الذي كان في الجاهلية بيومي المغفرة و الذكر ، وهما عيد الفطر وعيد الأضحى، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه-قال : قدم علينا النبي صلى الله عليه وسلمولأهل المدينة يومان يلعبون فيهما في الجاهلية،فقال:"قدمت عليكم ولكم يومان تلعبون فيهما في الجاهلية وقد أبدلكم الله بهما خيرا منهما يوم النحر و يوم الفطر ".رواه أبو داود (1134) وصححه العلامة الألباني –رحمه الله- .
إن يوم عيد الأضحى أيها الأحبة يوم عظيم يشترك فيه كل المسلمين ، فهو يوم الحج الأكبر بالنسبة لحجاج بيت الله حيث يؤدون فيه معظم المناسك من رمي الجمار وذبح الهدي و الطواف وحلق شعر الرأس،وغيرهم من المسلمين يكثرون فيه من ذكر الله وتكبيره و التقرب إلى الله سبحانه بضحاياهم، مقتدين بذلك بسنة خير المرسلين عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم فعن أنس -رضي الله عنه- قال :"ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين – فيه بياض وسواد- أقرنين ذبحهما بيده وسمى ". رواه البخاري (5420) و اللفظ له، ومسلم (1966)
فمن أفضل الأعمال التي يقوم بها غير الحاج في هذا اليوم المبارك الأضحية وهي سنة مؤكدة خاصة في حق ذوي اليسار،
قال تعالى (فصل لربك وانحر) [ الكوتر:2]
قال الشيخ السعدي –رحمه الله- :خص هاتين العبادتين بالذكر لأنهما أفضل العبادات وأجل القربات ،ولأن الصلاة تتضمن الخضوع في القلب والجوارح لله وتنقله في أنواع العبودية، وفي النحر تقرب إلى الله بأفضل ما عند العبد من الأضاحي وإخراج للمال الذي جبلت النفوس على محبته ، والشح به".تفسير السعدي ( ص 936)
فعلى من يسر الله له هذه العام شراء الأضحية أن يحمد الله ويشكره على توفيقه، وأن يجعل عمله خالصا لوجه الله سبحانه ويستحضر متابعة سنة النبي صلى الله عليه وسلم عند ذبحها ،و عليه أن يفقه بعض المسائل المتعلقة بالأضحية، منها :
1-لابد أن تكون أضحيته من بهيمة الأنعام وهي الإبل و البقر و الغنم (الضأن و المعز ) لقوله تعالى ( ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ) [ الحج :34]
والأفضل الإبل ثم البقر فالغنم ولا تجزئ من غير هذه الأنواع الثلاث ، قال الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- :" فلو ضحى الإنسان بحيوان آخر أغلى منها لم يجزه، لو ضحى بفرس تساوي عشرة آلاف ريال عن شاة تساوي ثلاثمائة ريال لم يجزه". الشرح الممتع ( 7/424)
وتجزئ الإبل والبقر عن سبعة،فعن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال:"كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فحضر الأضحى فاشتركنا في البقرة سبعة وفي البعير عشرة".رواه الترمذي(1501)وصححه الشيخ الألباني-رحمه الله-
2-ويجب أن تبلغ الأضحية السن المعتبر شرعا فيجزئ من الإبل ما بلغ خمس سنين و من البقر ما بلغ السنتين و من المعز ما بلغ السنة ، لقوله صلى الله عليه وسلم :" لا تذبحوا إلا مسنة –أي ثنية-، إلا أن يَعسر عليكم فتذبحوا جَذعةً -ما تم له ستة أشهر - من الضأن " . رواه مسلم ( 1963) من حديث جابر –رضي الله عنه- .
قال الإمام النووي –رحمه الله- : "قال العلماء المسنة هي الثنية من كل شيء من الإبل والبقر والغنم فما فوقها ".الشرح على صحيح مسلم ( 13/ 117)
فالإبل أيها الكرام لا تَثني إلا إذا تم لها خمس سنين و البقر كذلك لا تَثني إلا إذا تم لها سنتان و المعز لا تثني إلا إذا تم لها سنة كاملة وكذلك الضأن إلا أنه أبيح منها ما تم لها ستة أشهر .
قال الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- : "واشتراط أن تكون من بهيمة الأنعام، وأن تبلغ السن المعتبر شرعاً يدلنا على أنه ليس المقصود من الأضحية مجرد اللحم، و إلا لأجزأت بالصغير والكبير". الشرح الممتع ( 7/425)
3-أن تكون الأضحية سليمة من العيوب والآفات لحديث البراء بن عازب–رضي الله عنه- قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ في الْأَضَاحِيِّ الْعَوْرَاءُ بَيِّنٌ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ بَيِّنٌ مَرَضُهَا،وَالْعَرْجَاءُ بَيِّنٌ ظَلْعُهَا-لا تطيق المشي مع الصحيحة-وَالْكَسِيرُة التي لَا تُنقي-أي ليس فيها مخ-".رواه أبو داود(2808)وصححه الشيخ الألباني –رحمه الله-
4-وأن يكون الذبح في الوقت المحدد للتضحية شرعا وهو من بعد الفراغ من صلاة العيد و الأفضل حتى ينتهي الإمام من الخطبتين إلى آخر أيام التشريق فبالتالي أيام الذبح أربعة وهو قول الشافعية كما في المجموع ( 8/308) وهو رواية عن الإمام أحمد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية كما في الإنصاف للمرداوي ( 4/89) و هو الذي مال إليه الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله – حيث قال:"أنها كلها – أي أيام التشريق- يشرع فيها التكبير المطلق والمقيد، أو المقيد على قول بعض العلماء، ولم يفرق أحد من العلماء فيما نعلم بين هذه الأيام الثلاثة في التكبير، فهي مشتركة في جميع الأحكام، وإذا كان كذلك فلا يمكن أن نُخْرِجَ عن هذا الاشتراك وقت الذبح، بل نقول: إن وقت الذبح يستمر من بعد صلاة العيد يوم النحر إلى آخر أيام التشريق ". الشرح الممتع ( 7/425)
5-وعليه أن يسمي حين يحرك يده بالذبح ويقول : بسم الله و الله أكبر اللهم منك – أي عطاءً ورزقا- و لك – أي تعبدا وإخلاصا- كما جاء من حديث جابر –رضي الله عنه- عند الإمام أحمد ( 3/375) و صححه الشيخ الألباني في الإرواء (4/350)
6-أن لا يأكل شيئا يوم العيد حتى يرجع من الصلاة و يأكل من أضحيته، فعن بريدة بن الحصيب رضي الله عنهقال : "كان النبي صلى الله عليه وسلملا يخرج يوم الفطر حتى يَطعم ، ويوم النحر لا يأكل حتى يرجع فيأكل من نُسيكته" رواه الترمذي ( 542) وحسنه العلامة الألباني -رحمه الله-
7- وأن ينحر الإبل قائمة مقيدة يدها اليسرى إذا استطاع فإن ذلك سنة، فعن عبد الله بن عمر –رضي الله عنهما - : " أنه أتى على رجل قد أناخ-أبركها- بدنته ينحرها، فقال: ابعثها قياما مقيدة سنة محمد صلى الله عليه وسلم".رواه البخاري (1627) واللفظ له، ومسلم (1320 )
قال الحافظ ابن حجر –رحمه الله- :" وفي هذا الحديث استحباب نحر الإبل على الصفة المذكورة ".فتح الباري( 3/553)
أما البقر و الغنم فذبحهما على جنبهما الأيسر متوجها بهما إلى القبلة، و يستحب أن يباشر هو الذبح بنفسه .
8-وعليه أن يحسن لأضحيته بتحديد سكينه وإراحتها عند الذبح فعن شداد بن أوس –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إنَّ الله كَتَبَ الإحسَان على كل شيء، فإذا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وإذا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أحدكم شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ ". رواه مسلم ( 1955)
قال الإمام النووي –رحمه الله-:" وليرح ذبيحته بإحداد السكين وتعجيل إمرارها وغير ذلك، ويستحب أن لا يحد السكين بحضرة الذبيحة، وأن لا يذبح واحدة بحضرة أخرى، ولا يجرها إلى مذبحها، وقوله صلى الله عليه وسلم (فأحسنوا القتلة) عام في كل قتيل من الذبائح والقتل قصاصا وفى حد ونحو ذلك وهذا الحديث من الأحاديث الجامعة لقواعد الإسلام والله أعلم الشرح على صحيح مسلم (13/ 107)
9-و عليه كذلك أن يأكل من أضحيته لأن ذلك سنة، لقوله تعالى ( فكلوا منها و أطعموا البائس الفقير ) [ الحج :28] ويتصدق منها بما شاء منها ، قال ابن قدامة –رحمه الله- : والأمر في ذلك واسع فلو تصدق بها كلها بأكثرها جاز و إن أكلها كلها إلا أُوقية تصدق بها جاز ". المغني ( 9/449)
قال الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- : "وأطعموا منها، ومن للتبعيض، وأدنى جزء من الأضحية يصدق عليه أنه بعض.
وقال بعض العلماء: إن تصدق بها إلا أقل ما يقع عليه اسم اللحمفإنه لا حرج عليه" . الشرح الممتع ( 7/485)
أيها الأفاضل إن مما يجدر التنبيه عليه في هذا المقام أن إخراج قيمة الأضحية أو إرسالها إلى بلد آخر فعل مخالف للسنة لأن في ذلك فوات لمصالح كثيرة متعلقة بالأضحية كإظهارها في البيوت،و شعور الإنسان بالتعبد إلى الله تعالى عند الذبح، و أيضا مباشرة المضحي الذبح بنفسه تأسِّيًا برسول الله صلى الله عليه وسلم ،و المضحي كما تقدم مأمور بالأكل من أضحيته و أقل أحوال الأمر الاستحباب، قال تعالى ( فكلوا منها و أطعموا البائس الفقير ) [ الحج :28] ، فإذا أرسلها فلن يمتثل لهذا الأمر،وكذلك سيبقى المضحي معلّقًا متى يقص شاربه ويقلم أظفاره، لأنه لا يدري أَذُبحت أضحيته أم لا ؟ وهل ذُبحت يوم العيد أو في الأيام التي تليه ؟ وأيضا لا يستطيع المضحي التأكد من الأضحية التي اشتريت في البلد الذي أرسلت إليه هل توفرت فيها الشروط المجزئة أو لا ؟، فلهذا علينا أن نحرص على أن نظهر هذه الشعيرة في بيوتنا ونربي أبنائنا على حبها، أما الصدقة و لله الحمد فبابها مفتوح، فمن أراد أن يتصدق فليرسل لإخوانه المسلمين الفقراء مالا غير قيمة الأضحية.
وبعدم جواز إرسال قيمة الأضحية أفتت به اللجنة الدائمة(10/463) والشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- كما في مجموع الفتاوى ( 25/62)
أيها الأفاضل إنه مما يجب علينا في هذا اليوم كذلك بعد معرفة ما يجب علينا و ما يستحب، أن نبتعد عن سائر المعاصي والمحدثات في هذا اليوم ،كلطخ الجباه بدم الأضحية ، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (11/433 ) :" لا نعلم للطخ الجباه بدم الأضحية أصلا، لا من الكتاب ولا من السنة، ولا نعلم أن أحدا من الصحابة فعله، فهو بدعة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" .
وكذلك ما يفعله بعض الجهلة من الناس من التوضأ لأجل الأضحية ،جاء في فتاوى اللجنة الدائمة ( 11/433) : " فمن توضأ من أجل ذبح أضحيته فهو جاهل مبتدع".
ومن البدع المشهورة في هذا اليوم كذلك تخصيص بعض الناس القبور بالزيارة،وقد سئل الشيخ ابن باز -رحمه الله- فقال له السائل : أهل مسجدنا يخرجون جميعا بعد كل صلاة عيد إلى زيارة القبور جماعة، ما الحكم في هذا ؟
فأجاب-رحمه الله-:ليس لهذا أصل،الخروج إلى القبور بعد صلاة العيد عادة لبعض الناس،فإذا زاروا القبور يوم العيد أو يوم الجمعة أو في أي يوم ،ما فيه يوم مخصوص لا بأس،أما تخصيص يوم العيد،أو تخصيص يوم الجمعة،أو تخصيص يوم آخر فلا، ليس له أصل،ولكن السنة أن يزوروا القبور بين وقت وآخر على حسب التيسير إذا كان وقتهم يسمح،في يوم الجمعة،في يوم العيد،في أوقات أخرى يفعلون،أما أن يظنوا أن لهذا اليوم خصوصية فلا".فتاوى نور على الدرب( 13/374)
أيها الأحبة قد شاء الله جل جلاله في هذه السنة أن يجتمع للمسلمين عيدان يوم الجمعة وعيد الفطر فماذا علينا ؟
فقد تتساءلون زادكم الله حرصا هل تصلون الجمعة بعد أن صليتم العيد أم تكتفون بصلاة العيد ؟ و من لم يصل الجمعة هل تسقط عنه الظهر أو يصليها ؟فقد وجه هذا السؤال لعلماء اللجنة الدائمة بالسعودية برئاسة الشيخ ابن باز –رحمه الله- فقيل لهم : إذا وافق يوم العيد يوم الجمعة فماذا تكون صلاة الجمعة وماذا نصليها؟ فأجابوا –جزاهم الله خيرا- : إذا وافق يوم العيد يوم الجمعة سقط حضور الجمعة عمن صلى العيد غير الإمام، فإنه يلزمه أن يقيم صلاة الجمعة بمن حضر معه من المسلمين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا مُجمِّعون – أي سنصلي الجمعة بالناس-".رواه أبو داود (1073) وابن ماجة (1311 ) ومن لم يحضر مع الإمام صلاة الجمعة فإنه يجب عليه أن يصلي ظهرا ". فتاوى اللجنة الدائمة ( 7/93)
وفي الختام أيها الأحبة الكرام أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتقبل منا ومنكم ضحايانا وسائر أعمالنا الصالحة و أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم فهو سبحانه ولي ذلك والقادر عليه .


وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين .



أبو عبد الله حمزة النايلي