المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تحقيق ثبوت رؤية أبي حنيفة أنس بن مالك



أهــل الحـديث
23-10-2012, 02:00 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



تحقيق ثبوت رؤية أبي حنيفة أنس بن مالك.
قال الإمام الحافظ سعد الدين الحارثي في تخريجه لـــ: (مشيخة الأبرقوهي) [ق/17/ب]:
(الإمام أبو حَنِيفَةَ لم يسمع من أحد من الصحابة .... ) (1).
--------------------------------
(1) وهكذا جزم المحققون من أئمة أهل الحديث في السابق واللاحق، لأنهم لم يثبت عندهم من وجهٍ يصح، مع كثرة الأسانيد بذلك عن أبي حنيفة إلى من حدَّث عنهم!
ولا خلاف في إدراك أبي حنيفة لجماعة منهم، وقد جزم به غير واحد. وإنما اختلفوا في اللحاق بالسماع أو الرؤية.
وقد وقع للحافظ ابن حجر سؤال يقول فيه السائل: «هل روى أبو حنيفة عن أحد من الصحابة، وهل بعد من التابعين؟»
فأجاب بقوله: «أدرك أبو حنيفة جماعةً من الصحابة؛ لأنه ولد بالكوفة سنة ثمانين-قلت: وهذا أصح ما قيل في مولده- من الهجرة، وبها يومئذٍ: عبد الله بن أبي أوفى، فإنه مات بعد ذلك، وبالبصرة: أنس، وقد أورد ابن سعد بسند لا بأس به: أن أبا حنيفة رأى أنسا، وكان غير هذين من الصحابة بعِدَّةٍ من البلاد أحياء. وقد جمعَ بعضُهم جزءا فيما ورد من رواية أبي حنيفة من الصحابة، ولكن لا يخلو إسناده من ضعف، والمعتمدُ على إدراكه ما تقدّم، وعلى رؤيته لبعض الصحابة ما أورده ابن سعد في «الطبقات» فهو بهذا الاعتبار من طبقة التابعين، ولم يثبت ذلك لأحد من أئمة الأعصار المعاصرين له: كالأوزاعي بالشام، والحمادين بالبصرة، والثوري بالكوفة، ومسلم بن خالد الزنجي بمكة، والليث بن سعد بمصر». نقله عنه السيوطي في «تبييض الصحيفة» [ص/34/الطبعة العلمية].
قلت: وفي «سؤالات» حمزة السهمي للدارقطني [ص/263/طبعة مكتبة المعارف] قال: «سئل الدارقطني وأنا أسمع عن سماع أبي حنيفة يصح؟ قال: لا، ولا رؤية، ولم يلحق أبو حنيفة أحدًا من الصحابة».
وفي «سؤالات» أبي عبد الرحمن السلمي للدارقطني [ص/317/طبعة سعد الحميد] قال: «وسألته: هل يصح سماع أبي حنيفة عن أنس؟ فقال: لا يصح سماعه عن أنس، ولا عن أحد من الصحابة، ولا تصح له رؤية أنس، ولا رؤية أحد من الصحابة».
قلت: وأما قضية سماع أبي حنيفة من جماعة من الصحابة أو بعضهم، فقد أكثر الحنفية في الانتصار لها، والاحتجاج لأجل إثباتها!
وليس لهم مُتمَسَّكٌ على ما ذهبوا إليه على التحقيق، بل البرهان قائم على النفي من كلام كبار أئمة الحديث، كما شرح ذلك المعلمي اليماني في «التنكيل» وزدنا عليه المزيد في ذيلنا عليه المسمى بــــ: «المحارب التنكيل».
وأما قضية رؤية أبي حنيفة لبعض الصحابة: فالحق أن الخلاف فيها قوي معتبر، وقد مضى نفْي الدارقطني لذلك آنفًا.
لكن: أثبته جماعة كثيرة من المتأخرين، على رأسهم الخطيب البغدادي والذهبي والولي العراقي وابن حجر وغيرهم.
وكان عمدتهم في ذلك: ما رواه ابن سعد كاتب الواقدي عن سيف بن جابر أنه سمع أبا حنيفة يقول: «رَأَيْتُ أَنَسًا t».
نقله عن ابن سعد: الذهبي في «مناقب الإمام أبي حنيفة وصاحبيه» [ص/14/طبعة لجنة إحياء المعارف النعمانية]، فقال: «فَإِنَّهُ صَحَّ أَنَّهُ-يعني أبا حنيفة- رَأَى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ إِذْ قَدِمَهَا أَنَسٌ t. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ جَابِرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا حَنِيفَةَ ... » وذكره.
وقال الحافظ ابن حجر في جواب السؤال الذي نقلناه عنه آنفًا: «وقد أورد ابن سعد بسند لا بأس به أن أبا حنيفة رأى أنسا».
لكن: خدش العلامة المعلمي اليماني في صحة ذلك الدليل على الرؤية! وقال في «التنكيل» [1/383-384]: « يحكي الذهبي عن ابن سعد أنه روى عن سيف بن جابر عن أبي حنيفة أنه رأى أنسا، ولم أر في «الطبقات» المطبوع لا ذا ولا ذاك؟ فلا أدري أفي كتاب آخر لابن سعد؟ أم حكاية مفردة رويت بسند، فإن كان الثاني فلا أدري ما حال ذاك السند؟مع أني لم أعرف سيف بن جابر؟ وما دام الحال هكذا فلا تقوم بذلك حجة».
قلت: وقد تعقبناه التعقب المُشْبِع في كتابنا: «المحارب الكفيل»، وبينَّا صلاح ذلك الدليل –إن شاء الله – على ثبوت رؤية أبي حنيفة لأنس .