المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إلا المَشيَخة ، أعيتْ من يداويها ..!



أهــل الحـديث
21-10-2012, 06:00 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



[ إلا المَشيَخة أعيتْ من يداويها ..! ]

مِن المِنن الرَبانية أن يجعل لكَ عين بصيرة ناقدة ، تَرى الخَطأ في غيرك فتَحمد الله أن لم تكن أنت الواقع في ذلكَ الخَطأ ، ثم يكون ذلك باعثاً لك على الاعتبار والتحرّز بتجنّب الوقوع في مثل ذلك ؛ بسؤال الله العافية أولاً وعدم الوقوع في الشماتة ثم بالاجتهاد في تجنّب مثل ذلك ، ومما يروى في هذا الباب أنه قيل لابن المقفع : " من أدّبك ؟ "
قال: " نفسي ؛ إذا رأيت من غيري حسنًا أتيته ، وإن رأيت قبيحًا أبيتهُ ! "

" الأنصاف " بلاء ، فكما قال بعض المعاصرين : " لا نريد أنصاف أطباء ، ولا أنصاف سياسيين ، ولا أنصاف علماء .. أنصاف الأطباء يضرون بالأبدان ، وأنصاف السياسيين يضرون بالبلدان ، وأنصاف العلماء يضرون بالأديان ! " ، وحين يكون المُتَصدِّر بـ " نِصف عُمر " و " نِصف علم " و " نِصف وعي " ، فإن المُخرّج سيكون ظاهرة معروفة عن المُربين بـ " تمشيخ الحَدث " ، ورؤية أحد هؤلاء يبعث على الشفقة ؛ إذ أنهُ يعيش في عالمٍ آخر مِن النَرجسيّة التي لا يُدرك أنها تستصحب معها نُفران الناس من حوله ، وابتسامة ساخرة على قلوب المحيطين به على كثير مما يفعله !

أسباب ظاهرة " تَمشيخ الحَدث " تختلف حسب الشخص والمقام ، ولكن من أهم ذلك : أن يلتفّ حولهُ البعض مما صَغُرَ سِنُّهُ وضَمُرَ عَقلهُ ؛ فيُحفَل بهذا الحَدث ، وقد ترجمها البعض في عبارة لطيفة حيث قال : " بعض الناس عُظماء ؛ لأن المحيطين به صغاراً ! " ، وكما قال عنها الأديب المجاهد مُصطفى السباعي في كتابه ( هكذا علمتني الحياة ) : " الأعرج بين المُقعَدين فرسٌ لا يُشَق له غُبار ! " !

إن كان من وصيّة في هذا المقام ؛ فهي بأن تحفظ عقلك فلا تَعرضهُ أمام الناس إلا حين تَكون قد زُكّيتَ من " أهل التَزكية " ، لا من " بعض الطَلبة " ، واعلم أن تأخرّك في الظهور حتى يُظهرك الله إنما هو نافع لك ، تأمل مقالة الإمام الشافعي والتي نَقلها ابن الجوزي: " من طلب الرئاسة فرَّت منه ، وإذا تصدَّر الحدث فاتهُ علم كثير ! " [ صفة الصفوة 2 / 252 ] ،
وفي تعليق لابن قتيبة رحمه الله على أثر ابن مسعود رضي الله عنه قوله: " لا يزال الناس بخيرٍ ما أخذوا العلم عن أكابرهم وأمنائهم وعلمائهم ، قال رحمهُ الله شارحا معنى الأثر: " لأنَّ الشيخ قد زالت عنه متعة الشباب وحدته وعجلته وسفههُ ، واستصحب التجربة والخبرة ، ولا يدخل عليه في علمه الشبهة ، ولا يغلب عليه الهوى ، ولا يميل به الطمع ، ولا يستزلّهُ الشيطان استزلال الحدث ، فمع السن والوقار والجلالة والهيبة ، والحدث قد تدخل عليه هذه الأمور التي أمنت على الشيخ ، فإذا دخلت عليه وأفتى هلك وأهلك " ! [ نصيحة أهل الحَديث 1 / 28 ]

والله أعلم ،