المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حد المهر عند المالكية



أهــل الحـديث
20-10-2012, 11:40 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد..
بين فقهاء المالكية أن أقل المهر ربع دينار من الذهب، أو ثلاثة دراهم من الفضة، أو ما يقدر بأحدهما.
وأما أكثر المهر فلا حدَّ له فعلى حسب المقدرة والعرف واليسر والعسر لأن الله تعالى قال: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً }[النساء:20]. والقنطار هو: المال الكثير ولكن لا ينبغي المغالاة في المهر فأكثر النساء بركة أيسرهن مؤونة، وقد نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن المغالاة في المهور.
وفي شرح ميارة - (1 / 399) "وَرُبْعُ دِينَارٍ أَقَلُّ الْمُصْدَقِ ... وَلَيْسَ لِلْأَكْثَرِ حَدٌّ مَا ارْتَقَى"

وقال العلامة محمد عليش المالكي في منح الجليل شرح مختصر خليل:وَفَسَد النِّكَاحُ ( إنْ نَقَصَ ) صَدَاقُهُ ( عَنْ رُبْعِ دِينَارٍ )..( أَوْ ) عَنْ ( ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ ) ..( أَوْ ) عَنْ عَرْضٍ ( مُقَوَّمٍ ) فَإِنْ سَاوَتْ قِيمَتُهُ أَحَدَهُمَا يَوْمَ الْعَقْدِ صَحَّ النِّكَاحُ بِهِ وَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ الْآخِرَةِ.ابْنُ عَرَفَةَ وَأَكْثَرُ الْمَهْرِ لَا حَدَّ لَهُ وَقَوْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَرُجُوعُهُ عَنْهُ لِإِنْصَافِهِ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ...وقال أيضا: لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَكْثَرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{ وَآتَيْتُمْ إحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا }.
وذكر القاضي منذر بن سعيد البلوطي في كتابه " في شرح غريب القرآن ومعانيه وأحكامه واختلاف العلماء في حلاله وحرامه " : أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قام خطيباً فقال: أيها الناس لا تغالوا مهور النساء فلو كانت مكرمةً في الدنيا أو تقوى عند الله لكان بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما أصدق امرأةً من نسائه أكثر من اثنتي عشرة أوقية، فقامت إليه امرأة فقالت: يا أمير المؤمنين، لم تمنعنا حقاً جعله الله لنا؟ والله يقول: {وآتيتم إحداهن قنطاراً} قال عمر: كل أحدٍ أعلم من عمر. ثم قال لأصحابه: تسمعوني أقول مثل هذا فلا تنكرون حتى ترد عليّ امرأة ليست من أعلم النساء؟"
ونقل عن الْبَاجِيَّ عَنْ الْجَلَّابِ قوله:(لَا أُحِبُّ الْإِغْرَاقَ فِي كَثْرَتِهِ. قُلْت لِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" مِنْ يُمْنِ الْمَرْأَةِ تَسْهِيلُ أَمْرِهَا أَوْ تَيْسِيرُ أَمْرِهَا وَقِلَّةُ صَدَاقِهَا". قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا وَأَنَا أَقُولُ: مِنْ عِنْدِي وَمِنْ شُؤْمِهَا تَعْسِيرُ أَمْرِهَا وَكَثْرَةُ صَدَاقِهَا) أَخْرَجَهُ الْحَافِظَانِ الْحَاكِمُ وَابْنُ حِبَّانَ وَاللَّفْظُ لَهُ وَذَكَرَ الْحَاكِمُ أَنَّهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.

وقد يرى ولي الأمر إلزام الرعية بحد أعلى للمهر لمصلحة شرعية معتبرة، كمعالجة ظاهرة العنوسة، أو تيسير أمور الزواج، وغير ذلك فتجب طاعته لتحقيق تلك المصلحة، ويراعى في ذلك التحديد العرف والزمان والمكان والحال كما هو مقرر في المصالح المرسلة، فإذا تعارضت المصالح والمفاسد فإن القاعدة الشرعية تقول "درء المفسدة أولى من جلب المصلحة" وفي المسألة تعارض بين جلب مصلحة لبعض النساء في قيمة مهورهن من جهة، ومفسدة انتشار ظاهرة العنوسة بسبب المغالاة في المهور من جهة أخرى فإن لولي الأمر حينئذ أن يلزم بحد أعلى للمهور درءأ للمفسدة.
والخلاصة:
ليس هناك حدٌ معينٌ لأكثر المهر، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على تقليل صداق المرأة، وجعل ذلك من علامة يمنها وبركتها، ولكن قد يرى ولي الأمر إلزام الرعية بحد أعلى للمهر لمصلحة شرعية معتبرة، كمعالجة ظاهرة العنوسة، أو تيسير أمور الزواج، وغير ذلك فتجب طاعته لتحقيق تلك المصلحة، ويراعى في ذلك التحديد العرف والزمان والمكان والحال كما هو مقرر في المصالح المرسلة. والله تعالى أعلم.