المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : -البيان لبدع شهر ذي الحجة



أهــل الحـديث
20-10-2012, 04:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




أيها الأحبة هذه مقالة بعنوان البيان لبدع شهر ذي الحجة لشيخنا أبي عبد الله حمزة النائلي حفظه الله نشرها فضيلته في جريدة الشرق القطرية بتارخ اليوم



بسم الله الرحمن الرحيم



1-البيان لبدع شهر ذي الحجة

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين ، نبينا محمد و على آله، و صحبه أجمعين .
أما بعد :
لقد ميز الله سبحانه وتعالى شهر ذي الحجة عن غيره من الشهور بعبادات عظيمة و رتب عليها أجورا كبيرة ، خاصة العشر الأول منه، وهذا فضلا منه سبحانه ورحمة.
لكن بعض الناس ! لم يكتفوا بما شُرع لهم فيه من العبادات! ولم يسعهم فيه ما كان يسَع من كان قبلهم من صدر هذه الأمة الصالح من الصحابة و التابعين من القربات إلى رب البريات ، فاخترعوا فيه مالم يكن من عبادات و خصصوه بما لم يثبت له من فضائل وكرامات ،متبعين في ذلك أهوائهم و ما زين لهم الشيطان من محدثات .
أيها الكرام إن مما يُحزن كل مسلم غيور على السنة المحب لانتشارها بين الناس، أن يرى عند هؤلاء تهاونا في تطبيق السنة بل حتى فيما هو واجب عليهم! لكن مع هذا يجد عندهم تحمسا لتطبيق البدع وتزيينها للناس.
وعجبا و الله من أمر هؤلاء ! كيف يتركوا ما صح عنه صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر المبارك من الخيرات ويذهبوا إلى الابتداع والخرافات،فحَرموا أنفسهم من الأجر وحمَّلوها الوزر!
ألم يعوا أن الله جل جلاله أكمل دينه، و أن رسوله صلى الله عليه وسلم بلغ الرسالة و أدى الأمانة ، ونصح الأمة وأرشدها لما فيه نفعها و حذرها مما فيه ضررها في الدنيا و الآخرة،قال تعالى(اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) [ المائدة :3]
قال الإمام الشوكاني- رحمه الله- :"فإذاكاناللهقدأكملدينهقبلأ نيقبضنبيه صلى الله عليه وسلم فماهذاالرأيالذي أحدثهأهلهبعدأنأكملاللهدين ه؟!إنكانمنالدينفياعتقادهم� �فهولميكملعندهمإلابرأيهم(!) وهذافيهردللقرآن! وإن لميكنمنالدين؛فأيفائدةفيال اشتغالبماليسمنالدين؟! .
وهذهحجة قاهرة، ودليلعظيم، لايمكنلصاحبالرأيأنيدفعهبد افعأبدا، فاجعلهذه الآيةالشريفةأول ماتصكبهوجوهأهلالرأي، وترغمبهآنافهم، وتدحض به حججهم". القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد(ص38)
فلو كان أيها الأحبة في هذا الشهر المبارك عبادات أخرى تميزه عن بقية الشهور غير الحج وعيد الأضحى واستحباب صيام العشر الأول من أيامه خاصة يوم عرفة والإكثار فيها من أعمال الصالحة دون تخصيص،لأخبر عنها صلى الله عليه وسلم ولحث أمته عليها، فليتق الله كل من كان سببا في نشر المحدثات بين الناس و ليعلم أن البدع كلها ضلالٌ و إن استحسنها هو و قبلها منه الجهلة من الناس وفرحوا بها.
قال عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-:"كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة".الإبانة لابن بطة (1/339)
ومن باب النصح للمسلمين و تذكيرا لهم سنُحاول أيها الأفاضل معا إلقاء الضَّوء على ما أحُدث في هذا الشهر المبارك ، و التحذير منه مع نقل أقوال العلماء في ذلك ، سائلا المولى جل وعلا أن يجعلنا و إياكم سببا في إحياء السنن و نشرها
إماتة البدع و خمدها، فمن ذلك :
1-بدعة التعريف:هو اجتماع بعض الناس في المساجد عشية يوم عرفة من كل سنة في غير عرفة، لا لأمر عارض بل يجعلون ذلك سنة راتبة ، فيفعلون ما يفعله الحاج يوم عرفة من الدعاء والثناء من بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس ولقد أنكر السلف الصالح –رحمهم الله – هذا الصنيع قديما ، قال الإمام ابن وهب –رحمه الله- : سمعت مالكاً - أي الإمام مالك (رحمه الله)- يُسأل عن جلوس الناس في المسجد عشية عرفة بعد العصر ، واجتماعهم للدعاء، فقال ليس هذا من أمر الناس ، وإنَّما مفاتيح هذه الأشياء من البدع ". الحوادث والبدع للطرطوشي (ص 115)
وروى الإمام محمد بن وضاح القرطبي (ت 287هـ) -رحمه الله- عن أبي حفص المدني قال: اجتمع الناس يوم عرفة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، يدعون بعد العصر، فخرج نافع مولى ابن عمر من دار آل عمر ، فقال : أيها الناس إن الذي أنتم عليه بدعة ، وليست بسنة ، إنا أدركنا الناس ولا يصنعون مثل هذا ، ثم رجع فلم يجلس ، ثم خرج الثانية ففعل مثلها ثم رجع ". البدع و النهي عنها لابن وضاح (ص 93)
وقال الإمام محمد بن الوليد الطرطوشي الأندلسي ( ت520هـ) -رحمه الله- :"فاعلموا-رحمكم الله- أن هؤلاء الأئمة علموا فضل الدعاء يوم عرفة،ولكن علموا أن ذلك بموطن عرفة، لا في غيرها ولا منعوا من خلا بنفسه فحضرته نية صادقة أن يدعو الله تعالى،وإنما كرهوا الحوادث في الدين،وأن يظن العوام أن من سنَّة يوم عرفة بسائر الآفاق الاجتماع والدعاء ، فيتداعى الأمر إلى أن يدخل في الدين ما ليس منه ،وقد كنت ببيت المقدس،فإذا كان يوم عرفة حشر أهل السواد وكثير من أهل البلد، فيقفون في المسجد،مستقبلين القبلة مرتفعة أصواتهم بالدعاء،كأنه موطن عرفة،وكنت أسمع سماعاً فاشياً منهم أن من وقف ببيت المقدس أربع وقفات، فإنها تعدل حجَّة، ثم يجعلونه ذريعة إلى إسقاط فريضة الحج إلى بيت الله الحرام". الحوادث والبدع للطرطوشي (ص 116)
2-بدعة عيد غدير خم:(وغدير خم هو موضع ماء بين مكة و المدينة )ولقد جاء ذكره من حديث زيد بن أرقم -رضي الله عنه- عند الإمام مسلم (2408) حيث قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فينا خطيباً بماء يُدعى خما بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه ، ووعظ وذكر ، ثم قال : " أما بعد ، ألا أيها الناس ! فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به" فحثَّ على كتاب الله ورغب فيه ثم قال:"وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ...".
وهذا العيد المحدث يكون في الثامن عشر من ذي الحجة،حيث يجتمع بعض الجهلة من الناس خاصة من الشيعة لإحياء ذكراه، ويزعمون زورا وبهتانا أن الرسول صلى الله عليه وسلم عهد في ذلك اليوم و في ذلك الموضع لعلي-رضي الله عنه-بالخلافة، فمن حج منهم اجتمع في ذلك المكان ومن لم يحج احتفل في مكانه، وهذه البدعة الشنيعة أول من أحدثها هو معز الدولة أحمد بن بويه (ت356هـ) وهو أول من تملك من سلاطين الدولة البويهية،وهي دولة شيعية قامت في الجزء الغربي من إيران و العراق.
قال الإمام ابن كثير(774هـ)-رحمه الله-:"وفي عشر ذي الحجة–أي سنة352هـ-أمر معز الدولة بن بويه بإظهار الزينة في بغداد،وأن تفتح الأسواق بالليل كما في الأعياد،وأن تضرب الدَّبادب- من أنواع آلات الطرب- والبوقات،وأن تشعل النيران في أبواب الأمراء،وعند الشُّرَط- أي الشرطة-،فرحاً بعيد الغدير-غدير خم-فكان وقتاً عجيباً مشهوداً،وبدعة شنيعة ظاهرة منكرة".البداية و النهاية (11/243)
وقال المقريزي (845هـ) –رحمه الله-:"اعلم أن عيد الغدير لم يكن عيداً مشروعاً ، ولا عمله أحد من سالف الأمة المقتدى بهم ، وأول ما عُرف في الإسلام بالعراق أيام معز الدولة علي بن بويه، فإنه أحدثه في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة فاتخذه الشيعة من حينئذٍ عيداً". الخطط المقريزية (2/255)
وقد ذكر العلماء بعض مظاهر هذا الاحتفال المبتدع، ومنهم الإمام المقريزي –رحمه الله- ، حيث قال :"ومن سنتهم في هذا العيد أن يحيوا ليلته بالصلاة، ويصلوا في صبيحته ركعتين قبل الزوال و يلبسوا فيه الجديد ويعتقوا الرقاب ويكثروا من عمل البر ومن الذبائح". الخطط المقريزية ( 2/255)
وقال الشيخ أحمد بن حجر آل بوطامي-رحمه الله-:"ويظهرون من أنواع الفرح و السرور،وتنويع الموائد و إغلاق الدوائر و المتاجر وإلقاء الخطب و المحاضرات في المآتم ما يعجز الكتاب عن بيانه".تحذير المسلمين من الابتداع في الدين( ص152)
ومن المنكرات الشنيعة في هذا الاحتفال أن الشيعة يسبون الصحابة (رضي الله عنهم) فيه ، و ينسبون إليهم الظلم والجور وهم من ذلك براء ،رضوان الله عليهم.
وقد بين العلماء –رحمهم الله -حكم الاحتفال بهذا العيد المحدث ،حيث يقول شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- :" إنما الغرض أن اتخاذ هذا اليوم– أي:عيد الغدير-عيدًا محدث لا أصل له،فلم يكن في السلف لا من أهل البيت ولا من غيرهم من اتخذ ذلك اليوم عيدًا،حتى يحدث فيه أعمالًا. إذ الأعياد شريعة من الشرائع، فيجب فيها الاتباع لا الابتداع،وللنبي صلى الله عليه وسلم خطب وعهود ووقائع في أيام متعددة: مثل يوم بدر، وحنين، والخندق، وفتح مكة، ووقت هجرته، ودخوله المدينة، وخطب له متعددة يذكر فيها قواعد الدين، ثم لم يوجب ذلك أن يتخذ أمثال تلك الأيام أعيادًا ". اقتضاء الصراط المستقيم ( 2/614)
وقال الشيخ أحمد بن حجر آل بوطامي –رحمه الله- :"ولا يخفى على من ملك ذرة من العلم أن هذا عيد مبتدع ، لا أصل له في الدين ، ولا سند له في شريعة سيد المرسلين ، لا من القرآن ولا من السنة ولا من فعل الصحابة ولا أهل البيت المطهرين رضوان الله عليهم أجمعين إذ لم يجعلوا ذلك اليوم عيدا ، ولا احتفلوا به و ليس في دين الإسلام إلا عيدان : عيد الفطر و عيد الأضحى". تحذير المسلمين من الابتداع في الدين ( ص152 )
ومن البدع كذلك التي ينبغي التنبيه عليها ما يفعله بعض المسلمين حيث تجدهم خاصة في التكبير المقيد بدبر الصلوات في أيام التشريق أو عيد الأضحى يكبرون بصوت واحد جماعة، مخالفين بذلك هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم .وقد سئل الشيخ ابن باز –رحمه الله- ، فقيل له : ما حكم التكبير الجماعي في العيدين بعد الصلوات علما بأنه يذكر الناس بهذه الشعيرة المباركة؟.
فأجاب –رحمه الله- :"يكبرون، كل يكبر في صفه، وفي الطريق، لكن ليس على صفة جماعية؛ لأن هذا بدعة لا أصل له، وإلا الكل يكبر، هذا يكبر وهذا يكبر، وبهذا يتذكر الناس ويستجيب الناس، أما كونه بلسان واحد من جماعة هذا لا أصل له، وهو التكبير الجماعي أو التلبية الجماعية، لا يشرع هذا، لكن الكل يلبي، أما أن يكبر من تحرى أن يبدأ الصوت صوت أخيه وينتهي مع صوت أخيه هذا لا أصل له، ولا نعلمه عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، ومن فعل هذا يخشى عليه من الإثم؛ لأنه بدعة". فتاوى نور على الدرب ( 13/370)
فعلينا وفقنا الله و إياكم لمرضاته أن نَلتزم بما جاء في الكتاب و السنة،فهو ولله الحمد يغني عن هذه المحدثات ، و نحذر أشد الحذر من البدع فإنها مضلات عن الدين ومبعدات عن رب العالمين.
أيها الأحبة الأفاضل إن من أهم الأسباب التي ساهمت في شيوع هذه البدع و المحدثات بين المسلمين ، انتشار الأحاديث الضعيفة و الموضوعة في فضائل الأشهر ومن ذلك شهر ذي الحجة بينهم ، ولهذا أحببت في تتمة هذا المقال بعون الكبير المتعال أن أذكر لكم جملةً من هذه الأحاديث لتعلموها و تحذروا الناس منها .
فالله أسأل أن ينشر السنة بين الناس ويعز أهلها ويرفع رايتها ، ويميت البدع بينهم ويهدي أهلها ويخمد رايتها ، فهو سبحانه ولي ذلك و القادر عليه .


وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .



أبو عبد الله حمزة النائلي