المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من لطائف القران التفاضل بين الجنتين في سورة الرحمان من عشرة اوجه (ابن القيم)



أهــل الحـديث
17-10-2012, 10:10 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
القران لا تنقضي عجائبه ولا يشبع منه العلماء

ذكر الله تعالى في اخر سورة الرحمان جنتي المقربين ثم ذكر جنتي اصحاب اليمين ولكن هناك فروق دقيقة في وصف الجنتين تدل على ان جنتي المقربين أكمل وافضل تنبه لها العلماء وذكروها رحمهم الله

قال ابن القيم رحمه الله
"والسياق يدل على تفضيل الجنتين الأوليين من عشرة أوجه
أحدها قوله ذواتا أفنان وفيه قولان أحدهما أنه جمع فنن وهو الغصن والثاني أنه جمع فن وهو الصنف أي ذواتا أصناف شتى من الفواكه وغيرها ولم يذكر ذلك في اللتين بعدهما

الثاني قوله فيهما عينان تجريان وفي الآخريين فيهما عينان نضاختان والنضاخة هي الفوارة والجارية السارحة وهي أحسن من الفوارة فإنها تتضمن الفوران والجريان

الثالث أنه قال فيهما من كل فاكهة زوجان وفي الآخريين فيهما فاكهة ونخل ورمان ولا ريب أن وصف الأوليين أكمل..

الرابع أنه قال متكئين على فرش بطائنها من إستبرق وهذا تنبية على فضل الظهائر وخطرها وفي الأخريين قال متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان وفسر الرفرف بالمحابس والبسط وفسر بالفرش وفسر بالمحابس فوقها وعلى كل قول فلم يصفه بما وصف به فرش الجنتين الأوليين

الخامس أنه قال وجنى الجنتين دان أي قريب وسهل يتناولونه كيف شاؤا ولم يذكر ذلك في الآخريين

السادس أنه قال فيهن قاصرات الطرف أي قد قصرن طرفهن على أزواجهن فلا يرون غيرهم لرضاهن بهم ومحبتهن لهم وذلك يتضمن قصر أطراف أزواجهن عليهن فلا يدعهم حسنهن أن ينظروا إلى غيرهن وقال في الآخريين حور مقصورات في الخيام ومن قصرت طرفها على زوجها باختيارها أكمل ممن قصرت بغيرها

السابع أنه وصفهن بشبه الياقوت والمرجان في صفاء اللون وأشراقه وحسنه ولم يذكر ذلك في التي بعدها

الثامن أنه قال سبحانه وتعالى في الجنتين الأوليين هل جزاء الإحسان إلا الإحسان وهذا يقتضي أن أصحابهما من أهل الاحسان المطكق الكامل فكان جزاؤهم بإحسان كامل

التاسع أنه بدأ بوصف الجنتين الأوليين وجعلهما جزءا لمن خاف مقامه وهذا يدل على أنهما أعلى جزاء الخائف لمقامه فرتب الجزاء المذكور على الخوف ترتيب المسبب على سببه ولما كان الخائفون على نوعين مقربين وأصحاب يمين ذكر جنتي المقربين ثم ذكر جنتي أصحاب اليمين

العاشر أنه قال ومن دونهما جنتان والسياق يدل على أنه نقيض فوق كما قال الجوهري"


قلت ثم قال ابن القيم
" فإن قيل فكيف انقسمت هذه الجنان الأربع على من خاف مقام ربه قيل لما كان الخائفون نوعين كما ذكرنا كان للمقربين منهم الجنتان العاليتان ولأصحاب اليمين الجنتان اللتان دونهما
فإن قيل فهل الجنتان لمجموع الخائفين يشتركون فيهما أم لكل واحد جنتان وهما البستانان قيل هذا فيه قولان للمفسرين ورجح القول الثاني بوجهين أحدهما من جهة النقل والثاني من جهة المعنى فأما الذي من جهة النقل فإن أصحاب هذا القول رووا عن رسول الله قال هما بستانين في رياض الجنة وأما الذي من جهة المعنى فإن إحدى الجنتين جزاء أداء الأوامر والثانية جزاء اجتناب المحارم فإن قيل فكيف قال في ذكر النساء فيهن في الموضعين ولما ذكر غيرهن قال فيهما قيل لما ذكر الفرش قال بعدها فيهن خيرات حسان ثم أعاده في الجنتين الأخريين بهذا اللفظ ليتشاكل اللفظ والمعنى والله أعلم "
انتهى حادي الارواح الى بلاد الافراح ص73= 74