المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الياسق العصري



أهــل الحـديث
13-10-2012, 12:20 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




الياسق العصري
كتبها \مصطفى عبداللطيف عوض -عفا الله عنه

الحمد لله وكفى وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى وبعد؛ ففي أوقات الفتن يتمنى بعض الصالحين أن يتوفاهم الله غير مفتونين ن لاسيما في هذه الأزمان التي اشتدت فيها رياح الفتن ، فقد أخرج الشيخان من حديث أبي هريرة أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال"لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول : يا ليتني كنت مكانه"، والفتن تحتاج إلى بصيرة ، والبصيرة أوسع من العلم ، فالعلم لاسيما في أزماننا يحتاج إلى فهم للواقع ، فشتان الفارق بين فهم الأدلة وفهم الواقع ، إذ أن فهم الأدلة دون فهم الواقع كمن يحدث الصم أو كالأخرس خطيبا في قومه.
استطاع جنكيز خان أن يوحد الترك في عهد الدولة العباسية ، وجمعهم تحت شريعة اخترعها من شرائع شتى من الإسلام والنصرانية واليهودية والبوذية والمجوسية، وسماه الياسق ، وكان هذا الياسق ملئ بالأعاجيب التي لا حصر لها ، وقد حكم ابن كثير على كفر من تحاكم للياسق ، وكذلك شدد الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على تفسير ابن كثير على هذه المسألة . وذلك لأن لو أعتقد أي مسلم أن هناك حكما أفضل من حكم الله كفر مصداقا لقوله تعالى " ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون" ، والأعظم من ذلك أن يجبر الناس أن يتحاكموا لغير شرع الله ن والأخزى أن يلبس على الناس أن هذا الياسق بما لا يخالف شرع الله.
والياسق العصري الذي يريد بعض الناس أن يجبروا الناس عليه هو ما يسمى بالدستور ، والتلبيس مستمر ، ولو نظرنا إلى مصدر كلمة الدستور مثلا ، أو متى كتب أول دستور لرأيت العجب العجاب ، إنهم يقولون أن أول دستور مكتوب هي الصحيفة التي عاهد الرسول الكريم اليهود بها ، وهيهات لهذا القياس أن يقوم ، فهذا عهد مع شريعة مخالفة ، ولا زال الإسلام يضمن العهود، ولكنه الدستور كلمة غير عربية أصلها فارسي معناها صاحب القاعدة ، ولو نظرنا إلى معناها عند أهل الغرب لوجدنا معنى الدستور يقوم على البناء أو التأسيس، يعني بناء الدولة أو أساس الدولة، وهو لفظ دخيل لم تعرفه الدولة الإسلامية ، بل عرفت الأمة في زخم وضع الدساتير أن دستورها الإسلام ، وأن شرعها هو السابق ولا يعلو غيره عليه.
هذا السياق مهم ، في معرفة أن أول دستور مكتوب بمعناه المعروف كان في أمريكا في نهاية القرن الثامن عشر . ثم كان أعظم الدساتير المعروفة والتي لم تبدل الدستور الفرنسي في بداية القرن التاسع عشر ، وعرفت مصر الدستور عام 1923م أي بعد دستور فرنسا بقرن تقريبا وقد استرشدت مصر بالدستور الفرنسي ، إذا هل سمعتم عن دستورا وضعه النبي إلى ان سقطت الخلافة ن إنما كان الحكم بما انزل الله – وإن كانت تشوبه الشوائب – غالبا وحاكما ، إذا فتاريخية اللفظ تحتم على أن يكون الدستور بشكل معين لم تعرفه الأمة ، إنما هو على النسق الفرنسي أو الأمريكي ، وشعارات الثورة الفرنسية تكون متضمنة في الدستور بلا قيد ولا رابط .
لقد حارب أصحاب الاتجاه الإسلامي شعارات الثورة الفرنسية لأنها تؤول في النهاية للعلمانية ، فهذه الشعارات يريدونها على هواهم ، وبحكم الديمقراطية والليبرالية ، لا بحكم الإسلام ن هذا أمر مهم لأنك لو قلت لأي فرد الدستور ، فمعناه أنه المواد التي هي فوق القانون ، وصدق أحد العلماء عندما حذر من دخول أهل العلم هذه الجمعيات التأسيسية لأن القرآن وحكم الله فوق كل شئ ، فكلمة الدستور متخيلة في ذهن الناس بشكل معين يخالف كل المخالفة الشريعة الغراء .


إذا عندما يكون اللفظ معلوما وجب عليك الدخول في آلياته ، وهذه الآليات جحر ضب كما قال النبي في الحديث عند البخاري وفيه " حتى ولو دخلوا جحر ضب لدخلتموه "، وهنا ينبري المدافعون عن الياسق العصري قائلين : لقد استطاعوا الإبقاء على مادة الشريعة ن نقول : ألم يحكم جنكيز خان بشئ من الشريعة ، فهل منع أحد أن يكفر من تحاكم للياسق ، ألم ندرس أن الحكم بغير ما انزل الله كفر؟!، لا لا يا علماء الدين ، لا تسقوا الشباب البارود ولكن اسقوهم الماء المقطر.
الماء المقطر هو شرع الله ، هو القرآن والسنة ن إنها وصية رسول الله " تركت فيكم ما عن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا : كتاب الله وسنتي " لا لا يا رجال الدستور لا نريد ياسقا عصريا ن وليست هي أخف الضرار كما يزعم بعض الناس ، بل عن الضرر العظم في البعد عن الشرع ، وقد يلبس بعض الناس فيقول أليس من الممكن أن يكون الدستور إسلاميا ، وفيه مواد تحد الحدود وتحفظ حقوق البلاد والعباد.
الشرع فيه تلك القوانين التي تريدونها ، ولا يلزمنا أن نقر بذلك في دستور ، إن الدستور الذي يوضع يؤسس لدولة مدنية ، ليست مدنية في عرفنا ولا ذهننا ولكن في عرف من دونوا الدساتير وهي الدولة العلمانية بلا ريب ، لا لا يا رجال الدستور هل الديمقراطية من شرع الله ؟! هل حرية العقيدة من شرع الله ؟! وهل وهل ونهل ؟! كل ذلك يحتاج إلى مطولات ، وأقسم بالله ووالله وتالله إنها لفتنة !! لا وألف لا يا رجال الدستور -آسف الياسق!!