المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هكذا نخشع في صلاتنا



أهــل الحـديث
10-10-2012, 05:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




أيها الأحبة هذه مقالة بعنوان هكذا نخشع في صلاتنا لشيخنا أبي عبد الله حمزة النائلي حفظه الله نشرها فضيلته ب
في جريدة الشرق القطرية بتاريخ اليوم



بسم الله الرحمن الرحيم



هكذا نخشع في صلاتنا

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين ، نبينا محمد و على آله، و صحبه أجمعين .
أما بعد :
قد جعل الله جل جلاله الصلاة الزاد اليومي للمؤمنين ، و قرة عين العابدين وملاذ الطائعين ، بها تطئمن القلوب وتستريح النفوس ، قال صلى الله عليه وسلم لبلال –رضي الله عنه- : "يا بلال أقم الصلاة أرحنا بها ". رواه أبو داود (4985) من حديث رجل من خزاعة، وصححه العلامة الألباني - رحمه الله-
قال ابن الأثير –رحمه الله-:"أذن بالصلاة نسترح بأدائها من شغل القلب بها" .النهاية في غريب الحديث(2/274)
وعن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي في الصَّلَاةِ". رواه النسائي (3940) و صححه الشيخ الألباني –رحمه الله- .
قال الحافظ المناوي –رحمه الله- :" لأنه كان حالة كونه فيها مجموع الهم على مطالعة جلال الله وصفائه فيحصل له من آثار ذلك ما تقر به عينه ". فيض القدير (3/348 )
إن المؤمن أيها الأحبة يفرح لإقبال المسلمين على بيوت رب العالمين ، لأداء هذه الفريضة التي هي من أعظم شعائر الإسلام وركن من أركانه المتين ، لكن علينا جميعا أن نتساءل ؟ هل حققنا ثمرة هذه العبادة مع كثرة ما نؤدي من الفرائض و النوافل ؟!
أيها الأفاضل قد غاب على كثير منا مقصود الصلاة وروحها بسبب فقداننا لأمر مهم متعلق بها ألا وهو الخشوع أثناء أدائها ، مع أن الشارع الحكيم قد حثنا عليه في الصلاة ورغب فيه ، وأخبر أنه أفلح ونجح من وفقه الله إليه، قال سبحانه وتعالى ( قد أفلح المؤمنون (1) الذين هم في صلاتهم خاشعون ) [ المؤمنون : 1-2]
قال الشيخ السعدي – رحمه الله- : " والخشوع في الصلاة هو : حضور القلب بين يدي الله تعالى ، مستحضرا لقربه ، فيسكن لذلك قلبه وتطمئن نفسه وتسكن حركاته ويقل التفاته ، متأدبا بين يدي ربه ، مستحضرا جميع ما يقوله ويفعله في صلاته من أول صلاته إلى آخرها فتنتفي بذلك الوساوس والأفكار الردية ، وهذا روح الصلاة والمقصود منها وهو الذي يكتب للعبد ، فالصلاة التي لا خشوع فيها ولا حضور قلب ، وإن كانت مجزية مثابا عليها ، فإن الثواب على حسب ما يعقل القلب منها ". تفسير السعدي ( ص546)
لماذا أيها الأفاضل لم نعد نطمأن و نشعر بالسكينة و الطمأنينة في صلاتنا ؟!
الجواب : لأننا فرطنا و لم نحقق الأسباب المعينة على ذلك !
يقول الحافظ ابن كثير –رحمه الله- :" "والخشوع في الصلاة إنما يحصل لمن فرغ قلبهلها واشتغل بها عما عداها وآثرها على غيرها وحينئذ تكون راحة له وقرة عين ". تفسير ابن كثير (3/239)
فعلينا أيها الكرام أن نبذل الأسباب التي تعيننا على الخشوع ، بعد سؤالنا الباري سبحانه وتعالى أن يوفقنا لتحقيق ذلك ، ومن أهمها:
1-الإخلاص لله جل جلاله في كل العبادات ومن أعظمها الصلاة ، فهو مفتاح كل خير و مغلاق كل شر
2-متابعة النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهديه ومن ذلك معرفة كيف كانت صفة صلاته ، ثم تطبيقها كما جاءت عنه صلى الله عليه وسلم ، لقوله صلى الله عليه وسلم :" صلوا كما رأيتموني أصلي ". رواه البخاري (605) من حديث مالك بن الحويرث –رضي الله عنه-
قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-:"وجماع الدين أصلان: أن لا نعبد إلا الله ،ولا نعبده إلا بما شرع لا نعبده بالبدع،كما قال تعالى(فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعباده ربه أحدا) [الكهف:110]". مجموع الفتاوى(10/234)
3-استحضار عظمة من نقف أمامه ألا وهو الله جل جلاله، ولنصلي صلاة مودع، فعن أبي أَيوب الأنصاري –رضي الله عنه- قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله علِّمني وأَوجز؟ قال: "إذا قُمْتَ في صَلَاتِكَ فَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ...". رواه ابن ماجة (4171) وحسنه الشيخ الألباني –رحمه الله-
قال الحافظ المناوي – رحمه الله- : "أي صلاة من لا يرجع إليها أبدا وذلك أن المصلي سائر إلى الله بقلبه فيودع هواه ودنياه وكل ما سواه" . التيسير بشرح الجامع الصغير (1/122)
4-مدافعة وسوسة الشيطان وتلبيسه في الصلاة بالعلاج النبوي ، فعن عثمان بن أبي العاص أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:( يا رسول الله إِنَّ الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يَلْبِسُهَا عليَّ ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ له خَنْزَبٌ فإذا أَحْسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ منه ،وَاتْفِلْ على يَسَارِكَ ثَلَاثًا" ، قال عثمان –رضي الله عنه- فَفَعَلْتُ ذلك فَأَذْهَبَهُ الله عَنِّي). رواه مسلم (2203)
قال الإمام النووي –رحمه الله- : "وفى هذا الحديث استحباب التعوذ من الشيطان عند وسوستهمع التفل عن اليسار ثلاثا". شرح على صحيح مسلم (14/190)
5-قراءة تراجم السلف الصالح من الصحابة و التابعين ( رضي الله عنهم) للوقوف على مدى اهتمامهم بالصلاة وكيف كان حالهم أثناء أدائها .
فهذه أهم الأسباب أيها الأحبة الكرام الني تعيننا بإذن الله على الخشوع في صلاتنا، فعلينا زادكم الله حرصا أن نحرص على تحقيقها لنتلذذ بهذه العبادة العظيمة وتطمئن قلوبنا عند أدائها و تسكن جوارحنا عند القيام بها .
فالله أسأل بأسمائه الحسنى و صفاته العليا أن يرزقنا و إياكم الخشوع و السكينة في الصلاة، و أن يتقبل منا سائر عباداتنا ، فهو ولي ذلك و القادر عليه .


وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين



أبو عبد الله حمزة النايلي