المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : انحراف العلماء وأثره في تدمير المجتمع الإسلامي



أهــل الحـديث
08-10-2012, 03:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


انحراف العلماء وأثره في تدمير المجتمع الإسلامي
بقلم عماد بن حسن المصري
أخرج البخاري ( 100 ) ومسلم ( 2673 ) عن عمرو بن العاص سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يترك عالماً اتخذ الناس رؤساً جهالاً ، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ) .
لم ينعم الله على أمة من قبل أمة محمد بمثل ما أنعم عليه بوفرة من العلم والعلماء ، وحباهم وخصهم بمزيه لم يخصها لأمة من قبلها بحفظ دينها ، وجعل لهذه الأمة خصيصة الإسناد فلولا الإسناد لقيل في دين الله بالهوى والبدع . ولم يكن الإسناد يعرف لأمة غير أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
وجعل للعلماء مزية ما بعدها مزية ، وجعلهم في مكان سامٍ وحفظ كرامتهم ، وجعل الأمة تبجلهم وترفهم على الرؤوس وهكذا مضت السنون والعرف محكم أن للعلماء دوراً بارزاً في صنع قرار الأمة ، ونهضتها ورقيها . بل لم يقم المجتمع الإسلامي إلا على أكتاف العلماء بل كانوا هم شموساً أصلية أضاءت دروب الضلال ، واستنارت بهديها أجيال ، ومنعت ( بفضل الله ) أقداماً من الوقوع في الردى والهاوية .
وجعل ( العلماء ورثة الأنبياء ) وهذا الميراث ليس ميراثاً مالياً ، ولا حظوة عند سلطان ، ولا عند أمير مطاع ، بل ميراث علم يؤخذ نواحي المجتمع ليرقى به إلى معارج القبول .
قال تعالى : ( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين ، ولو شئنا لرفعناه بها ، لكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب أن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ، ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا ) .
في هذه الآيات يقص علينا الحق تعالى قصة ( بلعام ) من نكوصه عن الحق والعمل بغيره وإضلال الخلق ، واستعمال نعمة منّ الله عليه فيها في غير طاعة الله عز وجل ، وهي عامة في كل من أوتي العلم فلم يعمل به ، أو أضل به غيره ، أو حرفه لحاكم أو أمير ليؤخذ به حظ الدنيا . قال القرطبي رحمه الله في التفسير ( 7 : 282 ) هذا شر تمثيل بأنه مثله في أنه قد غلب عليه هواه حتى صار لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً بكلب لاهث أبداً حمل عليه أو لم يحمل عليه فهو لا يملك لنفسه ترك الهثان .
وقيل : ضرب الله هذا المثل للذي قبل الرشوة في الدين حتى انسلخ من آيات ربه .
وذهب صاحب روح المعاني إلى تفضيل الكلب على الرجل السوء .
وانشد الفقيه منصور :
الكلب أحسن عشرة وهو النهاية في الخساسة
ممن ينازع في الرياسة قبل أوقات الرياسة
وقال تعالى : ( وإذ أخذ الله ميثاق الذين أتوا الكتاب لتبيينه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم ) آل عمران ( 187 ) وهذه الآية ليست خاصة في بني إسرائيل بل هي عامة لكل أمة جاءت بعد بني إسرائيل ، أنه من كنتم من أمر دين الله شيئاً ، أو حرفه أو صيَّره إلى صورة غير صورته الحقيقية ، أو أوله لسلطان أو لهواه فهو ملعون من الله ورسوله والمؤمنين والناس جميعاً .
وروى أبو داود في سننه ( 3658 ) وأبن ماجة ( 264 ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة ) وصححه شيخنا الألباني رحمه الله .
الأثر السيء لعلماء السوء على المجتمع

إن الأثر السيء الذي يتركه علماء السوء على المجتمع هو خطير وكبير ، فهم يقتلون روح الأمة وعقيدتها ، وشبابها ، ففتاويهم معدة وأقلامهم مشرعة ، وذممهم مباعة وباعوا كل مقدس ونفيس . ولو نظر هؤلاء إلى عاقبة ما صنعوه ما فعلوا ذلك ، فاعتبروا يا أولي الأبصار .
فانظروا أيها الأحبة ماذا فعل الله بالأمم السابقة لما حرف علمائها دياناتهم واشتروا بها ثمناً قليلاً ، روى الطبراني في الأوسط بسند حسن عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أوحى الله ملك من الملائكة أن اقلب مدينة كذا وكذا على أهلها قال : إن فيها عبدك فلاناً لم يعصك طرفة عين قال : اقلبها عليه وعليهم فإن وجهه لم يتمعر ساعة لي قط ... ) فبسبب هؤلاء العلماء السوء يخسف بالأمة ، وتأتيها المصائب تترى ، فناهيك عن تسلط عدوهم عليهم .
فحينما تتنزل بالأمة النوازل فيدلهم الخطب ، يختفي هؤلاء في الكازينوهات الفارهة كعادتهم في كل مصيبة تصيب الأمة .
وقد يحرفون الحق فيجعلونه باطلاً ، أو يزينون للحاكم الباطل حقاً ، والحق باطلاً لمآرب في نفوسهم وهم يسبحون الحاكم ملقاً ونفاقاً .
وربما وصل الأمر ببعضهم في الشطح في الفتيا إلى معارضة إجماع الأمة بل معارضة القرآن والسنة . بل خرج علينا أنصاف طلاب علم لا أقول علماء - لأن هذا الوصف فضفاض عليهم - بتحريم المظاهرات في بعض دولهم الإسلامية , وقالوا : معللين ذلك بأنها غوغائية . أقول : وهل السكوت على ما جرى في غزة ويجري في العراق وأفغانستان وكشمير وشعب الايجور في الصين هو قمة العقلانية ؟!!!
وخرج علينا مهرج آخر من الطائفة الموسومة زوراً بإتباع السلف يقول لنا : إن الأوراق النقدية التي بين أيدينا ليست ذهباً ولا فضة فلا زكاة فيها بل يجري فيها الربى من الزيادة فهل هذا عالم أم سبة سوء على الإسلام ؟
ويضحكون علينا - نحن معشر الشباب - بمقولة باردة سمجة ممجوجة ( لحم العلماء مسموم ) نحن نقول : متى يكون مسموماً حينما يكون علماء ربانيون ، وأأمة مهتدين لم يؤثروا الدنيا على الدين ، ولا باعوا دينهم بديناهم . قال سفيان بن عيبنة : من فسد من علمائنا كان في شبه من اليهود . فهل الفاسد لحمه مسموم ؟!!
أثر علماء الضلال على البهائم

حتى البهائم - سبحان الله - تتأذى من فعل علماء السوء ذكر القرطبي رحمه الله في تفسيره 14 : 313 ) عن ابن مسعود كاد الحجل أن يعذب في جحره بذنب ابن آدم وقال يحيى ابن أبي كثير : أمر رجل بالمعروف والنهي عن المنكر فقال له رجل : عليك بنفسك فإن الظالم لا يضر إلا نفسه فقال أبو هريرة : كذبت . ولله الذي لا إله إلا هو - ثم قال - والذي نفسي بيده أن الحباري لتموت هذلاً في وكرها بظلم الظالم .
فهل استوى العالم الرباني من العالم !!! الدنيوي السيء !!!