المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل جزاء الإحسان إلا الإحسان



أهــل الحـديث
06-10-2012, 11:10 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ذي الجلال والإكرام ذي الفضل والإحسان والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
فهذه إطلالة واقتباس من خلقه عليه الصلاة والسلام الذي وصفه ربه ومدحه بقوله((وإنك لعلى خلق عظيم )) فالذي زكى محمدا عليه الصلاة والسلام في خلقه هنا ليس أصحابه ولا العلماء ولا العامة ولا الأصدقاء ولا الأعداء ، الذي زكاه هو الله تعالى فليس هناك إذن استثناء وليس هناك مجال لمناقشة ،سبحانه وصف خلق نبيه بالعظيم !،ولو تأملنا قليلا واستذكرنا مع انفسنا أسماء ربنا وصفاته وأفعاله ، جلاله وعظمته وقهره وكبريائه وحلمه وعفوه وصبره وقدرته ووو... لهالك منه أن يصف واحدا من عبيده ((وإنك لعلى خلق عظيم )) إذن فما أعظم خلقه عليه الصلاة والسلام ،
وهو الذي وصفته زوجه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها (( كان خلقه القرآن)) فمن يطيق أن يكون خلقه القرأن ؟
ومن خلقه السامي عليه الصلاة والسلام والذي حري بكل مسلم وداعية وطالب علم وعالم أن يتصف به هو خلق الإحسان للخلق.
يقول ربنا تبارك وتعالى ((هل جزاء الإحسان إلا الإحسان)) فجواب هل جزاء الإحسان إلا الإحسان مركوز في الفطر التي خلقها الله تعالى فليس من عاقل يحيد عن هذه القاعدة، فالكل تقر بها نظرا،لكن الكثير من الناس من يتخلف عن هذه القاعدة عملا،فكم من إحسان قوبل بالإساءة !!، فالأخلاق كالأرزاق يتفاوت فيها الناس ،لكن أن يصل الخلق بمسلم أنه ينسى إحسان أخيه إليه وفضله عليه وقد يكون الفضل عليه ليس في دنياه بل في دينه فينسى ذلك الإحسان من أخيه ، فتراه لا يمتنع من نبزه ولمزه بل بغضه وسبه وشتمه، ومهما كان السبب قد يكون لدنيا وقد يكون لدين ،فعلى المسلم أن يحفظ الإحسان والفضل لمن له عليه إحسان وفضل ، فمن أمراضنا اليوم أن أحدنا ينسى إحسان العلماء والشيوخ وطلبة العلم ومن تعلمنا عندهم وعلمونا وأدبونا وبذلوا لنا من وقتهم وراحتهم فلعل أحدهم خالفنا في بعض ماأوصله إليه اجتهاده ، فترانا نتعامل معه وكأننا لم يكن بيننا وبينه مودة ورحم العلم ورحمة ، وهذا لا يخفى على أحد اليوم ، فصديق الأمس والولي الحميم عدو اليوم والضال المبين ، لخلاف سائغ وغير سائغ ...وللأسف أن يكون مثل هذا بين طلبة العلم والدين.
فهذا موقف من مواقفه العظيمة عليه الصلاة والسلام في أنه لا ينسى إحسان من أحسن إليه ولو كان كافرا لعله يكون فيه عبرة أو وقفة أو محاسبة للنفس من أولئك الذين يتكلمون في الدعاة والمشايخ والعلماء. فمن الظلم أخي المسلم أن يُنسب الحويني ومحمد حسان والعريفي والمغامسي والقرني وسفر وو...عدد من شئت ممن له فضل وخير في دعوته ودروسه في التأليف وفي المحاضرات وعبر الفضائيات بأنهم مميعه !!!وأنهم كذا وكذا.... طعنا وصدا ،وهي مغلفة بغلاف الحب في الله والبغض في الله والتحذير من البدعة والمبتدع ، فيا أخوة الدين ..ولو أنهم أخطأوا وخالفوا ..
فما هكذا تورد ياسعد الأبل .
أللهم سددنا وألهمنا رشدنا.

لما عاد عليه الصلاة والسلام من الطائف بعد أن آذوه وطردوه كما فعل به أهل مكة ،طلب من يأويه من أهل مكة فيمنعه من أذى قريش فأرسل رجلا من خزاعة إلى مطعم بن عدي: أدخل في جوارك ؟ فقال : نعم ، ودعا بنيه وقومه فقال : البسوا السلاح ، وكونوا عند أركان البيت فإني قد أجرت محمدا، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه زيد بن حارثة حتى انتهى إلى المسجد الحرام، فقام المطعم بن عدي على راحلته فنادى : يا معشر قريش إني قد أجرت محمدا، فلا يهجه أحد منكم ، فانتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الركن فاستلمه ، وصلى ركعتين ، وانصرف إلى بيته ،والمطعم بن عدي وولده محدقون به بالسلاح حتى دخل بيته.

هذا الموقف وهذا الإحسان لم يغب عنه عليه الصلاة والسلام فلما كانت وقعة بدر ووقع رجال قريش في الأسر فقد أُسر سبعون منهم ما أعظمها من غنيمة ونصر فقد كلم عليه الصلاة والسلام الصحابة في الأسرى فمن قائل بقتلهم كعمر ومن قائل بفديتهم كابي بكر ،لكنه عليه الصلاة والسلام قال وقد مال للفداء لو كان المطعم بن عدي حيا وكلمني في هؤلاء النتنى لأطلقتهم له، وقد كان المطعم بن عدي مات قبل بدر وعمره فوق التسعين عاما .
فهو يطلقهم لذلك الكافر من غير مقابل جزاء ذلك الموقف وذلك الإحسان .
وفي صحيح البخاري قصة المرأة صاحبة المزادتين
عن عِمْرَان بْن حُصَيْن
أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرٍ فَأَدْلَجُوا لَيْلَتَهُمْ ........ وَقَدْ عَطِشْنَا عَطَشًا شَدِيدًا فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ إِذَا نَحْنُ بِامْرَأَةٍ سَادِلَةٍ رِجْلَيْهَا بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ فَقُلْنَا لَهَا أَيْنَ الْمَاءُ فَقَالَتْ إِنَّهُ لَا مَاءَ فَقُلْنَا كَمْ بَيْنَ أَهْلِكِ وَبَيْنَ الْمَاءِ قَالَتْ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ فَقُلْنَا انْطَلِقِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ وَمَا رَسُولُ اللَّهِ فَلَمْ نُمَلِّكْهَا مِنْ أَمْرِهَا حَتَّى اسْتَقْبَلْنَا بِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثَتْهُ بِمِثْلِ الَّذِي حَدَّثَتْنَا غَيْرَ أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا مُؤْتِمَةٌ فَأَمَرَ بِمَزَادَتَيْهَا فَمَسَحَ فِي الْعَزْلَاوَيْنِ فَشَرِبْنَا عِطَاشًا أَرْبَعِينَ رَجُلًا حَتَّى رَوِينَا فَمَلَأْنَا كُلَّ قِرْبَةٍ مَعَنَا وَإِدَاوَةٍ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ نَسْقِ بَعِيرًا وَهِيَ تَكَادُ تَنِضُّ مِنْ الْمِلْءِ ثُمَّ قَالَ هَاتُوا مَا عِنْدَكُمْ فَجُمِعَ لَهَا مِنْ الْكِسَرِ وَالتَّمْرِ حَتَّى أَتَتْ أَهْلَهَا قَالَتْ لَقِيتُ أَسْحَرَ النَّاسِ أَوْ هُوَ نَبِيٌّ كَمَا زَعَمُوا فَهَدَى اللَّهُ ذَاكَ الصِّرْمَ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ فَأَسْلَمَتْ وَأَسْلَمُوا.
وفي سنن الدارقطني (( فجعل خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم تغير على من حولهم وهم آمنون، قال: فقالت المرأة لقومها: أي قوم، والله ما أرى هذا الرجل إلا قد شكر لكم ما أخذ من مائكم ألا ترون يغار على من حولكم وأنتم آمنون به لا يغار عليكم، هل لكم في خير؟ قالوا: وما هو؟ قالت: نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ونسلم، قال:
فجاءت تسوق بثلاثين أهل بيت، حتى بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلموا.))
فهو عليه الصلاة والسلام كافئها عندما أخذ الماء منها أن أرجع لها مائها كما كان ببركته عليه الصلاة والسلام وجمع لها من الكسر والتمر، وحفظ لقومها هذا الموقف فكان لا يغير عليهم إشارة منه لهم أنه يجازي بالإحسان إحسانا على مايظنون هم ويعرفون ،ولو غزاهم لكان محسنا إليهم بغزوهم غير مسيء ، لعلهم يُسلمون فيَسلمون.
هذا إحسانه مع الكافر فكيف مع المسلم!!
اللهم إنا نسألك أن نكون ممن يتخلق بخلقه عليه الصلاة والسلام .فليس بالأمر الهين ولا البسيط أن يتخلق المسلم بخلقه عليه الصلاة والسلام .
فكيف فيهذا الزمان زمان الفتن .
اللهم اجعلنا من أهل الإحسان وممن يقابل الإحسان بالإحسان.
اللهم لطفك وعفوك ....
ولن تعدم الأمة من الصالحين أصحاب الخلق الحميد والقول السديد والعقل الرشيد