المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (1) هكذا ينبغي للناصح أن يكون



أهــل الحـديث
06-10-2012, 10:10 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




أيها الأحبة هذه مقالة لشيخنا أبي عبد الله حمزة النائلي حفظه الله وهي بعنوان هكذا ينبغي للناصح أن يكون نشرها فضيلته في جريدة الشرق القطرية بتاريخ اليوم



بسم الله الرحمن الرحيم



(1) هكذا ينبغي للناصح أن يكون

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين ، نبينا محمد و على آله، و صحبه أجمعين .
أما بعد :
إن من حق المسلم على أخيه أن لا يبخل عليه بالنصح و الإرشاد ، و حثه على ما ينفعه وتحذيره مما يضره في دنياه و آخرته .
فالمؤمن يحب لغيره ما يحب لنفسه ، فإن رأى خللاً أو خطأ أو نقصا من أخيه ، سعى واجتهد في سده وجبره، محتسبا في ذلك الأجر ، راجيا وجه الله و الجنة ، ممتثلا قول نبينا صلى الله عليه وسلم:" الدين النصيحة " قيل لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم ". رواه مسلم (55) من حديث تميم الداري -رضي الله عنه-
قال الإمام النووي-رحمه الله-:"هذا حديث عظيم الشأن وعليه مدار الإسلام".الشرح على صحيح مسلم (2/37)
قال الخطابي –رحمه الله- :"وأما نصيحة عامة المسلمين وهم من عدا ولاة الأمر فإرشادهم لمصالحهم في آخرتهم ودنياهم، وكف الأذى عنهم، فيعلمهم ما يجهلونه من دينهم ويعينهم عليه بالقول والفعل، وستر عوراتهم وسد خلاتهم، ودفع المضار عنهم وجلب المنافع لهم، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر برفق وإخلاص والشفقة عليهم وتوقير كبيرهم ورحمة صغيرهم، وتخولهم بالموعظة الحسنة وترك غشهم وحسدهم، وأن يحب لهم ما يجب لنفسه من الخير ويكره لهم ما يكره لنفسه من المكروه، والذب عن أموالهم وأعراضهم، وغير ذلك من أحوالهم بالقول والفعل". شرح النووي على صحيح مسلم ( 2/39)
و يتأكد النصح على المؤمن إذا طُلب منه ذلك ، قال صلى الله عليه وسلم : "حق المسلم على المسلم سِتٌّ"، قيل ما هُنَّ يا رسول الله ؟فال: "إذا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عليه،وإذا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ،وإذا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ له،وإذا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشمِّتْهُ، وإذا مَرِضَ فَعُدْهُ، وإذا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ ". رواه مسلم (2162) من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-
قال الشيخ السعدي – رحمه الله- : "أي : إذا استشارك في عمل من الأعمال : هل يعمله أم لا ؟ فانصح له بما تحبه لنفسك ، فإن كان العمل نافعا من كل وجه فحثه على فعله ، وإن كان مضرا فحذره منه ، وإن احتوى على نفع وضرر فاشرح له ذلك ووازن بين المصالح والمفاسد ، وكذلك إذا شاورك على معاملة أحد من الناس أو تزويجه أو التزوج منه فابذل له محض نصيحتك ، واعمل له من الرأي ما تعمله لنفسك، وإياك أن تغشه في شيء من ذلك ، فمن غش المسلمين فليس منهم ، وقد ترك واجب النصيحة" . بهجة قلوب الأبرار( ص114)
أيها الأحبة إن بذل النصح للخلق و الحرص على إرشادهم إلى ما فيه صلاحهم من أفضل أنواع العبادة ، لهذا كانت هذه الوظيفة من عمل الأنبياء وسبيل الأصفياء ووسيلة الأتقياء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله-:"فإن أعظم ما عبد الله به نصيحة خلقه " مجموع الفتاوى ( 28/615)
ولقد سئل الإمام عبد الله بن المبارك –رحمه الله-:"أي الأعمال أفضل؟ قال :النصح لله" الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لابن أبي الدنيا( ص72)
فلما كانت هذه الوظيفة بهذه المنزلة الرفيعة والدرجة العالية،كان لابد للقائم بها من التحلي بصفات أساسية و آداب ضرورية، لتثمر بإذن الله نصيحته وتنتشر بين الناس دعوته ، فمما يجب عليه :
أولا : أن يخلص لله في نصحه ، ويحذر من الرياء و العجب الذي يجره لاحتقار المنصوح ، وليتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم :" بحسب امرئ من الشر أن يحتقر أخاه ".رواه مسلم(2564) من حديث أبي هريرة–رضي الله عنه-
ثانيا : أن يتحلى بالرفق و اللين مع من يريد أن يرشده إلى الخير ويدله على ما ينفعه ، وليكن نصب عينيه قول النبي صلى الله عليه وسلم :"إِن الرِّفْقَ لا يكون في شيء إلا زَانَهُ ولا يُنْزَعُ من شَيْءٍ إلا شَانَهُ ". رواه مسلم (2594 ) من حديث عائشة –رضي الله عنها-
قال الحافظ المناوي –رحمه الله- : "لأن به تسهل الأمور و به يتصل بعضها ببعض و به يجتمع ما تشتت ويأتلف ما تنافر وتبدد ويرجع إلى المأوى ما شذ وهو مؤلف للجماعات جامع للطاعات ومنه أخذ أنه ينبغي للعالم إذا رأى من يخل بواجب أو يفعل محرما أن يترفق في إرشاده ويتلطف به". فيض القدير ( 5 /461)
ثالثا : أن يُناصح في السر ، لأن قبول إرشاده في تلك الحالة أرجى بعون الله ، ولهذا كان سلفنا الصالح –رضوان الله عليهم لا يُبدون النصيحة علانية بل يجعلونها بينهم و بين المنصوح ، قال الحافظ ابن رجب –رحمه الله- :" وكان السلف إذا أرادوا نصيحة أحد ، وعظوه سرا " .جامع العلوم و الحكم ( ص82)
بل أن الجهر بالنصيحة و إظهارها دون مصلحة ، عندهم من الفضح والتعيير ، قال الإمام الشافعي –رحمه الله- :" من وعظ أخاه سرا فقد نصحه وزانه ، ومن وعظه علانية فقد فضحه وخانه ". حلية الأولياء لأبي نعيم ( 9/140)
وقال الفضيل بن عياض – رحمه الله- :" المؤمن يستر وينصح، و الفاجر يهتك ويُعير ". جامع العلوم و الحكم لابن رجب (ص82)
قال الحافظ ابن رجب –رحمه الله- :" فهذا الذي ذكره الفضيل من علامات النصح ، وهو أن النصح يقترن به الستر ، و التعيير يقترن به الإعلان". الفرق بين النصيحة و التعيير لابن رجب ( ص36)
رابعا : أن يختار الوقت المناسب بحيث يتجنب حال غضب المنصوح أو انشغال ذهنه،قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: "إن للقلوب شهوة وإقبالاً، وفترة وإدباراً، فخذوها عند شهوتها وإقبالها، وذروها عند فترتها وإدبارها". حلية الأولياء لأبي نعيم ( 1/134)
فهذه أهم الأسباب التي ينبغي أن تتوفر في كل من رفع راية نصح الآخرين وإرشادهم لما فيه نفعهم، لكن قبل ذلك عليه أن يعتقد أن التوفيق لقبول الحق من الله و ما هو إلا سبب من أسباب الهداية ، فلا يحزن و لا يغضب ولا ينتصر لنفسه إذا رُدَّ قوله و لم تُقبل نصيحته ، بل عليه أن يحمد الله إذا قبلت نصيحته و يسأله سبحانه الهداية للمنصوح إذا رد نصيحته .
أيها الأحباب كما أن لرافع راية النصح آداب وأخلاق ينبغي أن يتحلى بها ، فكذلك على المنصوح خصال يجب أن يتصف بها .
فما الذي ينبغي على المنصوح تجاه الناصح و النصيحة ؟ وما هي الأسباب التي تعينه على قبول الحق بإذن الله؟ هذا ما سنجيبكم عنه في تتمة المقال بإذن الله الكبير المتعال ، سائلا الباري جل جلاله أن يجعلنا و إياكم هداة مهتدين ، دالين على الحق مقبلين عليه ، فهو سبحانه قدير و بالإجابة جدير .


وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .



أبو عبد الله حمزة النايلي