المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حمَل خطبة جمعة مشكولة بعنوان مُعْجِزَةٌ بَاهِرَةٌ وَطَهَارَةٌ ظَاهِرَة ) لشيخنا محمد بن مبارك الشرافي - حفظه الله -



أهــل الحـديث
05-10-2012, 06:40 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


مُعْجِزَةٌ بَاهِرَةٌ وَطَهَارَةٌ ظَاهِرَة 19 ذي القعدة 1433هـ
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ , الْحَمْدُ للهِ حَمْداً كَثِيراً طَيِّباً مُبَارَكاً فِيه , الْحَمْدُ للهِ الذِي شَرَعَ لَنَا مَا نُطَهِّرُ بِهِ بَوَاطِنَنَا وَظَوَاهِرَنَا , وأَشْهَدُ أنْ لا إِلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ , وَرَسُولُهُ صلَّى اللهُ عليْهِ وعلى آلِهِ وصَحبِهِ , وسلَّمَ تَسْلِيماً كثَيراً .
أَمَّا بَعْدُ : فَاسْتَمِعُوا أَيُّهَا المُسْلِمُونَ لِهَذَا الحَدِيثِ العَظِيم !
عَنْ عِمْرَانَ بِنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : كُنَّا فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَإِنَّا أَسْرَيْنَا حَتَّى كُنَّا فِي آخِرِ اللَّيْلِ , وَقَعْنَا وَقْعَةً وَلا وَقْعَةَ أَحْلَى عِنْدَ الْمُسَافِرِ مِنْهَا ! فَمَا أَيْقَظَنَا إِلا حَرُّ الشَّمْسِ , وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ اسْتَيْقَظَ فُلانٌ ثُمَّ فُلانٌ ثُمَّ فُلانٌ , ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الرَّابِعُ , وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَامَ لَمْ يُوقَظْ حَتَّى يَكُونَ هُوَ يَسْتَيْقِظُ , لِأَنَّا لا نَدْرِي مَا يَحْدُثُ لَهُ فِي نَوْمِهِ ! فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ عُمَرُ وَرَأَى مَا أَصَابَ النَّاسَ - وَكَانَ رَجُلًا جَلِيدًا - فَكَبَّرَ وَرَفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ , فَمَا زَالَ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ حَتَّى اسْتَيْقَظَ بِصَوْتِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ شَكَوْا إِلَيْهِ الَّذِي أَصَابَهُمْ ! قَالَ (لا ضَيْرَ ! ارْتَحِلُوا ) فَارْتَحَلَ , فَسَارَ غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ نَزَلَ , فَدَعَا بِالْوَضُوءِ فَتَوَضَّأَ , وَنُودِيَ بِالصَّلاةِ , فَصَلَّى بِالنَّاس , فَلَمَّا انْفَتَلَ مِنْ صَلاتِهِ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مُعْتَزِلٍ لَمْ يُصَلِّ مَعَ الْقَوْمِ ! قَالَ (مَا مَنَعَكَ يَا فُلانُ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ الْقَوْمِ ؟ ) قَالَ : أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلَا مَاءَ ! قَالَ (عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ) ثُمَّ سَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاشْتَكَى إِلَيْهِ النَّاسُ مِنْ الْعَطَشِ ! فَنَزَلَ , فَدَعَا فُلانًا وَدَعَا عَلِيًّا , فَقَالَ (اذْهَبَا فَابْتَغِيَا الْمَاءَ) فَانْطَلَقَا , فَتَلَقَّيَا امْرَأَةً بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ أَوْ سَطِيحَتَيْنِ مِنْ مَاءٍ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا , فَقَالا لَهَا : أَيْنَ الْمَاءُ ؟ قَالَتْ : عَهْدِي بِالْمَاءِ أَمْسِ هَذِهِ السَّاعَةَ وَنَفَرُنَا خُلُوفًا (1) ! قَالا : لَهَا انْطَلِقِي إِذًا ! قَالَتْ : إِلَى أَيْنَ ؟ قَالا : إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! قَالَتْ : الَّذِي يُقَالُ لَهُ : الصَّابِئُ ؟ قَالا : هُوَ الَّذِي تَعْنِينَ ! فَانْطَلِقِي ! فَجَاءَا بِهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدَّثَاهُ الْحَدِيثَ , قَالَ (فَاسْتَنْزَلُوهَا عَنْ بَعِيرِهَا) وَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِنَاءٍ , فَفَرَّغَ فِيهِ مِنْ أَفْوَاهِ الْمَزَادَتَيْنِ أَوْ السَّطِيحَتَيْنِ وَأَوْكَأَ أَفْوَاهَهُمَا (2) وَأَطْلَقَ الْعَزَالِيَ (3) وَنُودِيَ فِي النَّاسِ اسْقُوا وَاسْتَقُوا ! فَسَقَى مَنْ شَاءَ , وَاسْتَقَى مَنْ شَاءَ , وَكَانَ آخِرُ ذَاكَ : أَنْ أَعْطَى الَّذِي أَصَابَتْهُ الْجَنَابَةُ إِنَاءً مِنْ مَاءٍ قَالَ (اذْهَبْ فَأَفْرِغْهُ عَلَيْكَ !) وَهِيَ قَائِمَةٌ تَنْظُرُ إِلَى مَا يُفْعَلُ بِمَائِهَا !!! وأيْمُ اللَّهِ لَقَدْ أُقْلِعَ عَنْهَا وَإِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْنَا أَنَّهَا أَشَدُّ مِلأَةً مِنْهَا حِينَ ابْتَدَأَ فِيهَا ! فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اجْمَعُوا لَهَا) فَجَمَعُوا لَهَا مِنْ بَيْنِ عَجْوَةٍ وَدَقِيقَةٍ وَسَوِيقَةٍ , حَتَّى جَمَعُوا لَهَا طَعَامًا فَجَعَلُوهَا فِي ثَوْبٍ وَحَمَلُوهَا عَلَى بَعِيرِهَا , وَوَضَعُوا الثَّوْبَ بَيْنَ يَدَيْهَا , قَالَ لَهَا (تَعْلَمِينَ مَا رَزِئْنَا مِنْ مَائِكِ شَيْئًا وَلَكِنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي أَسْقَانَا) فَأَتَتْ أَهْلَهَا وَقَدْ احْتَبَسَتْ عَنْهُمْ , قَالُوا : مَا حَبَسَكِ يَا فُلانَةُ ؟ قَالَتِ : الْعَجَبُ ! لَقِيَنِي رَجُلانِ فَذَهَبَا بِي إِلَى هَذَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ الصَّابِئُ ! فَفَعَلَ كَذَا وَكَذَا , فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لأَسْحَرُ النَّاسِ مِنْ بَيْنِ هَذِهِ وَهَذِهِ ! وَقَالَتْ بِإِصْبَعَيْهَا الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةِ فَرَفَعَتْهُمَا إِلَى السَّمَاءِ , تَعْنِي السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ , أَوْ إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ حَقًّا !!!
فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ ذَلِكَ يُغِيرُونَ عَلَى مَنْ حَوْلَهَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ , وَلا يُصِيبُونَ الصِّرْمَ الَّذِي هِيَ مِنْهُ ! فَقَالَتْ يَوْمًا لِقَوْمِهَا : مَا أُرَى أَنَّ هَؤُلاءِ الْقَوْمَ يَدْعُونَكُمْ [إلا] عَمْدًا فَهَلْ لَكُمْ فِي الإِسْلامِ ؟ فَأَطَاعُوهَا فَدَخَلُوا فِي الإِسْلامِ . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : هَذَا حَدِيثٌ عَظِيمٌ , فِيهِ بَيَانٌ لِبَعْضِ أَحْوَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَحَابَتِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ , وَفِيهِ آيَةٌ بَاهِرَةٌ وَمُعْجِزَةٌ ظَاهِرَةٌ لِنَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَدُلُّ عَلَى عِنَايَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ وَبِأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ !
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ حُكْمٌ نَحْتَاجُهُ كَثِيرَاً وَجَدِيرٌ بِنَا أَنْ نَعْتَنِيَ بِهِ وَنَتَفَقَّهَ فِيهِ , أَلا وَهُوَ الْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ ! وَهَذَا الْمَوْضُوعُ فِي الكَلامِ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْحَرَجِ , وَلَوْلَا الْحَاجَةُ بَلِ الضَّرُورَةِ لِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِهِ مِا تَكَلَّمْنَا فِيه !
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : إِنَّ الْغُسْلَ مِنَ الْجَنَابَةِ هَوَ التَّعَبُّدُ للهِ بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ بِتَعْمِيمِ جَمِيعِ الْبَدَنِ بِالْغَسْلِ عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ !
وَاعْلَمُوا أَنَّ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ سَبْعَةُ أَشْيَاءَ ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا , يُوْجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ الاغْتِسَالَ !
أَحَدُهَا : خُرُوجُ الْمَنِيِّ مِنْ مَخْرَجِهِ مِنَ الذَّكَرِ أَوِ الأُنْثَى !
وَلا يَخْلُو : إِمَّا أَنْ يَخْرُجَ هَذَا الْمَنِيُّ فِي حَالِ الْيَقَظَةِ ، أَوْ حَالِ النَّوْمِ , فَإِنْ خَرَجَ فِي حَالِ الْيَقَظَةِ , اشْتُرِطَ وُجُودُ اللَّذَّةِ بِخُرُوجِهِ ، فَإِنْ خَرَجَ بَدُونِ لَذَّةٍ , لَمْ يُوجِبِ الْغُسْلَ , كَالذِي يَخْرُجُ بِسَبَبِ مَرَضٍ أَوْ عَدَمِ إِمْسَاكٍ !
وَإِنْ خَرَجَ فِي حَالِ النَّوْمِ ، وَهُوَ مَا يُسَمَّى بِالاحْتِلامِ , وَجَبَ الْغُسْلُ مُطْلَقَاً , لِفَقْدِ إِدْرَاكِهِ , فَقَدْ لا يَشْعُرُ بِاللَّذَّةِ , فَالنَّائِمُ إِذَا اسْتَيْقَظَ وَوَجَدَ أَثَرَ الْمَنِيِّ , وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ احْتَلاماً !
وَإِنِ احْتَلَمَ ، وَلَمْ يَخْرُجُ مِنْهُ مَنِيٌّ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْغُسْلُ ، بِمَعْنَى : أَنَّهُ رَأَى أَنَّهُ يُجَامِعُ لَكِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ أَثَراً !
الثَّانِي : مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ : إِيلاجُ الذَّكَرِ فِي الْفَرْجِ ، وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ إِنْزَالٌ , لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا قَعَدَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ ، ثُمَّ مَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ , فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
فَيَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى الْوَاطِئِ وَالْمَوْطُوءَةِ بِالإِيلاجِ ، وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ إِنْزَالٌ ! لِهَذَا الْحَدِيثِ وَلإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى ذَلِكَ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : والثَّالِثُ : مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ عِنْدَ طِائِفَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ : إِسْلامُ الْكَافِرِ ، فَإِذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ , وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ , لأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بَعْضَ الذِينَ أَسْلَمُوا أَنْ يَغْتَسِلُوا ! وَيَرَى كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ اغْتِسَالَ الْكَافِرِ إِذَا أَسْلَمَ مُسْتَحَبٌّ ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ !
الرَّابِعُ : مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ : الْمَوْتُ ، فَيَجِبُ تَغْسِيلُ الْمَيِّتِ , غَيْرَ الشَّهِيدِ فِي الْمَعْرَكَةِ , فَإِنَّهُ لا يُغَسَّلُ ! وَالوُجُوبُ هُنَا مُتَوَجِّهٌ إَلَى الأَحْيَاءِ مِنْ أَوْلِيَاءِ المَيِّتِ أَوْ مِمَّنْ حَضَرَهُ مِنَ المُسْلِمِينَ !
الْخَامِسُ وَالسَّادِسُ : مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ خَاصَّانِ بِالنِّسَاء , وَهُمَا : الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ , فَإِذَا طَهُرَتِ الْمَرْأَةُ مِنَ الْحَيْضِ أَوِالنِّفَاسِ وَجَبَ عَلَيْهَا الاغْتِسَال !
السَّابِعُ : الاغْتِسَالُ لِصَلاةِ الجُمْعَةِ - عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلَي العُلَمَاءِ - فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (غُسْلُ اَلْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ) أَخْرَجَهُ اَلسَّبْعَة
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَصِفَةُ الْغُسْلِ الْكَامِلِ : أَنْ يَنْوِيَ بِقَلْبِهِ , ثُمَّ يُسَمِّيَ وَيَغْسِلَ يَدَيْهِ ثَلاثَاً وَيَغْسِلَ فَرْجَهُ , ثُمَّ يَتَوَضَّأَ وُضُوءاً كَامِلاً , ثُمَّ يَحْثِيَ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ يُرْوِي أُصُولَ شَعْرِهِ , ثُمَّ يَعُمَّ بَدَنَهُ بْالْغَسْلِ ، وَيَدْلِكَ بَدَنَهُ بِيَدَيْهِ , لِيَصِلَ الْمَاءُ إِلَيْهِ !
وَالْمَرْأَةُ الْحَائِضُ أَوِ النُّفَسَاءُ تَنْقُضُ رَأَسْهَا لِلْغُسْلِ مِنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ ، وَأَمَّا الْجَنَابَةُ , فَلا تَنْقُضُهُ حِينَ تَغْتَسِلُ لَهَا , لِمَشَقَّةِ التِّكْرَارِ ! وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تُرْوِي أُصُولَ شَعْرَهَا بِالْمَاءِ .
أَقُولُ قَولِي هَذَا وأَسْتِغْفِرُ الله العَظِيمَ لي ولكُم فاستغْفِرُوهُ إِنَّهُ هوَ الغفورُ الرحيمُ .

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ الْبَرِّ الرَّحِيمِ , الْحَلِيمِ الْعَظِيم , وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى النَّبِيِّ الْكَرِيم , وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ .
أَمَّا بَعْدُ : فَيَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُون : إن الْغُسْلَ مِنَ الْحَدَثِ الأَكْبَرِ أَمَانَةٌ مِنْ جُمْلَةِ الأَمَانَاتِ التِي بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ رَبِّهِ ، يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُحَافِظَ عَلَيْهِ ، وَأَنْ يَهْتَمَّ بِأَحْكَامِهِ , لِيُؤَدِيَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ , وَمَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ مِنْ أَحْكَامِهِ وَمُوجِبَاتِهِ , سَأَلَ عَنْهُ ، وَلا يَمْنَعُهُ الْحَيَاءُ مِنْ ذَلِكَ , فَإِنَّ اللهَ لا يَسْتَحِيِ مِنَ الْحَقِّ ، فَالْحَيَاءُ الذِي يَمْنَعُ صَاحِبَهُ مِنَ السُّؤَالِ عَنْ أُمُورِ دِينِهِ حَيَاءٌ مَذْمُومٌ ، وَهُوَ جُبْنٌ مِنَ الشَّيْطَانِ , لِيُثَبِّطَ بِهِ الإِنْسَانَ عَنْ اسْتِكْمَالِ دِينِهِ وَمَعْرِفَةِ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ أَحْكَامِهِ !
أَيُّهَا الإِخْوَةُ فِي اللهِ : إِنَّهُ يِجِبُ عَلَى الْمُغْتَسِلِ رَجُلاً كَانَ أَوْ امْرَأَةً أَنْ يَتَفَقَّدَ أُصُولَ شَعْرِهِ , وَمَغَابِنَ بَدَنِهِ وَمَا تَحْتَ حَلْقِهِ , وَإِبِطَيْهِ وَسُرَّتِهِ , وَطِيِّ رُكْبَتَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ لابِسَاً سَاعَةً أَوْ خَاتَمَاً , فَإِنَّهُ يُحِرِّكُهُمَا لِيَصِلَ الْمَاءُ إِلَى مَا تَحْتَهُمَا ! وَهَكَذَا يَجِبُ أَنْ يَهْتَمَّ بِإِسْبَاغِ الْغُسْلِ بِحَيْثُ لا يَبْقَى مِنْ بَدَنِهِ شَيْءٌ لا يَصِلُ إِلَيْهِ الْمَاءُ !
وَلا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُسْرِفَ فِي صَبِّ الْمَاءِ , فَالْمَشْرُوعُ تَقْلِيلُ الْمَاءِ مَعَ الإِسْبَاغِ , فَقَدْ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ , فَيَنْبَغِي الاقْتِدَاءُ بِهِ فِي تَقْلِيلِ الْمَاءِ وَعَدَمِ الإِسْرَافِ .
كَمَا يَجِبُ عَلَى الْمُغْتَسِلَ أَنْ يَسْتَتِرَ , فَلا يَجُوزُ أَنْ يَغْتَسِلَ عُرْيَانَاً بَيْنَ النَّاسِ !
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : إِنَّ أَمْرَ الطَّهَارَةِ أَمْرٌ عَظِيم ، وَالتَّفْرِيطُ فِي شَأْنِهَا خَطِير , لأَنَّهَا تَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا صِحَّةُ الصَّلاةُ التِي هِيَ عَمُودُ الإِسْلامِ ! نَسْأَلُ اللهُ لَنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ الْبَصِيرَةَ فِي دِينِهِ وَالإِخْلاصَ لَهُ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ !
اللَّهُمَّ فَقِّهْنَا فِي ديِنِكَ وَارْزُقْنَا الْعَمَل بِمَا يُرْضِيكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكُ عِلْمَاً نَافِعَاً وَعَمَلاً صَالِحَاً وَرِزْقَاً حَلالاَ , اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ اسْتَمَعَ الْقَوْلَ فَاتَّبَعَ أَحْسَنَهُ , اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي دُورِنَا وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلاةَ أُمُورِنَا , وَأَصْلِحْ لِوُلاةِ أُمُورِنَا بِطَانَتَهُمْ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ !
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ , كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ اللهُ , فَمَنْ صَلَّى عَلِيْهِ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ بِهَا عَشْرَاً ! اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَزِدْ وَبَارِكْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّد , اللَّهُمَ ارْزُقْنَا مَحَبَّتَهُ وَاتِّبَاعَهُ ظَاهِرَاً وَبَاطِنَاً , اللَّهُمَّ احْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ وَأَدْخِلْنَا فِي شَفَاعَتِهِ وَأَسْقِنَا مِنْ حَوْضِهِ واجْمَعْنَا بِهِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَوَالِدِينَا وَأَهَالِينَا وَجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ , وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ !
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــ
(1) أَيْ : خَرَجُوا لِلأَسْفَارِ وَخَلَّفُوا النِّسَاءَ وَالأَثْقَال , وَلِذَلِكَ احْتَاجَتْ هِيَ أَنْ تَسْتَسْقِيَ الماءَ لِأَهْلِهَا .
(2) أَيْ رَبَطَ فَمَ الْمَزَادَةِ الأَعْلَى , وَالْوِكَاءُ اسْمٌ لِمَا يُشَدُّ بِهِ مِنْ خَيْطٍ وَنَحْوِهِ .
(3) جَمْعُ عَزْلَى وَهِيَ فَمُ الْمَزَادَةِ الأَسْفَلِ .

<div style="padding:6px"> الملفات المرفقة
: مُعْجِزَةٌ بَاهِرَةٌ وَطَهَارَةٌ ظَاهِرَة.pdf&rlm; (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=96810&d=1349407059)
: 250.6 كيلوبايت
: <font face="Tahoma"><b> pdf