المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ذبح الحمام الأهلي في الحرم المكي لفضيلة الشيخ محمد شفيع



أهــل الحـديث
01-10-2012, 10:10 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



ذبح الحمام الأهلي في الحرم المكي
لفضيلة الشيخ محمد شفيع
نحمد الله ونصلي ونسلم على رسوله الكريم، أما بعد.
فقد ورد علينا سؤال من سكان مكة المكرمة سيما الذين يقطنون في الأحياء البعيدة عن المسجد الحرام كالجرول، وقوس النكاسة، والدهلة الوسطى سألوا عن ذبح الحمام الأهلي الذي يقتنيه الناس في بيوتهم هل يجوز ذبحه في حدود حرم مكة أم لا؟ وهل حكم الحمام الأهلي كدجاجة جاز ذبحها في الحرم لمحرم وحلال أم هو كالطيور التي ذبحها محظور على المحرم .. وعلى من كان في الحرم حلالا كان أو حراما.
إنا فتشنا عن ذلك في كتب المذاهب الأربعة فاتضح لنا أن الحمام عند أصحاب المذاهب الأربعة لا يكون إلا صيداً سواء كان أهلياً يقتنى في البيوت أو متوحشاً يطير ويخاف من الإنس كحمام المسجد الحرام أو غير ذلك مما يوجد في الصحراء، والآجام وكون بعض صنوفه أهلياً مستأنسا بالرجال لكونه مقتنى في البيوت لا يخرجه عن كونه صيداً.
ففي المغني من فقه الحنابلة صفحة 502 - ج3 "وكذلك وجب الجزاء في الحمام أهلية ووحشية اعتباراً بأصله" اهـ. هذا ما ذكره في جنايات الإحرام.
وقال في ذكر محظورات الحرم: "وما يحرم ويضمن في الإحرام يحرم ويضمن في الحرم وما لا فلا إلا شيئين، أحدهما القمل مختلف في قتله في الإحرام وهو مباح في الحرم بلا اختلاف. الثاني: صيد البحر مباح في الإحرام من غير خلاف، ولا يحل صيده من آبار الحرم وعيونه" اهـ. وهذا صريح في أن الحمام لا يجوز ذبحه وقتله في حدود حرم مكة المكرمة أهلياً أو وحشياً وليس له حكم الدجاجة في ذلك.

وفي المهذب - من فقه الشافعية -: "وإن كان الصيد طائراً نظرت فإن كان حماماً وهو الذي يغب ويهدر كالذي يقتنيه الناس في البيوت كالدبسي والقمري والفاختة فإنه يجب فيه شاة". صفحة 318 ج1, وفيه أيضا صفحة 318 ج1: "ويحرم صيد الحرم على الحلال والمحرم، وحكمه في الجزاء حكم صيد الإحرام لأنه مثله في التحريم فكان مثله في الجزاء" اهـ، فإذا كان حكم الحرم والإحرام واحداً في حرمة الصيد وجزائه، وكل حمام أهلياً كان أو وحشياً صيد عند الشافعية كان ذبح الحمام الأهلي في الحرم حراماً عندهم وفي غنية الناسك صفحة (151) من كتب الحنفية المعتمد في المناسك ومسائل الحرمين "والصيد المملوك لو كان معلماً كالبازي والشاهين والصقر والطوطي والحمام، الذي يجيء من المواضع البعيدة.
وغير ذلك من الأصناف التي تتخذ للترفه يلزمه قيمته للجناية غير معلم وقيمته لمالكه معلماً بالغة ما بلغت إلا أن يكون للهو ولا تعتبر زيادة قيمته بسبب التعليم أو تفاخر الملوك لحق الشرع، وأما زيادتها لحسن ذات في الصيد فمعتبرة كالحمام المطوقة والمصوتة، والصيد الحسن المليح" اهـ. وهذا صريح في الجزاء على المحرم يقتل الحمام المعلم، والمعلم هو الأهلي الداجن الذي يقتنى في البيوت، فلما كان هذا حكم المحرم كان حكم الحرم كذلك لما صرح قاضي خان في فتاواه - وهو من أكابر الفقهاء الحنفية - "صيد الحرم لا يحل قتله ولا تنفيره إلا ما يباح منه للمحرم" اهـ.
ولقد قال ابن نجيم الحنفي المصري في البحر الواثق شرح كنز الدقائق صفحة 39 ج3: "الحمام متوحش بأصل الخلقة ممتنع بطيرانه وإن كان بطيء النهوض، والاستيناس عارض" اهـ، فالحمام صيد عند الحنفية - أيَّ حمام كان - لكونه متوحشاً في أصل الخلقة وفي المدونة - من فقه المالكية - "وكان مالك يكره للمحرم أن يذبح الحمام إذا أحرم الوحشي وغير الوحشي لأن أصل الحمام طير يطير".
قال عبد الرحمن بن قاسم: "قيل لمالك إنا عندنا حماما يقال له ((الردمية)) لا يطير وإنما يتخذ للفراخ"، قال: "لا يعجبني ذبحه لأنها تطير، ولا يعجبني أن يذبح المحرم شيئا مما يطير"، قال: "فقلنا لمالك فيذبح في المحرم الإوز، والدجاج"، قال: "لا بأس بذلك"، قلت لابن القاسم: "أليس الإوز طيراً يطير فما فرق بينه وبين الحمام"، قال مالك: "ليس أصله مما يطير، وكذلك الدجاج ليس أصله مما يطير"، قال: فقلت لمالك: "فما أدخل مكة من الحمام الإنسي، والوحشي أترى للحلال إن أدخل به من الحل فكذا الحمام في ذلك"اهـ.
وفي أقرب المسالك لمذهب الإمام مالك تأليف محمد بن أحمد الدردير صفحة (53) "وليس الدجاج، والإوز بصيد بخلاف الحمام " اهـ.
ففي عبارة المدونة، وأقرب المسالك تصريح في أن الحمام صيد - أي حمام كان - فلا يجوز ذبح الحمام الأهلي، وغير الأهلي في الحرم عند المالكية أيضاً إلا أن مالكا - رحمة الله عليه - أجاز ذبح الحمام الذي أدخل في الحرم من خارج الحرم.
فالذي يعوَّل عليه، ويعتمد أن ذبح الحمام الأهلي المستأنس، والوحشي الذي يستأنس لا يجوز ذبحه في حدود حرم مكة في المذاهب الأربعة، إلا مالكاً - رحمة الله تعالى عليه - أجاز ذبح الحمام الذي أدخل في الحرم من خارج الحرم.
والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب.
محمد شفيع
- عفى الله عنه -