المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نُبذة عن كتاب الرافعي "علي السفود"



أهــل الحـديث
01-10-2012, 07:00 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



السلامُ عليكم ورحمة الله وبركـاته...

لم يكن الرافعي شهاباً لاح في سماء الأدب لم يلبث أن مضى وتلاشى، بل كان كوكبا متلألئا مضيئا، لم يبرح كبد السماء، ولم تزده الأيام إلا ألقا وبريقا.
ولا غرو فقد تملك الرافعي ناصية البيان، وتربع على عرش الأدب، وأوتي من جمال التعبير وحسن الديباجة ما يأخذ بعقول قارئيه، صادراً في ذلك كله عن ثقافة إسلامية أصيلة، ومعرفة لغوية عميقة، وإحاطة بالتراث العربي واستظهار له، مع نظرة فلسفية متأملة، وزاد معرفي جبار، حتى لتخاله قد قُدَّ عوده من العربية بعبقريتها وروعتها وجلالها، ولقد صدقت فيه نبوءة الزعيم المصري الكبير مصطفى كامل، فيما كتب إليه مقرظا ديوانه: "سيأتي يوم إذا ذكر فيه الرافعي قال الناس: هو الحكمة العالية مصوغة في أجمل قالب من البيان".
تقلَّب الرافعيُّ في عصر فيه كلُّ ألوان الطَّيف، تراهُ زاهراً في جوانب منه، مضطربا متقلقلاً في جوانب أخرى، ومن مظاهر ذلك الاضطراب: كثرةُ الصراعات الفكريَّة والأدبية، وهو مظهر فيه ما له وفيه ما عليه، ولعل من أهمِّ ما يُحسب له ما تمخضت عنه تلك المعارك من نتاج فكري وثقافي وأدبي، أغنى الحياة الثقافية في مصر والعالم العربيِّ، وما زالت آثاره بيِّنة جلية في ثقافة أدبائنا وفكر مفكرينا في أيامنا هذه.
وقد عاش الرافعيُّ عصره كما هو، راكبا فيه الصعب والذلول، لابساً لكل موقف لبوسه، فارساً من فرسان الميدان غير مُدافع.
ومن أشهر معاركه الأدبية وصراعاته الفكرية التي حمي فيها الوطيس واشتد الأُوار، ما كان بينه وبين الأستاذ عباس محمود العقاد، فقد كتب الرافعي في نقده مجموعة مقالات دامغة بعنوان: "على السَّفوُّد"، أصلاه بها ناراً حامية، نائياً فيها عن حدود النقد الأدبي، إلى التشهير والسخرية، وما لا يليق.
والسَّفُّودُ في اللغة: هو الحديدة يشوى بها اللحم، ويسميها العامة: (السِّيخ). ويُجمع السفود على سفافيد، ومن تناوله السفود يقال فيه: مسَفَّد؛ لأن تسفيدَ اللحم نًظْمُه في تلك الحديدة للاشتواء وقد قام الرافعي بتأليف كتاب مكوّن من سبع سفافيد هجا فيه عباس العقـاد بسبب كبريائه وغيرتهُ الجُهنمية التي ظهرت كالشمس في رائعة النهار عندما عرض الرافعي كتابهُ "وحيُّ القلم" علي العقاد طالباً منه رأيهُ فيه، فلما رأي العقـاد اقتباساً لسعد زغلول موضوع في أول صفحة في الكتاب قائلاً فيه: "بيان كأنه تنزيلٌ من التنزيل أو قبسٌ من نور الذكر الحكيم"، اشتاط لذلك العقاد غيرةً وادعي أن هذا افتراء علي سعد باشا زغلول وأنه لم يكتب هذي الكلمات بل واتهم الرافعي بالجهل والعمي الأدبي وادعي أن كتابه هذا الصحيح فيه أنه غير صحيح!

حينها لم يُصدق الرافعي نفسه وقرر تأليف سبع مقالات واضعاً بهما العقاد "علي السفود!" وجُمعت تلك السفافيد في كتاب أراه من أفضل الكُتب الحديثة في النقد العربي لشعر العقاد ونثره أيضاً، ولا جرم أن الإستفادة من تلك المعارك الأدبية بين أكابر اللغة كالرافعي والعقاد رحمهما الله عظيمة جداً وتفتح للقارئ أبواباً لمعرفة أصول اللغة والنقد الأدبي وكيفية استخدام الألفاظ دونما لحن...


لذا إني ناصح لكل من يريد اتقان فنون النقد الأدبي واحياء سمات الشعر العربي الصحيح أن يقرأ هذا الكتاب بل ويعيد قراءته أكثر من مرة وذلك لإحتوائه علي زُبد الرافعي وخُلاصة نقده الأدبي الفائق...


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبي حفص الإبشاني الأثري