المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شباب الرياض



أبو عبد الهادي
06-01-2006, 01:19 AM
شباب الرياض

مهلاً... قبل أن تقرأ هذه القصة... يجب أن تنظر إلى أي موضوع تود أن تنتقده بكل شفافية ووضوح حتى نصل إلى أول خطوة من خطوات العلاج..


" يا لها من رواية.."
هتف( حسام ) بهذه العبارة في حماس بالغ ، وهو يتطلع إلى صديقه الكاتب المغمور ( وليد ) الذي تطلع إليه في هدوء قبل أن يقول: هل أعجبتك الرواية..؟ أجاب( حسام ) بنفس الحماس: جداً.. خاصة وأنها دعوة كبيرة للتفاؤل.., وبارقة أمل في الحياة .. هز (وليد) كتفيه وهو يقول: الأهم أن تأخذ دورها في النشر.. ثم التفت إلى( حسام) وهو يتساءل: ولكن هل تعتقد أن شبابنا يحملون هذه الصفات؟ عقد (حسام) حاجبيه وهو يتساءل بدوره: ماذا تعني؟.. زفر (وليد) وهو يجيب: الرواية تحوي الكثير من المثاليات وصور الانضباط في العمل والمنزل والشارع ..، ورواية كهذه لا تحمل المصداقية الكافية قد لا تواجه التفاعل المطلوب من قبل القراء.. أخذ ( حسام ) يتطلع إليه قليلاً قبل أن يقول: أنا أتفق معك من هذه الناحية.. ولكن لاتنس أنك كاتب متميز.. ينتظر القراء جديدك بكل لهفة.., وصوتك سيكون مسموعا من قبل الكثير.., بل سيحترم القارئ وجهة نظرك ويتقبلها بكل أريحية.. ثم جلس على أقرب أريكة إليه وهو يستطرد: ثم لاتنس أن الرواية تمثل لنا حلماً جميلاً .. كم نتمنى جميعا أن يصل شبابنا إليه.. تنهد (وليد) وهو يتمتم لنفسه: أتمنى أن أصدقك.. ولكني أشعر بقلق بالغ.., قالها دون أن يعلم أن روايته هذه ستقلب المفاهيم التي يحملها في أعماقه رأساً على عقب.. كل المفاهيم.. * * *
"هراء .. هذه مجرد أوهام "
صرخ رئيس تحرير إحدى المجلات بهذه العبارة وهو يلقي الرواية جانباً في حدة فتطلع إليه ( وليد ) قبل أن يسأله: كيف استطعت الحكم عليها بذلك مع أنك لم تقرأها بعد؟؟ .. لوح رئيس التحرير بيده مجيباً: لقد قرأت أول عشر صفحات فيها ، وكانت كافية.. ثم غاص في مقعده وهو يكمل: أتظن أنك تعيش في عالم وردي خالٍ من الأشواك؟ .. أفق يا رجل, وانظر إلى المجتمع من حولك حتى تكتشف أنك تغطُّ في سبات عميق .. اتسعت عينا ( وليد ) في دهشة بالغة وهو يتساءل: ألا ترى أنك تنظر إلى المجتمع من خلال منظار أسود قاتم؟.. ضرب رئيس التحرير بقبضته على الطاولة وهو يجيب في حنق: بل أنت الذي يسرف في التفاؤل يا هذا ..! .. ألم تذهب يوماً إلى مقهى..... أو تسير قليلاً في شارع..... يلوح لي أنك لم تتنزه يوماً في....... حتى ترى حجم الأوهام التي تعيشها .. ازدرد (وليد) لعابه قبل أن يغمغم: الحداثة الفكرية متى ما تحولت لقناعات ظل الفكر الإسلامي بعدها مجرد أوهام .. أخذ رئيس التحرير يتمعن فيه قليلاً وهو يسأله : ماذا تعني ؟!..أجابه ( وليد ) في اعتداد : أعني أنك مجامل كبير !.. انعقد حاجبا رئيس التحرير وهو يصرخ في غضب هادر: كيف تجرؤ؟ ... واصل (وليد) بنفس الاعتداد: لقد بات صاحب الحق يخجل من ابداء رأيه بكل شفافية ووضوح في مؤسستكم.. نهض رئيس التحرير من مكانه وهو يلوح بيده صارخاً: اخرج .. أنت مفصول.. مفصول .. خرج (وليد) من مكتبه ، وهو يصفق الباب خلفه في عنف ، ومن خلفه رئيس التحرير يواصل صراخه.. وأخذ يبتعد عن المكان وقد تشابكت الأفكار في رأسه.. وتلاطمت أمواج الغضب في داخله دون أن يكون له قرار واضح.. أي قرار.. * * *
داخل إحدى المقاهي الحديثة ؛ التي تشتمل على أنواع عديدة من المشروبات الساخنة جلس( وليد ) يفكر في عمق ، وهو يرتشف كوباً من القهوة ويتطلع حوله الى العديد من الشباب الذين يمتلىْ بهم المحل ، وزفر في حنق وهو يتطلع الى سحب الدخان المتراكم من أنواع متعددة من سجائر مختلفة وهو يتمتم لنفسه : كيف وصلت الجرأة بهؤلاء حتى ينفثوا دخان سجائرهم في وجوهنا بكل وقاحة و 000 قطع أفكاره بغتة صوت صرخة أشبه بصرخات الأنثى فالتفت في حدة الى مصدر الصوت فإذا بشاب قد سرح شعره الى أكتافه ، ومن حوله أصدقاؤه يتطلعون في لهفة بالغه الى مقطع من مقاطع البلوتوثوث ، ويتضاحكون مع بعضهم البعض ، ويقهقهون بصوت عالٍ .. وقد كانت الملابس التي يرتدونها أقل ما يقال عنها أنها ضيقه .. ترك( وليد ) ما في يده وأسرع يغادر المحل ويستقل سيارته وهو يتمتم لنفسه : يا إلهي .. كنت أظن أنها امرأة ترتدي زى الرجال ..!! انحرف بسيارته إلى شارع جانبي وهو يواصل حديثه لنفسه : .. ولكن هل كانت الملابس التي يرتديها تشبه ملابس الرجال ؟.. إنها المرة الأولى في حياتي التي أرى فيها ثوباً مخصّراً بهذه الطريقة التي ..... بتر عبارته بغتة وهو يتطلع في دهشة بالغه إلى الطريق أمامه شبه المسدود ، وعقد حاجبيه وهو يتساءل: أهو حادث مروري ؟!..
كان الطريق أمامه يعجُّ بالسيارات المتوقفة والشباب المنتشرين يمنةً ويسرة على جنبات الطريق وهم يحملون راياتٍ وأعلاماً تحمل لوناً مميزاً لإحدى الفرق الرياضية المحلية ... أخذ ( وليد ) يتطلع إلى كل ذلك قبل أن يضغط على فرامل السيارة بشكل مباغت فأطلقت صريراً مزعجاً قبل أن تقف ، وفو جئ بشاب يفتح الباب الأيمن للسيارة ويركب فيها ، فالتفت إليه ( وليد ) في دهشة قائلاً : أي خدمة ؟!.. كان يتأمل في دهشة إلى الملابس العجيبة التي يرتديها الشاب وإلى بعض الألوان والمساحيق التي ملأ بها الشاب وجهه ، فأجابه الشاب بلهجة عجيبة : اذهب إلى أي مكان تريد .. نريد أن نحتفل بالفوز .. صرخ ( وليد ) في غضب هادر : أي فوز ؟!.. قبل أن يجيبه الشاب فوجئ الاثنان بمجموعة من الشبان يتراقصون أمام السيارة ، وبعضهم يطرق طرقات منتظمة على مقدمة السيارة في مشهد مثير زاد من حنق ( وليد ) ، وقبل أن تصدر منه أي ردة فعل فتح الشاب باب السيارة وخرج يشاركهم فرحتهم ، فاستغل ( وليد ) الفرصة وانطلق بالسيارة بشكل مباغت أجبرت من أمامه على أن يزيحوا له الطريق بصعوبة ، وهم يطلقون السباب والشتائم من خلفه ... وأخذ يبتعد عن المكان وصور المشاهد السابقة عالقة في ذهنه وهو يبتعد .. ويبتعد .. ويبتعد ...
* * *
" لماذا كل هذا الحزن ؟!.. "
هتف ( حسام ) بهذه العبارة وهو يواجه زميله ( عادل ) الذي التفت إليه وهو شارد الفكر قبل أن يقول : أهو أنت يا ( حسام ) ؟!.. ثم اعتدل في جلسته قبل أن يشير إلى رواية في يده مجيباً : هذه الرواية يا ( حسام ) .. هذه الرواية التي حطمت كل الآمال !.. ألقى ( حسام ) نظرة على الرواية التي تحمل عنواناً كبيراً يقول " شباب الرياض " قد احتل نصف الغلاف تقريباً ، فاتسعت عينا ( حسام ) وهو يتساءل : أليست هذه الرواية لزميلنا ( وليد ) ؟!.. هز ( عادل ) رأسه دلالة الإجابة بـ( نعم ) ، ثم سأله : هل رأيته من قريب ؟!.. أجاب ( حسام ) : كلا بالطبع .. منذ أن رفضوا إخراج روايته قبل سنتين لم أره إلى الآن .. حتى الاتصالات الهاتفية لم أعد أستقبلها منه .. شيء عجيب لم أعهده فيه من قبل !.. ثم تنهد وهو يمسك بالرواية بين يديه قبل أن يلتفت إلى ( عادل ) وهو يتساءل : ولكن ما الذي يحزنك ؟!.. إن صديقنا ( وليد ) كان يحلم مجرد الحلم بإخراج هذه الرواية !!.. تمعّن فيه ( عادل ) قليلاً قبل أن يجيبه : يبدو أنك لم تقرأ الرواية بعد .! ثم التفت بجسده كله إلى ( حسام ) وهو يستطرد : هل تخيلت يوماً من الأيام أنّ شبابنا أصبحوا فارغين .. هامشيين .. اهتماماتهم تافهة ؛ تنصب في قضاء الشهوة بأي وسيلة كانت ..، والبقية منهم يتراقصون في الشوارع ؟!!.. اتسعت عينا ( حسام ) وهو يتساءل : يا إلهي !.. أهذا هو مضمون الرواية ؟!.. واصل ( عادل ) وكأنه لم يسمعه : الأدهى من ذلك كله ؛ أنه صوّر الإسلام وكأنه دين يناسب العصور القديمة فقط ، وأن التمسك بالأخلاق والعُرف يعدّ تخلفاً فكرياً ترفضه الحضارة تماماً .. همّ ( حسام ) بالتعليق عندما فوجئ الاثنان بدخول صديقهما ( هشام ) الذي هتف فيهما مباشرةً : هل رأيتما اللقاء ؟!.. التفت إليه الاثنان وهما يسألانه في نفس الوقت : أي لقاء ؟!.. أخذ ( هشام ) يلهث قليلاً قبل أن يمسك بإحدى أجهزة ( الريموت كونترول ) ويشير إلى شاشة تلفاز أمامهم ، وهو يجيب : ( وليد ) .. إنهم يعرضونه في قناة ( العصر ) ..! عقد ( حسام ) حاجبيه ، وهو يردد في استنكار : ( وليد ) ؟!.. ( العصر ) ؟!.. أخذ الجميع يتطلع إلى اللقاء الذي ضجّ بالكثير من المكالمات الهاتفية ، والمشاركات الخارجية ، وإلى ( وليد ) الذي يجيب على أسئلة اللقاء في هدوء مثير ..، وتساءل ( عادل ) في دهشة : أهذا ( وليد ) حقاً ؟!.. كانت ملامحه قد تغيرت بعض الشيء بعدما حلق لحيته وشاربه ، ووضع بعض مساحيق الزينة في وجهه مما زادته بياضاً ..، وكان يرتدي زياً من أزياء الأثرياء يفوق راتبه بعشرات المرات ..، وقد كان فحوى الحديث هو الرواية وحجم الشهرة التي وصلت إليه محلياً ودولياً .. وكان المذيع يسأله في حماس بالغ : أخ ( وليد ) .. هل تعتقد أنّ الرواية التي كتبتها تعمُّ المجتمع بأكمله ؟!.. أجابه ( وليد ) بنفس الهدوء والثقة : بكل تأكيد .. فأنا جزءٌ من المجتمع ؛ أرى وأسمع ما يدور حولي ..حيث أنّ المجتمع ينبثق من بوتقة واحدة وتختلف نظرات الآحاد باعتبار أيديولوجية التفكير ..!! ولا يفوتني التصريح بأنّ الكثير من الشركات والمؤسسات قد أبرمت عقوداً خاصةً معي لكتابة العديد من القصص والروايات الاجتماعية المنطلقة أساساً من شمولية الفكر !! ..
سأله المذيع في اهتمام : وما عنوان روايتك القادمة ؟!.. أجابه ( وليد ) :
- رواية جديدة تحمل صوراً واقعية للأغلال والقيود التي يعيشها بعض الشباب في مجتمعهم .. قد وضعتُ لها عنواناً جذاباً .. رواية بعنوان ( أنا حرّ ) ..
التفت المذيع إلى الشاشة في مواجهة الجمهور ، وهو يقول في حماس : إذن أيها المشاهدون .. نحن بانتظار جديد الكاتب الناشئ ( وليد ) الذي اكتسح عالم الأدباء و ... و... و .. ولم يعد يسمع الثلاثة بقية حديثه بعد أن سادهم صمت مشوب بالحزن وخيبة الأمل .. وغادروا المكان بعد أن تركوا وراءهم رواية زميلهم القديم الذي غير نهجه وفكره .. تلك الرواية التي أسهبت وأطنبت في الحديث عن طائفة من الشباب على أنهم عرفوا طريقهم وعاشوا حياتهم كما يرى هو ... شباب أكبر مدينة في دولتنا الحبيبة ...
شباب الرياض ...!

@ تمت بحمد الله @



[email protected]

غنــادير
06-01-2006, 03:07 PM
قــــــصـــه وقعيه تحصل

شكران على الموضوع ابو عبد الهادي

غــــنــادير

ورد الجــوري
06-01-2006, 03:57 PM
مرور وتسجيل حضور
/
/
لي عودة
شكرا اخوي
/
/
ورد