المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : موقف ش.محمد عبدالوهاب من كتب الحنابلة- عصر النصر



أهــل الحـديث
28-09-2012, 10:32 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



موقف الشيخ محمد بن عبدالوهاب من كتب المذهب الحنبلي

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على رسوله الكريم, وعلى آله وصحبه اجمعين, والتابعين لهم بإحسان الى يوم الدين.
اما بعد:
فهذا مقال من سلسلة مقالات منهجية عالجت قضايا متعلقة بالمذاهب الفقهية, ومن ذلك تجلية موقف بعض الأئمة من المذاهب, وبيان طريقة تعاملهم معها, خصوصا اذا اتخذت مثل هذه الامور ذريعة لنبذ المذاهب الفقهية, من هذا الباب ما ورد عن شيخ الاسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله من كلام عن كتابي المنتهى والاقناع, وقد عملت في هذا المقال على تحليل كلام الشيخ وبيان الوجه الصحيح الذي يمكن ان تحمل عليه عبارته.

نقل الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم في مقدمة حاشيته على الروض المربع عن الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله قوله : " أكثر ما في الإقناع والمنتهى مخالف لمذهب أحمد ونصه فضلا عن نص رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يعرف ذلك من عرفه".[1] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn1)

وهذا الكلام مشكل إذا أخذ على ظاهره, ولحل هذا الإشكال لا بد من تقرير أصل :

وهو أن الأصل في كتب أهل العلم صحتها وسلامتها ، قال الشيخ بكر ابو زيد- رحمه الله-: " ... إن الأصل في الفطرة هو السلامة ، والانحراف طارئ عليها وان الأصل في البدن هو الصحة ، والمرض عارض له ، فكذلك الأصل في العلوم الصحة وفي الكتب الثبوت والسلامة من الغلط والوهم والخطأ والسهو والسقط وعبور النظر وغيرها من الأمور العارضة . ..
ثم قال : وهنا اقتصر فيما يتعلق بالغلط على مذهب الإمام أحمد على ما يأتي :
1- لا تغلط فتجعل الأصل في كتاب من كتب المذهب هو الغلط بل الأصل هو الصحة والسلامة من جهة نسبته إلى مؤلفه وسلامة مسائله وقضاياه من التحريف والتصحيف وصحة نسبة ما فيه إلى المذهب رواية أو تخريجا .
والغلط عارض يعرفه البصير ويقف عليه الخبير بالرجوع إلى الأصول وكتب تصحيح المذهب ، لا سيما الحواشي ".[2] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn2)

إذا تقرر هذا الأصل فلا بد من إعادة النظر في كلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لمعرفة مراده من هذا الإطلاق ويكون من خلال الآتي :
من نظر في كتب الأصحاب ومنهم المتأخرين يجد أن الفقه فيها على أنواع :
منها ما هو منقول بنصه عن الإمام أحمد رحمه الله, وهذا يقتصر دور الأصحاب على تصحيحه من جهة النقل, وبيان مراتبه الحكمية, والاستنباط منه, والتخريج عليه ، وهذا ليس للمتأخرين فيه كثير عمل على اعتبار الحقبة الزمنية, إلا ما يكون من اختيار أحدهم ، وأكثر ما يشار إليه هنا الخطأ في مرتبة حكمية مثل ما ورد عن الإمام من ألفاظ تنص على كراهته لأشياء ومراده التحريم, فحملها المتأخرون على الكراهة بمعنى النهي غير الجازم .
ومنها : ما هي تخريجات للأصحاب على مختلف الأطوار الفقهية التي مر بها علماء المذهب ، وهذه لها مقاييسها التي تعرف من خلالها صحتها ، وهذه كذلك ليس للمتأخرين فيها تفرد.[3] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn3)
ومنها : ما هو من اجتهادات الأصحاب على غير أصول المذهب إلا أنها لم تتميز وهذه هي محل النظر ولعل كلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب يتنزل على هذا القسم ، وأما تلك الأقسام فلا يسوغ إطلاق الخطأ عليها من حيث العموم ، على أن كلامي هنا متعلق بالإطلاق الوارد في كلام الشيخ ، وأما في بعض المسائل فلا ينكر وقوع خطأ فيها .
واما ما يتعلق بتعامل الشيخ مع المذهب وطريقته في ذلك, فسيكون الكلام عليه عند الكلام على طريقة شيخ الاسلام ابن تيمية ان شاء.

كتبه:
عصر بن محمد النصر الأردني
باحث في علوم السنة النبوية


[1] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref1) - مقدمة حاشية ابن قاسم على الروض

[2] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref2) - المدخل المفصل ص 1/121

[3] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref3) - وقد جمعتها وهذبتها في بحثي " التصحيح المذهبي من خلال كتب الحنابلة".