المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ورود الحديث بلفظ " داعي امرأة " أو " داعي امرأته "



أهــل الحـديث
27-09-2012, 12:40 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




ورود الحديث بلفظ " داعي امرأة " أو " داعي امرأته "
هل هو اختلاف في النُسَخ أو تصحيف ؟ بحث جدير بالمشاركة
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

قبل عقد من الزمان وحينما كنت أتتبع كلام العلماء فيما يتعلق بحديث جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه : " كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة " فمر بي الحديث الذي رواه أبو داوود في سننه عن عاصم بن كليب عن أبيه عن رجل من الأنصار بلفظ : " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على القبر يوصي الحافر أوسع من قبل رجليه ، أوسع من قبل رأسه فلما رجع استقبله داعي امرأةٍ ، فجاء ، وجيء بالطعام ، فوضع يده ، ثم وضع القوم ، فأكلوا ، فنظر آباؤنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوك لقمة في فمه ، ثم قال : " أجد شاة أخذت بغير إذن أهلها فأرسلت المرأة ، قالت : يا رسول الله : إِني أرسلت إلى البقيع يشتري لي شاة فلم أجد ، فأرسلت إلى جار لي قد اشترى شاة ، أن أرسل إلي بها بثمنها ، فلم يوجد ، فأرسلت إلى امرأته ، فأرسلت إلي بها ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: " أَطعميه الأسارى ") في باب اجتناب الشبهات من كتاب البيوع
صحح إسناده الإمام النووي في " المجموع " ( 5 / 286 ) والحافظ ابن حجر في " التلخيص " ( 5 / 201 ) كما قال الألباني في " أحكام الجنائز وبدعها " ( ص182 ) وصححه الألباني في " صحيح سنن أبي داود " ( 2 / 335 )
و لكن هذا الحديث ورد بلفظ " داعي امراته " بالإضافة إلى الضمير قال الشيخ العلامة المباركفوري في " تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي " (4 / 67 ) : ( فإن قلت : حديث جرير هذا مخالف لحديث عاصم بن كليب الذي رواه أبو داود في سننه بسند صحيح عنه عن أبيه عن رجل من الأنصار قال : " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على القبر يوصي الحافر : " أوسع من قبل رجليه ، أوسع من قبل رأسه " ، فلما رجع استقبله داعي امرأته ، فأجاب ونحن معه ، فجيء بالطعام ، فوضع يده ، ثم وضع القوم ، فأكلوا .. " . الحديث رواه أبو داود والبيهقي في دلائل النبوة هكذا في المشكاة في باب المعجزات . فقوله : فلما رجع استقبله داعي امرأته ..الخ نص صريح في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاب دعوة أهل البيت و اجتمع هو وأصحابه بعد دفنه وأكلوا ، فإن الضمير المجرور في امرأته راجع إلى الميت الذي خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازته ، فما التوفيق بين هذين الحديثين المختلفين ؟ قلت ( القائل : المباركفوري ) : قد وقع في المشكاة لفظ ( داعي امرأته ) بأضافة لفظ امرأة إلى الضمير وهو ليس بصحيح بل الصحيح ( داعي امرأةٍ ) بغير الإضافة ، والدليل عليه أنه وقع في سنن أبي داود : ( داعي امرأة ) بغير الإضافة . قال في " عون المعبود " : داعي امرأته بالإضافة انتهى وروى هذا الحديث الإمام أحمد في " مسنده " ( 5 / 293 ) وقد وقع فيه أيضاً : ( داعي امرأةٍ ) بغير الإضافة بل زاد فيه بعد ( داعي امرأةٍ ) لفظ : ( من قريش ) ، فلما ثبت أن الصحيح في حديث عاصم بن كليب هذا اللفظ : ( داعي امرأةٍ ) بغير إضافة امرأة إلى الضمير ، ظهر أن حديث جرير المذكور ليس بمخالف لحديث عاصم بن كليب هذا فتفكر ) انتهى كلام العلامه المباركفوري رحمه الله.وقال العلامة محمد شمس الحق العظيم آبادي في " عون المعبود شرح سنن أبي داود " ( 9 / 129 ) : ( ( فلما رجع ) أي عن المقبرة ( استقبله ) أي النبي صلى الله عليه وسلم ( داعي امرأة ) كذا في النسخ الحاضرة و في المشكاة داعي امرأته بالإضافة إلى الضمير .. الخ كلامه رحمه الله ) .
فأنت ترى أن هناك اختلافا في اللفظ ما بين الموجود في النسخ الحاضرة لسنن أبي داوود و بين الموجود في مشكاة المصابيح فهل هذا الاختلاف مرده إلى التصحيف و هل الخطأ في المشكاة أو في هذه النسخ ؟ لكن هناك نص اطلعت عليه قد يدل على أن الحديث في النسخ القديمة ورد بلفظ " داعي امرأته " وذلك في ضمن كلام أورده ابن عابدين في حاشيته رد المحتار على الدر المختار: كتاب الصلاة : باب صلاة الجنازة : مطلب في الثواب على المصيبة ( 1/603 ) قال رحمه الله " وَبَحَثَ هُنَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ بِمُعَارَضَةِ حَدِيثِ جَرِيرٍ الْمَارِّ بِحَدِيثٍ آخَرَ فِيهِ { أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ دَعَتْهُ امْرَأَةُ رَجُلٍ مَيِّتٍ لَمَّا رَجَعَ مِنْ دَفْنِهِ فَجَاءَ وَجِيءَ بِالطَّعَامِ } . أَقُولُ : وَفِيهِ نَظَرٌ ، فَإِنَّهُ وَاقِعَةُ حَالٍ لَا عُمُومَ لَهَا مَعَ احْتِمَالِ سَبَبٍ خَاصٍّ ، بِخِلَافِ مَا فِي حَدِيثِ جَرِيرٍ " أ هـ . المقصود من كلامه رحمه الله
وهذا النقل عن ابن عابدين يدلك على أنه يرى أن الحديث ورد بلفظ " داعي امرأته " كما ذكره صاحب شرح المنية الذي أورد الحديث مختصراً بمعناه و لذلك احتاج إلى الجواب عن هذا الحديث لمعارضته حديث جرير ، و لا يخفى عليك أن صاحب شرح المنية يعود عصره إلى القرن التاسع يعني قبل حوالي خمسمائة عام ، فيغلب على الظن أن النسخ التي كانت عندهم جاء الحديث فيها بلفظ " داعي امرأته " و لكن يبقى النظر في الترجيح بين الروايات في سنن أبي داوود و في مسند الإمام أحمد لأن رواية المسند " داعي امرأة من قريش " لا شك أنها تدل بوضوح على أن هذه المرأة ليست زوجة الأنصاري المتوفى .
أرغب إلى إخواني المشاركة و الإفادة بما عساه أن يفيدنا في الوصول إلى الحق في هذا الحديث و لأنه بهذه الرواية " داعي امرأته " يكون معارضا قويا لحديث جرير و بخاصة أن حديث أبي داوود ليس في الحكم عليه من النزاع ما في حديث جرير و ربما كان هناك من الإخوة من وقف على شيئ من الآثار الواردة عن السلف في هذه المسألة مما قد يرجح قولا على آخر ، نسأل الله أن يوفقنا جميعا للوقوف على الحق و العمل به
ملحوظة : المشاركات العلمية في هذا الموضوع من قبل الإخوة ربما تسهم في إضافات جديدة للبحث الذي قمت به قبل زمن و أنوي إخراجه للناس لعل الله أن ينفع به