المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كشف شبهة حول استخدام بعض أهل العلم لمصطلحات أهل البدع في مواضع .



أهــل الحـديث
24-09-2012, 08:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



قال شيخ الإسلام رحمه الله :
(( وإذا كان المتكلم في مقام الإجابة لمن عارضة بالعقل، وادعى أن العقل يعارض النصوص، فإنه قد يحتاج إلي حل شبهته وبيان بطلانها.
فإذا أخذ النافي يذكر ألفاظا مجملة مثل أن يقول: لو كان فوق العرش لكان جسماً، أو لكان مركبا وهو منزه عن ذلك، ولو كان له علم وقدرة لكان جسماً، وكان مركباً، وهو منزه عن ذلك، ولو خلق واستوى وأتى لكان تحله الحوادث، وهو منزه عن ذلك ولو قامت به الصفات لحلته الأعراض، وهو منزه عن ذلك.
فهنا يستفصل السائل ويقول له: ماذا تريد بهذه الألفاظ المجملة ؟
فإن أراد بها حقاً وباطلاً قبل الحق ورد الباطل، مثل أن يقول: أنا أريد بنفي الجسم نفي قيامه بنفسه وقيام الصفات به، ونفي كونه مركباً ن فنقول: هو قائم بنفسه، وله صفات قائمة به، وأنت سميت هذا تجسيما لم يجز أن أدع الحق الذي دل عليه صحيح المنقول وصريح المعقول لأجل تسميتك أنت له بهذا.
وأما قولك: ليس مركباً فإن أردت به أنه سبحانه ركبه مركب، أو كان متفرقاً فتركب، وأنه يمكن تفرقه وانفصاله، فالله تعالى منزه عن ذلك، وإن أردت أنه موصوف بالصفات، مباين للمخلوقات، فهذا المعني حق، ولا يجوز رده لأجل تسميتك له مركبا، فهذا ونحوه مما يجاب به.

- وإذا قدر أن المعارض أصر على تسمية المعاني الصحيحة التي ينفيها بألفاظه الاصطلاحية المحدثة، مثل أن يدعي أن ثبوت الصفات المخلوقات يستحق أن يسمى في اللغة تجسيماً وتركيباً ونحو ذلك، قيل له : هب أنه سمي بهذا الاسم، فنفيك له أما أن يكون بالشرع، وإما أن يكون بالعقل.
وأما الشرع فليس فيه ذكر هذه الأسماء في حق الله، لا بنفي ولا إثبات، ولم ينطق أحد من سلف الأمة وأئمتها في حق الله تعالى بذلك، لا نفياً ولا إثباتاً، بل قول القائل: إن الله جسم أو ليس بجسم، أو جوهر أو ليس بجوهر، أو متحيز أو ليس بمتحيز، أو في جهة أو ليس في جهة، أو تقوم به الأعراض والحوادث أو لا تقوم به، ونحو ذلك ـ كل هذه الأقوال محدثة بين أهل الكلام المحدث، لم يتكلم السلف والأئمة فيها، لا بإطلاق النفي ولا بإطلاق الإثبات، بل كانوا ينكرون على أهل الكلام الذين يتكلمون بمثل هذا النوع في حق الله تعالي نفياً وإثباتاً.
- وإن أردت أن نفي ذلك معلوم بالعقل، وهو الذي تدعيه النفاة، ويدعون أن نفيهم المعلوم بالعقل عارض نصوص الكتاب والسنة.
- قيل له : فالأمور العقلية المحضة لا عبرة فيها بالألفاظ، فالمعني إذا كان معلوماً إثباته بالعقل لم يجز نفيه لتعبير المعبر عنه بأي عبارة بها، وكذلك إذا كان معلوماً انتفاؤه بالعقل لم يجز إثباته بأي عبارة عبر بها المعبر، وبين له بالعقل ثبوت المعنى الذي نفاه وسماه بألفاظه الاصطلاحية.

*- وقد يقع في محاورته إطلاق هذه الألفاظ لأجل اصطلاح ذلك النافي ولغته، وإن كان المطلق لها لا يستجيز إطلاقها في غير هذا المقام، كما إذا قال الرافضي : أنتم ناصبة تنصبون العداوة لآل محمد، فقيل له : نحن نتولى الصحابة والقرابة، فقال : لا ولاء إلا ببراء، فمن لم يتبرأ من الصحابة لم يتول القرابة، فيكون قد نصب لهم العداوة.
فيقال له : هب أن هذا يسمي نصباً.
فلم قلت : إن هذا محرم ؟ فلا دلالة لك علي ذم النصب بهذا التفسير، كما لا دلالة علي ذم الرفض بمعنى موالاة أهل البيت، إذ كان الرجل موالياً لأهل البيت كما يحب الله ورسوله، ومنه قول القائل : إن كان رفضاً حب آل محمد ... فليشهد الثقلان أني رافضي
وقول القائل أيضاً :
إذا كان نصبا ولاء الصحاب ... فإني كما زعموا ناصبي
وإن كان رفضاً ولاء الجميع ... فلا برح الرفض من جانبي

والأصل في هذا الباب أن الألفاظ نوعان :

الأول :
نوع مذكور في كتاب الله وسنة رسوله وكلام أهل الإجماع، فهذا يجب اعتبار معناه، وتعليق الحكم به، فإن كان المذكور به مدحاً استحق صاحبه المدح، وإن كان ذماً استحق الذم، وإن أثبت شيئاً وجب إثباته، وإن نفي شيئاً وجب نفيه، لأن كلام الله حق، وكلام رسوله حق، وكلام أهل الإجماع حق.وهذا كقوله تعالى " قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد" ، وقوله تعالى "هو الرحمن الرحيم هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن" ونحو ذلك من أسماء الله وصفاته. وكذلك قوله تعالى "ليس كمثله شيء" ، وقوله تعالى "لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار" ، وقوله تعالى "وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة" ، وأمثال ذلك مما ذكره الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فهذا كله حق.
ومن دخل في اسم مذموم في الشرع كان مذموماً، كاسم الكافر والمنافق والملحد ونحو ذلك، ومن دخل في اسم محمود في الشرع كان محموداً، كاسم المؤمن والتقي والصدق، ونحو ذلك.

النوع الثاني :
وأما الألفاظ التي ليس له أصل في الشرع فتلك لا يجوز تعليق المدح والذم والإثبات والنفي على معناها، إلا أن يبين أنه يوافق الشرع، والألفاظ التي تعارض بها النصوص هي من هذا الضرب، كلفظ الجسم والحيز والجهةوالجوهروالعرض، فمن كانت معارضته بمثل هذه الألفاظ لم يجز له أن يكفر مخالفه، إن لم يكن قوله مما يبين الشرع أنه كفر، لأن الكفر حكم شرعي متلقي عن صاحب الشريعة، والعقل قد يعلم به صواب القول وخطؤه، وليس كل ما كان خطأ في العقل يكون كفرأ في الشرع، كما أنه ليس كل ما كان صواباً في العقل تجب في الشرع معرفته.
ومن العجب قول من يقول من أهل الكلام: إن أصول الدين التي يكفر مخالفها هي علم الكلام الذي يعرف بمجرد العقل.
وأما ما لا يعرف بمجرد العقل فهي الشرعيات عندهم، وهذه طريقة المعتزلة والجهمية ومن سلك سبيلهم كأتباع صاحب الإرشاد وأمثالهم.
فيقال لهم: هذا الكلام تضمن شيئين: أحدهما: أن أصول الدين هي التي تعرف بالعقل المحض دون الشرع، والثاني : أن المخالف لها كافر، وكل من المقدمتين وإن كانت باطلة فالجمع بينهما متناقض، وذلك أن ما لا يعرف إلا بالعقل لا يعلم أن مخالفه كافر الكفر الشرعي، فإنه ليس في الشرع أن من خالف ما لا يعلم إلا بالعقل يكفر، وإنما الكفر يكون بتكذيب الرسول صلى الله عليهم وسلم فيما أخبر به أو الامتناع عن متابعته مع العلم بصدقه، مثل كفر فرعون واليهود ونحوهم. ))ا .هـ در تعارض العقل صـ 1/241