المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (مواقف إيمانية في الصبر على البلاء )



تاجر مواشي
22-09-2012, 11:00 PM
اغنام - ابل - دواجن - طيور

http://im24.********************************************/VXlAF1.png (http://www.********************************************/show/X3L0lx5WM)

الصبر ضياء للمسلم في حياته، وأعلى منه رتبة الرضا بقضاء الله عز وجل وقدره، وقد ضرب في ذلك الأنبياء والصالحون أروع الأمثلة، وعلى رأسهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك أيوب عليه السلام، فعلى المرء المسلم أن يتحلى بالصبر والرضا حتى ينال الدرجات العلى.


فالإنسان إذا أصيب ببلاء فليتذكر أن هذا البلاء مكتوب في اللوح المحفوظ، وأن الله عز وجل شاءه، وأنه لابد أن يكون؛ والمعنى: أن المصائب مقدرة، لا أنها وقعت على وجه الاتفاق كما يقول الطبائعيون، ولا أنها عبث، بل هي صادرة عمن صدرت عنه محكمات الأمور.
فالله عز وجل قدرها، فلابد أن فيها حكمة، يقول بعض السلف: إذا وقعت ذبابة على يدك فاعلم أنها وقعت بقدر ولحكمة.
فكل أمر لحكمة؛ لأن مدبر هذه الأمور هو الحكيم الخبير، فالله عز وجل يدبر أمر ملكه كيف يشاء، فالأمور لا تأتي كما يقول الطبائعيون اتفاقاً، ولكنها بقدر وبحكمة، بل هي صادرة عمن صدرت عنه محكمات الأمور، ومتقنات الأعمال، وإذا كانت صادرة عن الحكيم فهو لا يعبث، فهي إما لزجر عن فساد أو لتحصيل الأجر أو لعقوبة على ذنب.
رابعاً: العلم بأن الدنيا دار الابتلاء والكرب، لا يرجى منها راحة.
وما استغربت عيني فراقاً رأيته ولا أعلمتني غير ما القلب عالمه فالإنسان لا يستغرب أي بلاء؛ لأن الدنيا أصلاً دار كدر، لذلك جرى القدر، ويا عجباً ممن يده في سلة الأفاعي كيف ينكر اللسع! فالإنسان لا يستغرب أن يصاب ببلاء؛ لأن الدنيا دار امتحان ودار بلاء.
خامساً: أن يقدر وجود ما هو أكبر من تلك المصيبة، كمن له ولدان ذهب أحدهما؛ فقد كان يمكن أن يذهب الاثنان، فقد تذهب أسر بكاملها في حوادث، نسأل الله العافية، فالإنسان يقدر أن المصيبة كانت أكثر من ذلك.
سادساً: النظر في حال من ابتلي بمثل هذا البلاء، فإن التأسي راحة عظيمة، قالت الخنساء : ولولا كثرة الباكين حولي على إخوانهم لقتلت نفسي وما يبكون مثل أخي ولكـن أعزي النفس عنه بالتأسي وهذا المعنى قد حرم الله عز وجل منه أهل النار، كما قال عز وجل: وَلَنْ يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ [الزخرف:39] يعني: يحرم أهل النار من التأسي.
فيقولون: المصيبة إذا عمت هانت، يقال: فلان أصيب بكذا، وفلان بكذا، فيتسلى الناس بعضهم ببعض.
ولكن أهل النار يظن كل إنسان منهم أنه محبوس وحده، وأنه لم يبق في النار سواه.
سابعاً: أن يتذكر نعم الله عز وجل عليه، قال تعالى: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا [إبراهيم:34].
يعني: أن الإنسان بدل ما يفكر في المصائب التي تصيبه يتذكر نعم الله عز وجل عليه.
ثامناً: أن العبد إذا صبر واحتسب فإن الله يعوضه ولا يخيبه.
من كل شيء إذا ضيعته عوض وما من الله إن ضيعت من عوض تاسعاً: أن الجزع لا يرد المصيبة، بل يضاعفها،


منزلة الرضا ومحلها من الصبر


أما الرضا فهو: انشراح الصدر وسعته بالقضاء.
يعني: أن الرضا درجة أعلى من درجة الصبر، فالصبر: المنع والحبس، منع النفس عن الجزع واللسان عن التشكي والجوارح عن لطم الخدود، وشق الجيوب .
.
ونحو ذلك.
أما الرضا فهو: انشراح الصدر، وسعته بالقضاء، وترك تمني زوال الألم.
يعني: أن الإنسان لو أصيب ببلاء فهو لا يتمنى زوال هذا البلاء؛ لما يرجو من ثوابه عند الله عز وجل، فهو لو خير بين أن الذي ذهب منه يعود إليه وبين ألا يعود لاختار ألا يعود، فلو مات له ولد أو فقد ماله أو فقد سمعه أو بصره فإن طمعه في ثواب الله، ومحبته لقضاء الله عز وجل وقدره تجعله لا يتمنى غير ما كان، فهو يرضى بقدر الله عز وجل، ويطمع في الثواب، وتطمئن نفسه إلى قضاء الله عز وجل وقدره.
فالرضا هو: انشراح الصدر وسعته بالقضاء، وترك تمني زوال الألم، وإن وجد الإحساس بالألم، لكن الرضا يخففه بما يباشر القلب من روح اليقين والمعرفة.
وإذا وجد الرضا فقد يزيل الإحساس بالألم بالكلية، فللعبد فيما يكره درجات: درجة الرضا ودرجة الصبر.
فالرضا فضل مندوب إليه، والصبر واجب على المؤمن حتماً.
وأهل الرضا تارة يلاحظون المبتلي وخيره لعبده في البلاء، وأنه غير متهم في قضائه.
وتارة يلاحظون عظمة المبتلي وجلاله وكماله، فيستغرقون في مشاهدة ذلك؛ حتى لا يشعرون بالألم، وهذا يصل إليه أهل المعرفة والمحبة، حتى ربما تلذذوا بما أصابهم؛ لملاحظتهم صدوره من حبيبهم.


الفرق بين الرضا والصبر


والفرق بين الرضا والصبر: أن الصبر حبس النفس وكفها عن السخط مع وجود الألم وتمني زواله، وكف الجوارح عن العمل بمقتضى الجزع.
والرضا يوافق الصبر في حبس النفس وكف الجوارح، ويزيد عليه عدم تمني زوال الألم.
ففرح العبد بالثواب وحبه لله عز وجل وانشراح صدره بقضائه يجعله لا يتمنى زوال الألم.
قال شيخ الإسلام : ولم يجئ الأمر به -أي الرضا- كما جاء الأمر بالصبر، وإنما جاء الثناء على أصحابه ومدحهم.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- رسولاً).
وقال صلى الله عليه وسلم: (من قال حين يسمع النداء: رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً، غفرت ذنوبه).
فالرضا لم يوجبه الله عز وجل على خلقه، ولكن ندبهم إليه، وأثنى على أهله، وأخبر أن ثوابه رضاه عنهم، الذي هو أعظم وأكبر وأجل من الجنان وما فيها، فمن رضي عن ربه رضي الله عنه، بل رضا العبد عن الله من نتائج رضا الله عز وجل عنه؛ يعني: كما أن توبة العبد تكون نتيجة لتوبة سابقة من الله عز وجل -توبة إذن وتوفيق- ويعقبها توبة قبول وإثابة، فكذلك الرضا.
فالله عز وجل يرضى عنه فيرزقه الرضا، ثم يرضى عنه رضا قبول وإثابة، فالله عز وجل هو الأول والآخر.
فرضا العبد عن الله من نتائج رضا الله عنه، فهو محفوف بنوعين من رضاه على عبده، رضا قبله أوجب له أن يرضى، ورضا بعده هو ثمرة رضاه عنه، ولذلك كان الرضا باب الله الأعظم، وجنة الدنيا، ومستراح العارفين، وحياة المحبين، ونعيم العابدين، وقرة عيون المشتاقين،
وقول النبي صلى الله علية وسلم (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له )مسلم

دع الأيام تفعـل مـا تشـاء
وطب نفسا" إذا حكم القضـاء
ولا تجزع لحادثـة الليالـي
فمـا لحـوادث الدنيـا بقـاء

نسأل الله أن يقسم لنا من رضاه ما يبلغنا به غاية المنى، إنه ولي ذلك والقادر عليه.