المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا ....على وزن مفاعلة فهل حصل من يوسف مراودة



أهــل الحـديث
20-09-2012, 09:10 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



المراودةُ المطالبةً من راد يرود إذا جاء وذهب لطلب شيءٍ ومنه الرائدُ لطالب الماءِ والكلأ ، وهي مفاعلةٌ من واحد نحوُ مطالبةِ الدائنِ ومماطلةِ المديونِ ومداواةِ الطبيب ونظائِرها
مما يكون من أحد الجانبين الفعلُ ومن الآخر سببُه
فإن هذه الأفعالَ وإن كانت صادرةً عن أحد الجانبين لكن لما كانت أسبابُها صادرةً عن الجانب الآخر جُعلت كأنها صادرةٌ عنهما
وهذا بابٌ لطيفُ المسلك مبنيٌّ على اعتبار دقيقٍ ،
تحقيقُه أن سببَ الشيء يقام مُقامَه ويطلق عليه اسمُه كما في قولهم : كما تدين تدان أي كما تجزي تجزى ،
فإن فعل البادي وإن لم يكن جزاءً لكنه لكونه سبباً للجزاء أُطلق عليه اسمُه
وكذلك إرادةُ القيامِ إلى الصلاة وإرادةُ قراءةِ القرآنِ
حيث كانتا سبباً للقيام والقراءة عُبّر عنهما بهما فقيل : { إِذَا قمت إلى الصلاة } [ المائدة ، الآية 6 ] { فَإِذَا قَرَأْتَ القرءان } [ النحل ، الآية 98 ]
وهذه قاعدةٌ مطردةٌ مستمرة ،
ولمّا كانت أسبابُ الأفعالِ المذكورة فيما نحن فيه صادرةً عن الجانب المقابلِ لجانب فاعلِها
فإن مطالبةَ الدائنِ للمماطلة التي هي من جانب الغريم
وهي منه للمطالبة التي هي من جانب الدائنِ
وكذا مداواةُ الطبيب للمرض الذي هو من جانب المريض
وكذلك مراودتُها فيما نحن فيه لجمال يوسفَ عليه السلام ،
نُزّل صدورُها عن محالها بمنزلة صدور مسبباتِها التي هي تلك الأفعالُ
فبُني الصيغةُ على ذلك وروعيَ جانبُ الحقيقةِ
بأن أُسند الفعلُ إلى الفاعل وأُوقع على صاحب السبب فتأملِ ،

ويجوز أن يراد بصيغة المغالبةِ مجردُ المبالغة ،
وقيل : الصيغةُ على بابها بمعنى أنها طَلبت منه الفعلَ وهو منها التركَ ،
ويجوز أن يكون من الرُوَيد وهو الرفقُ والتحمّلُ ، وتعديتُها بعن لتضمينها معنى المخادعة فالمعنى خادعته
.........................
أبو السعود: إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم