المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حمّل خطبة جمعة مشكولة بعنوان :(فَضَائِلُ الصَّحَابَةِ وَالْعَقِيدَةُ فِيهِمْ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ)لشيخنا محمد بن مبارك الشرافي حفظه الله



أهــل الحـديث
20-09-2012, 06:40 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


فَضَائِلُ الصَّحَابَةِ وَالْعَقِيدَةُ فِيهِمْ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ 5 ذي القعدة 1433هـ
الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِ الْمُؤْمِنِين ، فَجَعَلَهُمْ مُتَحَابِّينَ مُتَآزِرِين ، الذِي لا تُجْحَدُ نِعَمُه ، وَلا تُحْصَى مِنَنُه ، لَهُ الْحَمْدُ كَمَا حَمِدَ نَفْسَهُ ، وَكَمَا هُوَ أَهْلُه . وَأَشْهُدْ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، اخْتَارَهُ بِعِلْمِهِ ، وَائْتَمَنَهُ عَلَى وَحْيِهِ ، وَاخْتَارَ لَهُ خَيْرَ الْعِبَادِ أَعْوَانَا ، وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ تَصْدِيقَهُ وَمَحَبَّتَهُ ، فَآمَنُوا بِهِ وَنَصَرُوه ، وَجَاهَدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ ، فَاسْتَشْهَدَ للهُ مِنْهُمْ مَنْ اسْتَشْهَد ، عَلَى الْمِنْهَاجِ الْوَاضِحِ ، وَالْبَيْعِ الرَّابِحِ ، وَالتَّوْحِيدِ النَّاصِح .
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَاعْرِفُوا لِأَصْحَابِ نَبِيِّكُمْ مَنْزِلَتَهُمْ وَاعْتَقِدُوا فِيهِمْ مَا يُنْجِيكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ وَذُبُّوا عَنْ أَعْرَاضِهِمْ وَدَافِعُوا عَنْ تَارِيخِهِمْ !
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : إِنَّ حُبَّ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ دِينٌ نَدِينُ اللهَ بِهِ وَقُرْبَةٌ نَرْجُو بِهَا الأَجْرَ عِنْدَ رَبِّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى ! إِنَّهُمُ الْقَوْمُ الذِينَ اخْتَارَهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِصُحْبَةِ خَيْرِ رُسُلِهِ , وَحَمْلِ دِينِهِ , وَتَبْلِيغِ رِسَالَتِهِ , فَقَامُوا بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الأَكْمَلِ , وَنَشَرُوهَا عَلَى السَّبِيلِ الأَمْثَل !
تَكَاثَرَتِ الأَدِلَّة ُفِي الثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ , وَتَعَدَّدَتْ أَوْجُهُ الإِشَادَةِ بِهِمْ , ضَرَبُوا أَرْوَعَ الأَمْثِلَةِ فِي حُسْنِ الاسْتِجَابَةِ , وَسَابَقُوا غَيْرَهُمْ فِي سُرْعَةِ الإِنَابَةِ ! هَجَرُوا الدِّيَارَ وَالأَوْطَانَ , وَتَرَكُوا الأَوْلادَ وَالإِخْوَانَ , وَفَارَقُوا الأَمْوَالَ وَالْخِلِّانَ , كُلُّ ذَلِكَ لِيُرْضُوا رَبَّهُمْ وَلِيَنْصُرُوا نَبِيَّهُمْ !
بَايَعُوا النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَالنُّصْرَةِ وَدَافَعُوا عَنْهُ فِي الْمَوَاقِفِ العَسِرَة !
لَمَّا سَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَدْرٍ وَاسْتَشَارَهُمْ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ! امْضِ لَمَا أَرَاكَ اللهُ ، فَنَحْنُ مَعَكَ , وَاللهِ لا نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى : اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُون ، وَلَكِنْ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا مَعَكُمَا مُقَاتِلُونَ ، فَوَالذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَوْ سِرْتَ بِنَا إِلَى بَرْكِ الْغِمَاد لَجَالَدْنَا مَعَكَ مِنْ دُونِهِ حَتَّى تَبْلُغَهُ !
جَاءَ القُرْآنُ وَالسُّنَّةُ بِمَدْحِهِمْ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) وعن عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (خَيْرُ أُمَّتِي قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُوْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
إِنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ جَمَاعَةً وَأَفْرَادَاً قَدْ فَاقُوا مَنْ قَبْلَهُمْ وَسَبَقُوا مَنْ بَعْدَهُمْ بِأَحْسَنِ الصِّفَاتِ وَجَمِيلِ الأَفْعَالِ !!!
فَهَذَا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يُضَحِّي بِكُلِّ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ وَفِدَاءً لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَفِي الْهِجْرَةِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ كَانَ هُوَ رَفِيقُ رَسُولِ اللهِ فِي الْهِجْرَةِ مَعَ عِلْمِهِ بِمَا تُرِيدِ قُرَيْشُ مِنْ قَتْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ عَاوَنَهُ , وَأَنْفَقَ مَالَهُ فِي ذَلِكَ فَاشْتَرَى الرَّوَاحِلَ وَأَعَدَّهَا لِلطَّرِيقِ , وَجَعَلَ أَوْلادَهُ خَدَماً لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَكَانَ ابْنُهُ عَبْدُ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يُصْبِحُ فِي مَكَّةَ فَيَسْمَعُ أَخْبَارَ مَا تَقُولُ قُرَيْشُ وَمَاذَا تَفْعَلُ فَإِذَا أَظْلَمَ اللَّيْلُ جَاءَهُمْ بِالأَخْبَارِ , وَكَانَتْ ابْنَتُهُ أَسْمَاءُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُا تَعْتَنِي بِطَعَامِهِمَا وكان مَوْلَاهُ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَرْعَى الْغَنَمَ فِي الْجِبَالِ التِي حَوْلَ غَارِ ثَوْرٍ فَإِذَا هَدَأَتْ الْعُيُونَ مَالَ عَلَيْهِمْ وَحَلَبَ لَهُمُ الْغَنَمَ وَسَقَاهُمْ الْحَلِيبَ !!! فَمَنْ يَكُونُ كَأَبِي بَكْرٍ ؟ وَمَنْ يُدَانِي صِدِّيقَ الأُمَّةِ الأَكْبَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَاه ؟
وَهَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الْفَارُوقُ الذِي فَرَّقَ اللهُ بِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ , الذِي لا يَكَادُ مَوْقِفٌ عَصِيبٌ يُلِمُّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بِالْمُسْلِمِينَ إِلَّا كَانَ عُمَرُ حَاضِرَاً مُتَوَاجِداً يُنَافِحُ عَنِ الدِّينِ وَيُناضِلُ , لَمَّا أَسْلَمَ كَانَ إِسْلامُهُ فَتْحاً وَلَمَّا هَاجَرَ كَانَتْ هِجْرَتُهُ نَصْراً وَلَمَّا تَوَلَّى الْخِلافَةَ كَانَتْ وِلايَتُهُ عَدْلاً ! رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَاه .
يَا مَنْ يَرَى عُمَراً تَكْسُوهُ بُرْدَتُهُ * الزَّيْتُ أُدْمٌ لَهُ وَالْكُوخُ مَأْوَاهُ
يَهْتَزُّ كِسْرَى عَلَى كُرْسِيِّهِ فَرَقَاً * مِنْ خَوْفِهِ وَمُلُوكُ الرُّومِ تَخْشَاهُ
أَمَّا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَمَاذَا نَقُولُ فِي فَضْلِهِ وَعَنْ مَاذَا نَتَحَدَّثُ ؟ هُوَ ذُو النُّورَيْنِ , زَوَّجَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِابْنَتَيْهِ رُقَيَّةَ ثُمَّ لَمَّا تُوُفِّيَتْ زَوَّجَهُ بِأُمِّ كُلْثُومٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ! كَانَ مِنَ السَّابِقِينَ إِلَى الإِسْلامِ الأَوَائِلِ , وَكَانَ مِنَ الأَغْنِيَاءِ فَجَعَلَ مَالَهُ خِدْمَةً لِلإِسْلامِ فَاشْتَرَى بِهِ الْجَنَّةَ وَفَازَ بِالسَّبْقِ إِلَى الرِّضْوَانِ ! فَهَا هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ وَيَحُثُّ النَّاسَ عَلَى تَجْهِيزِ جَيْشِ الْعُسْرَةِ ، وَكَانَ ذَلِكَ الْعَامُ شَدِيداً وَالنَّاسُ فِي ضِيقٍ مِنْ عَيْشِهِمْ , فَقَامَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ : عَلَيَّ مِائَةُ بَعِيْرٍ بِأَحْلاسِهَا وَأَقْتَابِهَا ، قَالَ ثُمَّ عَاوَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ ثُمَّ حَثَّ فَقَالَ عُثْمَانُ : عَلَيَّ مِائَةٌ أُخْرَى بِأَحْلاسِهَا وَأَقْتَابِهَا , ثُمَّ عاَوَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ ثُمَّ حَثَّ فَقَالَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَرَّةً ثَالِثَةً : عَلَيَّ مِائَةٌ أُخْرَى بِأَحْلاسِهَا وَأَقْتَابِهَا , فَفَرِحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ (مَا عَلَى عُثْمَانُ مَا عَمِلَ بَعْدَ هَذَا) رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ !
وَأَمَّا عَلِيٌّ أَبُو الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ فَهوَ مُجَنْدِلُ الأَبْطَالُ وَهَازِمُ الكمَاةِ وَالشُّجْعَانِ , وَالْبَطَلُ الضِّرْغَامُ , فَقَلَّ مَعْرَكَةٌ إِلَّا وَهُوَ يَفْعَلُ بِالْكُفَّارِ الأَفَاعِيلَ وَيَقْتُلُ أَبْطَالَهُمْ , وَيَفُتُّ فِي أَعْضَادِهِمْ ! فَهَا هُوَ فِي مَعْرَكَةِ بَدْرٍ يُبَارِزُ الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةٍ فَلَمْ يُمْهِلْهُ حَتَى قَتَلَهُ !!! وَفِي مَعْرَكَةِ خَيْبَر , خَرَجَ مَرْحَبُ صَاحِبُ الْحِصْنِ وَعَلَيْهِ مِغْفَرٌ يَمَانِيُّ ، وَحَجَرٌ قَدْ ثَقَبَهُ مِثْلُ الْبَيْضَةِ عَلَى رَأْسَهِ وَهُوَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ :
قَدْ عَلَمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ * شَاكِي السِّلاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ
إِذَا الْحُرُوْبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ * وَأَحْجَمَتْ عَنْ صَوْلَةِ الْمَغْلَبْ
فَخَرَجَ لَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَهُوَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ :
أَنَا الذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَه * كَلَيْثِ غَابَاتٍ شَدِيدِ الْقَسْوَرَة
* أَكِيلُكُمْ بِالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَة *
فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ ، فَبَدَرَهُ عَلِيٌّ بِضَرْبَةِ فَقَدَّ [الْحَجَرَ وَالْمِغْفَرَ وَرَأْسَهَ] بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى أَوْقَعَهُ صَرِيعَاً !!!
فَرَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ , وَجَعَلَ الْجَنَّةَ مَأْوَاهُمْ , وَأَلْحَقْنَا بِهِمْ عَلَى خَيْرِ حَالٍ , وَاللهُ تَعَالَى أَعْلا وَأَعْلَمْ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ !

الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ وَعَلَى صَحَابَتَهِ وَزَوْجَاتِهِ وَأَوْلادِهِ أَجْمَعِين , وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ
أَمَّا بَعْدُ : فَيَأَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : إِنَّ حُبَّ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ يُقَرِّبُ إِلَى اللهِ وَإِنَّ بُغْضَهُمْ يُبْعِدُ عَنِ اللهِ , فعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْأَنْصَارُ لَا يُحِبُّهُمْ إِلَّا مُؤْمِنٌ , وَلَا يُبْغِضُهُمْ إِلَّا مُنَافِقٌ , فَمَنْ أَحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ اللَّهُ , وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ اللَّهُ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَإِنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ لَيْسُوا مَعْصُومِينَ مِنَ الذُّنُوبِ لِأَنَّهُمْ بَشَرٌ , وَلَكِنْ لَهُمْ مِنَ الْفَضَائِلِ وَالسَّوَابِقِ مَا يَطْغَى عَلَى مَا قَدْ يَقَعُ مِنْ بَعْضِهِمْ مِنَ الزَّلَلِ ! وَلا يَجُوزُ أَبَداً أَنْ تُتَّخَذَ هَذِهِ الأَخْطَاءُ الْيَسِيرَةُ طَرِيقاً لِتَنَقُّصِهِمْ أَوْ سَبِّهِمْ , كَمَا يَفْعَلُ مَنْ لا خَلاقَ لَهُ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ , بَلِ الْوَاجِبُ إِجْلالُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَاحْتَرَامُهُمْ وَالذَّبُّ عَنْ أَعْرَاضِهِمْ !
قَالَ شَيْخُ الإِسْلامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ فِي مُعْتَقِدِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِيمَا بَيْنِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ مِنْ خِلافٍ : وَيُمْسِكُونَ عَمَّا شَجَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَيَقُولُونَ : إِنَّ هَذِهِ الآثَارَ الْمَرْوِيَّةَ فِي مَسَاوِيهِمْ مِنْهَا مَا هُوَ كَذِبٌ , وَمِنْهَا مَا قَدْ زِيدَ فِيهِ وَنُقِصَ وَغُيِّرَ عَنْ وَجْهِهِ , وَالصَّحِيحُ مِنْهُ هُمْ فِيهِ مَعْذُورُونَ , إِمَّا مُجْتَهِدُونَ مُصِيبُونَ , وَإِمَّا مُجْتَهِدُونَ مُخْطِئُونَ ... وَلَهُمْ مِنَ السَّوَابِقِ وَالْفَضَائِلِ مَا يُوجِبُ مَغْفِرَةَ مَا يَصْدُرُ عَنْهُمْ إِنْ صَدَر , حَتَّى إِنَّهُمْ يُغْفَرُ لَهُمْ مِنَ السَّيِّئَاتِ مَا لا يُغْفَرُ لِمَنْ بَعْدَهُمْ , لِأَنَّ لَهُمْ مِنَ الْحَسَنَاتِ التِي تَمْحُو السَّيِّئَاتِ مَا لَيْسَ لِمَنْ بَعْدَهُمْ . وَقَدْ ثَبَتَ بِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ خَيْرُ الْقُرُونِ , وَأَنَّ الْمُدَّ مِنْ أَحَدِهِمْ إِذَا تَصَدَّقَ بِهِ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ جَبَلِ أُحُدٍ ذَهَبَاً مِمَّنْ بَعْدَهُمْ !
ثُمَّ إِذَا كَانَ قَدْ صَدَرَ مِنْ أَحَدِهِمْ ذَنْبٌ فَيَكُونُ قَدْ تَابَ مِنْهُ , أَوْ أَتَى بِحَسَنَاتٍ تَمْحُوهُ , أَوْ غُفِرَ لَهُ بِفَضْلِ سَابِقَتِهِ أَوْ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذِي هُمْ أَحَقُّ النَّاسِ بِشَفَاعَتِهِ , أَوْ ابْتُلِيَ بِبَلاءٍ فِي الدُّنْيَا كُفِّرَ بِهِ عَنْهُ . فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الذُّنُوبِ الْمُحَقَّقَةِ , فَكَيْفَ الأُمُورُ التِي كَانُوا فِيهَا مُجْتَهِدِينَ إِنْ أَصَابُوا فَلَهُمْ أَجْرَانِ وَإِنْ أَخْطَأُوا فَلَهُمْ أَجْرٌ وَاحِدٌ وَالْخَطَأُ مَغْفُور !
ثُمَّ إِنَّ الْقَدْرَ الذِي يُنْكَرُ مِنْ فِعْلِ بَعْضِهِمْ قَلِيلٌ نَزْرٌ مَغْفُورٌ فِي جَنْبِ فَضَائِلِ الْقَوْمِ وَمَحَاسِنِهِمْ مِنَ الإِيمَانِ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ , وَالْهِجْرَةِ , وَالنُّصْرَةِ وَالْعِلْمِ النَّافِعِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ !
وَمَنْ نَظَرَ فِي سِيرَةِ الْقَوْمِ بِعِلْمٍ وَبَصِيرَةٍ , وَمَا مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ بِهِ مِنَ الْفَضَائِلِ , عَلِمَ يَقِينَاً أَنَّهُمْ خَيْرُ الْخَلْقِ بَعْدَ الأَنْبِيَاءِ , لا كَانَ وَلا يَكُونُ مِثْلُهُمْ , وَأَنَّهُمُ الصَّفْوَةُ مِنْ قُرُونِ هَذِهِ الأُمَّةِ التِي هِيَ خَيْرُ الأُمَمِ وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللهِ . انْتَهَى كَلامُهُ رَحِمَهُ الله في الْعَقِيدَةِ الْوَاسِطِيَّةِ !
اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا مَحَبَّةَ نَبِيِّكَ محَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَحَبَّةَ أَصْحاَبِهِ , اللَّهُمَّ أَرْضِهِمْ عَنْهُمْ وَارْضَ , اللَّهُمَّ ارْضَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ , وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ وَعَنْ زَوْجَاتِ نَبِيِّكَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ , وَعَنِ التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ! اللَّهُمَّ ارْضَ عَنَّا مَعَهُمْ , وَأَصْلِحْ أَحْوَالَنَا كَمَا أَصْلَحْتَ أَحْوَالَهُمْ , اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِيذُ بِكَ مِنْ طَرِيقِ مَنْ تَعَدَّى عَلَى أَصْحَابِ نَبِيِّكَ أَوْ سَبَّهُمْ أَوْ تَنَقَّصَهُمْ , اللَّهُمَّ رُدَّ كَيْدَهُمْ فِي نُحُورِهِمْ , وَاجْعَلْ كَيْدَهُمْ عَلَيْهِمْ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ ! رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ! رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار ! سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ !!!

<div style="padding:6px"> الملفات المرفقة
: (فَضَائِلُ الصَّحَابَةِ وَالْعَقِيدَةُ فِيهِمْ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ).pdf&rlm; (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=96204&d=1348111448)
: 253.3 كيلوبايت
: <font face="Tahoma"><b> pdf