المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هكذا كانت محبة النبي صلى الله عليه وسلم عند الصحابة-رضوان الله عليهم-



أهــل الحـديث
19-09-2012, 05:30 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


أيها الأحبة هذه مقالة جديدة لشيخنا أبي عبد الله حمزة النائلي حفظه الله ورعاه وهي بعنوان هكذا كان محبة النبي صلى الله عليه وسلم عند الصحابة نشرها فضيلته في جريدة الشرق القطرية بتاريخ اليوم



بسم الله الرحمن الرحيم

هكذا كانت محبة النبي صلى الله عليه وسلم عند الصحابة-رضوان الله عليهم-

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين ، نبينا محمد و على آله، و صحبه أجمعين .
أما بعد :
لقد عرف الصحابة ( رضوان الله عليهم ) الثمرات التي تُجنى في الدنيا و الآخرة من تحقيق محبة النبي صلى الله عليه وسلم ، فضربوا بذلك أروع الأمثلة و سطروا أزكى المعاني، فكانوا لمن بعدهم من المؤمنين المحبين للنبي صلى الله عليه وسلم قدوة، وكانت في قصصهم عبرة .
كيف لا ؟ وهم الذين صحبوا خير المرسلين صلى الله عليه وسلم عن قرب ، وسمعوه وهو يقول :" لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده، والناس أجمعين ". رواه البخاري (14) ومسلم (44 ) من حديث أنس -رضي الله عنه-
وكيف لا ؟ وهم الذين رأوا كيف كانت أخلاقه وتعامله مع الناس ، فتأثروا به و اقتدوا بهديه و اقتفوا أثره في كل شيء صلى الله عليه وسلم.
ولما كانت محبتهم ( رضي الله عنهم) للنبي صلى الله عليه وسلم يُضرب بها المثل و يُتأسى بها، كان لزاما علينا حتى نقتدي بهم وتزداد محبة نبينا صلى الله عليه وسلم في قلوبنا أن نقف مع بعض النماذج النيرة و الصفحات المضيئة التي أناروا بها درب كل محب للنبي صلى الله عليه وسلم بعدهم.
ولهذا أحببت أيها الكرام أن نذكر لكم بعضا منها ، لعل الله بجوده وكرمه يجعل المطَّلع عليها ، و المتدبر لمعانيها يزداد حبا للنبي صلى الله عليه وسلم ، بإذن الله جل جلاله ، منها :
1-أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- :لقد كان هذا الصحابي الجليل –رضي الله عنه- من أشد الصحابة حبا لنبينا صلى الله عليه وسلم ، ولهذا كان أحبَّ الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم، فمواقفه التي دلت على صدق حبه للنبي صلى الله عليه وسلم كثيرة جدا ، منها ما رواه الإمام البخاري في صحيحه ( 5470) عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: (فبينا نحن يوما جلوسٌ في بيتنا في نَحْرِ الظهيرة، فقال قائل لأبي بكر: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مُقْبِلًا مُتَقَنِّعًا –مغطي رأسه- في ساعة لم يكن يَأْتِينَا فيها، قال أبو بكر: فِدًا له بأبي وَأُمِّي ،والله إن جاء به في هذه الساعة لأمر، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فاستأْذن فَأَذِنَ له فدخل، فقال حين دخل لأبي بكر: "أخرج من عِنْدَكَ"، قال :إنما هُمْ أَهْلُكَ بأبي أنت يا رسول اللّه قال: "فإني قد أُذِنَ لي في الخروج" قال: فَالصُّحْبَةُ بِأَبِي أنت وأمي يا رسول الله قال :"نعم " ،قال :فخذْ بأَبي أنت يا رسول الله إحدى رَاحِلَتَيَّ هاتين ...).
فحبه الصادق للنبي صلى الله عليه وسلم جعله يتمنى مرافقته في أصعب المواقف ، بل لما أخبره صلى الله عليه وسلم أنه سيكون رفيق دربه بكى من الفرح ، حتى قالت أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها- :" فو الله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يومئذ يبكي من الفرح". تاريخ الطبري ( 1/569)
2-عمر الفاروق -رضي الله عنه- : فعن عبد الله بن هشام – رضي الله عنه- قال :(كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب، فقال له عمر: يا رسول الله لأنت أَحب إلي من كل شيء إلا من نفسي ، فقال النبي صلى الله عليه و سلم:"لا و الذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك"،فقال عمر-رضي الله عنه-:فإنه الآن و الله لأنت أحب إلي من نفسي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"الآن يا عمر"). رواه البخاري(6257)من حديث عبد الله بن هشام-رضي الله عنه-
3- عمرو بن العاص - رضي الله عنه- : حيث كان على فراش الموت -رضي الله عنه- يقول : وما كان أَحد أَحَبَّ إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أجلَّ في عيني منه ،وما كنت أُطِيقُ أن أملأ عينيَّ منه إجلالا له، ولو سئلت أن أصِفَهُ ما أطقتُ، لأَني لم أكن أملأ عينيَّ منه...". رواه مسلم ( 121)
4- ثُمَامَةُ بن أُثَال -رضي الله عنه- : فعن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال:" بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلا قِبَلَ نَجْدٍ فجاءت برجل من بني حَنِيفَةَ يُقال له :ثُمَامَةُ بن أُثَال سَيِّدُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ، فربطوه بسارية من سواري المسجد فخرج إليه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقال: ماذا عِنْدَكَ يا ثُمَامَةُ؟ فقال: عندي يا محمد خير إن تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَم وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِم على شَاكر، وإن كنت ترِيدُ المال فسل تعط منه ما شئت، فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان بعد الغد، فقال ما عندك يا ثُمَامَةُ ؟ قال: ما قلت لك إن تُنْعِمْ تُنْعِم على شاكر وإن تَقْتُلْ تَقْتُل ذا دم، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان من الغد فقال ماذا عندك يا ثُمَامَةُ؟ فقال عندي ما قلت لك إن تُنْعِمْ تُنْعِم على شاكر، وإن تَقْتُلْ تَقْتُل ذا دم، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت، فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أطلقوا ثُمَامَةَ"، فَانْطَلَقَ إلى نخلٍ قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل الْمسجد، فقال: أشهَدُ أن لا إله إلا الله وأشهد أَن محمدا عبده ورسوله، يا محمد والله ما كان على الأرض وَجْهٌ أَبْغَضَ إلي من وجهك، فقد أصبح وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوجوه كُلِّهَا إلي، والله ما كان من دين أَبْغَضَ إلي من دِينِك، فأصبح دينك أَحَبَّ الدِّين كُلِّه إلي، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك،فأَصبح بلدك أَحَبَّ البلاد كُلِّهَا إلي، وإن خَيْلَكَ أخذتني وأنا أريد العمرة فماذا ترى؟ فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمره أَن يعتمر، فلما قَدِمَ مكة، قال له قائل: أَصَبَوْتَ-أي خرجت عن دينك - فقال:لا ولكني أَسلمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا والله لَا يَأْتِيكُمْ من اليمامة حَبَّةُ حِنْطَةٍ حتى يأْذن فيها رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم".رواه البخاري (4114) ومسلم ( 1746) و اللفظ له
لقد تغلل حب النبي صلى الله عليه وسلم في قلب هذا الصحابي الجليل مباشرة بعد أن أخلص في إسلامه، ولهذا منع قريشا من الحنطة حتى يأذن النبي صلى الله عليه وسلم، نصرة للنبي صلى الله عليه وسلم وحبا له ، فعظُم بعد ذلك في أعين الصحابة بهذا الفعل ، حتى قال عمر -رضي الله عنه-:"لقد كان والله في عيني أصغر من الخنزير ، وإنه في عيني ، أعظم من الجبل ". رواه الإمام أحمد في المسند (2/246 ) وحسنه العلامة الألباني في الإرواء ( 5/42)
فهذه أيها الأحبة فقط نماذج لمحبة بعض الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم ،وإلا فالصحابة كلهم كما تقدم كانوا يحبون النبي صلى الله عليه وسلم ويعظمونه ويفدونه بأغلى ما يملكون من النفس والمال والولد،قال عروة ابن مسعود الثقفي-رضي الله عنه- لقريش:"والله لقد وَفَدْتُ على الْملوك وَوَفَدْتُ على قيصر وكسرى والنجاشي، والله إن رأيت مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ ما يُعظم أَصحاب محمد صلى الله عليه وسلم محمدا، والله إن تَنَخَّمَ نُخَامَةً إلا وقعت في كف رجل منهم، فَدَلَكَ بها وَجْهَهُ وجلدَه، وإذا أمرهم ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتَهم عنده، وما يُحِدُّونَ إليه النَّظَرَ تَعْظِيمًا له ". صحيح البخاري (2/976)
فعلينا أيها الكرام أن نقتدي بهم، ونقدم محبة نبينا صلى الله عليه وسلم على كل شيء ، ونسارع دائما لطاعته فيما أمر، والابتعاد عما نهى عنه وزجر ، فإن في ذلك النجاح و الفلاح في الدنيا و الآخرة ،بإذن الله .
وفي الختام،الله أسأل بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يجزي عنا خير الجزاء كل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم على محبتهم و نصرتهم للنبي صلى الله عليه وسلم ، وأن يوفقنا و إياكم كذلك لمحبته صلى الله عليه وسلم محبة صادقة لا غلو فيها و لا ابتداع ، وأن يجعلنا ممن يذب عن سنته وينشرها بين الناس ، فهو سبحانه ولي ذلك و القادر عليه.


وصلي اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين



أبو عبد الله حمزة النايلي