المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عَلى طلل الحَبيب وذبا عَن عِرضه !



أهــل الحـديث
17-09-2012, 10:40 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



الحمدُ لله مسْـدي النعمَـة , ومؤتي الحكـمَـة ..

أسْـتهلُ بإسْمه كل بيان .. وأحمَدهُ على ما منّ به من تبيان ..

وأسُوق إليه الإعتذار عَن كُل تقصير وتوان ..

أسَطرُ حديثي بـ عونِه .. وأرقمُه على بركاته ..

والصلاة والسَـلامُ على علم الأعلام .. وأعلى الأنام ..

وعلى آلهِ وأصْحابهِ بدور التمام ..

وبعد ..

تشهدُ الفطرُ أن ماوطيءَ البسيطة مذ برا الله البريَة أحد أكمل ,

ولا أفضل , ولا أجمل , ولا أنبل , ولا أحسَن , ولا أبسَن , ولا أسْـمى , ولا أسْـنى , ولا أزهى , ولا أبهى من رسُول الله – صلى الله عليه وسَلم - ..


فكان أحسَن خلق الله كلهم ** وكَان أحسَن مافي الأحسَنِ الشيمُ !


شمائلٌ كملت .. وخلالٌ تمت .. وأفضالٌ عمت ..

كمُـلت محاسنُه فلو أهدا السَنا ** للـبدر عند تمَـامهِ لم يُخسَفِ !
وعلى تفنُن واصِفيه بحسْنه ** يفنى الزمانُ وفيه ما لم يوصَفِ !


وأنا على يقين أني لن أصِل من تأمُل أوصافه في هذه السُطور إلا قدر ما مايصلُ من وُضع على سيفِ بحْر , غمْر , غطمطم , عَظيم , خِضم , طافح , طامِح

وقيلَ له صفهُ لنا في ثوان , وهُو لم يبلغ من العِلم عن هذ البحر إلا أنهُ نميرٌ يردُه الصداة ..


فـ من لي بخوضِ البحر والبحرُ زاخرُ ** ومن لي بإحصاء الحصى والكواكبِ !

..

من أينّ أبدأُ والحَديث غرامُ ** فالشعرُ يقصُر والكَلامُ كلامُ !


من أينَ أبدأ ..؟!

وبأيّ طرف أأخذ ..؟!

وأسْـجالُ الكلم إذا جَمعها الناطقُ اسْتحيَت , وتغشاها الخجُل , فـ تظلُ بين إقدام وإحجام ..
لما تتعاورُها من سِهام التقصير ورماح القصُور !

وما المتكلمُ عن خِلاله إلا كمن همّ أن يصِف سَنا الشمس , وبرد الثلج , وحَلاوة الشهد , وسعة اليم ..

على أن بحار أخلاقه - صلى الله عليْـه وسَلم – لا تشاكلها البُحور , وآفاقُ شمائله لا تضارُعها الآفاق ..

براهُ الله على دجم كريم , وشهد لهُ أنه على خلق عظيم ..!

وأيُ شيْىء أكبرُ شهادة من الله ..؟!

وتاللهِ ما يضرُه بعد هذه الشهادة قولُ شانيء وضيع , ولا كلبٌ كلفٌ بالخبث ..

من كان الكفرُ شِنشِنته , والخبثٌ ديدبُونه , والخسَة سَجيته ..

دنسِ , نجِس , نحِس , شرِس , شكِس , مَدش , فدِش , أنوَك , أهوَك , وقيحٍ , قبيح ..

تراهُ يخفضُ خُبثا المرفوع , وينتقصُ سَفها الكامل ..

لا يأنسُ إلا بالهجَاء , ولا يرتاحُ إلا أن يُصفع , ولايقرُ إلا أن يُهان ..

يجْلوا الليلُ النهار , ولاتنجَلي خلالُ الخزيُ عنه .. وتنفذ البحارُ وما تنفذُ خسَـائسِه ..

يسيءُ لرسُول الله , خيْر الخلق , وأزكاهم , وأبرُهم , وأوفاهُم , وعند اللهِ أعلاهُم – عليه الصـلاة والسَـلام - ..

والإساءَة لرسُول اللهِ فتقٌ لا يُرتق إلا بـِ فلقِ هام المسِيء , وجَز غلصمتِه !!

ولو أبحَر هذا القذعلُ واللهِ في سيرته ..

لـ ذاب قلبـُه محبَـة له , ولـ ظلَ دهرهُ يتقلبُ على الجمْر شوقآ إليْه ..

ولو تليَت سيرتهُ في هجَاهج الغرب الممحِلة لـ اخضوضرَت , أو مهامهِه المقحلة لأعشوشبَت ..

ولو أنهُم أرتوَو من معين نهجِه , أو ذاقوا من عذب مناهِله , لـ بكوْ أسَى وأسَفا على حِرمانهم وسُوء حالهم ..

لكن ..

كيفَ يدري الطعمَ من لم يَذقِ ..؟!

من لم تلامسْ سيرة رسُول الله مسْمعه لن يشعرُ بفداحَة الإساءَة إليه ..

ومن لم تلج جُلجُلانَ جنانِه هاتيك الشمائل العذاب ما يسْتغربُ قحَة شانئِه .!

رسُول الله ..

سيرَة فريدة .. ونفسٌ عظيمة .. بلغ أسمى درجات السُمو , وأعلى مفارق العُلو ..

شمائلٌ ليسَ وراءها مُطلع لناظِر , ولافوقها مرتقى لـِهمة , ولا منزعٌ لأمنيَة , ولا مُتجاوزٌ لأمل !

..

شهد الله ..

أن ماتطلعُ الشمسُ المنيرَة على أحَد أحبّ إلينا من رسُول الله – صلى الله عليْـه وسَلم - ..

ولا أعظم في قلوبنا منازلا , ولا أسْمى في نفوسِنا قدرا ..!

وماوقفنا على أطلال سيرتهِ إلا بكيناه , وما قلبنا صفحات سيرته إلا والدمُع ثجُوج ..

ولا عجَب ..

فالقلبُ إذا كان موصُولا بالحُبُ هيجَه الحَديث فأبكاه ..

والقلبُ يفتهُ الشوقُ إلى الحَبيب ويُنهكُه ..

فـ يظلُ الأيامَ واللياليَ يسير في مرابع سيرتِه فما يمل , ويمْضي السِنين وهُو يقرءُ عن سيرَة أحبّ الخلقِ إليْه , وما يطمعُ أن يراهُ في هذهِ الدُنيا ..

يودُ المحبُ أن لو يملكُ ماعلى البسيطة فـ يرى رسُوله ..

ويودُ أن لو بذلَ مالهِ ونفسِه وولدِه والناسَ أجمعين كيما يراهُ ولو سَـاعة من نهار ..

يقرءُ عن الصحابَة ومواقفِهم مع رسُول الله ووأحاديثهم معهُ وكيفَ أن الله تخيّرهُم لـ صُحبته , فـ تهيجُ مشاعره ويستشعرُ الحْرمان , ويتغشاهُ الحزن فما يعبرُ إلا بالبُكاء ..

وما يقفُ هذا المحبُ على طلل إلا تذكَر رسُوله , لأن لهُ في كلّ مربع أثرا , وفي كُل رابيَة شذى ..

ولا يرى رسْما إلا سأل عنه , ولو أجابه الرسمُ لشاطرَ المحبَ البُكاء ..!

..

حبُ رسُول الله هُو أسْمـى حبٌ عرفتهُ البريَة ..

جسَد الصحَابة الكِرام الأنجُم هذا الحُب في أسمى حُللهِ , وأبهى صُوره ..

هذا زيْد بن الدثنة لما قدمَ للقتل , والموتُ ينذرُه , والصوارمُ ترمُقه , وعيُون العدا تزلقه ,

يناشدُه أبا سُفيان فيقول :

أنشدكَ الله يا زيد أتحبُ أن محمَـدا عندنا الآن في مـَـكانك نضرُب عُـنقه وأنكَ في أهلك ..؟!

ووقفت الأنفسُ مشدوهة , والدُنيا مشدودة , والبرايا منتظرَة لما سَيجيبُ به ِ زيد ..

وأمسَك التأريخُ قلمه ليَكتبَ , وصمَتت الجمُوع تنظر , فأقسَم زيدٌ غير حانِث وأعلنها غيْر خائف :

واللهِ ما أحبُ أن محمدا الآن فِي مكانِه الذي هو فيهِ تصيبه شوكة تــُؤذيه وأنا جَـالسٌ في أهلي ..!

اللهُ أكبر ..

ألا طيبَ اللهُ هذه المهجَ المباركة , وسَقاها من سَلسبيله , وجمعنا بها في جناتِ عَدن ..

وماهذا الموقف إلا نقطة من يم , وغصْـنا من دوْح ..

أدر لحَاظك في السيّر , وسِر في مرابع الصَحب تجِد المهجَ أرخصُ مايُبذل , والنفوسُ أهونُ ما يُقدم ..

إذا كَان ذاكَ في ذات الله , أو نصْرة لرسُوله – صلى الله عليه وسَلم - !


اللهمّ ..
إنا نسْألك ان كنتَ تعلمُ فرْط محبتنا لرسُولكَ صلى الله عليْه وسَلم , وصِدقَ شوقنا له , أن لاتحْرمنا رفقته ..

اللهمّ ..
أجمعنا معَ نبيّنا في الفروسْ الأعلى وأسْكنا جواره , وأكرمنا بوُرود حضوضِه ..

اللهمّ ..
تغمد تقصيرَنا وغدراتنا بمَـغفرتك , و أعفُ عنا تخاذلنا في نصْرةِ نبيك ..

اللهمّ ..
إنا نعتذرُ إليك عن كُل تونٍ , وتخاذل , في نصْرة رسُولك – صلى الله عليه وسَلم - ..

اللهمّ ..
رمّ أمرَ الأمة , وأحْيي مواتها , وتلافَ شتاتها , وأعِد لها سَالف عزها , وأرفع عنها ذلها ..

آمين .. آمين .. آمين .. آمين
آمين .. آمين .. آمين ..
آمين ..

ميمونة الهاشمي.