المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أهمية التلقي على يد شيخ



أهــل الحـديث
17-09-2012, 06:50 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


أهمية القراءة والتلقي على يد شيخ متقن
قراءة القرآن الكريم سنة متبعة

قَالَ الإِمَامُ ابْنُ الجزري رَحِمَهُ اللهُ: ولاشكَّ أنَّ هذهِ الأمةَ كما هُم مُتعبدون بِفَهمِ مَعاني القُرْءان وإقامةِ حُدوده، مُتَعبَّدون بتصحيحِ ألفاظِه، وإقامةِ حروفِه على الصفةِ المُتلَقَّاةِ من أئمةِ القراءة المتصلةِ بالحضرةِ النبويةِ الأفصَحيَّةِ العربية، التي لا تجوزُ مخالفتُها والعدولُ عنها إلى غيرها . اهـ(1) .

وعن الشعبي أنه قال: " القراءةُ سُنَّةٌ فاقرؤوا كما قرأ أَوَّلُكم(2)" .
قال الأستاذُ عبد العزيز القارئ عميد كلية القرآن الكريم بالمدينة المنورة : " إنَّ قراءةَ القُرْءان عبادةٌ أُُمِرَ بها المكلَّفون، قَالَ تَعَالَى: فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ  المزمل: 20. والعبادات توقيفيَّة في جميع متعلقاتها، ومن ذلك هيئات أدائها فكَما أنَّ صِفَةَ الصلاة توقيفيَّة تتلقَّى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأسانيد الثابتة المتصلة، كذلك صفة القراءة توقيفيَّة، تُتلقَّى بالأسانيد المتواترة المتصلة إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم لا فرْقَ في ذلك بينَ الصلاةِ وقراءةِ القرآن" .
واستدلَّ بأدلةِ منها: قوله صلى الله عليه وسلم : "خُذُوا القُرْءانَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ، وَسَالِمٍ، وَمُعَاذٍ، وَأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ"متفق عليه، البخاري/4999، مسلم/2464 .

ومعنى هذا: أنَّه لم يكنْ مُرخَّصًا للصحابة - وهُم العرب الفصحاء- أنْ يقرأ كُلٌّ مِنهم القُرْءانَ حَسْبَمَا يَتيسَّر على لسَانِه مِن لُغته، فغيرُهم من بابِ أَوْلى .
بلْ إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم - نفسَه وهو أفصحُ مَن نَطَقَ بالضاد- لم يُرخَّص لهُ ذلك، بلْ عُلِّمَ القُرْءانَ تَعلِيمًا، وتلقَّاهُ مُشافهةً وَتلقينًا من القويِّ الأمينِ عَرْضًا، وسَماعًا، وَأُمِرَ بهذا التلَقِّي، بلْ وأُمر بالحِرْص على سَمَاعِه جيدًا عند التلَقِّي . اهـ(3) .
(1) هداية القارئ إلى تجويد كلام الباري : ج/1ص/54-55 .
(2) سنن الْقُرَّاء : ص/ 116 .
(3) سنن الْقُرَّاء ومناهج المجودين : ص/ 111-112-114 .

قَالَ ابْنُ الجزري: " والناسُ في ذلك بينَ مُحسنٍ مأجورٍ ومُسيءٍ ءاثمٍ، أومَعذور، فَمَن قدَر على تصحيحِ كلامِ الله تعالى باللفظِ الصحيحِ، العربيِّ الفصيح، وعدَلَ إلى اللفظِ الفاسدِ العجمي أو النبطي القبيح، استغناء بنفسه، واستبدادًا برأيه وحدَسه، واتِّكَالاً على ما أَلِفَ من حِفظه، واستِكبارًا عن الرجوع إلى عالمٍ يُوقِفُه على صَحيحِ لفظهِ: فإنه مقصرٌ بلاشكَّ، وءاثمٌ بلا ريب، وغاشٌ بلا مِرية ، وقد قال رسول صلى الله عليه وسلم : " الدِّينُ النَّصِيحَةُ: لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ " رواه مسلم ( 55 ) أمَّا من كان لا يطاوعُه لسانُه، أولا يجدُ مَن يهديه إلى الصَّوَاب بيانه: فإنَّ الله لا يكلِّف نفسًا إلا وسعها، ولِهذا أجمعَ مَن نعلَمُه مِن العلماء على أنَّه لا تصحُّ صلاةُ قارئٍ خلف أميٍّ، وهو مَن لا يُحسِن القراءة ، واختلفوا في صلاةِ مَن يُبدِلُ حَرْفًا بغيره سواءٌ تَجَانَسا أمْ تقاربا، وأصحُّ القولين: عَدمُ الصِّحةِ كمَن قَرَأ: " الحمْدُ " بالعَيْن، أو" الدِّين ": بالتاء أو "المَغضُوبِ" : بالخاء أو الظاء، ولذلك عَدَّ العلماءُ القراءةَ بغير تجويدٍ لحنًا، وعدُّوا القارئَ بها لحَّانًا(1) " .
(1) النشر : ج/1 ص/ 210، 211

قال الشيخُ محمودُ علي بسه عميد كلية القرآن الكريم : في كتابه العميد : للتلقِّي في تعَلُّمِ القرْءان وأدائه أهميةٌ كبيرةٌ، فلا يَكفي تعَلُّمُهُ منَ المصاحفِ دون تلقيه من الحافظين له، لأَنَّ من الكلماتِ القرآنية ما يختلفُ الْقُرَّاء في أدائه مع اتحاد حروفه لفظًا ورسمًا، تبعًا لتفاوتهم في فَهْمِ معاني هذه الكلمات وأصولها، وما يتوافرُ لهم من حسن الذوق، وحَسَاسِيَة الأُذنِ، ومُراعَاة ذلك كلِّه عند إلقائِها، لدرجة أنَّ بعضَهم يُخطِئُ في أدائه بما يكاد يُخرجها عن معانيها المرادة منها لتساهُلِه، وعدمِ تحرِّيه النُطْقِ السَّليمَ، والَّذِي لوْ وُفِّقَ إليه وعوَّدَ نفسه عليه: لدلَّ على حساسِية أذنه، وحسن ذَوْقِه وفَهْمِه لمعانيها. وذلك نحو:  حرِّضِ المُؤمنين الأنفال: 65  يعظكمْ البقرة: 231  فسقىَ لهما القصص: 24،  وَذرُوا البيعَ الجمعة: 9 . اهـ(1) .
(1) كتاب العميد : ص /10 .

قال فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الحفيظ –رحمه الله- عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر والمجاز بالقراءات العشرة الكبرى والصغرى على العلامة الزيات .
تعالى : اهتمَّ العلماءُ – رضوَان اللهِ عليهم- المتخصِّصُون في هذا المجال بإبرازِ أحكام القرآن الكريم ، وبيانِ ما ينبغي أن يُقرأ به ، من كيفياتِ مرْضية مقبولة متلقَّاة عن رسُول الله - صلى الله عليه وسلم- ، ثمَّ عن صحابته من بعده ، ثم عن العلماء الذين حَمَلوا لواء هذا العلم حى وَصَل هذا العلم إلينا ، فالقرآنُ الكريم لا يمكن تلقِيه عن طريق كتاب.
إن الكُتبَ عامل مساعد، ولكنَّ العامل الأساسيَّ هو التلقِّي، لأنَّ هناك كثيرًا من الكلمات ربَّما تقرأ بغير ما ينبغي ، ولكنها لا تختلف في كتابتها، سواء أكان نطقها صحيحًا أو غيرَ صحيح، نحو:"خَلَقَكم" الزمر: 6،  فسقى لهما القصص: 24، أفلا، الذاريات: 21 فلا بدَّ أن يسمع المجود من شيخه سماعًا طيبًا، ويكون ذا أذن ناقلة حافظة، ويعود الشيخ لسان تلميذه على أن يقرأ بالكيفية الصحيحة (1) .

وقال الشيخ محمد بن الأحمدي الأشقر: ينبغي معرفة طريقة الأداء عند النطق بالكلمات الآتية، والمحافظة على نبرة الحرف وحقه ومستحقه، ولا يتم ذلك إلا بالتلقي والمشافهة، وسماع الأصوات من أفواه المشايخ المهرة، نحو : آلهتكم الأنبياء: 36، " يعدكم البقرة : 228، يعظكم البقرة : 231، يومئذ الزلزلة: 4،  مثلهم البقرة : 17، خلقكم الزمر: 6، وتعيها الحاقة: 12، عرضهم البقرة: 31، وما شابه ذلك اهـ (2).
(1) من تقريظ فضيلته على متن التحفة والجزرية .
(2) حلية التلاوة وزينة القارئ ص/81

من كتاب زاد المقرئين أثناء تلاوة الكتاب المبين ص / 52 ، 182.