المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : موت شيخ الجماعة السيد إبراهيم أيت هماد فقيه مدرسة "بومروان" العتيقة



أهــل الحـديث
16-09-2012, 12:20 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


في فاتح محرم الحرام انتقل إلى رحمة الله تعالى شيخنا وشيخ الجماعة بسوس الشيخ الجليل الوقور المجاهد المربي العالم العلامة سيدي وسندي الحاج إبراهيم بن محمد أيت هماد فقيه مدرسة "بومروان" العتيقة التي خرجت وعلى يد هذا الشيخ أفواجا من العلماء والخطباء والأئمة ورجال الدين والتي ما زالت تواصل مشوارها العلمي والتعليمي على يد ابن الشخ البار شيخنا وصديقنا سيدي محمد بن إبراهيم أيت هماد سدد الله خطاه وزاده نورا وعلما وتوفيقا .

وبصفتي تلميذا للفقيه الفقيد رثيته بقصيدة بحت فيها ومن خلاله عن تقديري للشيخ ولجهوده في نشر العلم الديني والأخلاق الفاضلة وصبره وتحمله في سبيل ذلك رحمه الله تعالى رحمة واسعة آمين
وهذا نص القصيدة التي تنشر لاحقا ضمن كتاب يعد ليجمع مراثي وشهادات وكلمات تلاميذ الشيخ وأصدقائه ومعارفه ومحبيه .
نص القصيدة تحت عنوان :

فُجِعَ البلادُ بعالمٍ

حَدَثٌ ألَمَّ فَــــــــبَدَّدَ الأحْلاَمَـــــــــــا = = رُزْءٌ أَصَابَ فَجَدَّدَ الآلامَـــــــا
قَـــــــدَرٌ لِوَقْعِ مُصَــــابِه وَجَـــلالِهِ = = جَعَلَ الأنامَ مِـنَ الْقُـــعُودِ قِيَامَا
نَبَأٌ تَنَاقَلَهُ "الْهَوَاتِفُ" فِي الْوَرَى = = أنكَى القُــــلوبَ وحَيَّرَ الأوْهَامَا
تَبكِي الرّجالُ علَى البنينَ وَإِنَّـمَا = = تَبكِي المَـــدَائِنُ عَالِمًا مِقْدَامَا
فُجِــعَ البِلَادَ بِـــــــــعَالِمٍ لاَ يَـنْثَنِي = = فِي كُلِّ نَادٍ يَشْرَحُ الإِسْـــــلَامَا
رَجُلُ الشَّرِيعَةِ قَدْ أَتَتْهُ شَرِيـــعَةٌ = = لِلْمَوْتِ تَحْكُمُ حُكْمَـــهَا إِحْكَامَا
قَدْ كَانَ يَدْرُسُ لِلأنَامِ " جَنَـــائِزًا " = = وِالْيَوْمَ أَشْبَعَ دَرْسَــــــهُ إِفْهَامَا (1)
قَدْ كَانَ يَدْرُسُ فِي الْقَضَاءِ"قَــوَاعِدًا" = = وَاليومَ قَدْ صارَ القَضَــاءُ حِمَامَا
قَدْ كانَ يُلْقِى فِي الجُمُـوعِ مَوَاعِظًـا = = تُبْكِى الجَلِيدَ وَتُــــــوقِظُ الأَفْهَامَا
وَالْيَوْمَ قَدْ تَرَكَ الْجُـــــــمُوعَ وَرَاءَهُ = = يَبْكُونَ مِثْلَ مَحَــــــــاجِرٍ وَيَتَامَى
++++++++
وَكَذَاكَ يُطْوَى لِلْحَيَاةِ بِسَــــــــاطُهَا = = وَ تُفَارِقُ الأَرْوَاحُ ذِي الأَجْسَامَا
وَيَرَى الحـَــــــيَاةَ بِدَايَةً وَنِهَـــــايَةً = = أَذْكَى الرِّجَالِ فَعَــــــــــــدَّهَا أَيَّامَا
وَيَرَى الحَيَاةَ طـَـــــــــوِيلَةً وَلَذِيذَةً = = غُمْرُ الرِّجَالِ فَظَـنَّــــهَا أَعْـــوَامَا
والنَّاسُ غَادٍ فِي الْحَيَــــــاةِ وَرَائِحٌ = = يَتَزَاحَمُونَ عَلَى الْقُـــبُورِ زِحَامَا
وَكَأَنَّهُمْ خيلُ السِّبَاقِ إِذَا جَــــــــرَتْ = = سَبَقَتْ لِغَايَتِهَا الْجِيَــــــــادُ كِرَامَا
والنَّفْسُ مَا عَاشَتْ عَلَى نَعْمَــــائِهَا = = أَوْ بُؤْسِهَا فَكَــــــمَنْ يَرَى أَحْلاَمَا
والْجِسْمُ يَحْمِلُ فِي الْحَيَاةِ فَنَـــــاءَهُ = = ضِـــــــــــدَّانِ يَعْـتَـقِـبَانِ فِيهِ لِزَامَا
كُلُّ الْحَياَةِ إِلَى الْمَمَاتِ مَصِـــــيرُهَا = = وَلِيَوْمِهِ صَلَّى السَّـــــعِيدُ وَصَامَا
إِنَّ الْحياةَ خَسـَــــارَةٌ وَنَـــــــدَامَةٌ = = مَا لَمْ يَكُنْ شَرْعُ الْإِلَهِ زِمَــــامَــــا
+++++++++

أَوْجِاعُ أَبْنَاءِ الزَّمَــــــــانُ كَـــثِيرَةٌ = = وَأَشَــــدُّهَا أَنْ يَفْقِدُوا الأَعْلاَمَـــــا
فَقْدُ الْخَلاَئِقِ "للفقِيهِ" مُصِــــــيبَةٌ = = زَادَتْ إِلَى أَوْجَــــــــاعِهَا إِيلامَا
مَا كَانَ مَوْتُ الشَّيْخِ إلاَّ ثُلْـــــــــــمَةً = = فِي الدِّينِ عَمَّ بَلاَؤُهَا أَقْـــــــوَامَا
مَا كَانَ دَفْنُ الشَّيْخِ إِلا لَــــــــــــــيْلَةً = = أَرْخَتْ عَلَى ظُلَــمِ الزَّمَانِ ظَلاَمَا
لَمْ يَدْفِنُوا الشَّيْخَ الْجَــــــِليلَ وَإنَّمَــا = = جِيلاً خَدِيمًا لِلْعـُـــــــــلومِ عِظَامَا
لَمْ يَدْفِنُوا الشَّيْخَ الْجَــــلِيلَ وَإِنَّمَــــا = = جِيلاً بِتَقْوَى رَبِّهِ يَتَسـَــــــــامَى
لَمْ يبْغِ عزًّا في الحياةِ وإِنَّمَـــــــــــا = = بَعْدَ الْمَمَاتِ بَكَى الْجَمِـــيعُ وَهَامَا
مَا أَنْسَ لاَ أَنْسَــــــــاهُ يَوْمَ وَدَاعِــهِ = = وَالأَرْضُ أَضْحَتْ مَحْشَراً وَقِيَامَا
والناسُ يَنتظِرونَ وقتَ صـَـــــلاتِه ِ = = فِي سَاعَةٍ كَانَ السُّـــــكُوتُ كَلاَمَا
بِالأمْسِ جَاءُوا للفقيـــــدِ تَلامـِــــذاً = = يَتَقَاسـَــــــــــمُونَ عُلُومَه أَقْسَامَا
واليَوْمَ جَاءُوا حـَـــــــامِلِينَ لِنَعْشِـهِ = = يَقْضُونَ مِنْ فَرْضِ الْوَفَاءِ ذِمَامَا
فِي مَوْكِبٍ عَقَدَ الْخُشُـــــوعُ لِسَانَـهُ = = وَكَأَنَّهُمْ جَعَلُـــــــــوا الْكَلاَمَ حَرَامَا
لَوْ كَانَ يُقْبَرُ فِي اْلْقُلُوبِ مُشَيَّـــــــعٌ = = قَبَرُوهُ فِي سَوْدَائِـــــــــــهَا إِكْرَامَا
أَوْ أَلْحَدُوا بَطْنَ الــــــنُّجُومِ مُـوَدَّعًا = = وَارَوْهُ فِي جَوْزَائِـــــــــهَا إِعْظَامَا
أَوْ تُكْفَنُ الأَمْوَاتُ ضِـــــمْنَ غَمَامَـةٍ = = قَطَعُوا لَهُ بِيضَ الثِّــــــيَابِ غَمَامَا
أَوْ يُغْسَلُ الْمَيْتُ الْــــــــعَزِيزُ بِأَدْمُـعٍ = = صَبُّوا عَليْهِ مِنَ الدُّمُوعِ سِـــجَامَا
++++++++
قَبْرَ الْفَقيهِ حَوَيْتَ كُلَّ فَضِـــــــــيلَةٍ = = وَجَمَعْتَ مِنْ عِقْدِ الْعَلاَءِ نِظَـــــامَا
وَضَمَمْتَ فِيكَ شـَـــــمَائِلاً وَمَكَارِمًـا = = وَمَعَارِفًا وَنَصَــــــــــــــائِحً ا أَيْتَامَا
حَفَرُوكَ فِي شُمِّ الْجِبَالِ لِـــــــعُـزْلَةٍ = = عَـــدَّ الْفَقـــيدُ بَــــلاءَهَا إِنْــــــعَامَا
مَنْ كَانَ قَدْ وَصَلَ الحـِـــــــبَالَ بِرَبِّهِ = = فَطَمَ الرَّجَـــــــاءَ مِنَ الْعِبَادِ فِطَامَا
وَلَقَدْ وَقَفْتُ عَلَيْكَ وِقْفَـــــــــــةَ زَائِرٍ = = وَبَلَلْتُ مِنْ دَمْـــــعِ الأَسَى الأَقْدَامَا
وَتَلَوْتُ مِن آيِ الْكِتَابِ مُيَــــــــسَّراً = = وَقَرَأْتُ للرُّوحِ الطَّهـُـــــورِ سَلاَمَا
وأطلتُ للفكرِ العِنَـــــــــــــانَ مُرَدِّداً = = قَوْلَ الْأَمِيرِ المُلْــــــهَمِ الْإِلْهَامَا (2)
(إنَّ الذي خلقَ الحياةَ وضــــــــــدَّهَا = = جَعَلَ البقاءَ لوَجْـــــــــــهِهِ إِكْرَامَا)
وعجـِـــبتُ كيفَ الأرضُ تأكلُ قامَةً = = قَامَتْ عَلَى الخُلُقِ الرَّفِيعِ قِيَـــامَا
وَرَأَيْتُ عِزَّ الدِّينِ يُــــــــــورِثُ رَبَّهُ = = في النَّاسِ ذِكْراً صَادِقاً وَمَقَامَـــا
وعلِمتُ أنَّ الْمَرْءَ بَعْدَ مَمَـــــــــاتِهِ = = ذِكْرَى تَعُودُ إِلَى الْقُــــلُوبِ لِمَامَا
وفــــــــهِمتُ أن القبرَ مرقدُنا الذي = = لا بـُــــــــدَّ فيهِ أن نَنَامَ مَنَـــــامَا
++++++++++

يَا ناشرَ العلمِ الشريفِ وعَابِدَ الــــ = = ــرَّبِّ اللَّطيفِ الصـــــــائمَ القَوَّامَا
ماذا أثابَك ربُّكَ اللهُ الــــــــــــــــذِي = = يُعطِي الجَـــــــزِيلَ ويَغْفِرُ الآثَامَا
هلْ أنتَ أمَّمْتَ المَلائِكَ بَعـْـــــــدَ ما = = أفنيتَ عُمْرَكَ للعـِـــــــــبَاد إِمَامَا
هل أنتَ علَّمتَ الملائكَ بعــــــــد مَا = = قَضَّيْتَ دَهْرَكَ للْــــــــوَرَى عَلَّامَا
هل قُمْتَ في الموتى خطيباً واعظاً = = تُرْسِى الْحُــقُوقَ وتَـنبِذُ الأَوْهَامَا
إني عَهِدتُّك والحياةُ مـــــــــــــليئةٌ = = لا تَخْتشِي فِي الْكِـــــــــلْمَةِ اللُّوَّامَا
تَعظُ الأنامَ بحِكْــــــــــــــمَةٍ وَرَوِيَّةٍ = = وَتَرُومُ مِنْ نَشْرِ الصَّلاَحَ مَرَامَا
وتقومُ في النشءِ الصغارِ مُعَلِّمًــــا = = فَتَصُوغُ مِنْ طَيْشِ الصِّغَارَ عِظَامَا
وإذا رأيتَ الناسَ طــــــابَ رُقاَدُهُمْ = = َحرَّمتَ نفـــــسَكَ رَاحةَ وَمَنَــــامَا
فتبيتُ تَسْــــــــــــــألَ للكريم جِنَانَهُ = = لتنالَ مِنْهَا ذِرْوةً وَسَنَـــــــــــــامَا
الدِّينُ والعلـــــــــمُ الأصيلُ مَشَاغِلٌ = = لَكَ حِينَمَــــــا شَغَلَ الْهَوَى أَقْزَامَا
رأتِ المَدَارِسُ مِنْ جُهُودِكَ بَعْثَـــهَا = = إْذْ أَنْتَ مَنْ أَعْــــطَى لَهَا الأَعْلامَا
لمَّا تَنَكَّرَ "للعـــــــــتائق" صَـحْبُهَا = = وَتَـــــــنَكَّبُوهَا وَأَحْجَمُوا إِحْجَـامَا
وَمضَـــــوْا إِلَى شَتَّى الْمَيَادِينِ الَّتِي = = نَالُوا بِـــــهَا مِنْ ذا الْمَتَاعِ حُطَامَا
قيَّدتَّ نفسَــــــــكَ في حِمَاهَا صَابراً = = مُتَوَكِّـــــــــلاً مُسْتَقْــــــــبِلاً مِقْدَامَا
تُمْلِي وَتدْرُسُ للوفُـــــــــودِ مَعَارفاً = = نَالُوا بـِــــــهَا عِزًّا لَهُمْ وَقَـــــــوَامَا
خمسينَ عاما أنتَ تدرُسُ جـَــــاهِداً = = تَبْنِي الْعُقُولَ وتَصْـــــــنَعُ الأعلاما
إن الدراسةَ أنت مـــــن فُرسـَـــانِهَا = = أَعْطَاكَ ربُّكَ سَيْــــــفُهَا الصَّمْصَامَا
رحِمَ المهيمنُ منك فــــــــــذاً عالماً = = ملأ الحياةَ عبادةً وســـــــــــــــلامَا
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــ
(1) "جنائزا" أعني باب الجنائز في الفقه الإسلامي المالكي .
(2) أعني بالأمير أمير الشعراء أحمد شوقي المصري والبيت من قصيدة له في رثاء أحد الأعلام .