المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [مــــــــــــــــــــــن أخـــــــــــــــــــــــ ـوك ؟ ]



أهــل الحـديث
06-09-2012, 09:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين والآل والصحب أجمعين
وبعد
فإن (الأُخوة الإيمانية) من ركائزالإسلام ومن أصوله ومن أهم دعائمه
لذلك كان من أول مافعل النبي صلي الله عليه وسلم عند قدومه إلى المدينة المؤاخاة بين المهاجرين و الأنصار
وهذه الأخوة من أعظم نعم الله على عباده
قال عزوجل (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)
آل عمران[103]
وقال صلى الله عليه وسلم (أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله و المعاداة في الله و الحب في الله و البغض في الله عز و جل) حديث 2539 صحيح الجامع
وسماها التابعي مالك بن دينار روح الدنيا فقال (لم يبق من روح الدنيا إلا ثلاثة: لقاء الإخوان و التهجد بالقرآن و بيت خال يذكر الله فيه)
ولكن ماهي صفات هذا الأخ وماهي حقوق هذه الأخوة؟
ذكر العلامة ابن مشرف التميمي في منظومته الرائقة (عشرة الإخوان) بعض صفات من يستحق الأخوة نذكر طرفاً منها لعذوبتها وجمال ألفاظها يقول
مُهــذَّبُ الأخـــلاقِ يَطــرَبُ للتَّـلاقِ
ييَحفـظُ ما فـي عَيبَتِـك يَصُـونُ مَا فِـي غَيبَتِـكْ
يَـزِينُــهُ مـا زانَكَــــــا يَشِينُـهُ مــا شَـانَكـــــــا
يُظهِـرُ مِنـكَ الحَسَنــا ويَـذْكُــرُ المُسْتــَحْسَنَــــا
ويَـكْتُــمُ الـمَعِــيــبـَــا ويَحـفَــظُ الـمَغِيـبَـــــــا
يَـسُـرُّهُ مـا سَـرَّكــــا وَلا يُــذِيــعُ سِــرَّكَــــا
إنْ قـالَ قَـولًا صَدَقَكْ أَو قُلْـتَ قَـوْلًا صَدَّقَـكْ
وَإِنْ شَـكَـوتَ عُسْــرَا أَفَـــدْتَ مِنــهُ يـُسْــرَا
يُـهـدِي لكَ النَّصيحَــهْ بِـنِـيَّــةٍ صَــحـيـحــهْ
صُحْبـتُـهُ لا لِـغَــرَضْ فَـذاكَ لِلقَـلْـبِ مَـرَضْ
لا يتـغـيَّــرْ إنْ وَلِــي عـــنِ الــــوِدادِ الأوَّلِ
لا يُـسْـلِــمُ الصَّـدِيقـا إِنْ نــالَ يَومًـا ضِيقَــا
يُــولِـي وَلا يَـعْـتَـذِرُ عَمَّــا عَــليــهِ يَــقـْـدِرُ
هـذَا هُــوَ الأَخُ الثِّقَـهْ الــمُسـتـَحِــقُّ لِلمِـقَــهْ
إنْ ظَـفِــرَتْ يَـدَاكَـا فَــكِــدْ بـِـهِ عِـــدَاكَــا
(المقه بمعنى المحبه)
وحقوق الأخوة كثيرة قال بعض أهل العلم أنها تزيد على المائة من أهمها
النصيحة
وهي دليل على المحبة الصادقة ودليل على أن الناصح يحب لأخية مايحب لنفسة لا كما يظن البعض أن النصيحة إظهار للعيوب وفضح وتشهيربالمنصوح
وفي الحقيقة هي شعرةٌ يسيرة بين من يريدأن ينصح ومن يريد أن يفضح ونعرف الفرق بينهما إذا عرفنا تعريف النصيحة وآدابها
فالنصيحة تحمل الإخلاص والصدق والنقاء والصراحةوالناصح النقي الخالص منكل شيء والنُّصْح نقيض الغِش ويقال: نَصَحْتُ له أي أخلصتوصدقت كما تحمل أيضًا معنى الإصلاح والنماء وخلاصة المعنى كما قال ابن الأَثير
[النصيحة إِرادةالخير للمنصوح له]
روى الإمام مسلم عن تميم الدَّاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (الدين النصيحة ثلاثا , قلنا : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامَّتهم)
هذا الحديث له شأن عظيم فهو ينص على أن عماد الدين وقوامه يكون بالنصيحة
كما أنه صلى الله عليه وسلم أخذ البيعة من الصحابة على أفعالثلاثة فعن جرير بن عبد الله ـ رضي الله عنه قال (بَايَعْتُ رَسُولَاللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم عَلَى إِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِالزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ) رواه البخاري
آداب النصيحة
*الإخلاص لله وجعل النصيحة خالصة لوجهه وحده وليس لأي غرض دنيوي
*الذكاء في انتقاء واستخدام الكلمات المناسبة
*إظهار الحب وإبداء الود بإخلاص قبل الشروع في توجيه النصيحة
*الرفق والأدب في النصح وإذا خلت النصيحة من الرفق والأدب صارت تعنيفا وتوبيخا لا يقبل قال الإمام الشافعي رحمه الله(مَنْ وَعَظَ أخَاهُ سِرًّا فقد نَصَحَه وزَانَه، ومَنْ وَعَظَهُ عَلانِيَةً فَقَدْ فَضَحَهُ وشَانَه)إلا في بعض الأحوال التي يلزم منها أن يكون النصح في العلن ومن حرم الرفق فقد حرم الخير كله كما أخبر بذلك نبينا عليه الصلاة والسلام
*عدم التعالي عليه أوالسخرية منه
من الحقوق أيضاالنُصرة
نصرة المؤمنين أمارة دالة على صدق الإيمان
قال تعالى{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} التوبة: 71
قال صلى الله عليه وسلم (انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ (تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ)أخرجه البخاري

وفي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم (المُؤْمِنُ للْمُؤْمِنِ كَالبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضَاً) وشبَّكَ بَيْنَ أصَابِعِهِ.
وعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم(الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، ويَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ)صحيح رواه أحمد وأبو داود

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم(الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ) البخاري ومسلم
من الحقوق أيضا معرفة أقدارهم
من فقه التعامل أن يعرف الرجل أقدار الناس فينزلهم منازلهم ولذا كان توجيه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فيما روي عن عبادة بن الصامت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ليس من أمتى من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ، ويعرف لعالمنا حقه) رواه أحمد والطبراني بإسناد حسن
وقال : ((إنَّ مِن إجلالِ الله إكرامَ ذي الشَّيبةِ من المسلمين وحامِلِ القرآن غيرِ الغالي فيه والجافي عنه وذي السلطانِ المقسِط)) أخرجه أبو داودوحسنه النووي وابن حجروالألباني
وروى الإمام مسلم في مقدمته وليست على شرطه في الصحة
عن عائشة ترفعه الى النبي صلى الله عليه وسلم (أنزلوا الناس منازلهم) رواه ابو داود وصححه الحاكم وابن الصلاح والنووي وحسنه السخاوي وضعفه جمع من العلماء لكن كثرة طرق الحديث تدل على أن له أصل وإن ضعفت أفراده
وهذا أصل لابد من معرفته كي تنجح في التعامل مع الناس فللأمير طريقة في المخاطبة وللمأمور طريقة وللجليل طريقة في الخطاب وللعالم طريقة عند مخاطبته والتعامل معه
دخل جعفرابن أبي طالب رضي الله عنه على النجاشي لما جاءعمرو ابن العاص إلى الحبشة يشكو مهاجرة الحبشة إلى فقال: أيها الملك إنك ملك والملوك لا يصلح عندها كثير الكلام. فانظر إلى هذا الفقه فالملك له مشاغله وله اهتماماته إذ هو يسوس دولة.
وهناك حقوق أخرى كثيرة كالتزاور فيما بينهم، وإفشاء السلام، وقضاء حوائجهم، والرفق بضعفائهم وعيادة مرضاهم واتباع جنائزهم قال صلى الله عليه وسلم( حق المسلم على المسلم خمس: عيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس) متفق عليه

ومن حقوق المسلمين: دعاء بعضهم لبعض قال تعالى لما ذكر المهاجرين والأنصار(وَٱلَّذِينَجَاءوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوٰنِنَاٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلإَيمَـٰنِ وَلاَ تَجْعَلْ فِى قُلُوبِنَا غِلاًّلّلَّذِينَ ءامَنُواْ رَبَّنَا إِنَّكَ رَءوفٌ رَّحِيمٌ(الحشر:10
ومن حقوق الأخوة الإيمانيةأن يحب المؤمن لأخيه ما يحب لنفسه. كما قال صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) والمراد المحبة الدينية لا المحبة البشرية فإن بعض النفوس البشرية قد تحب الشر.
ومن حقوق الأخوة بين المسلمين والمؤمنين: تعظيم بعضهم لحرمات بعض وعدم تنقص بعضهم لبعض
قال تعالى(يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُواْ خَيْراً مّنْهُمْ وَلاَ نِسَاء مّن نّسَاء عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْراً مّنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُواْ أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُواْ بِٱلأَلْقَـٰبِ بِئْسَ ٱلاسْمُ ٱلْفُسُوقُ بَعْدَ ٱلإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ(الحجرات:11
أخوتي الأحبه هذه بعض أهم الحقوق التي تجب للإخوان أجملت في بعضها لأن هذا هو المقصود وفصلت في الأخري للحاجة الى ذلك وختاماً فالمؤمنون أخوة في جميع الأقطار وإن تباعدت الديار يدعو بعضهم لبعض ويستغفر بعضهم لبعض ويحب بعضهم بعضا يتعاونون على البر والتقوى وينصح بعضهم لبعض ويصدقون في تعاملهم فيما بينهم ويحترم بعضهم حقوق بعض لأن الله ربط بينهم برابطة الإيمان التي هي أقوى من رابطة النسب والوطن.
هذا والحمدلله رب العالمين