المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خواطر جنين فى بطن امه



عميد اتحادي
06-09-2012, 07:40 PM
تلك الغرفة التي ما من إنسان إلا وعاش بها تسعة أشهر آلا وهي أرحام أمهاتنا..

كل شيء هادئ كنت أنام وأصحو دون أدنى إزعاج..

فلا شيء يكدر صفو الحياة هناك ..

كل ما أريده أحصل عليه دون طلب مني ..

فطعامي تسقيه لي أمي من أنقى وأصفى دمٍ في جسدها..

حتى أني أحس قطعة من جسدي الصغير ملتصقة بجوفها..

فكنت أشعر أن جسمي صغيرٌ جدا من صغره كنت أسبح في جوف أمي

وأجد مسافة كافية للقفز مابين بطنها وظهرها ..

وألهو وألعب لا أحمل هم شيء ..

كنت أشعر با الآمان إذا أحسست بنبضها يدب في جسدها ..

وأحس بحنانها في صدرها وهو يعلو ويهبط ليلامس جسدي..

لكن الغريب في الأمر أن تلك الغرفة التي أسكنها كلما مرت الأيام أشعر أنها تضيق علي

ولكن لا أعلم لماذا وما الذي تغير ؟!

هل يا ترى أمي أصبحت ممتلئة وضاقت بطنها علي؟.. ربما لا أدري؟؟! .. ل


كن هناك سؤال أشتاق لمعرفة جوابه

يا ترى كيف هو شكل أمي ؟.. هل هي جميلة؟..

وهل إن نظرت إليها شعرت بحنانها ودفئها كما أشعر الآن في جوفها؟..

وانتظرت لحظة التقاء عيني بعينها بفارغ الصبر ..

ولكن أشعر أن الأيام تمر بطيئة كلما راودني هذا السؤال..

رغم عيشتي الهانئة في بطني أمي إلا أن هناك أمور تشغلني وأحياناً تزعجني..

فمثلاً كانت أمي تذهب وتنام وأنا أتململ

فلا أريد النوم فأجد نفسي أركض في بطنها يمنة ويسرى حتى تبقى مستيقظة معي ..

ويحدث العكس إن هي استيقظت..

فوقتها يداعب النوم أجفاني ولا أستطيع الراحة في النوم ..

فحركتها تقض علي مضجعي..

فأغدو بعينين محمرتين من السهر..

وكم تغمرني الفرحة إن شعرت بيدها

وهي تتحسس بطنها كأنها تبحث عني في جوفها

فالتصق بجدار بطنها حتى أشعر بحرارة يدها الحنون ..

وما أروع صوتها إن تحدثت إني أطرب عند سماعه

فهو صوت جميل ندي يشعرني برقتها وحنانها ..

وكم من المرات تحدثت معي..

نعم لقد سمعتها وهي تخاطبني ومرة تلاعبني وكانت تناديني بأسماء لا أفهمها!..

قد تفهمها هي فأمي أكبر مني وتعلم الكثير ..

وكانت هي الأخرى تشتاق للقائي وعناقي وتقبيلي ..

كم أحبك يا أمي..

ولكني كنت أحزن كثيراً عندما أسمع في بعض المرات بكائها

فكنت أستغرب لماذا تبكي أمي..

وأحيانا أشعر بحزنها ..

وحتى فرحها أشعر به وكم هي عذبة ضحكاتها وهي تملئ المكان بصداها


ومرت الأيام والغرفة تزداد ضيقاً حتى لا أكاد أتحرك فيها ..

لكني بدأت أسمع بوضوح أكثر ما يحدث خارج بطن أمي..

ففي السابق كنت أسمع أمي فقط أما الآن فا أسمع أصواتً أخرى

لكن لا أعلم من أصحاب هذه الأصوات؟..

على كل حال لن أستعجل بمعرفة الجواب فكل شيء سأعرفه فور خروجي ..

على ما أعتقد ستعرفني أمي بكل أقربائي لأني ضيفهم الجديد..

وكم أتمنى أجد ترحيباً حاراً يليق بي..

فقد تعبت من طول الانتظار..

لكن هناك أمرٌ يخيفني وهو لو خرجت من بطن أمي أين سأذهب؟

وكيف سأشعر بنبض أمي ودفئ جسدها وحنانها الذي تغمرني به ليل و نهار؟ ..

فإذا راودني ذلك الشعور قررت عدم الخروج والمكوث في بطنها ..

نعم ما يدريني ما الذي سيحدث لي لو خرجت؟..

فأنا هنا في أحسن حال بين أحشاء أمي ولن أجد من هو أحن منها علي..

فقررت البقاء والتشبث بها حتى لا أخرج للحياة الجديدة..

ففي يوم هادئ حلمت حلم رائع وتخيلت أني رأيت أبي وحملني إليه وضمني..

وفجأة وأنا في لذة الحلم إذا أشعر بحركة غير عادية في جوف أمي ..

وكلما مرت الدقائق زادت الحركة في جدار بطنها

و بدأت عضلات بطنها تضغط على جسدي حتى تكاد تعصرني

وأنا كنت أتألم وأبكي لكن بصمت فلم يكن هناك مجال للبكاء بصوت

فحتى صوتي كان مخنوقاً من شدة الضيق..

ومرت دقائق أخرى والتقلبات لم تتوقف

بل كانت تزداد لقد شعرت بالدوار من شدة الحركة

وشعرت أن أضلعي تكاد تتكسر..

وفجأة رأيت نوراً أعمى بصري من قوته فأغمضت عيني من الألم ..

لكن الغريب أني سمعت صوتي وهو يصيح ويبكي ..

كان صوتي محزناً .. يبعث الشفقة في قلبي من يراني..

لكن الأمر كان مختلف عند من حولي ..

فرأيتهم يضحكون ويقبلون أمي ..

ووقتها علت الغيرة في وجهي وكان بودي أن أقول لهم لا تقبلوا أمي فأنا وحدي من سيقبلها إنها لي أنا..

وأخذتني أيدي لا أعرف من أصحابها وأبعدوني عن أمي ..

آه هذا ما كنت أخشاه لقد تحقق ظني ..

وأبعدوني عن نبع الحنان..

فسرت أصرخ وأبكي ولسان حالي يقول لا تبعدوني

أرجوكم أرجعوني لجوفها أنا لا أريد دنياكم ..

أنا أريد أمي فقط.. وبكيت ولا أعلم كم بكيت طالت المدة أم قصرت ..

ولكن في الأخير أشفقوا على بكائي

ويبدو أني أحزنتهم وقطعت قلوبهم فرحموني وأرجعوني لأمي..

ووضعوني في حضنها..

يا إلهي لقد رأيتها أخير والتقت عيني بعينها ..

ما أروعكِ يا أمي ..

وما أجمل عينيك ..

كانت عينيها تدفق لي الحنان أنهاراً أنهارا..


وأمطرتني بغيثٍ من قبلاتها ..

لقد شعرت بأنفاسها الدافئة وهي تلامس وجنتي..

فحمر وجهي خجلاً من قبلاتها..

ومن نظراتها التي كانت ترمقني بإعجاب..

فيبدو أن شكلي قد أعجبها..

ففي بحر الحب والحنان نمت على صدرها

ونامت هي بقربي ولم أشعر بشيء بعدها في غمرة حبها..