المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كم هي ثقيلة أمانة الكلمة؟!



أهــل الحـديث
05-09-2012, 03:20 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


... ليس من الغريب أن نذكِّر أنفسنا بين الحين والآخر بأمانة الكلمة، ومسؤوليَّة الفرد عمَّا يقوله في شأن من أمور الدُّنيا أو ما يتعلَّق بالآخرة.
والنُّصوص المتواترة في هذا مِنَ الكتاب والسُّنَّة أشهر من أن تُذكر.
كم هي ثقيلة أمانة الكلمة؟! وكم هو عِبْؤُها أثقل حينما تخرج ممَّن يُزعم أنَّه عالمٌ أو طالب علمٍ أو داعيةٌ يصدر النَّاس عن رأيه، وينثنون إلى قوله!
ماذا أتعب العلماءَ الرَّبَّانيِّين غيرُ هذا؟
ألم يكن للإمام أحمد رخصةً في مِحنة القول بخلق القرآن، وكان لغيره ألف مسلكٍ للتَّأويل وفِقْهِ الإكراه؟
إنَّها الأمانة الثَّقيلة الَّتي عبَّر عنها موقفُ الإمام في المحنة، حينما رأى النَّاس وطلاَّبَه ـ وهم بالآلاف ـ قد أمسكوا الأقلام ينتظرون ما يقولُ لِيَكْتُبُوا عنه.
واليوم كيف هو الحال؟!
ماذا يمكن أن نقول لمن يصدر النَّاس عن رأيه في زمانٍ كهذا، وفتن مدلهمَّات؟!
وكم هم تلاميذ الإمام أحمد وناقِلُو رَأيِه أمام ملايين البشر الَّذين يستمعون لهؤلاء اليوم في مواقعهم الإلكترونيَّة أو عبر شاشات الفضائيَّات؟!
إنَّ المسؤوليَّة اليوم عظيمة وثِقَل الأمانة يتضاعف؛ فالكلمة يطير بها الإعلام بثوانٍ معدوداتٍ من غير مركوب ولا رُكبان.
والزَّمان في غربة من الدِّين وأهله، والأعداء قد رَمَوْهُ عنْ قوسٍ واحدة، وما يمكن قوله ـ اليوم ـ قد لا يمكن غدًا، وما ذاك إلاَّ لتقلُّب الأحوال الَّتي تجعل الحليم حيران.
كلُّ هذا وذاك؛ يجعلنا نقف وقفةً طويلةً أمام ثقل الأمانة الشَّرعيَّة وعظيم المسؤوليَّة الدُّنيوية؛ لما يصدر اليوم من أقوالٍ وآراءٍ تنتشر هنا وهناك، ليس منها ـ في بعض الأحيان ـ ما يوصف باجتهاداتٍ خاطئةٍ يُؤجر صاحبها مرَّة واحدة، بل لا تعدو أن تكون قناعات شخصيَّة أو آراء سياسيَّة أو حضاريَّة لم توزن بميزان الفتاوى الشَّرعية، يتناقلها النَّاس عن بعض الدُّعاة وطلاَّب العلم في برامجهم الَّتي لم تكن أصلاً للإفتاء.
وأخيرًا:
هل يدرك هؤلاء الدُّعاة أنَّهم ملء السَّمع والبصر، وأنَّ النَّاس قد انتظروا ما يقولون ليحملوا عنهم، ولو لم يجمعهم مجلس علمٍ أو ساحة مناظرةٍ، ومن غير أقلامٍ ولا قراطيس، وإنَّما عبر الأثير وفي برامج حواريَّة أو ثقافيَّة أو اجتماعيَّة؟
لما مضى ولغيره أرجع فأقول: حقًّا! كم هي ثقيلةٌ أمانة الكلمة ومسؤوليَّة الفرد! والله المستعان.



منقول