المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجانب الايماني في تلقي السنة النبوية عصر النصر



أهــل الحـديث
05-09-2012, 12:00 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الجانب الايماني في تلقي السنة النبوية :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الكريم وعلى اله وصحبه اجمعين والتابعين لهم باحسان الى يوم الدين, وبعد:
فإن الناظر في الحركة الفكرية المعاصرة يرى قصورا كبيرا وظاهرا في التعامل مع السنة النبوية ، من حيث ترك العمل بها او وصفها بما لا يليق ، كادعاء معارضتها للعقل او عدم صلاحيتها للاحتجاج في بعض القضايا والمسائل ، هذا فضلا عن الالفاظ التي قد تطلق تعبيرا عن تضعيف حديث او لبيان عدم صلاحيته للاحتجاج بحجة ضعفه او مخالفته للذوق او العقل ، وهذا في واقع الامر يمثل ضعفا في الجانب الايماني في تلقي السنة النبوية .
ان كلامنا عن الجانب الايماني في تلقي السنة النبوية يقوم على الجانب الوجداني الذي يستشعره المسلم و تغذيه المهابة والتعزير والتوقير، الا ان هذا الوجدان يقوم على اسس علمية, وقواعد منهجية ، وهذا الامر يظهر لنا من خلال الآتي :
ان من اعظم نعم الله على الناس ان بعث فيهم انبياءه ورسوله فمهدوا الدلائل واوضحوا البينات ، وعرّفوا الناس ربهم ومعبودهم ، فكان الايمان بالله ورسوله اصل العلم الالهي ومبدأه ودليله الاول عند الذين ءامنوا .
حيث جعل الله تعالى –برحمته وفضله – لانبياءه ورسوله آياتٍ يُعرفون بها ويَتميزون عن سائر اصناف الناس ، وهذا شأن ما يحتاجه الناس في دينهم ودنياهم .

وكما تمييز الانبياء والرسل بأحوالهم تميزوا كذلك بأخبارهم ، ومن مظاهر ذلك :
انها حق وصدق ، لا يستقر بها خطأ ولا تشتبه بباطل ولا تصدر الا عن علم ، وانها متوافقة غير متعارضة يجب الايمان بها والعمل بمقتضاها ، وانها باقية ما بقي الليل والنهار ، عليها مهابة ولها نور .
وهذه المظاهر لها مقومات اوجبتها ، فمن ذلك :
- ما جبل الله عليه الفطر المستقيمة والعقول السليمة من قبول الحق ومعرفته واستشعاره ، وهذا ما يعبر عنه بالاضطرار ، وهي حالة وجدانية .

- ومنها : "ما يعود الى النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا ينبغي ان يعامل كرجل عادي يجري عليه ما يجري على سائر الناس ، بل رجل أكرمه الله واتصل بوحي ، واطلع على المغيّبات ، كما تميز عن بني الانسان بأنواع من المعارف والكرامات, وان روحه سمت باتصالها بالملأ الأعلى ، ففاض منها النور والعلم والحكمة والمعرفة .
ومن كانت هذه حاله ومعارفه فمن البدهي ان يكون في بعض اخباره ما تستغربه العقول وتحار به ، فلا تطلع على بعض جوانبه الا بالرجوع اليه والتسليم لحكمه".[1] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn1)
- ومنها : ان اخبار الانبياء باقية ببقاء الامة التي بعثوا فيها ، فان من سنن الله في الامم ان يبعث فيها من يجدد ما اندرس من الدين ، وفي هذه الامة الامر اظهر ، فقد تكفل الله بحفظ الذكر من كتاب وسنة ، فتبقى اخبار نبينا عليه الصلاة والسلام متجددة بتجدد الايام وتغيّر الازمان لا يعتريها نقص ولا يلحقها تبديل او تغير .
قال ابن القيم – رحمه الله - : لا يجوز ان يكون الكذب على الله ودينه وشرعه مشتبها بالوحي الذي انزله على رسوله وتعبد به خلقه بحيث لا يتميز هذا وهذا "[2] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn2)
وقال الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي –رحمه الله - :" ومن طالع تراجم أئمة الحديث من التابعين فمن بعدهم ، وتدبر ما آتاهم الله تعالى من قوة الحفظ والفهم والرغبة الاكيدة في الجد والتشمير لحفظ السنة وحياطتها بان له ما يحيّر عقله ، وعلم ان ذلك ثمرة تكفل الله بحفظ دينه ، وشأنهم في ذلك عظيم جدا ، فهو عبادة من اعظم العبادات واشرفها "[3] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn3)
الا ان ثمت مسائل اشكلت على كثير من الناس خصوصا طوائف المتكلمين ، وهي :
أ****- جدلية العلاقة بين العقل والنقل ، ومنها قضية المسلمات في هذا الدين.
ب****- كيف تعالج الاشكالات الواردة في الاحاديث .

اما المسألة الاولى ، وهي : جدلية العلاقة بين العقل والنقل .
فقد ظلم بعضُ الناس نفسَه عندما توّهم وأوهم غيره ان ثمت اشكالات في العلاقة بين العقل والنقل وان في النقل ما ترده العقول ولو صح سنده ، وهذا على اعتبار عدم التلازم –عند من يقول بهذا – بين السند والمتن ، وليتضح ما في هذه المسالة من بعد عن الصواب ، أقول :
ان الاصل في العلاقة بين العقل والنقل التوافق والتجانس لا الاختلاف والتضاد, قال تعالى :" الا له الخلق والامر ".[4] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn4)
والعقل خلق من خلق الله ، والوحي من امر الله فكلاهما يرجعان الى اصل واحد ، وما كان من عند الله لا يختلف او يتعارض ، فان حصل تعارض يكون هذا الخلق –وهو العقل – قد خرج عن مقتضى جبليّته فحال بينه وبين مراد الله حائل ، او ان الامر – المتمثل بالسنة – نقل بطريق لا يصح .
وهنا انبه على ان العقل قد يطلق ويراد به المعلوم وهو ما يصح ان يسمى بالعقل المكتسب وهذا العقل عرضة للتغير والتبديل على اعتبار الثقافة, والبيئة,وما يغذى به ، ومن هنا كان اعرف الناس بالسنة هم اهل الحديث حيث يعيشون معها في ليلهم ونهارهم, وحلهم و ترحالهم ، وكان من ابعد الناس عن السنة هم المتكلمون لما يغذون به عقولهم .
وهذا العقل هو الذي يُتصور الخلاف بينه وبين النقل لما تقدم ، و اما العقل الجبلي فلا يتصور ان يخالف النقل لما تقدم .
- واما قضية المسلّمات :

فإن من عرف حقيقة الوحي وحقيقة العقل ادرك ادراكا بيّنا ان تسليم العقل للنقل –الوحي- امر ضروري لا يمكن ان ينفك عنه ، وهذا الذي مضت عليه القرون الاولى من عمر الامة ، فقد علموا " ان قدم الاسلام لا تثبت الا على ظهر التسليم والاستسلام " وبذلك سعد السلف وصعدوا .
وان كان اظّهار هذا الامر ليس مراد لي الآن بقدر ما اريد ان ابين ان هذا التسليم مبني على اصل قويم وهو كالآتي :
" انالمدخلالىالمسلماتفيهذاا لدينالعظيميقومعلىركائز،تب دأبالايمانباللهسبحانهوالت عرفعلىصفاتهالتيلايشاركهفي هااحد،وفيمقدمتهاانههوالخا لق،وانهعلىكلشيءقدير .
والايمانبالرسول- صلىاللهعليهوسلم- المرسل،وصدقهوامانته،والاي مان
بأنمايخبربهعنربهوحيلايأتي هالباطلمنبينيديهولامنخلفه .
وكلهذهقددعيالعقلدعوةصريحة الىالتفكيرفيهاوالتأكدمنها قبلالايمانبها،وامثلةذلككث يرةجدامنها:
قولهتعالى :" أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ "(النحل:17) الاية
وقولهتعالى :" هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ "(لقمان:11 )الاية .
فاذاحصلالايمانللعقلبعدالت فكروالتدبر،فقداخبرهالوحيب أمورلاسبيلللعقلالىانيصلال يهامنتلقاءنفسهلانهاليستمم ايقعفيمحيطرؤيتهولاتجربتها لذيآمنبصدقهوصدقكلمايجيءمن عنده،وهيفيالوقتنفسهممالاي ملكالعقلدليلاحقيقياينفيها ... فوجبعليهانيسلمبها "[5] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn5)
واما المسألة الثانية : وهي كيف تعالج الاشكالات الواردة في الحديث النبوي:

فأقول : انالواجبعلىالمسلمالمؤمنبا لنبيصلىاللهعليهوسلموصدقها نيبحثفيطرقالاحاديثواسانيد ها،وصحةمخرَجِها،لافيامكان وقوعهااوسلامتهاعنالمعارضا لعقلياوالذوقي،بليؤمنبالخب رمتىصحويردمااشكلعليهفهمها لىعالمهوالمتكلمبه .
قالالاماماحمد–رحمهالله - :" ومنلميعرفتفسيرالحديثويبلغ هعقلهفقدكفيذلكواحكملهفعلي هالايمانبهوالتسليمله "[6] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn6)
هذاوللاستشكالاسباب،منها :
وهوامرقدتقدمالكلامعليهعند بيانعلاقةالعقلبالنقلوقلنا انالخلافالذييحصلغالبابينا لعقلوالنقليكونمردهالىمقوم اتهذاالعقل–المكتسب–وعوام لبناءهومكتسباته .
يقولالشيخالسباعي:" اناستغرابالعقلشيئاامرنسبي يتبعالثقافةوالبيئةوغيرذلك ممالايضبطهضابطولايحددهمقي اس" .
وهذاالموروثمنالثقافةقديصب حعندالبعضعاملقصوريحولبينه وبينفهمالحديث.
ومناسبابالاستشكال–وهوداخ� �فيمامضى- انيعتقدالمتلقيللحديثاعتقا دايخالفمحتواه،فمثلهذايصعب عليهالايمانبهاوالعملبمقتض اه .
ومنها : عدماستحضارالاحاديثالواردة فيالبابالواحد،فقديكونماغا بعنهمنالاحاديثهومفتاحفهمم ااستشكلهمنالاحاديث.
وهذاالاستشكالالواردفيالاح اديثعلىدرجاتفمنهمايزولبأد نىنظراذاتوفرالقصدوالارادة ،الاانهقديرتفعالىحدالاستن كار،وحقمثلهذاالايرد،وانما يكونالنظرفيامرين :
الاول : معنىالنص،فقديكونالمرادمنه معنىغيرالذياستنكر.
الثاني : سببالاستنكار،فكثيرامايجيء الخللمنقبله .
وبالجملة " فوجودالنصوصالتييستشكلظاهر هالميقعفيالكتابوالسنةعفوا وانماهوامرمقصودشرعاليبلوا للهتعالىمافيالنفوسويمحصما فيالصدوروييسرللعلماءابواب امنالجهادالعلمييرفعهمالله بهدرجات "[7] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn7)

وبعد هذا العرض احسب ان ملامح الجانب الايماني في تلقي السنة النبوية قد ظهرت وتجلت بما يعين على حسن فهمها والتعامل معها .
والله اعلم
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد واله وصحبه .


كتبه:
الباحث الشرعي الأردني الشيخ عصر بن محمد النصر -وفقه الله-
[1] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref1)( السنة ومكانتها في التشريع ص 308-309 )

[2] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref2)(مختصر الصواعق 4/ 1460-1462)

[3] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref3)(الانوار الكاشفة ص33-34)

[4] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref4)(الاعراف:54 )

[5] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref5)مذاهب فكرية معاصر لمحمد قطب 506

[6] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref6) (شرحاصولاعتقاداهلالسنة،له� �ةاللهالللالكائي 1/176)

[7] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref7) ( ينظر : الانوارالكاشفةص223ن 259، 286 ،والسنةومكانتهافيالتشريعل لسباعيص50،ومجلةالبيانع275 ،ص17)