المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إشكال : هل أورث الله بني إسرائيل مصر بعدما أنجاهم من آل فرعون



أهــل الحـديث
28-08-2012, 05:00 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


إشكال : هل أورث الله بني إسرائيل مصر بعدما أنجاهم من آل فرعون كما جاء في سورة الشعراء ؟؟ أم أورثها قوما آخرين كما جاء في سورة الدخان ؟؟ وكيف و قد خرجوا من مصر و مكثوا في التيه أربعين سنة ؟؟؟
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــ
السلام عليكم .
لا يخفى على الجميع قصة فرعون مع موسى عليه السلام و ما فعله في بني إسرائيل من التنكيل والقهر بتقتيل أبناءهم و استحياء نساءهم . و كذلك إيذائه لهم بعد إرسال موسى عليه السلام إلى أن من الله عليهم بإهلاك فرعون و جنوده بالغرق في البحر و نجاتهم من ذلك .
كل هذه أمور واضحة و معروفة لدى الجميع و معروف أيضا رفضهم دخول الأرض المقدسة لأن فيها قوما جبارين و عقاب الله لهم بأن قدر عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض أي أن بعد خروجهم من مصر مكثوا في التيه أربعين سنة ثم دخلوا أريحا وبلد كنعان بعد ذلك يعني أنهم تركوا مصر بعد نجاتهم من بطش فرعون ولكن السؤال المهم :
إذا كان الأمر كذلك فما معنى الآيات التي تدل على أن الله سبحانه أورث بني إسرائيل مصر بعد أن نجاهم من آل فرعون ؟؟
و هناك اشكالان على ذلك :
(1) أن الآيات تذكر أنهم كانوا في التيه بعد خروجهم من مصر أربعين سنة و كتب التاريخ تذكرأنهم دخلوا بعد ذلك أريحا و بلاد الكنعانيين فمتى ورثوا مصر ؟؟؟ .
(2) أن الله سبحانه ذكر في سورة الدخان أنه أورث أرض مصر بعد هلاك فرعون قوما آخرين و لم يذكر في هذه السورة أن هؤلاء القوم بنو إسرائيل .
فكيف نحل هذه الإشكالات خاصة أني قرأت أن أحد المشايخ الكرام ممن لهم عناية بالتفسير قد توقف عند هذه الآية و هي قوله سبحانه ( كَذَٰلِكَ وَأَوْرَثْنَـٰهَا بَنِىۤ إِسْرَٰۤءِيل) قال :
((((و لا أعلم لها تفسيرا)))) أو كلام قريب من هذا المعنى ؟؟؟؟ !!!
طبعا عندما يقول الشيخ الكريم –وفقه الله و جزاه الله خير الجزاء – ذلك ليس معناه أن فضيلته لم يطلع على كتب التفاسير و أقوال العلماء في هذه المسألة و التي سأذكرها فيما بعد إن شاء الله تعالى ولكن معنى ذلك الإشكال الذي ذكرته من مكثهم في التيه أربعين سنة بعد خروجهم من مصر ثم دخولهم أريحاء أوالأرض المقدسة بعد ذلك و هو إشكال وارد و مؤكد وله أسبابه .
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
كــــــــــــــــــــــــ ـــيف نحـــــــــــــــــــــــ ــــــل هــــــــــــــــــــــــ ذا الإشـــــــــــــــــــــ كال؟؟؟
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
ولا أدعي أني سأحل هذا الإشكال و لكني سأناقشه إن شاء الله تعالى و إن لم أصل إلى النتائج
المطلوبة فلا بأس ....
المهم أني حاولت ، المهم أني بحثت ، ثم لتكن النتائج ما تكون .... و إن ثبت أن هناك أي خطأ في هذه النتائج فأنا أرجع عن ذلك على الفور، لا مشكلة أبدا ، ليس عندي تعصب و تمسك بالرأي إن كان خاطئا ، لا ليس هذا من مقتضيات المنهج العلمي في البحث ، و الله الموفق .
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
نحاول في البداية معرفة المعنى العام للآيات التي جاءت في سياقها الآية الكريمة التي وقع فيها الأشكال ثم نناقش الموضوع بتوفيق الله و منه وكرمه .
قال تعالى
{وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰۤ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِىۤ إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ (52) فَأَرْسَلَ فِرْعَونُ فِى ٱلْمَدَآئـِٕن حَـٰشِرِينَ ِ(53) إِنَّ هَـٰۤؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَآئـِٕظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَـٰذِرُونَ (56)فَأَخْرَجْنَـٰهُم مِّن جَنَّـٰتٍ وَعُيُونٍ (57) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (58) كَذَٰلِكَ وَأَوْرَثْنَـٰهَا بَنِىۤ إِسْرَٰۤءِيلَ(59) فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ(60) فَلَمَّا تَرَٰۤءَا ٱلْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَـٰبُ مُوسَىٰۤ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61)قَالَ كَلاۖإِنَّ مَعِىَ رَبِّى سَيَهْدِينِ(62) فَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰۤ أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَۖفَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَٱلطَّوْدِ ٱلْعَظِيمِ (63)وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ ٱلاخَرِينَ (64)وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُۥۤ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا ٱلاخَرِينَ (66)}الشعراء
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــ
قصة هلاك فرعون و نجاة بني إسرائيل
{وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰۤ} بعد سنين أقامها بينهم يدعوهم بآيات الله إلى الحق فلم يزيدوا إلا عُتُوّا {أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِىۤ} بني إسرائيل. «أسر» من سرى لغة في أسرى: أي سِر بهم ليلاً إلى البحر {إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ} يتبعكم فرعون وجنوده فيلجون وراءكم البحر فأُنجيكم وأُغرقهم.
تفسير الجلالين 1 /489
ونادى فيهم (فرعون) {إِنَّ هَـٰۤؤُلاءِ} يعني بني إسرائيل {لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ} أي لطائفة قليلة {وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَآئـِٕظُونَ} أي كل وقت يصل منهم إلينا ما يغيظنا {وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَـٰذِرُونَ} أي نحن كل وقت نحذر من غائلتهم، وإني أريد أن أستأصل شأفتهم، وأبيد خضراءهم، فجوزي في نفسه وجنده بما أراد لهم، قال الله تعالى: {فَأَخْرَجْنَـٰهُم مِّن جَنَّـٰتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ} أي فخرجوا من هذا النعيم إلى الجحيم، وتركوا تلك المنازل العالية والبساتين والأنهار والأموال والأرزاق، والملك والجاه .
تفسير ابن كثير 6 /128
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــ
قوله تعالى: {كَذَٰلِكَ وَأَوْرَثْنَـٰهَا بَنِىۤ إِسْرَٰۤءِيلَ} يريد أن جميع ما ذكره الله تعالى من الجنات والعيون والكنوز والمقام الكريم أورثه الله بني إسرائيل.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــ
قال الحسن وغيره ))))رجع بنو إسرائيل إلى مصر بعد هلاك فرعون وقومه. وقيل: أراد بالوراثة هنا ما استعاروه من حليّ آل فرعون بأمر الله تعالى.))))*****
قلت (الامام القرطبي): وكلا الأمرين حصل لهم. والحمد لله.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
{فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ} أي فتبع فرعون وقومه بني إسرائيل. قال السدي: حين أشرقت الشمس بالشعاع. وقال قتادة: حين أشرقت الأرض بالضياء. قال الزجاج: يقال شَرَقت الشمسُ إذا طلعت، وأشرقت إذا أضاءت.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــ
((((ومعنى الكلام قدرنا أن يرثها بنو إسرائيل فاتبع قوم فرعون بني إسرائيل مشرّقين فهلكوا، وورث بنو إسرائيل بلادهم.)))) *****
تفسير القرطبي 13/100
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــ
{فَلَمَّا تَرَٰۤءَا ٱلْجَمْعَانِ} أي رأى كل منهما الآخر {قَالَ أَصْحَـٰبُ مُوسَىٰۤ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} يدركنا جمع فرعون ولا طاقة لنا به.
{قَالَ} موسى {كَلاۖ} أي لن يدركونا {إِنَّ مَعِىَ رَبِّى} بنصره {سَيَهْدِينِ} طريق النجاة.
قال تعالى: {فَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰۤ أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَۖ} فضربه {فَٱنفَلَقَ} فانشق اثني عشر فرقا {فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَٱلطَّوْدِ ٱلْعَظِيمِ} الجبل الضخم بينها مسالك سلكوها لم يبتلَّ منها سرج الراكب ولا لبده.
{وَأَزْلَفْنَا} قرّبنا {ثُمَّ} هناك {ٱلاخَرِينَ} فرعون وقومه حتى سلكوا مسالكهم.
{وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُۥۤ أَجْمَعِينَ} بإخراجهم من البحر على هيئته المذكورة.
{ثُمَّ أَغْرَقْنَا ٱلاخَرِينَ} فرعون وقومه بإطباق البحر عليهم لما تم دخولهم في البحر وخروج بني إسرائيل منه.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــ
تفسير الجلالين 489
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــ
و لا زال البحث جاريا ، و للحديث بقية إن شاء الله تعالى .
و الله أعلم .