المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العامّةُ والرموز



أهــل الحـديث
26-08-2012, 01:30 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


العامة والرموز
يظل الفرد والمجتمع قريبَين من المعافاة ماداما يُنكران الباطل وإن ألمّا به أحيانافواقعاه، وإنماتعم البلوى وتحدث الفوضى إذا دخلا في ميدان ( تشريع الباطل ) ، وعلى مرِّ تاريخ المسلمين- أفرادا ودولا- كان هناك من يقع في الباطل وهو يعلم أنه باطل ، فيميِّز العامة هذا الأمر، ويعدُّون الحامل لذلك الشهوةَ المتغلبة، أو ربماالضرورة المُلِحةُ التي قد تُرتكب فيهاالمفسدة الصغرى لدفع مفسدة كبرى،أو أي اعتبار آخرَ مفهوم، ****ولكن الأسوأ هو أن يُلبس الباطلُ لبوسَ الحق، ويُشرِّعه فئام من الرموز تختلف منطلقاتهم، فمابين جاهل متعالم، أو متزلفٍ لذي سلطة، أو مجتهد مخطئ ،أو مفتون بهذا الباطل، والله أعلم بالنوايا، وهو الحسيب الرقيب.
إن إظفاء الشرعية على الباطل يُحدث من المفاسد مالايحصيه العاد، ويكفي لتصور عِظَمِ الأمر أن يكون الناس على باطل ويحسبون أنهم مهتدون !
نعم .. هناك من الخلاف ماهو سائع ومعتبر، جرى قدر الله تعالى أن يقع في الأمة ، ولاضير على العامي أن يقلد فيه من يثق بدينه وورعه ، ويرضاه دالا له إلى ربه، وهذا ميدان يتعاذر فيه المجتهدون ، ويتباحثون فيه بُغية الوصول للحق، وقد صنف أبو العباس ابن تيمية - رحمه الله- رسالته القيمة بعنوان( رفع الملام عن الأئمة الأعلام) مبينا فيها أسباب وقوع الخلاف، وحال أهل العلم حِياله ممايكشف بجلاء الروح العلمية التي يتحلى بها العلماء أمام مايسع الخلاف فيه، وأمامالايسع الخلاف فيه ممايخالف نصا شرعيا، أو إجماعا منعقدا فإن الخروج عن ذلك شذود مردود على صاحبه مهما كان قدره؛ لأن الحق أحق أن يتبع ، وقد قال صلى الله عليه وسلم ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) .
الرمز الذي ينظر له المجتمع نظرة التقدير والإجلال عليه حمل ثقيل ، ومسؤولية كبرى، فهو مطالب أن يقود المجتمع من خلال تخصصه الذي ترمّز في أذهان الناس من خلاله، سواء كان تخصصا علميا أو عمليا، وأن يحترم تخصصه بالتضلع فيه ليواكب المستجدات والنوازل، وأن لا يُقحم نفسه فيمالايُحسن ، فيصبح كمايقول إخواننا المصريون: بتاع السبع صنايع والبخت ضايع !****
ماأكثر ماجنى بعض الرموز على الشريعة - شعروا أو لم يشعروا- حيث ****يتسورون جدرانها المنيعة وهم ليسوا من أهل الاجتهاد فيها، زاعما بعضهم أن ذلك حق مشروع لكل من حفظ القرآن الكريم، مستدلا بظاهر قول الله تعالى ( بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم ..) حيث يرون أنه بمجرد حفظ القرآن تصبح من أهل العلم الذين يحق لهم الاجتهاد والفتيا!
لو كان الأمر كذلك لما كان لمجرد حفظه في الصدور تأثير في الحكم ، لأنه الآن محفوظ في المصاحف، فهل كل من قرأ في المصحف أصبح من المجتهدين؟!
إن المقصود قدر زائد عن مجرد الحفظ، وهو توافر أدوات الاجتهاد التي تكلم عنها الأصوليون، وهي ميدان يتباين فيه طلبة العلم، فما كل من طلب العلم يحق له ولوج باب الاجتهاد.
وللأسف عندما يثور الناصحون غيرة على شريعة الله تعالى منكرين على هؤلاء المتطاولين ربما تأخذ بعضهم العزة بالإثم ، فيركب مركب المناكفة لأهل العلم والناصحين، وربمارمى المخالفين له من أهل العلم الراسخين فيه بالجمود والغلو ونحو ذلك من التهم التي تجعل الشرخ يتعمق في المجتمع .****
وربما أذكى وقود نار المناكفة بعض الدهماء ، أو أسياد الباطل الذي فرحوا به مشرِّعا مقنِّنا! حيث يطيرون به في وسائل إعلامهم بعيدا بعيدا حتى إذا ما عدت عليه عاديات الزمن ، وحان وقت صولة الحق التي لابد من مجيئها إذ به يسقط سقوطا عظيما، ولا يلبث أن ينساه الناس، وهذا مايذكر بقول الله تعالى( .. فأماالزبد فيذهب جفاء وأماماينفع الناس فيمكث في الأرض..).
هذه التجاذبات جعلت كثيرا من العامة تائها، أو محبطا؛ فماأكثر ماسمعنا في مجالسنا من يقول : ماعاد يوجد علماء الآن، والمشايخ ذهبوا مع الرعيل الماضي !
ومنهم من ينزِع إلى الراسخين من العلماء الذين شهدت لهم الأمة بالسبق والثبات، ومنهم من يبحث عماتهواه نفسه، ويتبع ****تلك المقولة النجدية الدارجة : خل بينك وبين النار مطوع! فيرضى بأي شخص ظاهره الصلاح ليستفتيه بمعضلة لو عُرضت على عمر رضي الله عنه لجمع لها أهل بدر!****
ومنهم.. ومنهم.. وهم مشارب شتى، وسيسألهم الله تعالى يوم يقفون بين يديه ( ماذا أجبتم المرسلين )، فماذا سيكون جوابهم؟

الأحد 8/ 10/ 1433 ****
****