المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفنيد مسألة المجاز . للشيخ يوسف آلغفيص حفظه آلله



أهــل الحـديث
25-08-2012, 09:30 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


آلسلآم عليكم ورحمه آلله وبركآته



حفظ آلله شيخنآ آلجليل آلشيخ : يوسف آلغفيص بحفظه ورعآيته


سآنقل إن شآء آلله بعضآ من كلآمه حول آلحقيقة وآلمجآز من شرحه للتدمرية . وآسئل آلله آن يجزل له آلآجر وآلمثوبه وآن يجعله ذخرآ للآسلآم وآلمسلمين









عدم احتمال الكلام المحكم البين لمعنيين متنافيين
لابد من الإشارة إلى أن الأصل أن الكلام المحكم البين يكون بريئاً من كونه محتملاً لمعنيين بينهما قدر من التباين والتنافي،


الأول يسمى ظاهراً حقيقة، والآخر يسمى تأويلاً مجازاً.. فإن هذا لا شك أن فيه قدراً من التناقض العقلي والتناقض اللغوي بل والتناقض الشرعي؛

أي: أنه يعلم تناقضه من جهة الشرع، فإن الشرع يقضي بتناقضه وإبطاله؛ لأن الشرعيات -سواء باب الأمر والنهي أو باب الخبر- مراد الله سبحانه وتعالى في نفس الأمر من الكلام يكون واحداً،


مع أن هناك نصوصاً في الأمر والنهي قد تحتمل عند الناظرين فيها أكثر من معنى، إلا أن مراد الله سبحانه وتعالى يكون واحداً من هذا الذي قد اختلف فيه اختلاف تضاد.



أما باب الخبر فإنه دائر بين التصديق والتكذيب، فمثلاً: قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ }[البقرة:228] فالقرء هنا قد يفسر بالحيض وقد يفسر بالطهر، وهذا التفسير مختلف عن هذا، لكن ليس هذا من باب الإثبات والنفي، أي: التصديق والتكذيب،



أما إذا قيل: إن هذا النص الخبري -كنص من نصوص الصفات- يحتمل الحقيقة ويحتمل المجاز، ويكون المعنى المجازي منافياً للمعنى الذي يسمى حقيقة؛ لزم أن يكون النص قد احتمل معنيين بينهما تناقض في النفي والإثبات، أي: في التصديق والتكذيب،

ومن المعلوم أن من يكذب القرآن فإنه يكفر.


وإذا ما فرض عند هؤلاء أن الآيات الخبرية -وهي آيات الصفات- تحتمل معنيين متناقضين أو متنافيين؛ لزم من هذا -كضرورة عقلية- أنه قد يقع بعض المسلمين حقيقة في هذا أو في هذا، فقد يقع بعضهم في المعنى الصادق، ويقع البعض الآخر في المعنى الكاذب، ويكون هذا في باب صفات الله وكمال الله، وهذا واضح الامتناع؛



ولذلك فإن مسألة التأويل بهذا الاصطلاح مبنية على نظرية لغوية، وهذه النظرية اللغوية هي نظرية الحقيقة والمجاز. وقد أسلفنا أن تسمية نوع من سياق العرب مجازاً والآخر حقيقة إذا ما كان من باب الاصطلاح فإنه يكون سائغاً، ولا مشاحة في الاصطلاح، وأما إذا كان ذلك من باب عوارض المعاني، فلا شك أن هذا غلط على اللغة، وغلط على الشريعة.




احتمال الكلام لأكثر من معنى
قد يتكلم بعض المتكلمين بكلام خبري يحتمل أكثر من معنى، ويكون بين المعنيين تناقض وتناف،


ويكون أحدهما محتملاً للإثبات، والآخر محتملاً للنفي،


لكن سبب هذا التناقض أحد سببين:
الأول: أن المتكلم نفسه أراد أن يلغز ويدلس ويشبه على المخاطبين، فقال جملة خبرية يفهم منها شخص إثباتاً، والآخر يفهم منها نفياً؛ لأنه قصد عدم الإفصاح بالحقيقة المثبتة، أو بالحقيقة المنفية.


الثاني: أن المتكلم بطبعه ليس فصيحاً، فيكون ركيك الكلام، ركيك التركيب، فاضطرب كلامه حتى لم يستطع السامع له أن يفهم هل أراد إثباتاً أم أراد نفياً؟ لكن لا شك أن كلام الله سبحانه وتعالى وكلام نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بإجماع المسلمين ينزه عن هذين الوجهين، أو عن هذين العارضين


فينزه عن أن يكون الله تعالى أراد أن يلبس على خلقه.. هذا لا شك أنه يستحيل على قدره سبحانه، وقدر كلامه، وقدر كلام نبيه، وعلى نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فإن الله يقول: { إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ }[الإسراء:9] وغير ذلك من الآيات الدالة على أن القرآن الكريم هو هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. ويمتنع الوجه الآخر من العارض، وهو النقص في المتكلم نفسه، فيكون ركيك الكلام، فيضطرب كلامه.. فإن هذا بين الامتناع عقلاً وشرعاً أن يضاف إلى القرآن أو إلى كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم.


إذاً: لا يمكن أن تكون الجملة الخبرية محتملة لمعنيين متنافيين، ومعلوم أن باب الصفات -كما قال المصنف في أول الرسالة- من باب الخبر الدائر بين الإثبات والنفي، وهذا من فقه المصنف؛ أنه افتتح بهذه القاعدة ليقول: إنه يمتنع أن تكون هذه الآيات محتملة للإثبات ومحتملة للنفي؛



فإن من التناقض أن يقال: إن الآية محتملة للكمال، ومحتملة للنقص، ومحتملة للصدق، ومحتملة للكذب.


إذاً: كل جملة خبرية في ألسنة بني آدم أجمعين، ليس عند العرب فقط، فإن بعض الناس يظن أن مسألة الحقيقية والمجاز مبنية على مفهوم لسان العرب فقط، وهذا غير صحيح -وإن كان القرآن نزل بلسان العرب- وذلك لأن الله بعث الأنبياء بألسنة قومهم،



ومعلوم أن الأنبياء، وأن جميع الرسالات والكتب السماوية جاءت بإثبات الصفات لله تعالى، وقد نزلت بلسان قومها -أي: بلسان قوم الأنبياء- ولذلك يقول ابن سينا (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=1119&ftp=alam&id=1000066&spid=1119) -وهو ممن يمنع التأويل كما سبق، وإن كان يذهب إلى شر منه، لكنه يعارض أهل التأويل من المتكلمين فيقول-:
"هب أنكم تأولتم هذا على طريقة العرب، فأين التأويل على طريقة اليهود؟ وأين التأويل على طريقة الأمم الأخرى؟" .


إذاً: كل جملة خبرية لا يمكن أن تكون محتملةً لمعنيين متنافيين، أحدهما تصديق والآخر تكذيب بالأول، أو الأول إثبات والثاني نفي



إلا أن يكون المتكلم قاصداً لتردد المخاطب في إدراك أحد الحقيقتين، وهذا ينزه عنه الباري سبحانه، والأنبياء عليه السلام .



وإما أن يكون المتكلم ناقصاً ركيك الكلام، فإذا امتنع هذا وهذا، فإنه يمتنع حتى في كلام المخلوقين -ولله المثل الأعلى- أن تكون الحقيقة مضطربة هذا الاضطراب.


إذاً: مسألة المجاز تنقد من هذا الوجه: أنها تتضمن الإيمان بأن هذه الآيات تتضمن معنىً ومعنى مناقض له، تتضمن الكمال وتتضمن النقص، والنقص هو الظاهر كما يزعمون، فإنهم جعلوا ظاهر النصوص هو النقص؛ لأنهم لو جعلوا ظاهر القرآن هو الكمال؛ لكان هذا -مع أنه لا حاجة إليه- ألطف،


لكن أن يقولوا: إن ظاهر القرآن ليس مراداً؛ بل المراد هو التأويل، ويسمون الأول مجازاً والثاني حقيقة، فلا شك أن هذا غطرسة وسفسطة في العقليات، وعدم تقدير للقرآن حق قدره،



ومن هنا فإن القول في مسألة المجاز من هذا الوجه يكون قولاً مناسباً من جهة اللغة ومن جهة الشرع.


أما إذا كان اصطلاحاً فكما أسلفت أنه لا مشاحة في الاصطلاح، لكن هذا كله سفسطة، فحينما يقال: إن قولنا: رأيت أسداً يخطب، هذا مجاز، وقولنا: رأيت رجلاً يخطب، هذا حقيقة، لماذا قيل في الأول: إنه مجاز؟ قالوا: لأن الحقيقة إذا قلت: رأيت أسداً يخطب، أن يفهم السامع أن أسداً حيواناً دخل المسجد وصعد المنبر وجلس يخطب والناس يستمعون، هذه هي حقيقة هذا الكلام،


فنحن نريد أن نبين ونستدرك فنقول: إن المتكلم العربي إذا قال هذا فهو لا يقصد المعنى الحقيقي وهو أن الحيوان المعروف دخل المسجد، إنما يقصد المعنى المجازي، وهو أن رجلاً شجاعاً دخل المسجد!! متى وصل الذهن البشري إلى هذه الدرجة من الانحطاط حتى يقال: حتى لا يتوهم متوهم أن حيواناً دخل المسجد أو ما إلى ذلك؟! هذا كله سفسطة في تفكيك اللغة، وفي فلسفة اللغة، ولا حاجة إليه، فإنه إذا قيل: رأيت أسداً يخطب؛ فُهم أن رجلاً شجاعاً أو رجلاً هائجاً قام على المنبر فخطب. إذاً: هذا مما يرد به على مسألة الحقيقة والمجاز، ومن ثم على مسألة التأويل الكلامي.