المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أَهْلُ السُّنَّةِ يَعْتَقِدُونَ : أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الخُروجُ عَلَى الأَمِيْرِِ بَلِ الصَّبْرُ عَلَيْهِ وَاجِبٌ



أهــل الحـديث
25-08-2012, 07:10 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


أَهْلُ السُّنَّةِ يَعْتَقِدُونَ : أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الخُروجُ عَلَى الأَمِيْرِِ بَلِ الصَّبْرُ عَلَيْهِ وَاجِبٌ وَكَذَا الصَّلاةُ خَلْفَهُ لاَ إِشْكَالَ فِيْهَا ، وَإنْ جَارَ عَلَيْكَ ، وَهَذَا مِنْ أُصُولِ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ والجَمَاعَةِ ، وَعَلَيْهِ أَدِّلَةٌ مُتَوَاتِرَةٌ .
قَالَ تَعَالَى: ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ( (النساء:59) .
والمُرَادُ بِأُولِي الأَمْرِ هُنَا مَنْ أَوْجَبَ اللهُ طَاعَتَهُ مِنَ الوُلَاةِ والأُمَرَاءِ . هَذَا قَوْلُ جَمَاهِيْرِ السَّلَفِ والخَلَفِ مِنَ المُفَسِّرِيْنَ والفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ . ([1] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn1))
وَفِى خَبَرِ سُوَيِدِ بْنِ غفلَةَ قَالَ : قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ : يِا أَبَا أُمَيَّةَ : (( إِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَلْقَاكَ بَعْدَ عَامِي هَذَا ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ وَإِنْ أُمِّرَ عَلَيْكَ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ مُجَدَّعٌ ، وَإِنْ ضَرَبَكَ فَاصْبِرْ ، وَإِنْ حَرَمَكَ فَاصْبِرْ ، وَإِنْ أَرَادَ أَمرًا يَنْتَقُصَ دِيْنَكَ فَقُلْ : سَمْعاً وَطَاعَةً ، دَمِي دَوْنَ دِيْنِي فَلَا تُفَارِقِ الجَمَاعَةَ )) . ([2] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn2))
أَيْ : وَإِنْ سَالَ دَمِي فَلَا أُفَارِقُ الجَمَاعَةَ ، سَأُحَافِظُ عَلَى دِيْنِي وَلَا أَعْصِي رَبِّي ، مَهْمَا كَانَ الأَمْرُ ، فَلَا أُطِيْعُ السُّلْطَانَ فِى مَعْصِيَةِ الرَّحْمَنِ .
وَفِى رِوَايَةٍ : (( وَإِنْ ظَلَمَكَ فَاصْبِرْ )) .
قَالَ الآَجُرِّيُّ ([3] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn3)) فِى التَّعْلِيْقِ عَلَى قَوْلِ عُمَرَ t السَّالِفِ :
(( مَنْ أُمِّرَ عَلَيْكَ مِنْ عَرَبِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ ، أَسْوَدَ ، أَوْ أَبْيَضَ ، أَوْ أَعْجَمِيٍّ ، فَأَطِعْهُ فِيْمَا لَيْسَ للهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيْهِ مَعْصِيَةٌ ، وَإِنْ ظَلَمَكَ حَقًّا لَكَ ، وَإِنْ ضَرَبَكَ ظُلْماً لَكَ ، وَانْتَهَكَ عِرْضَكَ ، وَأَخَذَ مَالَكَ ، فَلَا يَحْمِلْكَ ذَلِكَ عَلَى أَنْ تُخْرِجَ عَلَيْهِ سَيْفَكَ حَتَّى تُقَاتِلَهُ ، وَلَا تَخْرُِجْ مَعَ خَارِجِيٍّ حَتَّى تُقَاتِلَهُ ، وَلَا تُحَرِّضْ غَيْرَكَ عَلَى الخُرُوجِ عَلَيْهِ ، وَلَكِنِ اصْبِرْ عَلَيْهِ )) .
قَالَ : وَقَدْ يُحْتَمَلُ بِهِ أَنْ يَدْعُوكَ إِلَى مَنْقَصَةٍ فِى دِيْنِكَ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الجِهَةِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَأْمُرَكَ بِقَتْلِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ القَتْلَ ، أَوْ بِقَطْعِ عُضْوِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ ، أَوْ بِضَرْبِ مَنْ لَا يَحِلُّ ضَرْبُهُ ، أَوْ بِأَخْذِ مَالِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُؤْخَذَ مَالُهُ ، أَوْ بِظُلْمِ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ ، وَلَا لَكَ ظُلْمُهُ ، فَلَا يَسَعُكَ أَنْ تُطِيْعَهُ ، فَإِنْ قَالَ لَكَ : إِنْ لَمْ تَفْعَلْ مَا آَمُرُكَ بِهِ قَتَلْتُكَ ، أَوْ ضَرَبْتُكَ ، فَقُلْ : دَمِي دُوْنَ دِيْنِي .
وَفِى حَدِيْثِ حُذَيْفَةَ t أَنَّ النَّبِيَّ r ذَكَرَ أَئِمَّةً قَالَ : (( لاَ يَهْتَدُوْنَ بِهُدَايَ ، وَلاَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، وَسَيَقُومُ فِيْهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِيْنِ فِى جُثْمَانِ إِنْسٍ )) قَالَ : قُلْتُ : كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ ؟ قَالَ : (( تَسْمَعُ وَتَطِيْعُ لِلأَمِيْرِ وَإِنْ ضَرَبَ ظَهْرَكَ وَأَخَذَ مَالَكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ )) . ([4] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn4))
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t قَالَ: (( نَهَانَا كُبَرَاؤُنَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ r قَالَ:لَا تَسُبُّوا أُمَرَاءَكُمْ وَلَا تَغُشُّوهُمْ وَلَا تُبْغِضُوهُمْ ، وَاتَّقُوا اللهَ وَاصْبِرُوا فَإِنَّ الأَمْرَ قَرِيْبٌ )) . ([5] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn5))
وقد أخرج ابن زنجويه فى (( الأموال )) ([6] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn6)) بإسنادٍ حسنٍ عن أبي مجلز الإمام التابعي ، قال :
(( سبُّ الإمام الحالقة ، لا أقول: حالقة الشعر ، ولكن : حالقة الدين )) .
وأخرج ([7] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn7)) بإسنادٍ ثابتٍ عن أبي إدريس الخولاني وهو يقصُّ فى زمان عبد الملك يقول : (( إياكم والطعن على الأئمة ، فإ، الطعن عليهم هي الحالقة ، حالقة الدين ليس حالقة الشعر ، إلا أن الطعانين هم الخائبون وشرار الأشرار )) .
وكأنه أخذ هذا العلم من الصحابة y .
وقد أخرج البخاري فى (( التاريخ الكبير )) ، و(( الأوسط )) بإسنادٍ صحيحٍ عن أبي جمرة الضبعي البصري قال : (( لما بلغني تحريق البيت خرجت إلى مكة ، واختلفت إلى ابن عباس حتى عرفني واستأنس بي فسببتُ الحجاج عند ابن عباس فقال : لا تكن عوناً للشيطان ، ثم رجعت إلى البصرة فخرجت إلى خراسان فكنت بها زماناً )) . ([8] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn8))
وقد أخرج ابن المبارك فى (( الزهد )) ، وابن أبي الدنيا فى (( الصمت )) بإسنادٍ لا بأس به ، عن رياح بن عبيدة ، قال : (( كنت قاعداً عند عمرو بن عبد العزيز ، فذكر الحجاج فشتمته ووقعت فيه ، فقال عمر : مهلاً يا رياح ؛ إنه بلغني : أن الرجل يظلم بالمظلمة ، فلايزال المظلوم يشتم الظالم وينتقصه حتى يستوفي حقه ، ويكون للظالم الفضل عليه )) . ([9] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn9))
وقال قتادة : (( سبَّ الحجاج رجلٌ عند عمر بن عبد العزيز ، فقال عمر : أظلمك بشيء ؟ قال : نعم ظلمني بكذا وكذا ، قال عمر : فهلا تركت مظلمتك حتى تقدم عليها يوم القيامة وهي وافرة )) . ([10] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn10))


وَلِذَلِكَ أَتَى الزُّبَيْرُ بْنُ عَدِيٍّ وَمَنْ مَعَهُ إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنَ الحَجَّاجِ فَقَالَ : اصْبِرُوا ، فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلَّا الَّذِى بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ حَتَّى تَلْقَوا رَبَّكُمْ . سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ r . ([11] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn11))
وَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ r قَالَ : ((ثَلاَثَةُ لاَ يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ ([12] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn12)) قَلْبُ مُسْلِمٍ أَبَداً ؛ إِخْلاَصُ العَمَلِ للهِ ، وَمُنَاصَحَةُ وُلاَةِ الأَمْرِ ، وَلُزُومُ الجَمَاعَةِ ، فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيْطُ مِنْ وَرَائِهِمْ )) . ([13] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn13))
والمَعْنَى : أَنَّ مَنِ اتَّصَفَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ يُصَانُ ويُرْفَعُ قَدْرُهُ .
فَكَيْفَ يَسْتَقِيْمُ العَمَلُ بِهَذَا الحَدِيْثِ مَعَ سَبِّهِمْ وَلَعْنِهِمْ وَالتَّشْهِيْرُ بِأَخْطَائِهِمْ عَلَى المَنَابِرِ وَفِي المَجَامِعِ ، والخَلَوَاتِ مَعَ الأَشْكَالِ ، والمَجَالِسِ السِّرِّيَّةِ ؟!
قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ عَقِبَ الحَدِيْثِ : ([14] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn14))
(( هَذِهِ الثَّلَاثَةُ تَجْمَعُ أُصُولَ الدِّيْنِ وَقَوَاعِدَهُ ، وَتَجْمَعُ الحُقُوقَ الَّتِى للهِ وَلِعِبَادِهِ ، وَتُنَظِّمُ مَصَالِحَ الدُّنْيَا والآَخِرَةِ .. )) ، وَرَاجِعْ تَمَامَ كَلَامِهِ لِنَفَاسَتِهِ - رَحِمَهُ اللهُ - .
وَقَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ : ([15] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn15))
(( لَمْ يَقَعْ خَلَلٌ فِى دِيْنِ النَّاسِ وَدُنْيَاهُمْ إِلَّا بِسَبَبِ الإِخْلَالِ بِهَذِهِ الثَّلَاثِ ، أَوْ بَعْضِهَا )) .

([1]) عزاه إليهم النووي فى (( شرح مسلم )) (6/469) وغيره .

([2]) صحيح . أخرجه ابن أبي شيبة (12/544) ، ونعيم بن حماد فى (( الفتن )) (389) ، والآجري فى (( الشريعة )) (72) ، والبيهقي فى (( الكبرى )) (8/59) .

([3]) فى (( الشريعة )) (1/82) .

([4]) أخرجه مسلم (1847) .
وله طريق آخر عن حذيفة :
أخرجه أحمد (5/403) ولفظه فيه : (( وإن نهك جسمك وأخذ مالك ، فإن لم تره فاهرب فى الأرض ولو أن تموت وأنت عاض بجذع شجرة ... )) ، لكن فى إسناده ضعيف بهذا السياق .
ويأتي ذكر شاهد عن عبادة بن الصامت t عند ابن حبان بإسنادٍ حسن .

([5]) أخرجه ابن أبي عاصم فى (( السنة )) (1015) عن هدبة بن عبد الوهاب ، ثنا الفضل بن موسى ، ثنا الحسين بن واقد ، عن قيس بن وهب ، عن أنس بن مالك t به . وإسناده قوي .
وله طريق آخر عن قيس :
أخرجه البيهقي فى (( الشعب )) (7523) ، وأبو القاسم الأصبهاني فى (( الحجة )) (417) على تصحيف فى اسم قيس .

([6]) برقم (34) قال : حدثنا محمد بن الفضل السدوسي عارم ، أنا سلام بن مسكين ، عن أبي حكيمة ، عن أبي مجلز . ورجاله كلهم ثقات ، إلا أبي حكيمة فقد قال عنه أبو حاتم : (( محله الصدق واسمه عصمة )) .

([7]) برقم (38) .

([8]) أخرجه البخاري فى (( التاريخ الكبير )) (8/104) ، و(( الأوسط )) (1/164) عن عمرو بن عباس ، عن ابن مهدي ، عن المثنى بن سعيد ، قال : ثنا أبو جمرة به .
وإسناده صحيح رجاله ثقات ، وعمرو بن عباس وإن كان ربما خالف ، كما قال ابن حبان ، وقال الحافظ : (( ربما وهم )) ، ولا يعلم فيه جرحاً ، وقد وثقه جمع ، ومنهم الدارقطني فى (( سؤالات الحاكم )) (ص251) .

([9]) أخرجه ابن المبارك فى (( الزهد )) (681) ، وابن أبي الدنيا فى (( الصمت )) (711) ، وأبو نيعم فى (( الحلية )) (5/277) ، وابن عساكر فى (( تاريخه )) (12/191) ، (18/264) من طريق علي بن مسعدة ، قال : حدثني رياح بن عبيدة به .
وإسناده لا بأس به لحال علي بن مسعدة ، وبقية رجاله ثقات ، فإنه وإن تكلم فيه ( أعني علي بن مسعدة ) فقد قال أبو حاتم - مع تعنته - : (( لا بأس به )) .

([10]) أخرجه عبد الرزاق (20268) أخبرنا معمر ، عن قتادة ، ورواية معمر عن قتادة على شرط مسلم .

([11]) أخرجه البخاري (7068) .

([12]) يغل : أي يحقد عليهن ، ورويت بضم الياء ، وهي بمعنى الخيانة .

([13]) أخرجه أحمد (5/183) ، وابن حبان (680) وغيرهما بإسنادٍ صحيحٍ من حديث زيد بن ثابت t .
ومثل وهذا الحديث قوله r : (( إن الله يرضى لكم ثلاثاً : أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً ، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تتفرقوا ، وان تناصحوا من ولاه الله أمركم )) .
أخرجه مالك (ص990) ، وابن حبان (3388) بإسنادٍ صحيح على شرطهما ، وأصله فى صحيح مسلم (1715) ، وليس فيه موطن الشاهد .

([14]) فى (( الفتاوى )) (1/18) .

([15]) فى (( مجموع رسائله )) (ص336) .