تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : زكاة الفطر



أهــل الحـديث
17-08-2012, 05:30 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


أيها الأحبة هذه مقالة لشيخنا أبي عبد الله حمزة النائلي حفظه الله وهي بعنوان زكاة الفطر نشرها فضيلته في جريدة الشرق القطريةهذا الأسبوع أنقلها إلى هذا الملتقى المبارك حتى تعم الفائدة



بسم الله الرحمن الرحيم



زكاة الفطر

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين ، نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين .
أما بعد :
إن زكاة الفطر أيها الأحبة واجبة على كل مسلم ، فعن ابن عمر –رضي الله عنهما –قال : "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد و الحر و الذكر و الأنثى و الصغير و الكبير من المسلمين... ". رواه البخاري ( 1503) ومسلم ( 984)
قال ابن المنذر –رحمه الله- :"وأجمعوا على أن صدقة الفطر فرض " . الإجماع (106)
والحكمة من وجوبها أيها الأفاضل ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم: أنها" طهرة للصائم من اللغو و الرفث وطعمة للمساكين ...".رواه أبو داود (1609)من حديث ابن عباس-رضي الله عنهما-وصححه العلامة الألباني –رحمه الله-
قال الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- : "فكان من الحكمة أن يعطوا هذه الزكاة – أي الفقراء- من أجل أن يشاركوا الأغنياء في الفرح و السرور ". الشرح الممتع ( 6/151)
ومما ينبغي العلم به أن صدقة الفطر عن المملوك أيضا واجبة لكن على مالكه ، فعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"ليس على المسلم في فرسه ولا في عبده صدقة إلا صدقة الفطر".رواه مسلم (982)
قال الإمام ابن خزيمة في صحيحه ( 4/82) :" باب الدليل على أن صدقة الفطر عن المملوك واجب على مالكه ، لا على المملوك كما توهم بعض الناس ... وذكر حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-
وحديث أبي هريرة – رضي الله عنه- هذا يفسر حديث ابن عمر –رضي الله عنهما- : "... على العبد و الحر و الذكر و الأنثى ".
نوعها : لا تخرج زكاة الفطر نقودا ، قال أبو داود قيل لأحمد و أنا أسمع أعطي الدراهم ؟ -يعني في صدقة الفطر- قال أخاف أن لا يجزئه خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم " .المغني لابن قدامة (3/87 )
وقال الإمام النووي–رحمه الله-:"لا تجزئ القيمة في الفطرة عندنا وبه قال مالك و أحمد و ابن المنذر".المجموع(6/144)
وقال أيضا-رحمه الله-:"ولم يُجز عامة الفقهاء إخراج القيمة ، وأجازها أبو حنيفة ".الشرح على مسلم ( 7/60)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- : "أوجبها الله – أي صدقة الفطر – طعاما كما أوجب الكفارة طعاما ". مجموع الفتاوى (25/73)
قال الشيخ الشنقيطي – رحمه الله- :" القول بالقيمة فيه مخالفة للأصول من جهتين :
الجهة الأولى : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر تلك الأصناف لم يذكر معها القيمة ، ولو كانت جائزة لذكرها مع ما ذكر ...
الجهة الثانية :وهي القاعدة العامة ،أنه لا ينتقل إلى البدل إلا عند فقد المبدل عنه –يقصد الشيخ فقد الأصناف من الطعام المذكورة في الحديث-،...وكذلك لو أن كل الناس أخذوا بإخراج القيمة لتعطل العمل بالأجناس المنصوصة ... ويمكن أن يقال لهم أيضا : إن زكاة الفطر فيها جانب تعبد ، طهرة للصائم وطعمة للمساكين ، كما أن عملية شرائها و مكيلتها وتقديمها فيه أشعار بهذه العبادة ، أما تقديمها نقدا فلا يكون فيها فرق عن أي صدقة من الصدقات من حيث الإحساس بالواجب والشعور بالإطعام". أضواء البيان (8/493)
وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -: هل يجوز إخراج زكاة الفطر نقداً مع تفصيل الأدلة حفظكم الله؟
فأجاب –رحمه الله-: زكاة الفطر لا تجوز إلا من الطعام، ولا يجوز إخراجها من القيمة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فرضها صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير وقال أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-: «كنَّا نخرجها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام» .
فلا يحل لأحد أن يخرج زكاة الفطر من الدراهم، أو الملابس، أو الفرش بل الواجب إخراجها مما فرضه الله على لسان محمد صلى الله عليه وسلم ولا عبرة باستحسان من استحسن ذلك من الناس، لأن الشرع ليس تابعاً للأراء، بل هو من لدن حكيم خبير، والله عز وجل أعلم وأحكم، وإذا كانت مفروضة بلسان محمد صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام فلا يجوز أن تتعدى ذلك مهما استحسناه بعقولنا، بل الواجب على الإنسان إذا استحسن شيئاً مخالفاً للشرع أن يتهم عقله ورأيه". فتاوى الشيخ ابن عثيمين ( 18/280)
قدرها : صاع من التمر أو الشعير أو الدقيق ونحو ذلك مما يُعد قوتا ،و الصاع أربعة أمداد كما في نيل الأوطار للشوكاني ( 4/219)، و المد : حفنة الرجل باليدين ، وسمي مدا لأن اليدان تمدان .
فعن أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- قال : "كنا نُخرج زكاة الفطر صاعا من طعام أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من أقط أو صاعا من زبيب " رواه البخاري ( 1506) ومسلم ( 985)
وخصت هذه الأصناف في الحديث بالذكر لأنها غالب قوت أهل المدينة ، وسئل الشيخ ابن باز –رحمه الله- هل الأنواع التي تخرج في صدقة الفطر محددة ؟ و إن كانت كذلك فما هي ؟
فأجاب –رحمه الله- :" الواجب إخراجها من قوت البلد سواء كانت تمرا أو شعيرا أو بُرا أو ذرة أو غير ذلك ، في أصح قولي العلماء , لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشترط في ذلك نوعاً معيناً , ولأنها مواساة , وليس على المسلم أن يواسي من غير قوته ". فتاوى الصيام ( ص912)
ويجوز الزيادة عن المنصوص عليه ، لا خروجا عن النص ولكن تنفلا وتطوعا .
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تميمة –رحمه الله – عمن عليه زكاة الفطر ، ويعلم أنها صاع ويزيد عليه ويقول هو نافلة ، هل يكره ؟
فأجاب –رحمه الله- : " الحمد لله ، نعم يجوز بلا كراهية عند أكثر العلماء كالشافعي و أحمد وغيرهما ، و إنما تنقل كراهيته عند مالك , وأما النقص عن الواجب ، فلا يجوز باتفاق العلماء " . مجموع الفتاوى( 25/70)
وقت إخراجها : تجب بغروب شمس ليلة الفطر ، ولهذا سميت بصدقة الفطر ، قال الحافظ ابن حجر –رحمه الله- :" وأضيفت الصدقة للفطر لكونها تجب بالفطر من رمضان ". فتح الباري (3/367)
عن ابن عمر –رضي الله عنهما – :" أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر قبل خروج الناس إلى الصلاة " . رواه البخاري ( 1509) ومسلم ( 986)
قال الحافظ ابن حجر –رحمه الله- : "واستُدل به على أن وقت وجوبها غروب الشمس ليلة الفطر لأنه وقت الفطر من رمضان ، وقيل وقت وجوبها طلوع الفجر من يوم العيد ، لأن الليل ليس محلا للصوم ..." . فتح الباري (3/368)
ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين ، ، فعن نافع قال كان ابن عمر –رضي الله عنهما يعطيها الذين يقبلونها – الجباة الذين ينصبهم الإمام لجمع الصدقة- ، وكانوا يُعطون قبل الفطر بيوم أو يومين " . رواه البخاري (1511)
قال الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله - :" إن جواز هذا من باب الرخصة ، لأن الصحابة –رضي الله عنهم – فعلوا ذلك ... ومادام أن هذه الرخصة جاءت عن الصحابة رضي الله عنهم ، فهم خير القرون وعملهم متبع ". شرح الممتع ( 6/169)
ولا يجوز تأخيرها عن وقتها لحديث ابن عمر –رضي الله عنهما – :" أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر قبل خروج الناس إلى الصلاة " . رواه البخاري ( 1509) ومسلم ( 986)
فمن أخرها عُدَّت زكاته صدقة من الصدقات كما في حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – :" ومن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ، ومن أداها بعد الصلاة ، فهي صدقة من الصدقات ". أخرجه أبو داود ( 1609) وصححه العلامة الألباني – رحمه الله-
أما لو أخرها لعذر ، بمعنى لو أن إنسانا وكَّل إنسانا في إخراج الزكاة عنه بأن يكون مسافرا مثلا ، فلما رجع من السفر تبين أن وكليه لم يخرجها ؟
قال الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- : "يقضيها غير آثم ، ولو بعد فوات أيام العيد ، وذلك قياسا على الصلاة لقول النبي صلى الله عليه وسلم :" من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها " .
وكذلك أيضا لو جاء خبر العيد بغتة ولم يتمكن من إيصالها إلى الفقير إلا بعد صلاة العيد فإنه معذور ويقضيها ولا يكون آثما ". شرح الممتع ( 6/174)
مصرفها :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله- :"ولا يجوز دفع زكاة الفطر إلا لمن يستحق الكفارة ،وهو من يأخذ لحاجته ، لا في الرقاب و المؤلفة قلوبهم ، و غير ذلك ". الاختيارات الفقهية ( ص102)
وقال ابن القيم-رحمه الله-:"وكان من هديه صلى الله عليه وسلم تخصيص المساكين بهذه الصدقة".زاد المعاد(2/21)
فأيها الأحبة الأفاضل علينا أن نحرص على إخراج زكاة الفطر من الطعام خروجا من الخلاف ، و لله الحمد من أراد أن يتصدق بالمال فليتصدق كتب الله أجره ، لكن دون تقيده بزكاة الفطر .
ومما ينبغي أن نعلمه أيضا أن السنة في زكاة الفطر أن يخرجها الصائم بنفسه ليطمئن ويستشعر بهذه العبادة ، وأن يخرجها في بلده ، إلا إذا كان ليس في بلده محتاج ، وقد سئل الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله– فقيل له: نجمع زكاة الفطر نقداً من الناس ثم نتصل بمكتب خدمات المجاهدين هاتفيًّا لإبلاغهم فيردون أنهم يشترون بهذه النقود أرزاً مثلاً ويخرجونه ليلة العيد لأسر المجاهدين والشهداء فهل يصح هذا العمل؟
فأجاب –رحمه الله-: "هذا العمل لا يصح ولا يجوز أن تنقل زكاة الفطر لغير البلد الذي فيه الصائم إلا إذا كان ليس في البلد أحد محتاج فهذا لا بأس، وأما مادام فيه محتاج فإنه لا يجوز نقلها لا للمجاهدين ولا لغيرهم" .فتاوى الشيخ ابن عثيمين ( 18/323)
وفي الختام أيها الكرام ، الله أسأل بأسمائه الحسنى و صفاته العليا أن يتقبل منا ومنكم الصيام و القيام ، وأن يجعل هذه الزكاة طهرة لنا من اللغو و الرَّفث ، فهو سبحانه قدير و بالإجابة جدير .


وصلي اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين



أبو عبد الله حمزة النايلي