المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التحريف المقيت (3)!



أهــل الحـديث
05-08-2012, 02:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
ذكرنا في الحلقة الماضية أن من التُّهم والأوصاف التي يُرمى بها المجاهدون من قبل سلفية الطواغيت وصفهم [بالخوارج].
وإذا استمعنا إلى دروسهم وخطبهم فإننا نجد أنهم يرمون المجاهدين بهذا الوصف من خلال أمرين يلبسون فيه على العوام أن المجاهدين يوافقون الخوارج فيهما، وهذان الأمران هما:
ـ المطالبة بتحكيم شرع الله.
ـ تكفير المسلمين واستحلال دماءهم.
وسوف نتكلم في هذه الحلقة عن الأمر الأول.
نلاحظ جميعاً غباء وجهل هؤلاء الأدعياء وحساسيتهم الشديدة من مسألة الحاكمية، فما يكاد رجل يتكلم عن الحاكمية إلا ورموه بأنه من التكفيريين أو القطبيين، لذلك نجدهم يجتهدون في إخراج مسألة الحاكمية من التوحيد وأقسامه، متجاهلين أن ترك الحكم بما أنزل الله ينقض عرى التوحيد وينسف أصل العبودية الشاملة لله رب العالمين، ويحيل المجتمع المسلم إلى مجتمع خاضع للطاغوت منقاد للشيطان.
وعندما يطالب المجاهدون بتحكيم شرع الله، والخروج على الطواغيت المبدلين لشرع الله، نجد هؤلاء يربطون بين دعوة المجاهدين ومذهب الخوارج الذين خرجوا على علي رضي الله عنه بحجة اشتراكهم في المطلب واستدلالهم بآيات الحاكمية.
وتراهم يسردون قصة الخوارج وقتالهم للصحابة ثم يربطون فعلهم بفعل المجاهدين ويقيسونهم عليهم، وبذلك يضللون العوام بل وكثير من طلبة العلم الذين قل نصيبهم من التفكر في الأدلة والواقع وإنزالها عليه.
ولو تأملنا في واقع الخوارج وواقع من خرجوا عليه في زمن الصحابة رضي الله عنهم، لوجدنا أن الخلل كله كان في فهم الخوارج الذين لم يفهموا النصوص الشرعية وأنزلوها في واقع مغاير تماماً.
لم يكن الخطأ من الخوارج في الاستدلال فإن القرآن كله حق، ولكن كان خطؤهم في فهم الدليل وإنزاله، فالصحابة رضي الله عنهم ما كانوا يحكمون بغير ما أنزل الله وحاشاهم، بل ما كانوا يحكمون إلا بالكتاب والسنة، ولكن الخوارج بفهمهم السقيم ظنوا أنه لا يجوز للرجال أن يحكموا، لذلك لما ذهب إليهم ابن عباس وناظرهم، قال لهم ائتوني بالمصحف وظل يضرب المصحف بيده ويقول تكلم احكم بيننا، لكي يفهمهم أن الله أوكل إلى المؤمنين الحكم بكتابه وشرعه وأن المصحف لا يمكنه أن يتكلم.
واليوم نرى شرع الله يُنبذ وراء الظهور، وتُستبدل أحكامه بأحكام طاغوتية، ويجعل الطواغيت أنفسهم أنداداً لله يشرعون الأحكام المضاهية لأحكامه، ثم عندما نطالب بتحكيم شرع الله يأتي الأغرار الأدعياء ويرموننا بمذهب الخوارج!
سبحان الله!
إن كان الخوارج أخطؤوا فأنزلوا الأدلة في حكام يحكمون بشرع الله، فما هو وجه الشبه بيننا وبينهم ونحن ننزل الأدلة في حكام لا يحكمون بشرع الله؟!
وإن كان الخوارج أخطؤوا في إنزال الأدلة على الصحابة، فهل يعني أن كل من يستدل بتلك الأدلة يكون مخطئاً ولو كان الواقع مخالفاً لواقع الصحابة؟!
إن الجهل بالأدلة ومفهومها والتعلق بالأحداث دون النظر إلى الفوارق هو مما يوقع كثيراً من الناس في الخلل والجمود.
وعلى هذا نقول لمن يرمي المجاهدين بمذهب الخوارج لو أنكم تفكرتم في الواقع والحال لتبين لكم البون الشاسع والفرق الكبير بين دعوة المجاهدين ودعوة الخوارج، وسبحان الله كيف يقاس الحق بالباطل والظلمات بالنور!
وإن قياس حكام زماننا المرتدين الزنادقة على الصحابة الكرام الأبرار، لهو من القياس الفاسد الممقوت الذي يسوي بين الخير والشر والطاهر والنجس.
وقياس دعوة المجاهدين المباركة بفكر الخوارج الضلال قياس جائر يخرج من قلب فاسد خائر بائر.
نعوذ بالله من العمى والزيغ.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.