تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الا موت يباع فاشتريه



تاجر مواشي
05-08-2012, 07:30 AM
اغنام - ابل - دواجن - طيور

قال زهير ابن أبي سلمى :

سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ** ثمانين حولاً، لا أبالك، يسأم!
أحيانا يمر بالإنسان مواقف تضيق عليه الدنيا ، يتأمل الأحوال ، تنافس أكثر الناس على هذه الدنيا ، و زهدهم في الآخرة ، مجالسهم لا يتحدثون فيها إلا عن هذه الدنيا، يتنافسون فيها ،
هم أحدهم ماذا يأكل ؟! ماذا يشرب؟! ماذا يشتري ؟ إلى أين سيسافر؟! ،كثر المال وأزداد الحرص عليه ، عندما يتأمل الإنسان هذا ، حينها والله تحتبس أنفاسه يتذكر هذه الأبيات فتأتي تحاكي وجدانه :
ألا موت يباع فأشتريه ... فهذا العيش ما لا خير فيه
ألاموت لذيذ الطعم يأتي ... يخلصني من العيش الكريه
إذا أبصرتُ قبراً من بعيد ... وددت لو أنني مما يليه
ألا رحم المهيمن نفس حرٍ ... تصدّق بالوفاةِ على أخيه
ذكروا أن الوزير المهلبي (في دولة بني بويه) قد كان في شدة عظيمه قبلتوليه الوزارة فأنشدها.
كتبوها هم حرصا على هذه الدنيا وعلى قلة نصيبهم فيها ، ونقولها نحن ترحما على الآخرة وقلة نصيبنا فيها !!
قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب الناس فقال: ( لا والله ما أخشى عليكم أيها الناس إلا ما يخرج الله لكم من زهرةا لدنيا)
وقال :( ما الفقر أخاف عليكم ولكن أخاف عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوا فيها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم)
ثم حذرنا منها قائلا: (احذروا الدنيا فإنها خضرة حلوة)
_______


يجد الإنسان ممن حوله، من يذكره بالدنيا في كل لحظة ، وقلما يجد من يذكره بالآخرة ولو في لحظات . والله المستعان
قال العرباض بن سارية رضي الله عنه :وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة - إلى أن قال - فإن من يعش منكم سيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ..)
يقول لأصحابه : من يعش منكم يرى اختلافا كثيرا ، وكم عساهم يعيشون من بعده خمسين ، ثمانين عام ؟! وماذا عساهم يرون من اختلاف ؟
ومع هذا يقول إنكم سترون اختلافا كبيرا ، ويوصيهم بالتمسك بالسنة .
فكيف بمن عاش بعد زمنه بألف وأربعمائة بل أكثر من ذلك ماذا عساه يرى ، وأي اختلاف يعيشه ؟!
وعن الزهري أنه قال دخلت على أنس بن مالك بدمشق ، وهو يبكي ، فقلت : ما يبكيك ؟ فقال : (لا أعرف شيئا مما أدركت إلا هذه الصلاة ، وهذه الصلاة قد ضعيت ) صحيح البخاري.
وعن أم الدرداء أنها قالت دخل علي أبو الدرداء وهو مغضب ، فقلت : ما أغضبك ؟ فقال :( والله ما أعرف من أمة محمد صلى الله عليه وسلم شيئا ، إلا أنهم يصلون جميعا) . صحيح البخاري.
فكيف لو رأوا هذا الزمان !!
إذا رأى الإنسان تغير أحوال الناس وحتى الصالحين منهم ممن حوله ، طار عقله ، وأشتد قلقه ، وخشي على دينه ، وتمنى قرب أجله !!
وإن تذكر سكرات الموت ، وهول المطلع ، وقلة الزاد ، ثم إن الإنسان لا يدري ما ينتظره بعد الموت ، ولعله يكون كالمستجير من الرمضاء بالنار،
إن تذكر ذلك أخذ يهون على نفسه ، ويأملها بكل خير ، ويذكرها بحديث رسول الله-صلى الله عليه وسلم :
«لا يتمنين أحدكم الموت ولا يدعُ به من قبل أن يأتيه, إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله, وإنه لايزيد المؤمن عمره إلا خيراً» أخرجه مسلم.
وقوله : ( خير الناس من طال عمره وحسن عمله ) صححه الألباني ، فإن طالت فكرته وتذكر الحديث الذي يشابهه ، عندما سئل الحبيب – عليه الصلاة والسلام -:
(فأي الناس شر ؟ قال : من طال عمره وساء عمله ) صححه الألباني. فإن تذكره صاح بنفسه بل الموت ، الموت !!
________
ولا شك أن موت الإنسان بعيدا عن الفتن ، ولو كان عمله يسيرا ، خير له من أن يفتن في دينه ، نسأل الله السلامة .
قال النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( اثْنَتَانِ يَكْرَهُهُمَا ابْنُ آدَمَ : الْمَوْتُ ، وَالْمَوْتُ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ الْفِتْنَةِ ، وَيَكْرَهُ قِلَّةَ الْمَالِ ، وَقِلَّةُ الْمَالِأَ قَلُّ لِلْحِسَابِ ) رواه أحمد وصححه الألباني
وقد دل على مشروعية تمني الموت في هذه الحال أيضاً : قول النبي صلى اللهعليه وسلم في دعائه : ( وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون ) رواه الترمذي وصححه الألباني
قال ابن رجب رحمه الله : هذا جائز عند أكثر العلماء . وقال النووي عليه رحمة الله : باب كراهية تمني الموت لضُر نزل به. يعني من مرض أو نحوه، وأما إذا كان لخوف فتنة في الدين فلا بأس به.
وعلى هذا يحمل ما ورد عن السلف في تمني الموت؛ أنهم تمنوا الموت خوفاً من الفتنة .
روى مالك عَنْ سَعِيدِ بْنِا لْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قال : لَمَّا صَدَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنْ مِنًى أَنَاخَ بِالأَبْطَحِ ثُمَّ كَوَّمَ كَوْمَةً بَطْحَاءَ ثُمَّ طَرَحَ عَلَيْهَا رِدَاءَهُ وَاسْتَلْقَى ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ
فَقَالَ:(اللَّهُمَّ كَبِرَتْ سِنِّي ، وَضَعُفَتْ قُوَّتِي ، وَانْتَشَرَتْ رَعِيَّتِي ،فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مُضَيِّعٍ وَلا مُفَرِّطٍ ) قال سعيد : فما انسلخ ذوالحجة حتى قتل عمر رضي الله عنه
وقال علي رضي الله عنه في آخر خلافته عندما رأى أن الأمور لا تجتمع له، ولا يزداد الأمر إلاّ شدة: "اللهم خذني إليك، فقد سئمتهم وسئموني".
وقال أبو هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : من رأى الموت يباع فليشتره لي ! "الثبات عند الممات" لابن الجوزي (ص 45)
_____________


يتذكرالإنسان ويتذكر فتختلط عليه الأمور، فلا يدري أي شيء هو خير له ، فيتذكر لطف الله به، ورحمته بعباده ، وحسن تدبيره لنا ،
وأنه أرحم بنا من أمهاتنا ، بل هو أرحم بنا من أنفسنا، عندها يطمئن قلبه ، وتهدأ نفسه ، ويفوض لله أمره ،
قال أحدهم: ": لوعلمتم كيف يدبر الـرب أموركمـ ..
لذابت قلوبكمـ من محبته"!
ألا أيها المقصود في كل حاجةٍ شكوت إليك الضــر فارحم شكايتي
ألا يا رجائي أنت تكشف كربتي فهب لي ذنوبي كلها واقض حاجتي
أتيت بأعمـــال قبـــاح رديـــئةٍ وما في الورى عبد جنى كجنايتي
أتحرقني بالنار يا غاية المنى فأيــن رجــائي ثم أيــن مخـــافتي
اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي, وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي ، وإذا أردت فتنة بعبادك فأقبضني غير مفتون