المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفريغ وترتيب سلسلة منازل السائرين , لفضيلة الشيخ محمد بن علي الشنقيطي



أهــل الحـديث
04-08-2012, 04:53 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم
منازل السائرين – درجة المراقبة
مقدمة
هي منزلة عظيمة من منازل الإحسان , هي أخت منزلة المشاهدة , فالمراقبة هي هي الدرجة الثانية من درجات الإحسان , والمشاهدة هي الدرجة الأولى من درجات الإحسان ؛ وذلك لأن النبي –صلى الله عليه وسلم – لما سأله جبريل –عليه السلام- عن الإحسان , قال : ((أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ )) هذه هي المشاهدة , (( فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ )) هذه هي المراقبة , لن نتكلم عن المشاهدة لأننا لم نصل إليها , وإن تكلمنا عن المراقبة لايعني وصولنا إليها , لكن حديثٌ من القلوبِ إلى القلوبِ لعلها ترجعُ إلى علامِ الغيوب .
تعريفها
لغةً : مفاعلة ٌ من الرقبِ , والرقبُ مشتقٌ من العلوِ ومن الظهُورِ ؛ ولهذا سُميت الرقبة بالرقبةِ ؛لأنَّها متصلةٌ بالرأسِ الذي يُشاهد بهِ بواسطة العينان , والرأس يرقب بالرقبة أي يتطلع بها .
والمؤذنون هم أطولُ الناسِ أعناقاً يوم القيامةِ ؛ لأنهم يرفعونَ ذكر اللهِ تعالى , ولما فتح رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مكةَ , أمر بلال –رضي الله عنه – أن يصعد فوق الكعبة ويرفع النداء , الكعبة سوداء وبلال – رضي الله عنه- أسود , فقال صفوان بن أمية : من هذا الغراب الأسود , فبلغ هذا بلال فتأذى ولم يشكو لرسول الله –صلى الله عليه وسلم – لأن صفوان كافر , وفوض أمره لله فنزل جبريل – عليه السلام- بقوله تعالى : ((وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )) .
والمراقبة شأنها عظيم , وقيل سميت من الرقب وهو النظر , قال تعالى : ((فَارْتَقِبْ إِنَّهُم مُّرْتَقِبُونَ )) , ولذا يصعد الخطيب على المنبر كي يرقبه النَّاس .
إصطلاحا :
1- مدوامة مراقبة المقصود بالعمل .
المقصود : هو الله – عز وجل - , والمراقبة تكون بحضور القلب والنية , قال تعالى : (( قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ , لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)) .
فإذا كانت صلاتك للهِ فهي حسنةٌ حيثما كُنتَ , قال تعالى : ((هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)) , فلذا إن كنت مع الناسِ أو وحدك فالأمر واحد فالله معك.
2- وقيل المراقبة : هي دوام علم العبد وتيقظهُ بإطلاع الله تعالى على ظاهره وباطنه .
فعندما يجُمل الظاهر فإن ذلك لا يقتضي أنَّ باطِنهُ لايُرى , بل الواجب عليهِ تجميلُ ظاهِرهُ وباطنه , وهذا الفرقُ بين المؤمنِ والمنافقِ , فالمنافق جمّلَ ظاهره بالإسلام وقبح باطنه بالنفاقِ , قال تعالى : ((وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)) , وقال : (( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً )) . ولهذا هم لايصلون عندما لا يراهم الناس , ولذا أثقلُ صلاتين على المنافقين الفجر والعشاء ؛ لأنهما في الظلمة , وقيل الفجر لأنه يكون في أيام شديدة البرد , والعصر لأنه يكون في أيام شديدة الحر , ولهذا سماهما النبي –صلى الله عليه وسلم – بالبردين : ((مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ )) [ رواه الإمام مسلم ]
3- وقيل هي : علم العبد بإن الله رقيب عليه ناظرٌ إليه في جميع أحواله , قال تعالى : ((إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ))
لذا أشدُ الأحوال على الصالحين , الأنشغال بالمراقبة حيث وقتهم كله ذكر لله تعالى , حتى يستغفرون عند مباشرة الأمور المباحة .
4- وقيل : هي مراعاة القلب بملاحظة الرب في كل خطوة و خطرة
5- وقيل : هي خلوص السر والعلانية لله تعالى
6- وقيل : هي التعبد لله بأسمائه وصفاته وأفعاله ومداومة ذلك .

ذكر المراقبة في القرآن
ذكرت في القرآن على وجهين :
1- في سورة النساء : ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ))
2- في سورة الأحزاب : ((وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا ))
والفرق بين الآيتين , أن آية النساء أخص من آية الأحزاب ؛ لأنها ذكرت المراقبة على الناس , وآية الأحزاب ذكرت كل شيء .
وبين الله جل وعلا هذهِ المراقبة في القرآن :
أ****- ((وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ , وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )).
ب****- ((وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا))
ت****- ((أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ))
ث****- ((أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ))
ج****- ((يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ))
ح****- ((هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى)).
خ****- ((وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ))
والخلاصة : إنك لا تستطيع أن تخرج عن بصر الله وسمعه فهو أعلم منك بنفسِكَ وهو يملك قلبك , قال تعالى : ((وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ )) . وآيات المراقبة في القرآن كثيرة حتى يكاد القرآن كتاب مراقبة .
ذكر المراقبة بالسنة
أ****- حديث جبريل –عليه السلام- : وهو حديث طويل , ويسمى حديث تعليم الدين , وفيه الجواب عن الإحسان , ((أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ )) [ رواه الإمام مسلم]
ب****- قال صلى الله عليه وسلم : ((سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِى ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ الإِمَامُ الْعَادِلُ وَشَابٌّ نَشَأَ بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِى الْمَسَاجِدِ وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِى اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّى أَخَافُ اللَّهَ. وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ )) [ رواه الإمام مسلم ]
فالإمام لو لم يكن مراقباً لم يعدل , والشاب لم ينشأ في طاعة الله لولا المراقبة , وهكذا بقية السبعة .
ت****- عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم – قَالَ : (( بَيْنَمَا ثَلاَثَةُ نَفَرٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ يَمْشُونَ إِذْ أَصَابَهُمْ مَطَرٌ ، فَأَوَوْا إِلَى غَارٍ ، فَانْطَبَقَ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إِنَّهُ وَاللَّهِ يَا هَؤُلاَءِ لاَ يُنْجِيكُمْ إِلاَّ الصِّدْقُ ، فَلْيَدْعُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ صَدَقَ فِيهِ . فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِى أَجِيرٌ عَمِلَ لِى عَلَى فَرَقٍ مِنْ أَرُزٍّ ، فَذَهَبَ وَتَرَكَهُ ، وَأَنِّى عَمَدْتُ إِلَى ذَلِكَ الْفَرَقِ فَزَرَعْتُهُ ، فَصَارَ مِنْ أَمْرِهِ أَنِّى اشْتَرَيْتُ مِنْهُ بَقَرًا ، وَأَنَّهُ أَتَانِى يَطْلُبُ أَجْرَهُ فَقُلْتُ اعْمِدْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ . فَسُقْهَا ، فَقَالَ لِى إِنَّمَا لِى عِنْدَكَ فَرَقٌ مِنْ أَرُزٍّ . فَقُلْتُ لَهُ اعْمِدْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ فَإِنَّهَا مِنْ ذَلِكَ الْفَرَقِ ، فَسَاقَهَا ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ ، فَفَرِّجْ عَنَّا . فَانْسَاحَتْ عَنْهُمُ الصَّخْرَةُ . فَقَالَ الآخَرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِى أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ ، فَكُنْتُ آتِيهِمَا كُلَّ لَيْلَةٍ بِلَبَنِ غَنَمٍ لِى ، فَأَبْطَأْتُ عَلَيْهِمَا لَيْلَةً فَجِئْتُ وَقَدْ رَقَدَا وَأَهْلِى وَعِيَالِى يَتَضَاغَوْنَ مِنَ الْجُوعِ ، فَكُنْتُ لاَ أَسْقِيهِمْ حَتَّى يَشْرَبَ أَبَوَاىَ ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُمَا ، وَكَرِهْتُ أَنْ أَدَعَهُمَا ، فَيَسْتَكِنَّا لِشَرْبَتِهِمَا ، فَلَمْ أَزَلْ أَنْتَظِرُ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ ، فَفَرِّجْ عَنَّا . فَانْسَاحَتْ عَنْهُمُ الصَّخْرَةُ ، حَتَّى نَظَرُوا إِلَى السَّمَاءِ . فَقَالَ الآخَرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِى ابْنَةُ عَمٍّ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ ، وَأَنِّى رَاوَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا فَأَبَتْ إِلاَّ أَنْ آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ ، فَطَلَبْتُهَا حَتَّى قَدَرْتُ ، فَأَتَيْتُهَا بِهَا فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهَا ، فَأَمْكَنَتْنِى مِنْ نَفْسِهَا ، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا ، فَقَالَتِ اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلاَّ بِحَقِّهِ . فَقُمْتُ وَتَرَكْتُ الْمِائَةَ دِينَارٍ ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا . فَفَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَخَرَجُوا )) [ رواه الإمام البخاري]
هذا فضل المراقبةُ , لذا أجعل بينك وبين الله سرٌ , كصلاة ليلٍ , أو كفالة يتيم , أو صدقة لا يعلمها أحدٌ إلا الله تنفعك وقت الضيق .

أقوال في المراقبة
قال الإمام سفيان الثوري – رحمه الله - : (( راقب من لا يخفى عليه شيءٍ من أمرك , وارجوا من لا يعجزه شيءٌ))
قال أبو العتاهية :
إذا ما خلوْتَ، الدّهرَ، يوْماً، فلا تَقُلْ
خَلَوْتَ ولكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيبُ
ولاَ تحْسَبَنَّ اللهَ يغفِلُ مَا مضَى
وَلا أنَ مَا يخفَى عَلَيْهِ يغيب
لهَوْنَا، لَعَمرُ اللّهِ، حتى تَتابَعَتْ
ذُنوبٌ على آثارهِنّ ذُنُوبُ
فَيا لَيتَ أنّ اللّهَ يَغفِرُ ما مضَى ،
ويأْذَنُ فِي تَوْباتِنَا فنتُوبُ
إذَا ما مضَى القَرْنُ الذِي كُنتَ فيهمِ
وخُلّفْتَ في قَرْنٍ فَأنْت غَريبُ
وإنَّ أمرءًا قَدْ سارَ خمسِينَ حِجَّة ٍ
إلى مَنْهِلِ مِنْ وردِهِ لقَرِيبُ
نَسِيبُكَ مَنْ ناجاكَ بِالوُدِّ قَلبُهُ
ولَيسَ لمَنْ تَحتَ التّرابِ نَسيبُ
فأحْسِنْ جَزاءً ما اجْتَهَدتَ فإنّما
بقرضِكَ تُجْزَى والقُرُوضُ ضُروبُ
قلت ( أبو الحسن ): قال الإمام القحطاني :
وإذا خلوت بريبة في ظلمة ... والنفس داعية إلى الطغيان
فاستحي من نظر الإله وقل لها ... إن الذي خلق الظلام يراني


قصص في المراقبة
أ****- من أعظم القصص , قصة نبي الله يوسف –عليه الصلاة والسلام- , (( وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ))
ب****- قصة مريم – عليها السلام- حين تمثل لها جبريل بأحسن صورة , ((وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا , فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا , قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا , قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا ))
قلت( أبو الحسن ) : قال الإمام ابن القيم الجوزية –رحمه الله - : ((في هذه ألآية الكريمة تستعيذ مريم عليها السلام من رسول ربها الذي تمثل لها بشراً سوياً جميلاً حسناً بالرحمن وتذكره بالصفة التي تلازم المؤمنين والخيرين من الناس وهي التقوى, وتطالبه بعدم التعرض لها إن كان تقيا يخاف الله سبحانه))