المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أهمية اللغة العربية



أهــل الحـديث
01-08-2012, 10:30 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


هذه قطعة من بحث قمت به يعنى باللغة العربية وأهميتها أرجوا أن تفيدوني بتعليقاتكم عليه.

الفصل الأول:أهمية اللغة العربية:-

إن الله قد اختار من ولد آدم ولد إسماعيل ،واختار من ولد إسماعيل بني كنانة ،واختار من بني كنانةقريشا ،واختار من قريش بني هاشم ، واختار من بني هاشم :محمد بن عبدالمطلب بن هاشم صلى الله عليه وسلم.
واختار الله تعالى هذه الأمة العربية بأن تكون استجابة لدعوة ابراهيم واسماعيل -عليهما السلام- التي حكى الله تعالى عنهما حيث قال تعالى { رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ(128)}سورة البقرة

واختار لسان العرب ليكون وعاء هذه الرسالة الخاتمة الحاسمة المهيمنة على ماسبقها من ديانات ،واختاره ليكون لسان القرآن الذي هو آخر كلام تكلم به الله -سبحانه وتعالى- إلى عباده.
ولايخص مفهوم اللغة العربية القرآن ولكنه مفهوم أعمق ،فهو مفهوم يختص بالحكم نفسه كما أعلن ذلك الله -سبحانه وتعالى- في سورة الرعد حيث قال { وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا(37)}
فهذه اللغة العربية المباركة التي هي لسان أهل الجنة ، ولسان آخر الكتب السماوية لايمكن أن يتجاهل مالها من عظمة ومكانة خصوصا في إنشاء المجتمع الإسلامي.
هذه اللغة التي اعتنى العلماء بحفظها وتدوينها ،وتلقيها من الأعراب فتحملوا في ذلك المشاق ، وقطعوا المسافات ، وجافوا الأهلين و الأحباب ، وألفوا الجفاة الغرباء ، وقعدوا القواغد ، وألفوا المعاجم ، وصنفوا الكتب المختلفة في فروع علمها من [مفردات ، ونحو ، وصرف ، واشتقاق ، وبيان ، ومعاني ، و عروض ، وقواف ] كل هذا يشير إلى مكانة هذه اللغة التي قال عنها مجد الدين الفيروزآبادي( ) في خطبة كتابه القاموس :
[ ولا يشنأ هذه اللغة الشريفة إلا من اهتاف به ريح الشقاء ، ولا يختار عليها إلا من اعتاض السافية من الشحواء ، أفادتها ميامن أنفاس المستجن بطيبة طيبا ، فشدت به أيكية النطق على فنن اللسان رطيبا ، يتداولها القوم ما ثنت الشمال معاطف غصن ، ومرت الجنوب لقحة مزن ، استظلالا بدولة من رفع منارها فأعلى ، ودل****على شجرة الخلد وملك لا يبلى . وكيف لا ، والفصاحة أرج بغير ثيابه لا يعبق ، والسعادة صب سوى تراب بابه****لا يعشق]
وقال أيضا:
[ وما أجدر هذا اللسان - وهو حبيب النفس ، وعشيق الطبع ، وسمير ضمير الجمع ، وقد وقف على ثنية الوداع ، وهم****قبلي مزنه بالإقلاع - بأن يعتنق ضما والتزاما ، كالأحبة لدى التوديع ، ويكرم بنقل الخطوات على آثاره****حالة التشييع . وإلى اليوم نال به القوم المراتب والحظوظ].
ان هذه اللغة التي وسعت الوحيين وعلوم الأولين ، ونقل عنها الغرب علومه.
ماذا تعني كلمة عربية؟
إنها لا تخص العرب وحدهم كما زعم بنو إسرائيل في التوراة أنها كتاب لليهود وحدهم ، إن هذه الشريعة المباركة شريعة عالمية ، قال تعالى:{ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا(1)}الفرقان
وقال سبحانه :{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28)} سبأ
لكن بأي لغة ينذرهم و يخاطبهم ؟
إنها نذارة عربية اللغة ، عربية الآداب ، عربية الأخلاق ، عربية السلوك والمبدأ.

الفصل الثاني:علوم تحتاج اللغة العربية:-

1/ اللغة العربية والقرآن:

إذا لم نكن نفهم اللغة التي نزل بها القرآن!!!
كيف نفهم القرآن ؟ كيف نعتقد العقيدة الصحيحة في القرآن؟
كيف نطبق القرآن كيف نزدجر بزواجر القرآن ؟
كيف نأتمر بأوامر القرآن ؟
كيف ننكف عن نواهيه ؟
كيف نقف عند حدوده ؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية [ ( اللغة العربية من الدين ، ومعرفتها فرض واجب ، فإن فهم الكتاب والسنة فرض ، ولا يفهمان إلا بفهم اللغة العربية ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب )اقتضاء الصراط المستقيم.
وقال الحسن البصري - رحمه الله -:****"أهلكتهم العجمةُ؛ يتأولونه على غيرِ تأويله"[55].****
وقال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله -: "لا بُدَّ في تفسيرِ القرآن والحديث من أن يُعرَف ما يدلُّ على مرادِ الله ورسوله من الألفاظ، وكيف يُفهَم كلامُه؟ فمعرفةُ العربيةِ التي خُوطبنا بها ممَّا يُعين على أن نفقه مرادَ اللهِ ورسولِه بكلامِه، وكذلك معرفة دلالة الألفاظِ على المعاني؛ فإنَّ****عامَّة ضلالِ أهل البدع****كان بهذا السبب، فإنَّهم صاروا يحملون كلامَ اللهِ ورسولِه على ما يَدَّعون أنَّه دالٌّ عليه، ولا يكون الأمر كذلك"[56].
وقال أبو حيان في معرضِ ثنائه على سيبويه - رحمه الله -: "فجدير لمن تاقت نفسُه إلى علمِ التفسير، وترقَّتْ إلى التحريرِ والتحبير، أن يعتكفَ على كتابِ سيبويه؛ فهو في هذا الفنِّ المعوَّل عليه، والمستند في حلِّ المشكلات إليه"[57].
****وقال الزركشي: "واعلم أنَّه ليس لغيرِ العالم بحقائقِ اللغة وموضوعاتها تفسير شيء من كلامِ الله، ولا يكفي في حقِّه تعلم اليسير منها؛ فقد يكونُ اللَّفظُ مشتركًا وهو يعلم أحدَ المعنيين والمراد المعنى الآخر"[58].
****ولهذا السبب يقول مالك - رحمه الله -: "لا أُوتَى برجلٍ غير عالم بلغةِ العرب يفسر كتاب الله إلا جعلته نكالاً"[59] ، ولهذا أيضًا نجد التفاسيرَ مشحونةً بالرِّواياتِ عن سيبويه والأخفش والكسائي والفراء وغيرهم، فالاستظهارُ لبعضِ معاني القرآن الكريم وأسرارِه نابعٌ من الاستعانةِ بأقاويلهم، والتشبث بأهدابِ فسْرهم وتأويلهم؛ كما قال الزمخشري في "المفصَّل"[60].****وروى أبو عبيد في فضائلِ القرآن عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - قال: "لأن أعرب آيةً أحب إليَّ من أن أحفظَ آية"[61]؛ وذلك لأنَّ فهمَ الإعراب يعينُ على فهمِ المعنى، والقرآن نزل للتدبرِ والعمل.

2/ اللغة العربية والسنة النبوية:

المذكرة الإيضاحية للقرآن هي السنة النبوية ، وهذه السنة عربية.
كيف نفهم هذه المذكرة الإيضاحية ؟
إذا لم نكن نعرف اللغة العربية!!!
إن معرفةُ العربية شرطٌ في المحدِّث؛ قال ابنُ الصلاح: "وحق على طالبِ الحديث أن يتعلَّمَ من النَّحوِ واللغة ما يتخلَّصُ به من شين اللحن والتحريف ومعرتهما"[67]، وروى الخطيب عن شعبة قال: "من طلب الحديثَ ولم يبصر العربيةَ كمثل رجلٍ عليه برنس وليس له رأس"[68]، وروى أيضًا عن حماد بن سلمة قال: "مثل الذي يطلبُ الحديثَ ولا يعرف النَّحوَ مثل الحمارِ عليه مخلاة ولا شعيرَ فيها"[69].****وقد روى الخليلي في "الإرشاد" عن العباسِ بن المغيرة عن أبيه قال: جاء عبد العزيز الدراوردي في جماعةٍ إلى أبي ليعرضوا عليه كتابًا، فقرأ لهم الدراوردي، وكان رديء اللسانِ يلحن، فقال أبي: "ويحك يا دراوردي أنت كنتَ إلى إصلاح لسانك قبل النظرِ في هذا الشأن أحوج منك إلى غير ذلك"[70].****ويقول الحافظُ أبو الحجَّاج يوسف بن الزكي المِزِّي (ت742هـ) في مقدمِة كتابه "تهذيب الكمال في أسماء الرجال": "ينبغي للناظرِ في كتابنا هذا أن يكونَ قد حصَّل طرفًا صالحًا من علمِ العربية؛ نحوها ولغتها وتصريفها، ومن علم الأصول والفروع، ومن علم الحديث والتواريخ وأيام الناس".

3/ اللغة العربية والعقيدة:

فالضعف في علومِ العربية سببُ ضلال كثير من المتفقِّهة؛ قال ابنُ جني: "إنَّ أكثر مَن ضلَّ من أهل الشريعة عن القصدِ فيها، وحاد عن الطريقةِ المثلى إليها، فإنما استهواه واستخفَّ حلمَه ضعفُه في هذه اللغةِ الكريمة الشريفة التي خُوطِب الكافَّةُ بها"[36].
وقال عمرو بن العلاء لعمرو بن عبيد لما ناظره في مسألةِ خلود أهل الكبائر في النَّار، احتجَّ ابنُ عبيد أنَّ هذا وعْد الله، والله لا يخلفُ وعْدَه - يشير إلى ما في القرآنِ من الوعيد على بعضِ الكبائر بالنَّار والخلود فيها - فقال ابنُ العلاء: من العُجْمة أُتيتَ، هذا وعيدٌ لا وعد؛ قال الشاعر:
وَإِنِّي وَإِنْ أَوْعَدْتُهُ أَوْ وَعَدْتُهُ****
لَمُخْلِفُ إِيعَادِي وَمُنْجِزُ مَوْعِدِي[37][38]
ِ
4/ اللغة العربية والفقه:

إن الفقيه حقا هو العالم بلغة العرب****فقد كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري - رضي الله عنهما -: "أمَّا بعد، فتفقهوا في السنةِ، وتفقهوا في العربية، وأَعْرِبُوا القرآنَ فإنه عربي"
وفي توجيهِ عمر هذا أمران:
الأول:****الدعوةُ إلى فقهِ العربية.
والثاني:****الدعوةُ إلى فقهِ الشَّريعة.****
وبيَّن شيخُ الإسلام سببَ قول عمر:****"تفقهوا في السنةِ، وتفقهوا في العربية"؛ حيث قال: "لأنَّ الدِّينَ فيه فقهُ أقوال وأعمال، ففقه العربية هو الطريقُ إلى فقه الأقوال، وفقه الشريعة هو الطريقُ إلى فقه الأعمال"
ولقد جَعَل علماءُ أصولِ الفقه من شروط المجتهد أن يكون عالمًا بأسرارِ العربية، وبخاصة علم النحو؛ لأنَّ الشريعةَ عربية ولا سبيل إلى فهمِها إلا بفهمِ كلام العرب، وما لا يتمُّ الواجبُ إلا به فهو واجب، كما ذكر ذلك صاحبُ "المحصولِ في أصول الفقه" حيث يقول: "مسألة في شرائط المجتهد: أعلم أن شرط الاجتهاد أن يكون المكلف بحيث يمكنه الاستدلال بالدلائل الشرعية على الأحكام، وهذه المكنة مشروطة بأمور: أحدها: أن يكون عارفاً بمقتضى اللفظ ومعناه؛ لأنه لو لم يكن كذلك لم يفهم منه شيئاً؛ ولما كان اللفظ قد يفيد معناه لغة وعرفاً وشرعاً وجب أن يعرف اللغة والألفاظ العرفية والشرعية"[71].****وقد شرطه الجماهيرُ من الأصوليين؛ كالشافعي والغزالي والجويني والآمدي والقرافي والفتوحي والطوفي والشوكاني وغيرهم.
****ويقول الشافعي: "لا أُسأل عن مسألةٍ من مسائل الفقه، إلا أجبت عنها من قواعدِ النحو"[14]، وهذا يدلُّ على تمكنِه - رحمه الله - في العربية، وقال أيضًا:****"ما أردت بها - يعني: العربية - إلا الاستعانةَ على الفقه".
****والجرمي يقول: "أنا منذ ثلاثين سنة أفتي النَّاسَ في الفقهِ من كتابِ سيبويه"[20]، فلمَّا بلغ المبردَ هذا الكلامُ قال: "لأنَّ أبا عمر الجرمي كان صاحبَ حديث، فلما عرف كتابَ سيبويه تفقَّه في الحديث؛ إذ كان كتاب سيبويه****يُتعلَّم منه النَّظرُ والتفسر".