المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (2)أوصاف القرآن العظيم



أهــل الحـديث
01-08-2012, 05:10 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا

أما بعد

أيها الأحبة هذه مقالة لشيخنا أبي عبد الله حمزة النائلي حفظه الله بعنوان أوصاف القرآن العظيم وهي تتمة لمقالة أسماؤ القآن الكريم نشرها فضيلته في جريدة الشرق القطرية بتاريخ اليوم أنقلها إلى هذا الملتقى المبارك حتى تعم الفائدة



بسم الله الرحمن الرحيم



(2)أوصاف القرآن العظيم

لقد وصف ربنا جل جلاله القرآن الكريم بأوصاف كثيرة ونعته بنعوت عديدة ، منثورة بين ثنايا كتابه سبحانه ، وهذه الأوصاف هي بمثابة التعريف بالقرآن والبيان لمكانته وعلو منزلته.
أيها الأحبة إن معرفة أوصاف القرآن وتدبر معانيها من أقوى الأسباب المعينة بإذن الله على تدبر آيات القرآن، فما أحوجنا و الله لذلك ، خاصة في زمن قست في القلوب إلا من رحم الله ،وكثرة فيه الملهيات و الله المستعان .
ولهذا أحببت أن أذكر لكم أيها الأفاضل بعض الأوصاف التي جاءت في كتاب الله ،لعل الله بجوده و كرمه ينفعنا وإياكم بها وتكون سببا بعون الله، لتعظيم القرآن الكريم في قلوبنا ورفع شأنه في نفوسنا:
القرآن عربي : لأنه نزل بلغة العرب ، ولغة العرب هي أفصح اللغات وأيسرها ، قال تعالى ( إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون ) [ يوسف :2]
يقول الإمام ابن كثير –رحمه الله- : " وذلك لأن لغة العرب أفصح اللغات، وأبينها، وأوسعها،وأكثرها تأدية للمعاني التي تقوم بالنفوس، فلهذا أُنزل أشرف الكتب بأشرف اللغات على أشرف الرسل، بسفارة أشرف الملائكة، وكان ذلك في أشرف بقاع الأرض، وابتدئ إنزاله في أشرف شهور السنة، وهو رمضان فكمل من كل الوجوه". تفسير ابن كثير (2/467)
2- القرآن نور : وصف بذلك لأنه يضيء للمتمسكين به طريقهم ، وينير لهم دروبهم قال تعالى ( يأيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا)[ النساء: 174]
قال الإمام الطبري –رحمه الله- : "يعني يبين لكم المحجة الواضحة، والسبل الهادية إلى ما فيه لكم النجاة من عذاب الله وأليم عقابه إن سلكتموها واستنرتم بضوئه ،وذلك النور المبين هو القرآن الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم ". تفسير الطبري (6/39)
ويقول الشيخ السعدي –رحمه الله- : "وهو هذا القرآن العظيم ، الذي قد اشتمل على علوم الأولين والآخرين ، والأخبار الصادقة النافعة والأمر بكل عدل وإحسان وخير والنهي عن كل ظلم وشر ، فالناس في ظلمة إن لم يستضيئوا بأنواره ، وفي شقاء عظيم إن لم يقتبسوا من خيره". تفسير السعدي (ص 217)
3- القرآن رحمة :لأن الله يرحم بكتابه العزيز من يشاء من عباده فينقذه به من الضلالة إلى الهدى وينجيه من الهلاك و الردى ، قال تعالى ( وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين ) [ النمل :77]
قال الإمام الشوكاني –رحمه الله- : "إن القران لهدى ورحمة لمن آمن بالله وتابع رسوله، وخص المؤمنين لأنهم المنتفعون به" .فتح القدير (4/150)
ويقول الشيخ السعدي –رحمه الله- : " أي تثلج له صدورهم ، وتستقيم به أمورهم الدينية والدنيوية (للمؤمنين ) به المصدقين له ، المتلقين له بالقبول ، المقبلين على تدبره ، المتفكرين في معانيه ، فهؤلاء تحصل لهم به الهداية إلى الصراط المستقيم والرحمة المتضمنة للسعادة ،والفوز والفلاح" .تفسير السعدي (ص 609)
4- القرآن شفاء : لدلالته على الدلائل الواضحات و الآيات البينات ، التي يكون بها بعون الله الشفاء من سقم الكفر و الضلال ، فيهدي القلوب ويطمئن النفوس ، قال جل جلاله ( ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء) [ فصلت:44]
يقول الإمام ابن القيم –رحمه الله- : فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة وما كل أحد يؤهل ولا يوفق للاستشفاء به، وإذا أحسن العليل التداوي به ووضعه على دائه بصدق وإيمان وقبول تام واعتقاد جازم واستيفاء شروطه لم يقاومه الداء أبدا.
وكيف تقاوم الأدواء !كلام رب الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال لصدعها أو على الأرض لقطعها فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه، وسببه والحمية منه لمن رزقه الله فهما في كتابه ". زاد المعاد( 4/352)
قال الشيخ السعدي –رحمه الله- : "هذا القرآن ، شفاء لما في الصدور من أمراض الشهوات الصادة عن الانقياد للشرع ، وأمراض الشبهات القادحة في العلم اليقيني ، فإن ما فيه من المواعظ ، والترغيب ، والترهيب ، والوعد والوعيد ، مما يوجب للعبد الرغبة والرهبة ، وإذا وجدت فيه الرغبة في الخير والرهبة عن الشر ، ونمتا على تكرر ما يرد إليها من معاني القرآن، أوجب ذلك تقديم مراد الله على مراد النفس ، وصار ما يرضي الله أحب إلى العبد من شهوة نفسه ". تفسير السعدي (ص 367)
4- القرآن موعظة : وصف بذلك لاشتماله على المواعظ و الزواجر التي تلين القلوب،وترشد النفوس إلى الخير،قال سبحانه وتعالى(يأيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين)[ يونس :57]
يقول الإمام الطبري –رحمه الله- :"يعني ذكرى تذكركم عقاب الله وتخوفكم وعيده من ربكم ،يقول من عند ربكم لم يختلقها محمد صلى الله عليه وسلم ولم يفتعلها أحد فتقولوا لا نأمن أن تكون لا صحة لها ،وإنما يعني بذلك جل ثناؤه القرآن وهو الموعظة من الله " .تفسير الطبري(11/124)
ويقول الإمام الشوكاني–رحمه الله- : "يعني القرآن فيه ما يتعظ به من قرأه وعرف معناه" .فتح القدير (2/453)
5- القرآن مبارك : فالقرآن الكريم مبارك في أحكامه وفي جميع مقاصده بجميع أنواع البركة ، قال تعالى ( وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون ) [ الأنبياء :50]
يقول الشيخ السعدي –رحمه الله- : "وكونه مباركا يقتضي كثرة خيره ونمائها وزيادتها ، ولا شيء أعظم بركة من هذا القرآن ، فإن كل خير ونعمة وزيادة دينية أو دنيوية أو أخروية فإنها بسببه وأثر عن العمل به ، فإذا كان ذكرا مباركا ، وجب تلقيه بالقبول والانقياد والتسليم ، وشكر الله على هذه المنحة الجليلة ، والقيام بها ، واستخراج بركته ، بتعلم ألفاظه ومعانيه ومقابلته بضد هذه الحالة من الإعراض عنه ، والإضراب عنه صفحا ،وإنكاره ، وعدم الإيمان به فهذا من أعظم الكفر وأشد الجهل والظلم" . تفسير السعدي ( ص 525)
6-القرآن حق:لأنأخباره وأوامره حق،وقصصه صدق حق،بحيث لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه،قال تعالى(وبالحق أنزلناه وبالحق نزل وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا)[ الإسراء:105]
يقول الإمام ابن الجوزي –رحمه الله- : " وبالحق أنزلناه الهاء كناية عن القرآن والمعنى: أنزلنا القرآن بالأمر الثابت والدين المستقيم، فهو حق ونزوله حق وما تضمنه حق ". زاد المسير ( 5/96)
7- القرآن عزيز : لأنه غالب بقوة حجته وفصاحته وبيانه كل ما سواه،قال تعالى ( إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز(41) لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ) [ فصلت :41-42]
يقول الإمام الطبري –رحمه الله- :" إن هذا الذكر لكتاب عزيز بإعزاز الله إياه وحفظه من كل من أراد له تبديلا أو تحريفا أو تغييرا من إنسي وجني وشيطان مارد ". تفسير الطبري ( 24/124)
قال محمد الطاهر بن عاشور –رحمه الله-:"أي هو غالب لمعانديه ، وذلك لأنه أعجزهم عن معارضته".التحرير والتنوير(25/325)
فهذه أيها الأحبة الكرام بعض الأوصاف التي اتصف بها القرآن الكريم ، وإلا فهناك أوصاف كثيرة منثورة في ثناياه ، فينبغي علينا أن نعتني بكلام ربنا قراءة وحفظا وتدبرا ونتخذ كل الوسائل المعينة على ذلك كمعرفة أسماء القرآن وأوصافه والوقوف عند معانيها.
فالله أسأل لي ولكم بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا ، فهو سبحانه ولي ذلك والقادر عليه .


وصلي اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .



أبو عبد الله حمزة النائلي