المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المفطرات



أهــل الحـديث
31-07-2012, 05:10 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين

قال تعالى :(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ
لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآَنَ
بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ
مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)187 البقرة.

هذه الآية بيّن الله فيها مفسدات الصوم و هي المفطرات التي متى ما تناولها
الفرد نهار رمضان فانه يٌفسد بذلك صومه، و لهذا يسمَّيها العلماء مفسدات
الصوم .


و قد ذكر الله في هذه الآية ثلاثة اشياء يفسد الصوم بتناولها

، و هي : الرفث الى النساء و هو الجماع ، و الأكل ، و الشرب ،

ودلت السنة النبوية على مفطر رابع و هو الحيض و النفاس ، و هذه المفطرات

الأربعة مع دلالة الكتاب و السنة عليها محل اجماع بين العلماء لا خلاف بينهم

في ذلك ، و ليس الغرض تقرير ذلك ، و إنما الغرض بيان مناط الحكم

في المأكول و المشروب من خلال اقول العلماء ، ووجه إختلافهم في ذلك.






أقوال العلماء في الأكل الداخل الى الجوف
________________________

اجمع العلماء على أن المأكول المغذي إذا دخل الجوف عن طريق الفم فهو مفطر

يفسد به الصوم ، و ذهب جمهورهم الى أن غير المغذي إذا دخل الجوف فحكمه

حكم المغذي. قال ابن قدامة :أجمع أهل العلم على الافطار بالاكل والشرب
لما يتغذى به، وقد دل عليه قوله تعالى (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم
الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل) مدة
إباحة الاكل والشرب إلى تبين الفجر ثم أمر بالصيام عنهما، وفي الحديث "
لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك يدع طعامه وشرابه وشهوته
من أجلي " فأما أكل ما لا يتغذى به فيحصل به الفطر في قول عامة أهل
العلم.(1) . و ذهب آخرون و هم الحنفية الى أن دخول غير المغذي الى الجوف
لا يحصل به الفطر كمن ابتلع حصاة أو ابتلع الجوزة أو اللوزة الصحيحة
اليابسة(2 ).




سبب الإختلاف
__________

هذا الاختلاف بين الجمهور و الحنفية ، و من وافقهم من العلماء راجع الى
الاختلاف في فهم المناط الذي علَّق عليه الشارع الحكم ، فالجمهور يرون أن

كل ما دخل الجوف فهو مأكول و ما كان كذلك فهو مفطر بنص الآية فان الله
سبحانه و تعالى قال : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ
الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ )187 البقرة.قالوا فالأكل في اللغة كل ما دخل الجوف
سواتء كان مغذيا أو غير مغذي فمناط الحكم عندهم دخول شيء عن طريق الفم
ولو كان حصاة أو خيطا أو قطعة حديد ، و أما من لم ير الإفطار بمثل هذه الاشياء
فيذهب الى أن مناط الحكم في الآية هو دخول شيء مغذي الى الجوف فلا يفطر
الصائم بدخول شيء غير مغذي ووجه الاستدلال عندهم أنهم فسَّروا الأكل في الآية
بمعناه العرفي لا اللغوي فان المعنى المتعارف عليه في لفظ الأكل هو الأكل النافع المعتاد
للناس ن و هذا التفسير يُخرج صورة غير المغذي من دلالة لفظ الأكل عليها . و الى
هذا المعنى كان يذهب شيخ الاسلام ابن تيمية فقال في مجموع االفتاوي:إثْبَاتُ التَّفْطِيرِ بِالْقِيَاسِ
يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَكُونَ الْقِيَاسُ صَحِيحًا وَذَلِكَ إمَّا قِيَاسُ عِلَّةٍ بِإِثْبَاتِ الْجَامِعِ وَإِمَّا بِإِلْغَاءِ الْفَارِقِ فَإِمَّا
أَنْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى الْعِلَّةِ فِي الْأَصْلِ فَيُعَدَّى بِهَا إلَى الْفَرْعِ وَإِمَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنْ لَا فَارِقَ بَيْنَهُمَا مِنْ
الْأَوْصَافِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الشَّرْعِ وَهَذَا الْقِيَاسُ هُنَا مُنْتَفٍ . وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَدِلَّةِ مَا يَقْتَضِي
أَنَّ الْمُفَطِّرَ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مُفَطِّرًا هُوَ مَا كَانَ وَاصِلًا إلَى دِمَاغٍ أَوْ بَدَنٍ أَوْ مَا كَانَ دَاخِلًا
مِنْ مَنْفَذٍ أَوْ وَاصِلًا إلَى الْجَوْفِ . وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْمَعَانِي الَّتِي يَجْعَلُهَا أَصْحَابُ هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ
هِيَ مَنَاطَ الْحُكْمِ عِنْدَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَيَقُولُونَ إنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إنَّمَا جَعَلَا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ مُفَطِّرًا
لِهَذَا الْمَعْنَى الْمُشْتَرِكَ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَمِمَّا يَصِلُ إلَى الدِّمَاغِ وَالْجَوْفِ مِنْ دَوَاءِ الْمَأْمُومَةِ
وَالْجَائِفَةِ وَمَا يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ مِنْ الْكُحْلِ وَمِنْ الْحُقْنَةِ وَالتَّقْطِيرِ فِي الْإِحْلِيلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ .
وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى تَعْلِيقِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِلْحُكْمِ بِهَذَا الْوَصْفِ دَلِيلٌ كَانَ قَوْلُ الْقَائِلِ :
إنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إنَّمَا جَعَلَا هَذَا مُفَطِّرًا لِهَذَا قَوْلًا بِلَا عِلْمٍ (3)



القول الراجح في هذه المسألة
________________


لعل قول الحنفية و من اتبعهم في ذلك من العلماء هو القول الراحج و ذلك لأمور منها:

-إن لفظ الأكل إذا أُطلق حُمل على معناه المعتاد في الاستعمال و هو الأكل المنتفع به فلا يدخل في
معناه اكل الحصاة و الخيط و التراب و نحو ذلك و إن شاركه في الصورة العامة.


_ الأمر الثاني و هو مترتب على صحة الأول و هو أن بيان ما يفطر قد بيَّنته النصوص و ما لا يدخل
في دلالة النصوص دخول الفرد في جنسه العام لا يمكن الحاقه بالمنصوص فانه ليس في معنى
المنصوص لا لفظا و لا دلالة .و الله اعلم .