المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دفاعا عن أبي هريرة ومعاوية.



أهــل الحـديث
31-07-2012, 02:10 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فإنه قد ظهر لنا في الفترات الأخيرة من يضلل الناس باسم العلم، وهو المدعو : عدنان إبراهيم.
هذا الرجل يتعرض أحيانا لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسلوب لا يليق، ومن هؤلاء الصحب الكرام : أبو هريرة، ومعاوية بن أبي سفيان، فنسب إليهما أشياء بهدف الطعن فيهما، وسوف أرد إن شاء الله على ما نسبه إليهما من ناحية حديثية.

__________________________________________________ ______________________
أولا: زعم الدكتور أن أبا هريرة رضي الله عنه كان مكثرا عن كعب الأحبار؛ مما جعله يخلط أخبار بني إسرائيل في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فلقد كان يعلق على حديث أبي هريرة بأن الله خلق حواء من ضلع آدم، فزعم أن هذا خبر موجود في الإصحاح عند النصارى وهو منقول إلينا منهم؛ لأن ! أبا هريرة هو الذي رواه !
واستند إلى أخبار تالفة، منها ما هو موجود ولا يثبت، ومنها ما لا وجود له، قد أتى به من كيسه.

فقال: إن كعب الأحبار قال: ما رأيت أحدا لم يقرأ التوراة أعلم بما فيها من أبي هريرة.
فأقول: ذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء هذا، فقال: الطيالسي: حدثنا عمران القطان، عن بكر بن عبد الله، عن أبي رافع، عن أبي هريرة: أنه لقي كعبا، فجعل يحدثه، ويسأله ; فقال كعب: ما رأيت أحدا لم يقرأ التوراة أعلم بما فيها من أبي هريرة.
فقال الذهبي معلقا عليه: إسناده ضعيف، وعمران القطان: هو ابن داور العمي البصري، ضعفه يحيى بن معين وأبو داود والنسائي، ولم يرو عنه يحيى بن سعيد القطان، وقال ابن عدي: هو ممن يكتب حديثه (يعني للمتابعة) وهو في " تاريخ دمشق " 19 / 117 / 2.
__________________________________________________ _______________________
ثانيا: زعم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ضرب أبا هريرة وشج رأسه.
فأقول: هذا كذب محض ليس له أصل، إنما هو تحريف، و الذي ورد أن أبا هريرة قال: إني لاحدث أحاديث، لو تكلمت بها في زمن عمر، لشج رأسي.
ذكره الذهبي في السير، فقال: يحيى بن أيوب، عن ابن عجلان: أن أبا هريرة كان يقول....فذكره.
وقال الذهبي معلقا عليه: أورده ابن كثير في " البداية " عن ابن وهب عن يحيى بن أيوب، ورجاله ثقات، إلا أنه منقطع، لان ابن عجلان لم يسمع من أبي هريرة.
__________________________________________________ _______________________

ثالثا: زعم أن معاوية أصابه دعاء النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: لا أشبع الله بطنه.
ونحن نعتقد بأن هذا الدعاء على معاوية هو له؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم:
(( يَا أُمَّ سُلَيْمٍ أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ شَرْطِي عَلَى رَبِّي أَنِّي اشْتَرَطْتُ عَلَى رَبِّي فَقُلْتُ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَرْضَى كَمَا يَرْضَى الْبَشَرُ وَأَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ فَأَيُّمَا أَحَدٍ دَعَوْتُ عَلَيْهِ مِنْ أُمَّتِي بِدَعْوَةٍ لَيْسَ لَهَا بِأَهْلٍ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهُ طَهُورًا وَزَكَاةً وَقُرْبَةً يُقَرِّبُهُ بِهَا مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ))

ومسلم جعله تحت باب: مَنْ لَعَنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ سَبَّهُ أَوْ دَعَا عَلَيْهِ وَلَيْسَ هُوَ أَهْلًا لِذَلِكَ كَانَ لَهُ زَكَاةً وَأَجْرًا وَرَحْمَةً.

وحديث : ((لا أشبع الله بطنه))
رواه مسلم في صحيحه (13/4)، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ و حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الْقَصَّابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ
((كُنْتُ أَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَوَارَيْتُ خَلْفَ بَابٍ قَالَ فَجَاءَ فَحَطَأَنِي حَطْأَةً وَقَالَ اذْهَبْ وَادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ قَالَ فَجِئْتُ فَقُلْتُ هُوَ يَأْكُلُ قَالَ ثُمَّ قَالَ لِيَ اذْهَبْ فَادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ قَالَ فَجِئْتُ فَقُلْتُ هُوَ يَأْكُلُ فَقَالَ لَا أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ))


ورواه الطيالسي (4/464)، قال: حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا هِشَامٌ ، وَأَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الْقَصَّابِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ إِلَى مُعَاوِيَةَ يَكْتُبُ لَهُ ، فَقَالَ : إِنَّهُ يَأْكُلُ ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِ فَقَالَ : إِنَّهُ يَأْكُلُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لاَ أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ))


ورواه الإمام أحمد (6/51) ، (6/472) ، (5/317)، قال : حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ
((كُنْتُ غُلَامًا أَسْعَى مَعَ الصِّبْيَانِ قَالَ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفِي مُقْبِلًا فَقُلْتُ مَا جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا إِلَيَّ قَالَ فَسَعَيْتُ حَتَّى أَخْتَبِئَ وَرَاءَ بَابِ دَارٍ قَالَ فَلَمْ أَشْعُرْ حَتَّى تَنَاوَلَنِي قَالَ فَأَخَذَ بِقَفَايَ فَحَطَأَنِي حَطْأَةً قَالَ اذْهَبْ فَادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ وَكَانَ كَاتِبَهُ قَالَ فَسَعَيْتُ فَقُلْتُ أَجِبْ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ عَلَى حَاجَةٍ))


والبيهقي في دلائل النبوة،(6/480) قال : أخبرناه أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا علي بن حمشاد ، حدثنا هشام بن علي ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا أبو عوانة ، عن أبي حمزة ، قال : سمعت ابن عباس ، قال : ((كنت ألعب مع الغلمان فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاء فقلت : ما جاء إلا إلي فاختبأت على باب فجاء فحطأني حطأة ، فقال : اذهب فادع لي معاوية ، وكان يكتب الوحي ، قال : فذهبت فدعوته له فقيل : إنه يأكل ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال : فاذهب فادعه فأتيته فقيل : إنه يأكل ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال في الثالثة : لا أشبع الله بطنه ، قال : فما شبع بطنه أبدا)) وروي عن هريم ، عن أبي حمزة في هذا الحديث زيادة تدل على الاستجابة.

وهو في "ضعفاء العقيلي" قال حدثناه محمد بن خزيمة قال حدثنا فهد بن عوف قال حدثنا أبو عوانة عن أبي حمزة القصاب. وليس فيه ذكر لزيادة: فما شبع بطنه أبدا.

فيتبين أن الإمام مسلم والطيالسي روياه بقوله: لا أشبع الله بطنه، وأحمد بدونها، والبيهقي معها وبزيادة فما شبع بطنه أبدا.

فأقول: زيادة: فما شبع بطنه أبدا لها أسباب تمنع من احتمال صحتها:
الأول : أن الحديث رواه مسلم والطيالسي وأحمد بدون هذه الزيادة، كلهم عن أبي حمزة القصاب.
وقد يكون بسبب: هشام بن علي السيرافي، وهو ثقة كما قال ابن حبان.
لكن يخالف أحيانا من هو أوثق منه؛ ففي حديث : (( شمي عوارضها، وانظري إلى عرقوبيها)) الذي أخرجه الحاكم من طريق هشام بن علي حدثنا: موسى بن إسماعيل : حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس رضي الله عنه، وقد خالفه أبو داود، فقال في "المراسيل": حدثنا موسى بن إسماعيل : نا حماد بن سلمة عن ثابت مرسلا.
قال الشيخ الألباني: فالصواب المرسل.

فالشاهد أنه أيضا في هذا الحديث لم ترد زيادة : فما شبع بطنه أبدا إلا من طريق هشام بن علي هذا.

أو: بسبب وهم أبي حمزة القصاب؛ فقد قال الحافظ في" التقريب" : عمران بن أبي عطاء الأسدي مولاهم أبو حمزة بالمهملة والزاي القصاب الواسطي صدوق له أوهام.
وقال أبو أحمد والنسائي: ليس بقوي، وقال أبو داود: روى أبو عوانة عن أبي حمزة القصاب أكثر من عشرين حديثا، وقال في موضع آخر: أبو حمزة عمران بن أبي عطاء يقال له عمران الجلاب ليس بذاك هو ضعيف، وقال أبو زرعة: لين.
ولكن وثقه أحمد وابن معين.
قال الشيخ الألباني: و في أبي حمزة القصاب و اسمه عمران بن أبي عطاء كلام من بعضهم لا يضره ، فقد وثقه جماعة من الأئمة، منهم أحمد و ابن معين و غيرهما ، و من ضعفه لم يبين السبب ، فهو جرح مبهم غير مقبول ، و كأنه لذلك احتج به مسلم.

فلو احتملنا السبب الأول لكانت زيادة : فما شبع...هي شاذة.
ولو احتملنا الثاني لكان الحديث كله ضعيفا بالزيادة وبدونها؛ لأن مداره على أبي حمزة.
.
والله أعلم.