المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (1)أسماء القرآن الكريم



أهــل الحـديث
30-07-2012, 05:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا

أما بعد

أيها الأحبة هذه مقالة جديدة من مقالات شيخنا أبي عبد الله حمزة النائلي حفظه الله والتي يقوم بنشرها فضيلته في جريدة الشرق القطرية في عاموده الإسبوعي وهذه المرة المقالة بعنوان أسماء القرآن وهذه المقالة نشرت بتاريخ اليوم
أسأل الله عز وجل أن يبارك في جهود شيخنا حفظه الله وأن يغفر لنا ذنوبنا ويرحمنا وهو الغفور الرحيم




بسم الله الرحمن الرحيم



(1)أسماء القرآن الكريم

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين .
أما بعد :
إن القرآن الكريم هو كلام الله العظيم ، وصراطه المستقيم ، الذي أنزله على خاتم النبيين و سيد المرسلين عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، شهد به سبحانه على رسالته وكذب به أعدائه ، خُتمت به الكتب السابقة،وتَكفل جل جلاله بحفظه من التحريف والتغيير و التبديل ،قال جل وعلا ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) [ الحجر :9]
يقول الشيخ السعدي – رحمه الله- : " أي : في حال إنزاله ، وبعد إنزاله ، ففي حال إنزاله حافظون له من استراق كل شيطان رجيم ،وبعد إنزاله أودعه الله في قلب رسوله، واستودعه فيها ثم في قلوب أمته ، وحفظ الله ألفاظه من التغيير فيها والزيادة والنقص ، ومعانيه من التبديل ، فلا يحرف محرف معنى من معانيه إلا وقيض الله له من يبين الحق المبين، وهذا من أعظم آيات الله ونعمه على عباده المؤمنين ".تفسير السعدي (ص 429)
أيها الأحبة إن كثرة أسماء الشيء وتعدد نعوته دليل على شرفه وفضله ، ولهذا كثرة أسماء الباري سبحانه وأوصافه دليل على عظمته وكماله ، وكذلك تعدد أسماء النبي صلى الله عليه وسلم يدل على سمو منزلته وعلو مقامه .
يقول الإمام النووي–رحمه الله -:"واعلم أن كثرة الأسماء تدل على عظم المسمى كما في أسماء الله تعالى وأسماء رسوله صلى الله عليه وسلم ". تهذيب الأسماء (3 /332)
ولهذا أيها الأفاضل خص الله سبحانه القرآن الكريم دون سائر الكتب السماوية بعدة أسماء كلها تدل على شرفه ورفعة مكانته.
يقول الفيروز آبادي -رحمه الله- : "اعلم أن كثرة الأسماء تدل على شرف المسمى ، أو كماله في أمر من الأمور ، أما ترى أن كثرة أسماء الأسد دلت على كمال قوته ، وكثرة أسماء القيامة دلت على كمال شدته وصعوبته، وكثرة أسماء الداهية -شدائد الدهر- دلت على شدة نكايتها ، وكذلك كثرة أسماء الله تعالى دلت على كمال جلال عظمته ، وكثرة أسماء النبي صلى الله عليه وسلم دلت على علو رتبته ، وسمو درجته ، وكذلك كثرة أسماء القرآن دلت على شرفه وفضيلته " . بصائر ذوي التمييز ( 1/88)
وللقرآن الكريم أسماء وأوصاف ،وأسماءه أيها الكرام التي هي أعلام عليه خمسة:(القرآن ، الكتاب ، الفرقان ، التنزيل، الذكر ) .
1-القرآن : وهذا الاسم هو أشهر أسمائه وأكثرها ذكرا في آياته،يقول الطاهر بن عاشور - رحمه الله- : "فاسم القرآن هو الاسم الذي جعل علما على الوحي المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، ولم يسبق أن أطلق على غيره قبله ، وهو أشهر أسمائه وأكثرها ورودا في آياته وأشهرها دورانا على ألسنة السلف ". التحرير والتنوير ( 1/ 71)
وقد تكاثرت النصوص بهذه التسمية كقوله تعالى ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) [ البقرة :185]
وقوله سبحانه ( قل لئن اجتمعت الإنس و الجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ) [ الإسراء :88] وقوله جل جلاله ( إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون) [ الزخرف: 3]،
وهناك فرق بين القرآن و كلام الله ، فالقرآن أخص من الكلام ، لأن كلام الله يشمل القرآن و الكتب السماوية و غيرها من كلامه سبحانه.
وكذلك بين القرآن و كتاب الله ، لأن كتب الله عامة و شاملة للكتب السابقة ، أما القرآن فيختص بكتاب الله الذي أنزله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
2-الكتاب : أصل الكتاب في اللغة الجمع و الضم ، وسمي بذلك كما يقول الإمام الزركشي –رحمه الله-:" لأنه يجمع أنواعا من القصص والآيات والأحكام والأخبار على أوجه مخصوصة".البرهان في علوم القرآن (1/276)
ويقول الإمام السيوطي – رحمه الله -:"فأما تسميته كتابا فلجمعه أنواع العلوم والقصص والأخبار على أبلغ وجه والكتاب لغة الجمع".الإتقان في علوم القرآن (1/143)
وللدكتور محمد دراز كلاما قيما في وجه تسمية القرآن (بالقرآن و بكتاب الله ) حيث يقول: " وفي تسمية بهذين الاسمين إشارة إلى أن من حقه العناية بحفظه في موضعين لا في موضع واحد ، يعني أنه يجب حفظه في الصدور و السطور جميعا ، أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ، فلا ثقة لنا بحفظ حافظ حتى يوافق الرسم المجمع عليه من الأصحاب المنقول إلينا جيلا بعد جيل ، على هيئته التي وضع عليها أول مرة، ولا ثقة لنا بكتابة كاتب حتى يوافق ما هو عند الحفاظ بالإسناد الصحيح المتواتر... وبهذا بقي القرآن محفوظا في حرز حريز، إنجازا لوعد الله الذي تكفل بحفظه حيث يقول(إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )[الحجر :9]".النبأ العظيم (ص12)
ودلت على هذه التسمية نصوص الكتاب كقوله تعالى ( آلم (1) ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) [ البقرة :1-2]، وقوله سبحانه ( الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا ) [ الكهف : 1]
قال الطاهر بن عاشور -رحمه الله-: " وفي هذه التسمية -أي بالكتاب - معجزة للرسول صلى الله عليه وسلم بأن ما أوحي إليه سيكتب في المصاحف " . التحرير والتنوير (1/73)
3-الفرقان : سمي بذلك لأنه فرق بين متضادين حيث ميز بين الحق و الباطل في الاعتقاد و فرق بين الحلال و الحرام في الأحكام، يقول ابن منظور –رحمه الله- :" وكل ما فُرق به بين الحق و الباطل فهو فرقان". لسان العرب ( 10/302)
ويقول ابن الأثير -رحمه الله- :"الفرقان من أسماء القرآن : أي أنه فارق بين الحق و الباطل ، و الحلال و الحرام،يقال:فرقت بين الشيئين أفرق فرقا وفرقانا".النهاية ( 3/439)
وقد وردت الآيات الكريمة بهذه التسمية،كقوله تعالى ( وبينات من الهدى و الفرقان ) [ البقرة :185]
وقوله جل جلاله(تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا)[الفرقان :1]
يقول الإمام الطبري –رحمه الله- في وجه تسمية القرآن فرقانا : "أن القرآن سمى فرقانا ، لفصله بحجته وأدلته وحدوده وفرائضه وسائر معاني حكمه، بين المحق والمبطل ، وفرقانه بينهما : بنصره المحق وتخذيله المبطل ، حكما وقضاء ". تفسير الطبري(1/44)
4-التنزيل :سمي بذلك لأنه منزل من عند الله سبحانه وتعالى ، قال سبحانه ( وإنه لتنزيل رب العالمين) [ الشعراء :192]
وقال جل جلاله(آلم (1) تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين)[السجدة :1-2]
يقول الشيخ السعدي –رحمه الله- : "يخبر تعالى أن هذا الكتاب الكريم ، تنزيل من رب العالمين ، الذي رباهم بنعمته . ومن أعظم ما رباهم به ، هذا الكتاب ، الذي فيه كل ما يصلح أحوالهم ، ويتمم أخلاقهم ،وأنه لا ريب فيه ، ولا شك ، ولا امتراء ". تفسير السعدي (ص 653)
5-الذكر :سمي بالذكر لما فيه من المواعظ و أخبار الأنبياء و أخبار الأمم السابقة ، قال تعالى ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزل إليهم ولعلهم يتفكرون )[ النحل: 44]
وقال سبحانه ( وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون ) [ الأنبياء:50]
يقول الإمام الطبري – رحمه الله- في وجه تسميته بالذكر : " فإنه محتمل معنيين :
أحدهما : أنه ذكر من الله جل ذكره ، ذكر به عباده ، فعرَّفهم فيه حدوده وفرائضه ، وسائر ما أودعه من حكمه
والآخر:أنه ذكر وشرف وفخر لمن آمن به وصدق بما فيه،كما قال جل ثناؤه (وإنه لذكر لك ولقومك)[الزخرف:44] يعني به أنه شرف له ولقومه".تفسير الطبري(1/44)
فهذه أيها الأحبة الكرام أسماء القرآن الخمسة،وأشهرها اسم (القرآن)و(الكتاب)، وينبغي علينا أن نعلم أن القرآن كما له أعلام ، كذلك له أوصاف دلت عليها نصوص الكتاب و السنة ، و فائدة معرفة ذلك حتى نميز بين الاسم و الصفة ، وكذلك ليرتفع شأن القرآن عندنا و تَعظُم مكانته في قلوبنا ، فمعرفة أسماء القرآن و صفاته من أعظم الأسباب المعينة بعون الله على تدبر آيات القرآن و العمل به .
وقد تتساءلون زادكم الله حرصا عن أهم أوصاف القرآن التي جاءت بها النصوص بعد أن عرفتم أسماءه ؟ وهذا ما سنجيبكم عنه بعون الله الكبير المتعال في تتمة المقال ، سائلا الله لنا ولكم أن يحبب لنا القرآن ويجعله شافعا لنا يوم القيامة ،فهو سبحانه قدير وبالإجابة جدير.


وصلي اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين



أبو عبد الله حمزة النائلي