المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رحلة تدبرية



أهــل الحـديث
29-07-2012, 03:40 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


رحلة تدبرية


بعد الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد ، من الملفت للنظر عند قراءتك في سورتي البقرة و آل عمران أن تجد التشابه بين هاتين الآيتين ( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون ( البقرة164 ) ) و آية آل عمران ( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ( 190 )) هناك تشابه في المقطع الأول من الآيتين واختلاف بعد ذلك في الباقي و قبل كل آية سياق مختلف و بعدها سياق مختلف ،هيا بنا يا إخواني في هذه الرحلة التدبرية ننظر و نتدبر عسى أن يفتح لنا ربنا معنى جديد فخلف كل سياق بحر من المعاني يستحق أن تعكف ليالي بل عمر لتسخرج مخبوءه .
سياق سورة البقرة (وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165) ) هذه الكلمات تكشف مدى حب الله للعباد و تودده إليهم في قوله و إلهكم و مدى رحمته في قوله الرحمان الرحيم و السؤال الذي يفرض نفسه ما سبب اختلاف الآية عن آية آل عمران انظر في الآية ستجد أن بعد ذكر خلق السموات و الأرض و اختلاف الليل و النهار ذكر الفلك و جريانها في البحر لنفع البشر و نعمة الماء التي بها حياة الأرض و جعل يعدد في النعم و كأن الهدف هو إثارة عبودية الحب لله تعالى في قلب القارئ و لاحظ جيداً بعد ذلك في السياق قوله تعالى ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ) فذكر شرك المحبة وشدة محبة المؤمنين لربهم ،أما في آل عمران(ولله ملك السموات والأرض والله على كل شيء قدير * إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ) الهدف و الله أعلم العرفان بعظمة الله عز وجل فهو الملك العظيم ملك السموات و الأرض و عندما ينظر العبد المؤمن و يتفكر في خلق السموات و الأرض يشعر بعظمة الله في قلبه و جرب أخي الخروج في الصحراء في الليل أو الوقوف على سطح بناية و النظر إلى السماء و قراءة هذه الآيات و الله سينتابك شعور تتمنى لو لازمك و ستجد نفسك مدفوعاً للافتقار و الدعاء و هذا ما أتت به الآيات (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ من تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ * رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ) فبعد التفكر أول كلمة قالها اللسان (ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك) فيها التنزيه و التعظيم عن أن يخلق الله لهواً بدون حكمة فتدبر ثم جاد اللسان بدعاء يعكس مدى شهود العظمة و الشعور بالتقصير في حق العظيم و الخوف منه و من عقابه فتقرأ في الآيات طلب الوقاية من النار و المغفرة والعفو .
الأحبة في الله في القرآن الكثير من الآيات التي بينها تشابه في مقطع و اختلاف في مقطع و في السياق و عند النظر فيها تتكشف الكثير من المعاني و هذا كان مثالاً أسأل الله أن ينفعني به يوم الدين و أن يجعله في موازين الحسنات لا في السيئات إنه ولي ذلك و القادر عليه.