المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (التخليط في مسألة تصفيد الشياطين في رمضان) للشيخ عبدالله بن عبدالعزيز العنقري حفظه الله



أهــل الحـديث
29-07-2012, 08:30 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم


يعلم المسلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء , وغلِّقت أبواب جهنم وسُلسلت الشياطين " (1)

وذلك من أمور الغيب التي يُسلِّم بها المسلم , ويَقْبلها على الرأس والعين ,كنظائرها الكثيرة التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم .

ويقع من بعض الناس تخليط في هذه المسألة من عدة نواحي , من أهمها :

1/ القول بأن من لا يكف عن المحرم فهو أسوأ من الشيطان .

وهذه مقولة عظيمة لا يجوز أن يَفُوه بها مسلم , لما عُلِم بالضرورة من كون الشيطان أشرّ خلق الله على الإطلاق , فلا يقال لمسلم عاص إنه أشر من الشيطان , مهما كان عصيانه .

فإن هذا المذنب له أحكام عصاة أهل القبلة المعروفة , والواجب أن يُحتسب عليه , ليكفَّ عن عصيانه , وقد يهجر, بل ويقام عليه الحد , إذا كانت معصيته مما رُتِّب عليها حد شرعي , ومع ذلك فلا يقال : هو شر من الكافر , فضلا عن الشيطان , ومن أسفٍ أن بعض من يقول : إن الذي لا يكف عن العصيان شر من الشيطان قد يردد لتأييد مقولته بيتي شاعر جهول , وكأنما يستدل من الكتاب والسنة! , وأعني قول الشاعر :

وكنتُ امرءًا من جند إبليس فانتهى *** بي الفسق حتى صار إبليس من جندي

فلو مات قبلي كنت أُحْسِن بعده *** **** طرائق فسق ليس يحسنها بعدي

فهذا الجهول قد زين له إبليس هذا المعنى الباطل حتى صاغه في شعر , وتناقله الناس عنه إعجابًا بشعره , مع الغفلة عما تضمنه من المعنى الشنيع الباطل .

وقد قال شيخ الإسلام ردًّا على ابن المطهر الرافضي قوله في معاوية رضي الله عنه : هو شر من إبليس , قال شيخ الإسلام : [هل يقول من يؤمن بالله واليوم الآخر إن من أذنب ذنباً من المسلمين يكون شرًّا من إبليس ؟ أوَليس هذا مما يعلم فساده بالاضطرار من دين الإسلام ؟ وقائل هذا كافر كفراً معلومًا بالضرورة من الدين ] ونبه قبل ذلك أن في هذا من الجهل والضلال والخروج عن الدين والعقل ما لا يخفى على من تدبره , فإن إبليس أكفر من كل كافر , وكل من دخل النار فمن أتباعه , وهو الآمر لهم بكل قبيح , فكيف يكون أحَدٌ شرًّا منه ؟ (2)

فالواجب الكف عن هذه المقولة , وأن لا يحملنا الحماس في بغض المنكر وأهله على هذا النوع من المبالغة القبيحة .

2/ من تخليط الناس في هذا الموضوع جَعْله موضعًا من مواضع المزاح , مع أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن أمر غيبي يجب تلقيه بالقبول , وترك الهزل والمزاح فيه , فبعض الناس إذا رأى من مسلم ما لا يليق أن يقع من صائم قال :إن شيطان هذا لم يربط .

وهذا لا يجوز أن يقال , لأنه ينسب لله تعالى ما لا يليق بعلمه وقدرته .

فإن قوله: إن شيطان فلان لم يربط لا يخلو أن يكون واقعا لغفلة تسبب عنها هرب هذا الشيطان , أو لعدم قدرة الله على أن يفعل بهذا الشيطان ما فُعِل بغيره من الشياطين . سبحان الله وتعالى عن ذلك علوًّا كبيرا , وقد قال الله تعالى ( وما كان الله ليعجزه من شيء في السموات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا ) (فاطر:44)

فالحذر الحذر من أخذ هذه الأمور مأخذ الهزل , أو المبالغة في وصم العاصي ببلوغ حد في الشر جاوز به الشيطان . ( سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين )

ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ

(1) رواه البخاري 1899 ومسلم 1079

(2) منهاج السنة 4/507ـ508


http://www.al-angarie.com/news-24.html