المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (2)أحاديث لا تصح في فضل شهر رمضان



أهــل الحـديث
28-07-2012, 05:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا

أما بعد

أيها الأحبة هذه مقالة لشيخنا أبي عبد الله حمزة النائلي حفظه الله وهي بعنوان أحاديث لا تصح في فضل رمضان وهي تتمة لمقالة سابقة بعنوان بيان بدع رمضان نشرها فضيلته في جريدة الشرق القطرية بتاريخ اليوم أنقلها إلى هذا الملتقى المبارك حتى تعم الفائدة سائلا المولى عز وجل أن يجعلنا ممن يحي السنة ويقمع البدعة



بسم الله الرحمن الرحيم



(2)أحاديث لا تصح في فضل شهر رمضان

إن من أسباب رواج البدع وذيوعها بين الناس، انتشار ما يؤيدها من الأحاديث الضعيفة و الموضوعة ، فلقد لقيت هذه الأحاديث قبولا عند بعض العامة بسبب تبني بعض أهل البدع أو بعض الجهلة في الدين على نشرها ، حيث جعلوا وسائل الإعلام و الاتصال المختلفة مطية لهم لترويجها ، و الله المستعان
لكن الله تبارك وتعالى سخر لهذه الأحاديث فرسانا كشفوا عُوارَها ،وبينوا وضعها ، ولذلك قيل للإمام عبد الله ابن المبارك:"هذه الأحاديث المصنوعة؟"فقال:"يعيش لها الجهابذة–جمع جِهبذ وهو الناقد بغوامض الأمور-".الجرح والتعديل لابن أبي حاتم( 1/3)
يقول الإمام السخاوي –رحمه الله- ذاكرا حال هؤلاء الفرسان:"وهم الذين خصهم الله بنور السنة،وقوة البصيرة فلم تخف عنهم حال مفتر ولا زور كذاب، فبينوا بنقدهم فسادها وميزوا الغث من السمين ".فتح المغيث(1/260)
وقال ابن الجوزي –رحمه الله- :" لما لم يمكَّن أحدا أن يُدخل في القرآن ما ليس منه ، أخذ أقوام يزيدون في حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم- ، ويضعون عليه ما لم يقل ، فأنشأ الله علماء يذبُّون عن النقل ، ويوضحون الصحيح ، ويفضحون القبيح، وما يخلي الله منهم عصرا من الأعصار، غير أن هذا الضرب قد قل في هذا الزمان".الموضوعات (1/10)
قال الشيخ الألباني–رحمه الله-:"فإذا كان الأمر كذلك في عهد ابن الجوزي (ت597هـ) فكم يكون العلماء الذَّابين عن الحديث في هذا العصر ؟!لا شك أنهم أقل من القليل" . السلسلة الضعيفة ( 1/42)
و إذا كان الشيخ (رحمه الله) يشتكي من هذا في وقته ! مع وجود الشيخ ابن باز و الشيخ ابن عثيمين وغيرهم من العلماء الربانين عليهم رحمات رب العالمين، فماذا نقول نحن عن وقتنا ،الذي قل فيه العلم و فشى فيه الجهل ، وانتشرت فيه البدع وقويت شوكة المبتدعة ،والله المستعان
أيها الأحبة علينا أن نحرص على تصفية ديننا الحنيف مما يدخله عليه أهل الأهواء والجهل ، و إذا بلغ مسامعنا حديثا نبويا فعلينا أن نتأكد من صحته بعرضه على أهل الاختصاص الربانيين .
قال الشيخ الألباني – رحمه الله –: "و اعلم أن التعرف على الحديث الضعيف أمر واجب وحتم لازم على كل مسلم يتعرض لتحديث الناس وتعليمهم ووعظهم ، وقد أخل به جماهير المؤلفين والوعاظ و الخطباء ، فإنهم كثيرا ما يروون من الأحاديث ما لا أصل لها غير مبالين بنهيه صلى الله عليه وسلم عن التحديث عنه إلا بما صح". ضعيف الأدب المفرد ( ص6)
أيها الكرام الأفاضل إن مما ينبغي معرفته والحذر منه ما وضعه بعض أهل الأهواء و الجهلة في الدين من أحاديث في فضل شهر رمضان، كأن ما صح فيه ولله الحمد لم يكفهم! فاحتاجوا للكذب و الوضع في فضائله .
و لذا أحببت أن أُذكركم في هذا المقال بطائفة من الأحاديث المكذوبة عن النبي صلى الله عليه وسلم، مع نقل كلام العلماء فيها،عسى الله أن ينفعني و ينفعكم بالعلم بها لنجتنبها ونحذر الناس منها، بإذنه سبحانه و تعالى ، فمنها :
1-حديث:" لا تقولوا رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله عز وجل، ولكن قولوا شهر رمضان ".أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ( 4/ 201 ) وغيره من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-
والحديث لا يصح، ضعفه ابن عدي ( 7/53 )، و البيهقي بعدما رواه ، وابن حجر في الفتح (4/113)
ويَرُدُ عليه أيضا أن تسميته برمضان دون إضافة الشهر جاءت في أحاديث كحديث أبي هريرة –رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من صام رمضان إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه".رواه البخاري ( 38) ومسلم (760 )
2-حديث:"اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان ". أخرجه عبد الله بن الإمام أحمد كما في المسند(1/259 (و البيهقي في الشعب(3/ 375) من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- مرفوعاً.
والحديث ضعيف لأن في إسناده زائدة بن أبي الرقاد البصري ، قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب ( ص213) : "منكر الحديث" . وكذلك في إسناده زياد بن عبد الله النميري البصري قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب ( ص220): "ضعيف "
و الحديث ضعفه البيهقي في فضائل الأوقات (ص104)،والنووي في الأذكار (ص314)، وابن رجب في لطائف المعارف (ص170)، والحافظ ابن حجر في كتابه تبيين العجب (ص37)، و الألباني في ضعيف الجامع ( 4395 )
3-حديث:" يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم شهر مبارك...من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه...وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار...من فطّر فيه صائماً كان مغفرة لذنوبه،وعتق رقبته من النار،وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء".أخرجه ابن خزيمة(3/191)وغيره من حديث سلمان الفارسي-رضي الله عنه-مرفوعاً.
والحديث لا يصح،لأن في سنده علي بن زيد بن جدعان البصري قال عنه الحافظ ابن حجر : " ضعيف " تقريب التهذيب(ص401)،قال الإمام أبو حاتم الرازي –رحمه الله-: "هذا حديث منكر". العلل(733)،وكذلك قال العلامة الألباني: -رحمه الله- في السلسلة الضعيفة (2/262)
4- حديث:"صوموا تصحوا ".أخرجه الطبراني في الأوسط (8/174)،وغيره من حديث أبي هريرة– رضي الله عنه – مرفوعا ، وروي عن غيره ( رضي الله عنه)
ولا يصح، ضعفه الحافظ العراقي في تخريج الإحياء(3/75)وأيضا الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة(1/420)
5- حديث:" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يستقبلكم وتستقبلون" ثلاث مرات، فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله وحيٌ نزل؟ قال " لا " قال: عدوٌ حضر؟ قال " لا "قال: فماذا؟ قال " إن الله عز وجل يغفر في أول ليلة من شهر رمضان لكل أهل هذه القبلة... "أخرجه ابن خزيمة (3/189)وغيره من حديث أنس بن مالك –رضي الله عنه- مرفوعاً.والحديث لا يصح لأن في سنده عمرو بن حمزة القيسي،لا يتابع في حديثه كما قال البخاري في التاريخ الكبير(6/325)،وقال العلامة الألباني عن الحديث:"منكر". السلسة الضعيفة(289)
6-حديث:" أعطيت أمتي خمس خصال في رمضان لم تعطها أمة قبلهم: خَلُوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا، ويزين الله عز وجل كل يوم جنته، ثم يقول: يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المؤنة والأذى ويصيروا إليك، ويصفد فيه مردة الشياطين فلا يخلصوا إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره، ويغفر لهم في آخر ليلة ". قيل: يا رسول الله أهي ليلة القدر؟ قال:" لا، ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله". أخرجه الإمام أحمد (2/292)،وغيره من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه– مرفوعا.
والحديث لا يصح ، لأن في إسناده هشام بن أبي هشام المدني ، قال عنه الحافظ ابن حجر : "متروك " .تقريب التهذيب ( ص572)، قال العلامة الألباني عن الحديث :" ضعيف جدا".ضعيف الترغيب والترهيب( 586 )
7-حديث: " لو يعلم العباد ما رمضان لتمنت أمتي أن يكون السنة كلها رمضان " فقال رجل من خزاعة: يا نبي الله حدثنا. فقال: " إن الجنة لتزين لرمضان من رأس الحول إلى الحول فإذا كان أول يوم من رمضان هبت ريح من تحت العرش فصفقت ورق الجنة فتنظر الحور العين إلى ذلك فيقلن يا رب اجعل لنا من عبادك في هذا الشهر أزواجاً تقرُّ أعيننا بهم وتقرّ أعينهم بنا، قال فما من عبد يصوم يوماً من رمضان إلا زوج زوجة من الحور العين في خيمة من درة مما نعت الله (حور مقصورات في الخيام) على كل امرأة سبعون حلة ليس منها حلة على لون الأخرى تعطى سبعون لوناً من الطيب ليس منه لون على ريح الآخر لكل امرأة منهن سبعون ألف وصيفة لحاجتها وسبعون ألف وصيف مع كل وصيف صحفة من ذهب فيها لون طعام تجد لآخر لقمة منها لذة لا تجد لأوله لكل امرأة منهن سبعون سريراً من ياقوتة حمراء على كل سرير سبعون فراشاً بطائنها من إستبرق فوق كل فراش سبعون أريكة ويعطى زوجها مثل ذلك على سرير من ياقوت أحمر موشح بالدر عليه سواران من ذهب هذا بكل يوم صامه من رمضان سوى ما عمل من الحسنات".أخرجه أبو يعلى في المسند (9/180) وغيره من حديث عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- مرفوعاً.
والحديث لا يصح ،وقد حكم عليه ابن الجوزي بالوضع كما في كتابه الموضوعات (2/373)، وكذلك الشوكاني في الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة(ص 88) وكذلك الشيخ الألباني في ضعيف الترغيب والترغيب (596)
8-حديث: " إن للصائم عند فطره لدعوة ما ترد". أخرجه ابن ماجه(1753)،وغيره من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص –رضي الله عنه-و قد أطال الشيخ الألباني في إرواء الغليل( 4/41) في تخريجه وبين أنه ضعيف .
9-حديث : " إذا صُمْتُمْ فَاسْتَاكُوا بِالْغَدَاةِ وَلا تَسْتَاكُوا بِالْعَشِيِّ ،فإنه ليس من صائم تَيْبَسُ شَفَتَاهُ بِالْعَشِيِّ إِلا كان نُورًا بين عَيْنَيْهِ يوم الْقِيَامَةِ " أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ( 4/78) من حديث خباب بن الأرت –رضي الله عنه- ، ويروى عن علي –رضي الله عنه موقوفا –أي من قوله- رواه الدارقطني في السنن( 2/204)
والحديث لا يصح،ضعفه الدارقطني وتبعه البيهقي وأقرهما ابن الملقن كما في البدر المنير(5/707)وضعف أيضا رفعه ووقفه العلامة الألباني في السلسلة الضعيفة(1/577 )
10-حديث " نوم الصائم عبادة وسكوته تسبيح ، ودعاؤه، مستجاب وعمله متقبل ".أخرجه البيهقي في الشعب ( 3/ 416 ) وغيره من حديث عبد الله بن أبي أوفى –رضي الله عنه- مرفوعا .
و الحديث لا يصح ، ضعفه الحافظ المناوي كما في فيض القدير (6/378 )، والشيخ الألباني كما في السلسلة الضعيفة (10/ 230 )
11-حديث:"اعتكاف عشر في رمضان كحجتين وعمرتين".أخرجه الطبراني في الكبير(3/128)وغيره من حديث الحسين بن علي-رضي الله عنه-مرفوعا،والحديث خرَّجه العلامة الألباني في السلسلة الضعيفة(2/10)وقال عنه : "موضوع".
12-حديث : " يوم صومكم يوم نحركم ".لا أصل له كما قاله الإمام أحمد وغيره كما قال السخاوي –رحمه الله- في المقاصد الحسنة (1355)
فهذه أيها الأحبة بعض الأحاديث المكذوبة التي تروى في فضل هذا الشهر ، فينبغي أن نعلمها ونَحذر منها ، وننصح غيرنا بمعرفتها و الابتعاد عنها .
فالله الله في التحري من صحة الحديث قبل روايته ونشره بين الناس ، حتى لا ندخل في وعيد قوله صلى الله عليه وسلم : "من حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ " .صحيح مسلم (1/8)
ثبتنا الله و إياكم على السنة وجنبنا البدع وشرورها،ورزقنا العلم النافع و العمل الصالح .


وصلي اللهم وسلم على نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين .



أبو عبد الله حمزة النائلي