المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مشكلة فتوى الشيخ أحمد شاكر



أهــل الحـديث
26-07-2012, 11:28 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


السلام عليكم

يستدل الغلاة في بلدي على جواز التفجيرات في دول الكفر (وجميع الدول عندهم دول الكفر) بفتوى الشيخ أحمد شاكر التالية:


بيان إلى الأمّة المصرية خاصّة ،
وإلى الأمم العربية والإسلامية عامّة [1] :


أمّا وقد استبان الأمر بيننا وبين أعدائنا من الإنجليز وأحلافهم، استبان لأبناء الأعداء منّا، الذين ارتضعوا لبانهم، ولعبيد الأعداء منّا، الذين أسلموا إليهم عقولهم ومقادهم، ولم نكن نحن الذين نشأنا على الفطرة الإسلامية الصحيحة في شك من توقع ما كان، ومن توقّع أشدّ منه مما سيكون !

أمّا وقد استبان الأمر، أمّا وقد أعلنت الأمة المصرية كلّها رأيها وإرادتها، أمّا وقد أعلن الأزهر رأيه الصحيح في معاملة الأعداء ونصرتهم – :

فإن الواجب أن يعرف المسلمون القواعد الصحيحة في شرعة الله، في أحكام القتال وما يتعلق به، معرفة واضحةً يستطيع معها كل واحد تقريباً أن يفرق بين العدوّ وغير العدوّ، وأن يعرف ما يجوز له في القتال وما لا يجوز، وما يجب عليه وما يحرم،حتى يكون عمل المسلم في الجهاد عملاً صحيحاً سليماً، خالصاً لوجه الله وحده، إن انتصر انتصر مسلماً، له أجر المجاهد في الدنيا والآخرة، وإن قُتل قُتل شهيدًا .

إن الإنجليز أعلنوها على المسلمين في مصر حرباً سافرةً غادرةً، حرب عدوان واستعلاء، وأعلنوها على المسلمين في السودان حرباً مقنَّعةً مغلَّفة بغلاف المصلحة للسودان وأهله، مزوّقةً بحلية الحكم الذاتي الذي خدع به المصريون من قبل .

وقد رأينا ما يصنع الإنجليز في منطقة قناة السويس وما يقاربها من البلاد، من قتل المدنيين الآمنين، والغدر بالنساء والأطفال، والعدوان على رجال الأمن ورجال القضاء، حتى لا يكاد ينجو من عدوانهم صغير أو كبير .

فأعلنوا بذلك عداءهم صريحاً واضحاً، لا لبس فيه ولا مجاملة ولا مداورة، فصارت بذلك دماؤهم وأموالهم حلالاً للمسلمين، فيجب على كل مسلم في أي بقعة من بقاع الأرض أن يحاربهم وأن يقتلهم حيثما وُجدوا – مدنيين كانوا أو عسكريـين، فكلهم عدوّ، وكلهم محارب مقاتل، وقد استمرؤا الغدر والعدوان، حتى إن نساءهم وفتيانهم ليطلقون النار من النوافذ والشرفات، في الاسماعيلية والسويس وبور سعيد، على المارّين المسالمين، دون خجل أو حياء، وهم قوم جبناء، يفرون حيث يجدون الرِّخْوَ المسْتضعَف، فلا يجوز لمسلم أن يُستضعَفَ أمامهم أو يريهم جانب اللين والعفو، ﴿ واقتلوهم حيث ثقفتموهم، وأخرجوهم من حيث أخرجوكم ﴾ [2] .

وقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء في الحرب، وهو نهي معلل بعلة واضحة صريحة: أنهن غير مقاتلات، فقد مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته على امرأة مقتولة، فقال: (ما كانت هذه لتقاتل) ثم نهى عن قتل النساء [3] .

أمّا الآن، ونساؤهم مجنَّدات، يحاربن مع الرجال جنباً إلى جنب، وغير المجنَّدات منهن مسترجلات، يطلقن النار على المسلمين دون زاجر أو رادع، فإن قتلهن حلال، بل واجب، للدفاع عن الدين والنفس والبلد، إلا أن تكون امرأة ضعيفة لا تستطيع شيئاً .

وكذلك الحال مع الصبيان دون البلوغ، والشيوخ الهالكين الضعفاء: من قاتل منهم أو اعتدى قتل، ومن لم يفعل فلا يعرضنَّ أحد له بسوء، إلا أن يؤخذوا هم والنساء أسرى، وسنذكر حكم الأسرى، إن شاء الله .

وقد قلنا: (( يجب على كل مسلم في أي بقعة من بقاع الأرض أن يحاربهم وأن يقتلهم حيثما وجدوا، مدنيين أو عسكريـين ))، ونحن نقصد إلى كل حرف من معنى هذه الجملة، فأينما كان المسلم، ومن أي جنس كان من الأجناس والأمم، وجب عليه ما يجب علينا في مصر والسودان، حتى المسلمين من الإنجليز في بلادهم – إن كانوا مسلمين حقًّا – يجب عليهم ما يجب على المسلمين من غيرهم ما استطاعوا، فإن لم يستطيعوا وجبت عليهم الهجرة من بلاد الأعداء، أو من البلاد التي لا يستطيعون فيها حرب العدو بما أمرهم الله .

فإن الإسلام جنسية واحدة – بتعبير هذا العصر – وهو يلغى الفوارق الجنسية والقومية بين متبعيه، كما قال تعالى: ﴿ وإن هذه أمّتكم أمّة واحدة ﴾[4] ، والأدلة على ذلك متواترة متضافرة، وهو شيء معلوم من الدين بالضرورة، لا يشك فيه أحد من المسلمين، بل إن الإفرنج ليعرفون هذا معرفة اليقين، ولم يتشكك فيه إلا الذين رباهم الإفرنج منّا واصطنعوهم لأنفسهم حرباً على دينهم وعلى أمتهم، من حيث يشعرون ومن حيث لا يشعرون .

﴿ إنّ الذين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم، قالوا: فيم كنتم ؟ قالوا: كنّا مستضعفين في الأرض، قالوا: ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ؟ فأولئك مأواهم جهنّم وسآئت مصيرًا * إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ﴾[5] .

فلم يستثن الله من وجوب الهجرة على كل مسلم في بلاد أعداء الله إلا الضعفاء ضعفاً حقيقيًّا، لا يعرفون ما يصنعون، ولا يملكون من أمر أنفسهم شيئاً .

لم يقبل الله عذراً من أحد، بمال ولا ولد، ولا مصالح ولا علاقات، ﴿ قل: إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحبّ إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله، فتربصوا حتى يأتي الله بأمره، والله لا يهدي القوم الفاسقين ﴾ [6] .

فسرَد الله جميع الأعذار والتعلاَّت التي ينتحلها المترددون المتخاذلون، ثم رفضها كلها، لم يقبل منها عذرًا ولا تعلَّة .

فليسمع هذا وليضعه نصب عينيه كل مسلم في مصر والسودان، والهند والباكستان، وكلّ بلد يحكمه الإنجليز الأعداء، أو يدخل في نطاق نفوذهم، من سائر أقطار الأرض، ومن أي جنس أو لون كانوا .

أما التعاون مع الإنجليز، بأي نوع من أنواع التعاون، قلّ أو كثر، فهو الردّة الجامحة، والكفر الصّراح، لا يقبل فيه اعتذار، ولا ينفع معه تأول، ولا ينجي من حكمه عصبية حمقاء، ولا سياسة خرقاء، ولا مجاملة هي النفاق، سواء أكان ذلك من أفراد أو حكومات أو زعماء، كلهم في الكفر والردة سواء، إلا من جهل وأخطأ، ثم استدرك أمره فتاب واخذ سبيل المؤمنين؛ فأولئك عسى الله أن يتوب عليهم، إن أخلصوا لله، لا للسياسة ولا للناس .

وأظنني قد استطعت الإبانة عن حكم قتال الإنجليز وعن حكم التعاون معهم بأي لون من ألوان التعاون أو المعاملة، حتى يستطيع أن يفقهه كل مسلم يقرأ العربية، من أي طبقات الناس كان، وفي أي بقعة من الأرض يكون .

وأظن أن كل قارئ لا يشك الآن، في أنه من البديهي الذي لا يحتاج إلى بيان أو دليل: أن شأن الفرنسيين في هذا المعنى شأن الإنجليز، بالنسبة لكل مسلم على وجه الأرض، فإن عداء الفرنسيين للمسلمين، وعصبيتهم الجامحة في العمل على محو الإسلام، وعلى حرب الإسلام، أضعاف عصبية الإنجليز وعدائهم، بل هم حمقى في العصبية والعداء، وهم يقتلون إخواننا المسلمين في كل بلد إسلامي لهم فيه حكم أو نفوذ، ويرتكبون من الجرائم والفظائع ما تصغر معه جرائم الإنجليز ووحشيتهم وتتضاءل، فهم والإنجليز في الحكم سواء: دماؤهم وأموالهم حلال في كل مكان، ولا يجوز لمسلم في أي بقعة من بقاع الأرض أن يتعاون معهم بأي نوع من أنواع التعاون، وإن التعاون معهم حكمه حكم التعاون مع الإنجليز: الردة والخروج من الإسلام جملة، أيا كان لون المتعاون معهم أو نوعه أو جنسه .

وما كنت يوما بالأحمق ولا بالغِرّ، فأظن أن الحكومات في البلاد الإسلامية ستستجيب لحكم الإسلام، فتقطع العلاقات السياسية أو الثقافية أو الاقتصادية مع الإنجليز أو مع الفرنسيين .

ولكني أريد أن أبصر المسلمين بمواقع أقدامهم، وبما أمرهم الله به، وبما أعدّ لهم من ذل في الدنيا وعذاب في الآخرة إذا أعطوا مقاد أنفسهم وعقولهم لأعداء الله .

وأريد أن أعرفهم حكم الله في هذا التعاون مع أعدائهم، الذين استذلوهم وحاربوهم في دينهم وفي بلادهم، وأريد أن أعرفهم عواقب هذه الردة التي يتمرغ في حمأتها كل من أصرّ على التعاون مع الأعداء .

ألا فليعلم كل مسلم في أي بقعة من بقاع الأرض: أنه إذ تعاون مع أعداء الإسلام مستعبدي المسلمين، من الإنجيليز والفرنسيين وأحلافهم وأشباههم، بأي نوع من أنواع التعاون، أو سالمهم فلم يحاربهم بما استطاع، فضلا عن أن ينصرهم بالقول أو العمل على إخوانهم في الدين، إنه إن فعل شيئا من ذلك ثم صلى فصلاته باطلة، أو تطهر بوضوء أو غسل أو تيمم فطهوره باطل، أو صام فرضا أو نفلا فصومه باطل، أو حج فحجه باطل، أو أدى زكاة مفروضة، أو أخرج صدقة تطوعا، فزكاته باطلة مردودة عليه، أو تعبد لربه بأي عبادة فعبادته باطلة مردودة عليه، ليس له في شيء من ذلك أجر، بل عليه فيه الإثم والوزر .

ألا فليعلم كل مسلم: أنه إذا ركب هذا المركب الدنيء فقد حبط عمله، من كل عبادة تعبد بها لربه قبل أن يرتكس في حمأة هذه الردة التي رضي لنفسه، ومعاذ الله أن يرضى بها مسلم حقيق بهذا الوصف العظيم، يؤمن بالله وبرسوله .

ذلك بأن الإيمان شرط في صحة كل عبادة، وفي قبولها، كما هو بديهي معلوم من الدين بالضرورة، لا يخالف فيه أحد من المسلمين .

وذلك بأن الله سبحانه يقول: ﴿ ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله، وهو في الآخرة من الخاسرين ﴾[7] .

وذلك بأن الله سبحانه يقول: ﴿ ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا، ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر، فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة، وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ﴾ [8] .

وذلك بأن الله تعالى يقول: ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء، بعضهم أولياء بعض، ومن يتولهم منكم فإنه منهم، إن الله لا يهدي القوم الظالمين * فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم، يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة، فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين * ويقول الذين آمنوا: أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم ؟ حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين ﴾ [9] .

وذلك بأن الله سبحانه يقول: ﴿ إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سوّل لهم وأملى لهم * ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم * فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم * ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم * أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم * ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم، ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم * ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم * إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى لن يضروا الله سيئا، وسيحبط أعمالهم * يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم * إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم * فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون، والله معكم، ولن يتركم أعمالكم ﴾ [10] .

ألا فليعلم كل مسلم وكل مسلمة أن هؤلاء الذين يخرجون على دينهم ويناصرون أعداءهم، من تزوج منهم فزواجه باطل بطلاناً أصلياً، لا يلحقه تصحيح، ولا يترتب عليه أي أثر من آثار النكاح من ثبوت نسب وميراث وغير ذلك، وأن من كان منهم متزوجاً بطل زواجه كذلك، وأن من تاب منهم ورجع إلى ربه وإلى دينه، وحارب عدوه ونصر أمته، لم تكن المرأة التي تزوجها حال الردة ولم تكن المرأة التي ارتدت وهي في عقد نكاحه زوجاً له، ولا هي في عصمته، وأنه يجب عليه بعد التوبة أن يستأنف زواجه بها، فيعقد عليها عقداً صحيحاً شرعياً، كما هو بديهي واضح .

ألا فليحتط النساء المسلمات، في أي بقعة من بقاع الأرض، وليتوثقن قبل الزواج من أن الذين يتقدمون لنكاحهن ليسوا من هذه الفئة المنبوذة الخارجة عن الدين، حيطةً لأنفسهن ولأعراضهن، أن يعاشرن رجالاً يظنونهن أزواجاً وليسوا بأزواج، بأن زواجهم باطل في دين الله .

ألا فليعلم النساء المسلمات، اللائي ابتلاهن الله بأزواج ارتكسوا في حمأة هذه الردة، أنه قد بطل نكاحهن، وصرن محرمات على هؤلاء الرجال، ليسوا لهن بأزواج، حتى يتوبوا توبة صحيحة عملية ثم يتزوجوهن زواجاً جديداً صحيحاً .

ألا فليعلم النساء المسلمات، أن من رضيت منهن بالزواج من رجل هذه حاله، وهي تعلم حاله، أو رضيت بالبقاء مع زوج تعرف فيه هذه الردة، فإن حكمها وحكمه في الردة سواء .

ومعاذ الله أن ترضى النساء المسلمات لأنفسهن ولأعراضهن ولأنساب أولادهن ولدينهن شيئاً من هذا .

ألا إن الأمر جد ليس بالهزل، وما يغني فيه قانون يصدر بعقوبة المتعاونين مع الأعداء، فما أكثر الحيل للخروج من نصوص القوانين، وما أكثر الطرق لتبرئة المجرمين، بالشبهة المصطنعة، وباللحن في الحجة .

ولكن الأمة مسؤولة عن إقامة دينها، والعمل على نصرته في كل وقت وحين، والأفراد مسؤولون بين يدي الله يوم القيامة عما تجترحه أيديهم، وعما تنطوي عليه قلوبهم.

فلينظر كل امرئ لنفسه، وليكن سياجاً لدينه من عبث العابثين وخيانة الخائنين .

وكل مسلم إنما هو على ثغر من ثغور الإسلام، فليحذر أن يؤتى الإسلام من قبله .

وإنما النصر من عند الله، ولينصرنَّ الله من ينصره .


[1] من كتابه ((كلمة الحق))، طبعته مكتبة السنة في القاهرة سنتي 1407 و 1408، والبيان في الصفحات 126 – 137 من الكتاب.
[2] الآية ١٩١ من سورة البقرة
[3] أخرجه أبو داود في سننه عن رباح بن ربيع رضي الله عنه
[4] الآية ٥٢ من سورة المؤمنون
[5] الآيتان ٩٧ ، ٩٨ من سورة النساء
[6] الآية ٢٤ من سورة التوبة
[7] الآية من ٥ سورة المائدة
[8] الآية من ٢١٧ سورة البقرة
[9] الآيات ٥١ – ٥٣ سورة المائدة
[10] الآيات ٢٥ – ٣٥ سورة محمد